المحرر موضوع: القضاء العراقي ينخرط في ترهيب منتقدي النظام  (زيارة 609 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31322
    • مشاهدة الملف الشخصي
القضاء العراقي ينخرط في ترهيب منتقدي النظام
السلطة التنفيذية تستخدم القضاء في محاولة لإسكات إبراهيم الصميدعي بعد أن برز كأحد الأصوات الناقدة للحكومة وسياساتها.
العرب

تمرّد على الصمت

بغداد – سلّط اعتقال المحلّل السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي الضوء مجدّدا على ما يتعرّض له النشطاء العراقيون ومنتقدو تجربة الحُكم القائمة في البلد وما تنطوي عليه السياسات العامّة والممارسات الحكومية من ظواهر سلبية على رأسها ظاهرة الفساد المستشرية في مختلف مؤسسات الدولة والمؤثرة بشدة على أدائها من تضييقات واعتداءات وصلت في أحيان كثيرة إلى التصفية الجسدية.

وداهمت قوّة أمنية كبيرة ليلا منزل الصميدعي المعروف بانتقاده للحكومات العراقية وتشهيره بظاهرة الفساد في منطقة الحارثية وسط العاصمة العراقية بغداد واعتقلته، ليتبيّن أنّ ذلك جاء بناء على مذكرة قبض وتفتيش صادرة عن رئاسة محكمة استئناف الكرخ استنادا إلى تهمة موجهة إليه بـ”إهانة السلطات العامة بإحدى طرق العلانية وفق المادة 226 من قانون العقوبات”.

باسل حسين: الصميدعي لو كان يملك ميليشيا هل كان أحد يجرؤ على اعتقاله
وأظهرت لقطات فيديو تمّ تصويرها بكاميرا مراقبة حالة من الاستعراض في عملية التوقيف التي شاركت فيها قوة أمنية لا تناسب حجم العملية، بينما جرى تعمّد إهانة المحلّل السياسي بمعاملته معاملة المجرمين الخطرين من خلال تقييد يديه وراء ظهره قبل إدخاله في إحدى السيارات التي أحضرت لنقله من مكان اعتقاله.

لكنّ الحساب الرسمي للصميدعي على فيسبوك نشر بعد اعتقاله تعليقا على العملية ورد فيه “أكثر من ساعات مرت دون أن يصدر أي توضيح من قبل أي جهة حكومية ولا أحد يعرف الجهة المنفذة (…) ولا مكان تواجده حتى اللحظة”، مضيفا “هكذا تمارس الدكتاتورية بغطاء ديمقراطي”.

وقال مجلس القضاء الأعلى في بيان إن “توقيف إبراهيم الصميدعي جاء على إثر تهجّمه على مؤسسات رسمية ووصفها بصفات وعبارات سيئة تخرج عن حدود حرية التعبير عن الرأي المكفول دستوريا وذلك لقاء مبالغ مالية تدفع له”. وأضاف البيان “سوف يعرض على المحكمة المختصة بعد انتهاء العطلة الرسمية للتحقيق معه وتقرير مصيره على ضوء ذلك بإجراءات أصولية وقانونية”.

ورأى مدافعون عن الصميدعي ومعترضون على توقيفه أنّ العملية تحمل شبهة استخدام للقضاء من قبل السلطة التنفيذية في محاولة لإسكاته بعد أن برز كأحد الأصوات الناقدة للحكومة وسياساتها، وأنّ هذا الأسلوب يمثّل امتدادا لحملة أوسع نطاقا لترهيب المعارضين والمنتقدين بطرق أخرى بينها الاختطاف والإخفاء القسري، وصولا إلى الاغتيال كما حدث مع الناشط والمحلل السياسي والخبير الأمني هشام الهاشمي الذي اغتيل صيف العام الماضي على خلفية انتقاده لجهات نافذة بينها أحزاب وميليشيات شيعية.

ويمكن أن تترتّب عن التهمة الموجّهة للصميدعي وفق المادّة القانونية المذكورة عقوبة ثقيلة بالسجن تصل مدّتها إلى سبع سنوات. وبرز الصميدعي خلال الفترة الأخيرة بانتقاداته لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فيما قال مقرّبون منه إنّه تعرّض إلى تهديدات من قبل جهات مجهولة.

ومن شأن انخراط حكومة الكاظمي في قمع النشطاء والمعارضين أن يلحق ضررا بصورة تلك الحكومة التي جاءت بشعارات الإصلاح وتلبية مطالب المحتجّين الذين شاركوا في الانتفاضة التي شهدها العراق بداية من خريف 2019 وأفضت إلى سقوط حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي التي تورّطت في قمع المتظاهرين وأطلقت العنان للقوات الأمنية والميليشيات الشيعية لقتل المئات منهم وجرح الآلاف.

ولمّحت مصادر عراقية إلى وقوف جهات نافذة داخل الحكومة وراء اعتقال الصميدعي بهدف تأليب الشارع ضدّ رئيس الوزراء غير المحسوب على معسكر الموالاة لإيران، وهو المعسكر الأقوى والأكثر نفوذا داخل أجهزة الدولة. وأشار البعض إلى أنّ مذكرة الاعتقال صدرت بناء على دعوى أقامها ضده رئيس الوزراء، لكنّ مصدرا مقرّبا من الأخير نفى ذلك، وفق ما تداولته مواقع إخبارية عراقية.

وقال نشطاء عراقيون إنّ القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة إلى الأحزاب الحاكمة في العراق هي حديث الصميدعي في وقت سابق عن قيام أطراف بدفع مبالغ طائلة لقاء بيع وشراء وزارات ومناصب في الحكومة العراقية.

انخراط الحكومة في قمع المعارضين من شانه أن يلحق ضررا بصورة الكاظمي الذي رفع شعارات الإصلاح وتلبية مطالب المحتجّين

ورغم أنّ ما قاله المحلّل السياسي يكاد يكون من البديهيات المسلّم بها حتى لدى المسؤولين في الدولة العراقية بمختلف درجاتهم في سلّم المسؤولية وجميع المشاركين في العملية السياسية، إلاّ أن تصريحات الصميدعي بشأن بيع وشراء المناصب الحكومية أخذت أصداء استثنائية في غمرة الغضب الشعبي من النظام القائم والذي بلغ ذروته مع رفع المحتجّين لشعار إسقاط النظام.

وقال الناشط والأكاديمي العراقي باسل حسين تعليقا على اعتقال الصميدعي إنّ الأخير “لو كان يملك ميليشيا هل كان أحد يجرؤ على اعتقاله على هذا النحو؟”، متسائلا في تغريدة على تويتر “لماذا يسهل استهداف المواطن العادي واعتقاله وانتهاك حقوقه وكرامته، في حين لا يقترب أحد من أصحاب الميليشيات ولو قلبت عالي البلد على سافلها؟”.

وقارن مقدّم البرامج التلفزيونية النقدية الساخرة أحمد البشير بين حالة الصميدعي وحالة زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي الذي اتّهم مؤخّرا جهاز المخابرات العراقية بالإسم بالعمالة للخارج وبأنّه سلّم زمام قيادته لإحدى الدول العربية. وتساءل البشير عمّا إذا كان الخزعلي يستحقّ المساءلة مثل الصميدعي بتهمة إهانة السلطات.