المحرر موضوع: شكرا بابا فرنسيس الانسان..  (زيارة 926 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Naseer Boya

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 320
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شكرا بابا فرنسيس الانسان..

بقلم
نصير بويا
٨ آذار ٢٠٢١

مما لاشك فيه ان زيارة شخصية كبيرة بمستوى الزعيم الاعلى للكنيسة الكاثوليكية في العالم وهو يمثل أكثر من مليارين انسان الى أي بقعة في العالم يكون دائما حديث الساعة في كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي وهناك دائما اختلافات في الرأي حول الزيارة بين مؤيد و معارض و متحفظ. فقد زار البابوات السابقين كثير من الدول وكانت زياراتهم رسمية و بروتوكولية وتستغرق عدة أيام و تصدر بعدها بيانات ختامية روتينية وتبقى كذكرى لدى تلك الدولة وشعبها.

الا ان زيارة البابا فرنسيس للعراق كانت تختلف عن كل الزيارات السابقة ويمكن أن نقيمها بانها من أنجح الزيارات قام بها أي بابا في التاريخ بعد زيارة البابا يوحنا بولص الثاني الى بولندا عام١٩٧٩و دعمه الحركات الاحتجاجية عام 1980 والتي جلبت الحرية وحقوق الإنسان لبلاده المضطربة وكانت سببا لتغير نظام اغلب الدول الاشتراكية ، حيث قام البابا يوحنا بولس الثاني خلال بابويته بزيارة 129 بلدًا وقطع أكثر من 1.1 مليون كليومتر سفرا، واجتذب حشودا كبيرة، وقيل أن بعضها كان أكبر تجمع للبشرية على الإطلاق مثل يوم الشباب العالمي في مانيلا والذي حضره خمسة ملايين نسمة، وقد اقترح البعض تثيبت ذلك كأكبر تجمع مسيحي في التاريخ.

وتقيمنا لزيارة البابا فرنسيس التي تعتبر تأريخية بمعنى الكلمة لايستند الى عدد المستقبلين والحشود بل يستند الى جملة من الملاحظات يمكن سردها كالآتي :

١ـ البابا فرنسيس بغض النظر عن مكانته الدينية ومكانته كرئيس دولة فاتيكان فهو بفضل تواضعه العظيم وتصرفه كإنسان وقلبه الكبير و وجهه الذي يشع منه كل قيم المحبة والتواضع والانسانية تمكن من كسب جميع الشعوب وحتى أعداء المسيحية بفضل الكاريزما التي يملكها والحكمة في اشاعة وزرع المحبة والتسامح بين بني البشر بدون تميز وبذلك دخل في قلب كل انسان مهما كان دينه.

٢ـ نحن جميعا نعرف بأن الشعب العراقي بمكوناته وأديانه ومذاهبه الكثيرة من الصعب جدا السيطرة عليهم واقناعهم ولمهم جميعا والتوافق فيما بينهم ، فتأريخنا العراقي يشهد بذلك. فالحروب والاقتتال والدمار كان دائما مرادفا لحياة الشعب العراقي على مرالتاريخ من وقت نبوخذنصر والى وقت كتابة هذا المقال.
لكن البابا فرنسيس تمكن من لم شمل كافة المكونات والاديان والمذاهب قولا و فعلا وبدأ بتكوين البذرة الاولى للحوار بينهم والدليل ما رأيناه من أصوات ايجابية من كل أطياف الشعب العراقي حول اعادة النظر بسياسة معاداة بعضها البعض و وضع حد لتهميش الآخر واحترام حقوق الانسان .

٣ـ الشجاعة النادرة التي يمتلكها هذا الانسان بزيارته الموصل والتي وصفتها أنا بأنها عش الدبابير. موصل المهدمة والمدمرة وجلوسه في سيارة صغيرة ومكشوفة وتجواله في شوارع خربة بين بنايات مهدمة وإقامة الصلات في حوش البيعة وسط أنقاض الكنيسة ماهي الا رسالة للعالم أجمع وللقوى العظمى وجذب نظرهم لما يعانيه الشعب العراقي بصورة عامة والمسيحين بصورة خاصة، ففي هذه المنطقة التي تعتبر من اخطرالمناطق والتي كانت عاصمة الدواعش الارهابيين ومقر خليفتهم المقبور لم يزورها أي مسؤول عراقي وإذا زارها فيكون لديه جيش كامل للحماية، ومن الغريب لم نرى أي مظاهر لناس مدججين بالسلاح لحمايته ووجدناه مسترخي و بوضع شجاع ولا يهتم غير ايصال رسالته للجمهور والعالم.

٤ـ لقاءه  بالمرجعيات المختلفة وبالأخص المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني والذي يعتبر الحاكم الفعلي للعراق قد يدفع بتغير موقف الحكومة وقادة الشيعة من المكون المسيحي والذي هو دائما تحت الضغط و يعاني من التهميش والاهمال وعلى الاقل وقف نزيف الهجرة وعودة المهجرين الى مدنهم وقراهم والعيش بكرامة.

٥ـ لأول مرة خلال عقود أدخل البابا السعادة والبهجة والسرور في قلب كل انسان عراقي والذي كان بحاجة ملحة اليها بغض النظر عن معتقده و دينه أو مذهبه و تبين ذلك من خلال الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي. حيث كانت جميع القنوات الفضائية تتنافس في البث المباشر لوقائع الزيارة خطوة خطوة
ومن الملاحظات الجديرة بالذكران القنوات جميعها كانت تلتقي بالشخصيات المختلفة من السياسيين و الادباء و المثقفين وبالأخص المسيحيين و تعطيهم مساحة مفتوحة وحرية مطلقة للادلاء بآرائهم وشرح أي شيء يودون ايصاله للجمهور.وحقيقة لم أصدق أن أرى الفضائية العراقية بكل صنوفها العادية و الاخبارية و الرياضية التابعة لشبكة الاعلام العراقي (يوصفها البعض بانحيازها لطائفة معينة ) أن تكون السباقة بتغطية الزيارة لمدة أربعة أيام متتالية، لا بل الاكثر من ذلك كانت تستقبل رجال دين مسيحيين وتعطيهم كل الحرية لشرح كل ما يتعلق بالقداديس والتقاليد المسيحية وحتى شرح مضامين
كل ما ينطقه القسان والمطارنة أثناء خدمتهم في القداس والتراتيل والصلوات مع البابا، بل وكنت قد استمعت الى مقابلة مع البطريرك مار ساكو روفائيل قبل وصول البابا بعدة ساعات وقال بالحرف الواحد اننا مهمشين ولا يسمع المسؤولين كلامنا بحيث فرضواعلينا في قانون البطاقة الوطنية في احدى المواد بأن الاولاد القاصرين يتحولون الى الاسلام في حال أسلمة احد والديهم وهذا ليس شيء منطقي وما لا نقبله ولكن ثبت وأصبح قانون نافذ.

٦ـ في هذه الايام الثلاثة التأريخية قرأت الفرح والسعادة الحقيقية في عيون شعبنا المسيحي أطفالا و شبابا ونساءا و شيوخا و وجدتهم كل واحد منهم يعبر عن سعادته وانبهاره بهذه الشخصية العظيمة وبهذا الحدث التأريخي بغض النظر هل هو مؤمن أم لا. والمنظر الجميل للأطفال والشباب وهم  يرتلون التراتيل الجميلة و بلغة السورث وحملهم أغصان الزيتون وكذلك هلاهل النساء التي أدخلت البهجة الى قلوبنا.
وهنا أود الاشارة الى اننا المسيحيين الذين نعيش في بلاد الغربة كم تمنينا ان نكون حاضرين هذا الحدث التأريخي الذي لم ولن يتكرر في التاريخ ونشارك أهلنا وشعبنا هذه الافراح ولكننا تابعناها دقيقة بدقيقة من خلال شاشات التلفاز وبشعور هو مزيج من الفرح والحزن والأسى لبعدنا عن أهلنا.

٧ـ لاحظنا بان المسؤولين في الدولة قد بدأوا باطلاق التصريحات الايجابية تجاه المسيحيين
ويوعدون بتصحيح وضعهم للحيلولة دون هجرة البقية الباقية  في العراق وهذه النقطة قد ركز وأكد عليها البابا في الكثيرمن خطبه ولو إن هؤلاء لا نتوقع منهم الخير ولكن نقول عسى ولعل ينفذون ولوعشر ما يوعدون به.والدليل قرار رئيس الحكومة بأعتبار يوم ٦ آذار من كل عام يوما وطنيا للتسامح والتعايش، يؤذِن بانطلاقة تعزز الحوار وتعمّق المشتركات على أساس إنساني.

٨ـ لاحظنا ابتعاد الشخصيات السياسية الطائفية والوجوه الكالحة وقادة احزاب الاسلام السياسي والميليشيات والماسكين بالسلطة عن المشهد ولم يكن لهم حضور خلال هذه الزيارة ونجاحها كانت صفعة قوية لهم ولايران والتي هم ذيول لها.
وكذلك لم نرى أي صوت أو أي فعالية من الارهابيين الدواعش و من لف لفهم ومن العجيب والغريب  لم يقع أي انفجار أو عبوة ناسفة أو هجوم مسلح أو أية فعالية ارهابية في أي منطقة  في العراق وكأن لسان حالهم يقول أهلا وسهلا بالحبرالاعظم.

٩ـ البابا فرنسيس وما عرف عنه زهده وتواضعه الكبير وقربه من الطبقة الفقيرة وتطبيقه كل تعاليم السيد المسيح بحذافيرها ومنها تنازله عن صليبه الذهبي واكتفائه بصليب معدني وكذلك التنازل عن المسكن البابوي والعيش في غرفة صغيرة كراهب و اراحة الحرس الخاص به للسهر على راحته والخ من الامور وعرف عنه على الصعيد الشخصي  كقائد ديني، التواضع ودعم الحركات الإنسانية والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتشجيع الحوار والتواصل بين مختلف الخلفيات والثقافات.ولعل يستفيد منها رجال الدين جميعا ويأخذوا عبرة مما يفعله ويعتبروه قدوة لهم و يتصرفون مثله على الاقل في علاقتهم بشعبهم و ترك البيروقراطية وتصليح الاخطاء الموجودة في الكنائس.

١٠ـ انني كانسان بغض النظر عن ديني و معتقدي ومذهبي واتجاهي السياسي أقول لهذاالانسان العظيم شكرا لك لكل ما تقدمه للانسانية جمعاء وانت أصبحت رمزا ليس دينيا فقط بل انسانيا في الدرجة الاولى وشكرا لك وانت تدافع عن كل انسان معذب وبالاخص الفقراء والمسحوقين والمضطهدين وسيذكرك التاريخ كقائد انساني عظيم ترك بصمته في وقت يعتبر من أصعب الاوقات في تاريخ البشرية.
وللعلم فإن هذا الانسان الذي يبلغ من العمر ٨٤ عاما ويعاني من كسر في حوضه وصعوبة المشي و كذلك رئته التي تم ازالة الجزء العلوي منها في سنة ١٩٦٩ لم يكل و لم يمل من الحركة المستمرة طيلة ثلاثة أيام ولم يشتكي أبدا حتى خلال بقاءه واقفا على رجليه أو مشيه مدة طويلة.

ملاحظة أخيرة لا أخفيكم سرا بأنني إنفجرت بالبكاء مرتين خلال الزيارة،
المرة الاولى عندما دخل البابا كنيسة سيدة النجاة واستقبل بالهلاهل و مباشرة تذكرت صورة الطفل الشهيد آدم الذي استشهد هناك وكذلك الابوين الشهيدين الشابين ثائر و وسيم وبقية الشهداء الذين لازلت أتذكر صورهم وهم غارقين في دمائهم الزكية و تقدست كنيستنا في العراق بدماءهم.
والمرةالثانية عندما رأيت البابا يتجول في حوش البيعة ( ساحة الكنيسة ) ورأيت الانقاض والدمار الحاصل هناك فانتابني شعور حزين وغصة ولوعة في داخلي لم اتمكن السيطرة على نفسي فأجهشت في البكاء على حال شعبي المهجر والمضطهد الى أن شبعت.

نصير
٨ آذار ٢٠٢١


غير متصل نيسان سمو الهوزي

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3606
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: شكرا بابا فرنسيس الانسان..
« رد #1 في: 23:29 08/03/2021 »
السيد نصير لقد غطيت الزيارة  بشكل رائع فلا توجد اي إضافات لهذا سأذهب بإتجاه آخر كي لا ألمس كلمتك الجميلة !
نعم وانا اعتبرها صفعة من شخص بهذه الاهمية وبهذا العمر وهذه الظروف لكل مجرم ( لا نقول سياسي لأن اغلبهم مجرمون ) !
صفعه من شخص كبير  وغريب لكل ارهابي في هذا البلد !
صفعة لكل عنصري وطائفي في وادي الرافدين !
صفعة لكل مَن يقول انا شيعي او سني او كوردي او تركماني او آشوري او سرياني او كلداني ( طبعاً القصد واضح ) !
صفعه واقوى منها لكل مَن لا يخدم بلده وشعبه بنزاهة !
صفعة لكل سارق وناهب وتارك الزقروة  مرتعاً للكلاب والقطط !
والله يا سيدي هناك المئات من الصفعات وحتى البصقات ولكننا سنتوقف هنا وعسى  ولعله !!!!!!!!!!
شكراً سيدي الكريم وتحية لك ! تعلم إنني في استراحه ولا اعلم كم ستطول ( بصراحة تعبت من الجميع ) ولكنني لم انساك وكان وجوب شكرك وتقديرك لكلمتك الجميلة !

غير متصل Naseer Boya

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 320
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: شكرا بابا فرنسيس الانسان..
« رد #2 في: 00:39 09/03/2021 »
أخي العزيز ( سيد ) نيسان المحترم..

أشكرك من كل قلبي على الاضافة الجميلة وقد أكملت المقال بهذه الجمل الرائعة ..
( وأنت في الاستراحة ).

أنا لم أتحدث غيرالحقيقة وهي واضحة للكل، العدو قبل الصديق.
والصفعات مستحقة لمن تلقاها ..

تمناتنا لشعبنا الجريح بالنهوض و لملمة جراحه وغد أفضل ..آملين أن تكون الزيارة هذه بداية
لحياة سعيدة  لشعبنا المسيحي بصورة خاصة ولشعبنا العراقي بصورة عامة..

تحياتي و مودتي

نصير