المحرر موضوع: شاطئ الإنتظار.. قصة قصيرة للكاتب: مصلح الشرقي  (زيارة 376 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فهد عنتر الدوخي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 750
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
#بقلمي ...
#قصة_قصيرة...
( #شاطئ_الإنتظار )....
على شاطيء المدينة التي تطل على البحر وعلى مرفئها الوحيد الذي الذي يجتمع فيه الكثير من أهالي  تلك المدينة من صيادي الأسماك أو تُجار اللؤلؤ الذين يذهبون في كل صباح الى أعماق البحر ثم يعودون قبل الغروب وقد جلبوا  ما يسدون  بهِ رمق عوائلهم الفقيرة .....في وسط كل هذا الزُحام من القوارب الآتيه والمُغادرة  كان يجلس ذلك الشيخ العجوز وحيدا كما إعتاد دائما وكما إعتاد الجميع على رؤيته كل يوم ....

في مساءٍ صيفي من مساءات تلك المدينة طلب الفتى الصغير من والدهِ أن يأخذهُ في رحلةِ الصيد صباح الغد فأخبرهُ  والدهُ بإنه ما زال صغيرا على تحمل مصاعب الرحلة وتعقيداتها قائلا له :
_ياصغيري إن البحر الذي تراهُ جميلا وانت  على الشاطئ سيبدو لك عالما من الغُربةِ ...عالما من  الرعب الذي سيملأ قلبك  وانت في وسطه حين يغيب عنك الأفق ولن ترى سوى مساحات المياه التي تمتد الى مالا نهاية ولن ترى فيها سوى القوارب التي تتلاشى عن ناظريك شيئا فشيئا حتى تبقى أسير وحدتك وهواجس الخوف من الوحوش التي تسكن تلك المساحات الشاسعة من المياه  ....
= ولكنني سأكون الى جانبك ياأبي ولن أشعر بالخوف ...
_ أنا من سيكون قلقا عليك طوال الرحلة والآن دعني أذهب للنوم  فعليَّ أن أستفيق مبكرا لأستعد لرحلة الغد     ....

إنتهى الحديث بينهما عند هذا الحد وذهب الرجل للنوم بينما بقي الفتى يفكر في كلمات أبيه عن البحر ووحشتهِ المُخيفة في أعماقه البعيدة ....
كان يفكر طوال الليل كيف يُمكن لهذا البحر وشواطئه الجميلة أن تنقلب الى وحشةٍ وغربةٍ وخوفٍ ....
غفا الفتى قليلا حتى أيقظهُ والدهُ في الصباح وقال له تعال معي ياصغيري لنذهب الى الشاطيء ....
راود الفتى شعورٌ من الفرح الذي إختلط بالذهول والمفاجأة وهو يتذكر كلمات أبيه البارحة ....
أكمل الفتى ووالدهُ القارب ونشر الشراع وصعد والد الفتى إليه وعندما حاول الفتى أن يصعد ملتحقاً بأبيه في القارب أمسك والده بيده وقال له :
 إنزل ياصغيري وانتظرني عودتي  قرب ذلك الشيخ العجوز .... 
نزل الفتى من القارب وجلس قرب ذلك العجوز وهو يودع والده الذي كان قاربه يبتعد ويتلاشى مختفيا في المجهول المخيف  الذي بدا وكأنهُ يراه للمرة الأولى .....

جلس الفتى الى جانب الشيخ العجوز كما أوصاه والده وساد صمت طويل قبل أن يبادر الفتى الى سؤال العجوز ...
_ماسبب جلوسك الطويل هنا ياسيدي الشيخ ...؟
=ولماذا تسأل يافتى ....؟
_ إنه الفضول فقط ....
أشعل الشيخ العجوز سيكارةً ثم نظر الى الفتى وقال لهُ :
= حسنا سأخبرك ياصغيري ....أنا أجلس هنا بإنتظار صديقي القريب  الذي ذهب للصيد ....
_ ولماذا لم تذهب معهٌ ؟
= لقد كنت مريضا جدا ورفض أن أذهب معه  وأنا أعاني من تلك الحمى اللعينة وطلب مني مبتسماً أن أنتظرهُ هنا وها أنا أنتظر عودته منذ أشهر ....

صمت الفتى طويلا وتذكر كلمات والده عن البحر ومخاطره ووحشتهِ المخيفة التي قرأها جيدا في ملامح  ذلك الشيخ العجوز وعينيه الذابلتين ودخان سيكارتهِ المتطاير في الفضاء وإنتظاره العنيد لما لا يأتيابدا ....
نظر الفتى الى ذلك العجوز وروحهُ تكاد أن تغرق بالقلق الذي بدأ يساوره مخافةَ أن تطول جلستهُ الى جانبه ومخافةَ أن  يطول إنتظارهُ لأبيه ....

#Muslih_Alsharqi   2 / 3 / 2021