لماذا هذا اللغط الإعلامي حول زيارة البابا فرنسيس الى العراق ؟
بطرس نباتيمنذ ان تم إعلان عن نية البابا بزيارة العراق ووسائل التواصل الاجتماعي تشتعل بتعليقات وردود وأقوال ، اولا تنصح البابا بان لا يزور هذا البلد وراح البعض يحثه لا فقط على تأجيل الزيارة وإنما حتى على الغائها ، وبعض من ممتهني السياسة حتى من المسيحيين العراقيين وجدوا في هذه الزيارة وكأنها تأتي كي تعطي للحكومة العراقية مصداقية اكثر رغم انهم من خدام وعبيد هذه السياسة سواء الان او قبل ذلك ، وراح البعض منهم يصرح بالضد منها ولما وجد هذا البعض بان دعوته لم تثني البابا فرنسيس عن مشروع الزيارة وكأن البابا لا يتحرك الا وفق مشورتهم ، راح يصرح بانه سيعمل على طرح معانات المسيحيين في العراق امام قداسته اثناء الزيارة وكأن البابا يجهل ما يعانيه مسيحيوا العراق وما عانوه من محن وظلم ، وكأنه ليس له عمل سوى قراءة ما يكتبونه هولاء .
وفي اخر تقليعة التي اطلعنا عليها قبل ايام بان خلال هذه الزيارة ستقوم القيامة وهناك نبوءة بهذا الصدد.
لا ادري لما هذه الزيارة للعراق حضت بكل هذا الخطاب الإعلامي السلبي وخاصة من قبل سياسيوا الصدفة ، ومدمني الفيس بوك ، وخاصة ان هناك بابوات زاروا منطقة الشرق الأوسط منهم البابا يوحنا بولص الثاني الذي زار سوريا ثم نفس البابا وبنديكتوس للبنان بعد حرب داخلية طاحنة وزار البابا فرنسيس تركيا وقبله زار ها البابا بنديكتوس والبابا فرنسيس زار الامارات والأردن وفلسطين وإسرائيل ولم تحدث اية ضجة إعلامية تسيء الى هذه الزيارات او لم ينصح مثيريها البابوات بتأجيل او إلغاء زياراتهم فلماذا العراق اذن ؟
ان هذه الزيارة تهدف الى أمرين مهمين ولها عدة دلالات سوف نتكلم عنها تباعا
منها سياسة وانسانية
اولا : مر العراق بأحلك فترات تاريخه صعوبة وظلاما حيث تهاوت عليه اخطر الهجمات من دول التحالف لتغير نظامه السياسي من قبل تحالف من عدة دول وأدت هذه الهجمات الى تخريب بنيته التحتية وسادت الفوضى فيه مما ادى الى ان تحل فوق راس العراقيين الويلات وخاصة ما شهده من انقسام وتناحر طائفي مقيت راح ضحيته خيرة ابنائه ، لم تستقر الأمور في العراق منذ 2003 ولحد الان ، وفي ظروف كهذه وفي ظل غياب القانون وانتشار الجريمة والقتل على الهوية والأسلحة المنفلتة والميليشيات
ثانيا : شهد العراق هجرة مسيحيه ما لم يشهده طيلة تاريخه ، في هذه الضروف الشاذة كان لا بد ان يلبي الحبر الاعظم دعوة رئيس جمهورية العراق برهم صالح الذي زاره في الفاتيكان ووجه له دعوة رسمية لزيارة العراق ، وتم تحديدها خلال شهر آذار ورغم ضروف الكورونا ورغم الضروف السياسية المتشنجة في العراق لكن قداسته اصر على إتمامها بكل تفاصيلها لأسباب عديدة منها
ثالثا : انها ستكون زيارة بشرى يأتي بها رجل يفتح كفيه ليمسح دموع شعب
عانى الكثير سواء على يد الحكومات المتعاقبة او على يد تنظيم داعش الإرهابي واجبر على ترك مدنه وقراه والهجرة الى دول الشتات ، انه بهذه الزيارة التاريخية يريد ان يقول لهولاء المتبقين هنا لا تخافوا انا هنا معكم دائما ، يرغب في تثبيت وجودنا في اراضينا التاريخية ، ويعطينا قوة في الصمود على ارض الآباء والأجداد .
رابعا : يريد البابا ان يوصل رسالة الى الساسة والى قادة العراق اليوم مفادها ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه .
خامساً : يريد البابا في زيارته ان يواصل حوارا مسيحيا اسلاميا حول المشتركات فسبق ان اجتمع مع مسؤول الأزهر في الامارات وفي تركيا قبل ذلك و اليوم يريد ان يجتمع بمرجع اخر
( السيستاني ) الذي يعتبر اضافة لكونه مرجعا اعلى للشيعة في العالم فهو مهندس فاعل لسياسة من يقود الحكم في العراق .
سادسا : يريد البابا ان يقول لمن يحكم في العراق ، المسيحية في العراق بكافة طوائفها ليست طارئة على المجتمع العراقي وليست مستوردة ولا يمكن ان تكون خارج الرؤية العراقية انها الديانة الأصيلة وجدت منذ الرسل وتلاميذ المسيح الأوائل ويجب ان يستمر وجودها مادام العراق كجغرافيا موجودا وكحضارة وتاريخ .
سابعا : البابا منذ تولية يصرح بانه يتوق ان يحقق زيارة. لأور موطن ابراهيم ليقول اياكم ان تتفرقوا فهذا ابراهيم والدكم جميعا ما دام ابراهيم اب لجميع الاديان ولجميع هذه الشعوب ، اليهود الاسلام المسيحيين اذن انتم يجب ان تتحدوا وتتركوا كل ما من شأنه ان يزرع بينكم بذور الفرقة والخصام والاحتراب .
ثامنا : سوف يزور البابا سهل نينوى والموصل كي يطلع عن كثب على اثار الجريمة التي ارتكبتها فصائل الظلام وكي يقول لاهلها من جميع الاديان والقوميات لا تخافوا اثبتوا في الارض ، كلنا معكم .
اذن اذا كانت هذه الأهداف النبيلة لهذه الزيارة لماذا هذه الكتابات المضادة يا ترى ؟ ، بعض سياسي الصدفة لا تروق لهم هذه الزيارة لانهم يعرفون بان لا بد ان يكون لها اثار ايجابية على المجتمع العراقي ، ولربما سيعمل على التقارب بين الاديان والطوائف ويعمل في ازالة حالة الاحتقان الطائفي والمذهبي ، لذلك فهم قد استفادوا من الطائفية وحققوا مناصب وامتيازات لم يكونوا يحلمون بها لولا الطائفية وحالة الانقسام التي يعاني منها الوطن .
والقسم الاخر الرافضين للزيارة او المشككين بأهدافها ، لا يتمنون الخير والسلام لمن هم في الداخل لانهم يخشون ان تكون نتائجها بعد مشاهدة قداسة البابا على ارض العراق خيرا وتثبيتا لمن في الداخل من المسيحيين وهم لا يتمنون اصلا ان ينهض هذا الوطن من كبوته .
والبعض الاخر لا يعجبهم زيارته لانهم على خلاف مع بعض الإكليروس في الكنيسة الكلدانية لذلك نجدهم دائم التهجم على هذا او ذلك من كهنتها او أساقفتنا وبالفصيح العبارة مع البطريرك بالذات .
من يريد ان يحضر ليسمع ويرى البابا فرنسيس في بغداد واربيل يستطيع ان يراه ويحضر القداس الذي سيقيمه في ملعب فرنسوا حريري بأربيل ، ومن لا يريد ويخشى التجمعات وغيرها يستطيع ان يواكب الزيارة خلال نقلها عبر الفضائيات فنحن نتوق ان نرى قدمه تطأ ارض بين النهرين ، عسى ان يكون خيرا وسلاما لاهلها جميعا ..
.. فمرحبا به في ارض ووطن الحضارات