المحرر موضوع: أكراد اليوم ليسوا أكراد الامس!!  (زيارة 861 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أكراد اليوم ليسوا أكراد الامس!!
أوشــانا نيســان
 المواطن الذي لم يتعلم من الدرس الاول الذي تقدمه له الحياة، لن يتمكن يوما من التغلب على خوفه"، يكتب الشاعر والناقد والكاتب المسرحي الانكليزي ( جون درايدن 1631- 1700).  القول هذا ينطبق كثيرا على "البعض" وأؤكد البعض من القيادات الشيعية الجديدة، التي ظهرت بعد سقوط الطاغية صدام حسين عام 2003، ولم يتعلموا الدرس بعد تجاوزهم لجميع الخطوط الحمراء التي لا يجب تخطيها. فالهجوم الذي تعرضت له عاصمة التعايش والسلام في العراق مدينة أربيل مساء الاثنين 15 شباط الجاري، أثر سقوط 14 صاروخا على أحياء وضواحي أربيل، بالاضافة الى قاعدة أمريكية بالقرب من مطارها الدولي، أن دلّ على شئ فأنه يدل على صحة ما ذكره جون درايدن. علما أنها ليست المرة الاولى التي تتعرض فيها عاصمة الاقليم الى القصف الصاروخي. ففي يناير/كانون الثاني من عام 2020، تعرض المطار الدولي الى القصف ردا على مقتل الجنرال قاسم سليماني. وفي المرة الثانية ايضا تم قصف المطار بصواريخ  كاتيوشا في سبتمبر من العام نفسه، وقتها وجهت أصابع الاتهام الى ميليشيات الحشد الشعبي الموالي لآيران، مثلما توجه اليوم لائحة الاتهامات نفسها ضد أتباع أيران في العراق.
يبدو أن عجلة التغيير ضمن النظام السياسي في العراق الجديد توقفت عند عتبة المذهبية والطائفية هذه المرة، بدلا من الانتقال من مأزق الوطنية " المطعونة" في العراق القديم، الى معقل الديمقراطية المؤملة من قبل الجميع. والسبب الرئيسي بأعتقادي، يعود الى فشل جميع الانظمة السياسية المركزية خلال 100 عام من عمر الدولة العراقية، في إيجاد النظام السياسي الذي يتفق مع التعددية العرقية والمذهبية التي يتصف بها الشعب العراقي. فالنظام الملكي وحتى النظام الجمهوري، كذبا كثيرا حين رفعا شعار" على صخرة الاخوة العربية- الكردية تتحطم مؤامرات الاستعمار والرجعية"، بعدما صدئت أذان شعبنا برمتهِ من الشعارات الخيالية والوعود المتكررة
أما ما يجري في عراق اليوم/ عراق ما بعد قرن من أرث الدكتاتورية والقتل والتهجير والتدمير بما فيها القتل بالاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا، فأن دعائم الدولة العراقية المؤملة انهارت قبل أستقرارها بعدما فشلت في ترسيخ مقومات دولة المواطنة والديمقراطية وحكم القانون، أثر فشلها في الحفاظ على ثرواتها الطبيعية من ايدي الفاسدين.
الغريب في الامر، أن السلطة التنفيذية في العراق ( أقصد السلطة التنفيذية قبل مجئ دولة رئيس الوزراء الحالي السيد مصطفى الكاظمي)، فشلت أيضا في تنفيذ مضمون الدستور الذي شرعه البرلمان العراقي وتمت الموافقة عليه ضمن أستفتاء شعبي عام بتاريخ 15 أكتوبر 2005. حيث بدلا من أن" تخصص للاقاليم والمحافظات حصة عادلة من الايرادات المحصلة أتحاديا، تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها ونسبة السكان فيها"، كما ورد في (المادة 121) من الدستور العراقي، يتم قصف عاصمة الإقليم أربيل ومطارها الدولي بصواريخ كاتيوشا. بمعنى أخر يتم تحريم موظفي الدولة العراقية ومواطنيها في الإقليم عمدا من أدنى حقوقهم الوطنية وهي الرواتب الشهرية، بحجة انخفاض الطلب العالمي على النفط وشحة الموارد المالية. تماما مثلما دفع رئيس الوزراء العراقي الاسبق السيد حيدر العبادي فجأة بجيشه الجرار وأحتل مدينة كركوك وضواحيها خلال الاستفتاء التاريخي الذي جرى في الاقليم بتاريخ 25 سبتمبر 2017. رغم أن المطلع يعرف جيدا أنه، " للشعوب الاصلية الحق في تقرير المصيروبمقتضى هذا الحق تقررهذه الشعوب بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" وفق المادة (3) من أعلان الامم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الاصلية ورغم ما جاء في الفقرة الرابعة من المادة (93) من الدستور العراقي الخاص بالمحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 13 أيلول 2007.
" الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارات المحلية".
ولكي لا يبقى الحديث محصورا في جوهر البنود الدستورية التي لم تتعود الانظمة العراقية في تنفيذها منذ تشكيل الدولة العراقية عام 1921 ولحد الان فأنه يجب القول، أن القيادات السياسية في اقليم كوردستان- العراق، نجحت بشكل أو بأخر في كسر حاجزالصمت المفروض على القضية الكوردية منذ عقود خلت. أذ قبل أن يهدأ دوي الانفجارات في مدينة أربيل، رنّ تلفون دولة رئيس الوزراء الكوردستاني السيد مسرورالبارزاني، وكان المتكلم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من القصر الأبيض الامريكي، ليعبر عن غضب بلاده من الهجوم الغادر على أربيل. وأضاف أنه تعهد بتقديم دعم بلاده للتحقيق في الهجوم ومحاسبة المسؤولين عنه. ومن جانبه ذكر السيد البارزاني أنه حث الوزير الأمريكي على دعم التحقيق المشترك لحكومة الاقليم والحكومة الفيدرالية لتحديد الجناة وتقديمهم للعدالة، أنتهى الاقتباس.
وفي صباح اليوم التالي، أدانت مبعوثة الأمم المتحدة السيدة جنين هينيس بلاسخارت العملية ودعت لحماية العراق من التناحرات الخارجية والي ضبط النفس وضرورة التعاون بين بغداد وأربيل بالتنسيق من أجل الوصول الى من يقف وراء الهجوم وبالتالي ضرورة محاسبة المسؤولين عنه، أنتهى الاقتباس. وفي نفس الوقت أدان المتحدث باسم خدمة العمل الخارجي الأوروبي في بروكسل"بيتر ستانو" الهجمات وقال، ان مثل هذه الهجمات تهدد استقرار كوردستان –العراق والمنطقة بأكملها، مشيرا الى ان الاتحاد الاوروبي يشجع التعاون بين السلطات الاتحادية والاقليمية لملاحقة الجناة ومحاسبتهم".هذا وبالاضافة الى قرار وزراء دفاع حلف الأطلسي اليوم، برفع عدد القوات في العراق من 500 إلى  4500 او 5000.
وفي الختام يجب التأكيد مجددا في القول، أن الهجوم الارهابي الذي تعرضت له مدينة أربيل ليلة الامس، مثلما هو عمل أجرامي يخالف كل الاعراف والقوانين الدولية، بالقدر نفسه يحمل رسالة عاجلة للمسؤولين العراقيين في بغداد وتحمل في طياتها:
- الاسراع في ايجاد حلول دائمة للأزمات المتفاقمة بأستمرار بين بغداد وأربيل وفق الدستور العراقي. أما الاعتراف بالفيدرالية الحقيقية في أقليم كوردستان –العراق وفق الدستور العراقي، أو الاعتراف بالعيش المشترك مع الدولة الكوردستانية في المدى القريب
- ترسيخ مبدأ المواطنة في العراق الجديد واعادة صياغة مبدأ الانتماء للوطن والهوية الوطنية في العراق الجديد
- ضرورة السيطرة على السلاح المنفلت بحيث أصبحنا نسمع كثيرا" أنقذونا من سطوة السلاح المنفلت"
- أيجاد حلول جذرية ودستورية لنشاط الميليشيات المسلحة داخل العراق، وأخرها ( سرايا أولياء الدم)، التي تبنّت عملية الهجوم على أربيل مساء الاثنين 15 شباط الجاري، وربط جميع الميليشيات بأوامرالقائد العام للقوات المسلحة العراقية حصرا، في حال عدم تفكيكها.