المحرر موضوع: وليد هرمز: «جروح غوتنبرغ الرقيقة»  (زيارة 831 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 37766
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
وليد هرمز: «جروح غوتنبرغ الرقيقة»

عنكاوا دوت كوم/القدس العربي

وليد هرمز، الشاعر العراقي المقيم في السويد، أصدر المجموعات الشعرية التالية: «نواقيس الكلدان»، «سالميتي»، «رُباخ»، «فران الندم»، «جسدان في وضوح أخضر»، و»مهب الرمية الغامضة»؛ وهذه هي روايته الأولى، التي يعلن على غلافها أنها جزء أوّل. فصول الرواية العشرة تتناول شخصيات مختلفة متقاطعة، تجمعها مدينة غوتنبرغ السويدية، وتفرّقها أعراق وانتماءات وأمزجة متباينة، ولعلها لا تنتهي إلى مصائر متداخلة إلا لكي تقترح سلسلة من أوضاع الغربة والمنفى والتيه، ذات أبعاد إنسانية في القاسم الأعظم بالطبع لكنها في الآن ذاته لا تبتعد كثيراً عن تأملات فلسفية وميتافيزيقية في الوجود والعدم.
وليست عناوين الفصول سوى المؤشر الأوّل على هذا التنوّع الذي تقصّد هرمز أن يكون بمثابة تشكيل تفصيلي ضمن اللوحة الأعرض، العابرة أيضاً للمصائر المتداخلة ذاتها: «مهاترات تحت مظلة»، «هذيان القُبّل»، «مماحكات تحت الصفر»، «وَحْدُن»، «عزيف الجبل»، «ترويض المستحيلات»، «قضمة آلان تورنغ»….
فقرات من الفصل الافتتاحي:

«هنا يقف غوستاف أدولف الثاني مؤسس يوتبوري»، قالت ساندرا بكلمات واضحة مخارج حروفها السويدية. تنبجس كلماتها عن شفتين شبه مدورتين متغضنتين شهوةً، وبقامتها الرشيقة. شعرها على شقرة يلتمع في ارتجاف ضباب يغطي الساحة.
لا تفاصيل أنثوية مغرية لساندرا، المعلمة الشقراء، على مظهر لباسها الخارجي، كما عند نساء الشرق اللائي يبرقن في كلّ مناسبة، ومكان. لا مساحيق تزاحم مساحيق، لا أظافر مصقولة، لا تبرّج، لا حليّ ذهب، لا إكسسوارات. خاتم فضة صغير، فقط، في بنصر يدها اليسرى. بنطال ساندرا من الجينز، وكنزة صوف فضفاضة. شال من صوف ثخين على الرقبة. شعر قصير متروك على هواه.
«تأملوا التمثال جيداً»، أكملت ساندرا جملتها، وهي تشير بيدها اليمنى إلى الملك غوستاف، الرجل البرونز، منتصباً على قاعدة حجر من روح الصوان. حمامة بيضاء، مندهشة، لم تعرنا اهتماماً، تقف على رأسه. طفنا، صحبة ساندرا، في جولة استعراض حول الساحة، ومعالمها.
«درسنا الأسبوع القادم، عن هذا الرجل، الملك الذي بنى يوتبوري» قال ساندرا. «إلى اللقاء في المدرسة»، أضافت وهي تودعنا بابتسامة أذابت شيئاً من ندف الثلج المتساقطة.
«الفيمان»، المجمع التجاري الضخم، لا يبعد عن تمثال الملك غوستاف إلا خطوات قليلات. سحبتني قدماي قفزاً على خط السكة الحديد الذي تسير عليه حافلات الترام تنقلني إلى الجهة المقابلة للتمثال، حيث أبواب المجمع الضخمة مدخلاً إلى عالمه التجاري. ولجت إلى الفيمان، تاركاً خلفي إيقاع الضجيج خارج المبنى».
دار الزمان، دمشق 2020

أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية