المحرر موضوع: موجات الرحيل تهدّد الوجود المسيحي في العراق  (زيارة 723 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
موجات الرحيل تهدّد الوجود المسيحي في العراق


مسيحيون يكافحون من أجل العيش بسلام
عنكاوا دوت كوم/ألعرب
يوجد حاليا من 300 إلى 400 ألف مسيحي في العراق في مقابل مليون ونصف المليون قبل الغزو الأميركي.
بغداد – تقلّص عدد المسيحيين في العراق، خلال موجة هجرة بعد أخرى، فيما يحلم الباقون منهم في البلاد بالرحيل، فقد غادر بعضهم خلال الغزو الأميركي في العام 2003 وآخرون خلال الحروب الطائفية التي احتلّ خلالها جهاديون قراهم، وغيرهم بسبب الأزمة المعيشية الحالية.

وتغيب الإحصاءات الدقيقة حول العدد الفعلي للمسيحيين في العراق، لكن تناقصهم يبرز جليا بمجرد متابعة عدد المصلين في الكنائس وحتى بإغلاق بعضها، مثل كنيسة الثالوث الأقدس في منطقة البلديات شرق بغداد المغلقة منذ نحو خمس سنوات ولا تشهد احتفالات دينية إلا في مناسبات قليلة.

وهناك كنائس أغلقت منذ عام 2007 ولم تفتح أبوابها من جديد مثل كنيسة قلب يسوع الأقدس للأرمن الكاثوليك في الكرادة بوسط العاصمة البالغ عدد سكانها عشرة ملايين نسمة.

والآن، تعيش عائلات مسيحية عراقية كثيرة في كردستان العراق، أو في الأردن أو أستراليا أو غيرها من الدول، حنينا إلى وطن ترفض في الوقت ذاته فكرة العودة إليه. وكل منها تروي قصصا قديمة لما حل بها بسبب الاضطرابات التي عاشتها البلاد خلال قرابة عقدين من الزمن.

ويعلّق كل هؤلاء في الداخل والخارج آمالا بأن يحمل لهم البابا فرنسيس الذي سيزور العراق هذا الأسبوع، كلمات معزية ومطمئنة، ولو أنهم لا يتعلّقون بالأوهام، في ضوء الأزمات الأمنية والاقتصادية المتلاحقة والتوترات السياسية التي تعيشها البلاد.

ويقول سعد هرمز الذي كان يعمل سابقا سائق تاكسي في الموصل، وهو يعيش اليوم في الأردن، لوكالة الصحافة الفرنسية إنه يأمل في أن يطلب البابا خلال زيارته للعراق من الدول التي تستقبل لاجئين مسيحيين مساعدتهم لأن العودة إلى العراق الآن غير واردة.

    مع انخفاض عدد المصلين أغلقت ما بين 20 إلى 30 في المئة من كنائس العراق

وبالرغم من غياب إحصاءات دقيقة عن عدد المسيحيين في العراق بسبب عدم إجراء تعداد سكاني منذ سنوات، يقول وليم وردة رئيس منظمة حمورابي التي تتولى الدفاع عن الأقليات في العراق، إن “هناك حاليا 300 إلى 400 ألف مسيحي في العراق في مقابل مليون ونصف المليون قبل الغزو الأميركي الذي انتهى بالإطاحة بنظام صدام حسين”.

ويأتي ذلك بعدما غادر ما يقرب عن نصف مليون منهم إلى الولايات المتحدة، وتوجه آخرون إلى دول اسكندينافية وأستراليا. وبالإضافة إلى العوامل الاقتصادية التي تؤثر على جميع العراقيين، يعاني المسيحيون في العراق من التمييز والتهميش وتراجع حقوقهم.

ويضمن الدستور العراقي التساوي في الحقوق والحريات بين جميع مكونات المجتمع، لكن ذلك لا يطبق بشكل كامل بسبب الفساد والمحاصصة وضعف تطبيق القانون.

وفي 2007، قتل عم وعمة طبيبة الأسنان رنا سعيد برصاص عشوائي أطلقه جنود أميركيون ردا على هجوم تعرضوا له ليلة رأس السنة في مدينة الموصل التي سيطر عليها تنظيم داعش المتطرف في عام 2014، لكن هذه الطبيبة وزوجها الطبيب البيطري عمار الكاس أصرّا في حينه على البقاء في مدينتهما.

وعدم وجود محاسبة أو تطبيق أي عدالة في القضية دفعهما في 2008 إلى اتخاذ قرار الرحيل، فانتقلا إلى كردستان. وكانا يفرّان أيضا من التوتر الطائفي و”مسلسل اغتيالات نفذتها مجموعات مسلحة” استهدف عدد كبير منها مسيحيين.

ويقول الأسقف الكلداني سعد سيروب حنا والذي عيّنته الكنيسة الكلدانية في السويد منذ 2017، إن الكثير من العراقيين بين أبناء رعيته في السويد لا يريدون العودة إلى العراق.

ووُلد حنا في بغداد وأرسل إلى السويد للاهتمام بأكبر تجمع كلداني في أوروبا قوامه نحو 25 ألف شخص وصلوا إلى البلاد في موجات على مدى العقود الأربعة الماضية. وعاش فترات عنف كثيرة في العراق فرّ خلالها كثيرون، وهو يصفها بـ”الفوضى العظيمة”. وتعرّض للخطف في العام 2006 بعدما ترأس قداسا في بغداد.

ويروي حنا كيف احتُجز وتعرض لأمور عديدة بينها التعذيب والعزلة. ويقول إن “هذه التجربة أعطتني القوة أيضا. لقد ولدت من جديد، أنظر إلى الحياة بطريقة مختلفة بنعمة عظيمة وحبّ كبير”.

ويقيم أكثر من 140 ألف عراقي في السويد من بينهم رغيد بنّا، وهو مواطن من الموصل استقر في بلدة سودرتالي في العام 2007، وكان في السادسة والعشرين. ويقول بنّا، وهو اليوم أب لطفلين، “ثمة الكثير من الكلدان هنا لدرجة أنني لا أشعر حتى أنني في غربة”.

ويؤكد وردة أن العائلات الشابة تهرب من العراق، الذي شهدت عاصمته تقلص عدد المسيحيين من 750 ألفا في 2003، بنسبة 90 في المئة، وتترك غالبا وراءها الوالدين من الجهتين الأكبر سنا. ويوضح “كانت الأسرة المسيحية تتكون إجمالا من خمسة أفراد والآن انخفض العدد إلى ثلاثة”.

ويقول الإيكونوموس يونان الفريد، الوكيل العام للروم الأرثوذوكس في العراق، إنه مع انخفاض عدد المصلين “أغلقت ما بين 20 إلى 30 في المئة من كنائس العراق”.

وبعد ما يقرب من عقدين من إراقة الدماء والتفجيرات، دخل العراق فترة من الهدوء النسبي في أعقاب هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في أواخر العام 2017، لكن هذا لم يوقف نزف الأقليات.

ويقول الكاهن الذي بقي في العاصمة فيما هاجر شقيقه إلى كندا وشقيقته إلى الولايات المتحدة، “الناس يستمرون في المغادرة، المسيحيون يحاولون فقط ادّخار ما يكفي من المال وبعد ذلك بأسرع ما يمكن يهاجرون”.

أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية