كتاب "قواعد اللغة الارامية"
الكتاب هو باللغة الآرامية ومن تأليف الشماس سامي يعقوب ديشو المعروف جيداً بعلمه وعلومه وخاصة في حقل اللغة الأرامية وتاريخ وطقس كنيسة المشرق، وقد لمسنا حقاً منه الأبداع في غاليتنا عنكاوا كوم. فكلما احتدم النقاش حول امر يتعلق بهذا الحقل ينبري سام ديشو ٍSam Desho لحل الأشكال بمعلوماته الموثوقة. معلوماته وحبه في مجال اللغة الآرامية والطقس الكنسي-- محتوى وألحان-- نمت معه منذ أن كان صبياً في كنيسة مار كَوركَيس الشهيد في قريته منكَيشي. ومن ثم في معهد مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان، اول وآخر معقل لتعلم الأرامية باشراف المختصين ومنهم الأب البير ابونا العلامة الغني عن التعريف.
سامي نال شهادة البكالوريوس في الهندسة الكيميائية من كلية الهندسة /جامعة بغداد ثم في نفس الاختصاص حصل على الماجستير من جامعة سدني، لكن شغفه باللغة الارامية لم يتوقف بل ازداد، ولذا في مدينة سدني التي هاجر اليها بجانب كونه شماساً انجيلياً، عرفناه مدرساً للغة الآرامية/ السريانية لما يقارب الثلاث سنين في كلية مار نرساي التابعة لكنيسة المشرق الآشورية في سدني، وكذلك مدرساً دائمياً للغة الكلدانية والالحان الطقسية في كاتدرائية مار توما الكلدانية ، في هذه المدينة ايضاً.
الكتاب بلا شك نادر من نوعه ولذا فان قيمته ثمينة وخاصة في هذا العصر حيث القلة القليلة لهم المعرفة التامة باللغة الأرامية التي بلا شك هي واحدة من اقدم اللغات التي مازالت حية و نشطة في كنيسة المشرق على مختلف الطوائف التي تتبعها ونذكر منها الكلدانية والاثورية والسريانية وحتى المارونية.
الارامية كذلك هي حاضنة لغة السورث التي تتكلم بها الاثنيات او القوميات التي ولدت من رحم بلاد ما بين النهرين.
هذا اضافة الى ان هذه هي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح لانها كانت السائدة في ذلك الزمن، ونضيف لنقول ان هذه اللغة سبقت العربية شقيقتها الصغرى التي ولدت فيما بعد وازدهرت نطقاً وشعراً قبل مجي الاسلام ثم تطورت وازدهرت أكثر بعد الاسلام كتابةً وقواعداً لتصل ما آلت اليه اليوم من انتشار واسع. وهنا لا بد أن نذكر ان العربية بدايةً كانت تكتب بالابجدية الارامية ولحد الآن نسمع ترتيل هذه الأبجدية كأنها الارامية بالذات. واكثر من هذا فان الكلمات الارامية في اللغة العربية الفصحى والمحكية هي كثيرة جداً وخاصة تلك التي وردت في القرآن الكريم منها؛ القرآن، الفرقان، الصراط، العالمين، الحواريون، جبروت، جنة، سبط، ابراهيم، اسماعيل، وغيرها كثيرة. وكل هذه الكلمات تخضع في تصريفها الى الأرامية وفق قواعد يتناولها هذا الكتاب الثمين الذي هو باكورة اعمال رابي سامي يعقوب ديشو.
وتأتي اهمية الكتاب ايضاً اذا علمنا ان الارامية بعد انتشار المسيحية عرفت غالباً بالسريانية خاصة في عهد الخلفاء العباسيين، والسريانية هذه كانت منتشرة في اورهاي (اورفا) وغدت لغة طقس كنائس المشرق، وبرز فيها عدة ادباء مرموقين منهم مار افرام ، نرساي، وعبد ايشوع الصوباي، وغيرهم كثيرين.
وتغلب التسمية الكلدانية على السريانية لدى اتباع الكنيسة الكلدانية وقد سرى هذا الأمر منذ ما يقارب الخمسة قرون من الزمان ولغاية اليوم.
السريانية حالياً تُدرس في بعض المدارس الرسمية في العراق وفي بعض الجامعات والكثير من الكنائس المشرقية الموزعة في الشرق الاوسط، الهند، اوربا ، امريكا الشمالية وأستراليا.
صدر الكتاب الذي نحن بصدده الصيف الماضي في سدني، استراليا وهو يقع في ٢٥٠ صفحة بحجم اكبر بقليل من ١١ انج × ٨ انج الملائم لترتيب الجداول التي يزخر بها الكتاب ، وكذا ايضاً ان لغته هي الآرامية وجاءت بالاسود والعناوين الرئيسية والمهمة بالأحمر، وقد اعتمد المؤلف الكتب التي سبقته والمنشورة قبل ما يقارب القرن من الزمان، ومنها كتاب اوجين منّا وكتاب فيلبس الراهب واقليمس يوسف داؤد لكن سامي اعتمد بدرجة أساسية على كتاب قواعد اللغة الأرامية للعلامة البير ابونا الذي اتى بالعربية وادخل مفاهيم جديدة في قواعد اللغة الآرامية واحكامها كما ان كتاب البير ابونا اتى على غرار كتب قواعد اللغة العربية الحديثة في النحو والتركيب عكس الكتب التي ورد مؤلفيها أعلاه.
الى كل هذا أضاف سامي في كتابه ما هو مستحق، واجزَّل في ذكر المفردات ليصبح الكتاب شبه قاموس يحوي بالآرامية غالبية الأفعال والأسماء وملحقاتها من حروف الجر والضمائر وظروف الزمان والمكان.
المؤلف يأمل ان يسد الكتاب فراغاً اتسع بمرور الزمن وما عاد التغاضي عنه محتملاً لان هذه اللغة بأقدميتها واهميتها لا بد أن تُبَث الحياة فيها من جديد ليس فقط لاستعمالاتها الكثيرة كما ذكرنا لكن ايضاً حفاظاً على التراث النهريني والعالمي لهذه اللغة العريقة التي نطق بها السيد المسيح وحواريه من الرسل المبجلين.
البريد الإلكتروني للمؤلف :
samdesho@hotmail.com
حنا شمعون / شيكاغو