المحرر موضوع: ويبقى الشيوعيون عقل وضمير وشرف العصر  (زيارة 536 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شابا ايوب

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 58
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
ويبقى الشيوعيون عقل وضمير وشرف العصر

في الحادي والثلاثين من آذار  2021 تمر الذكرى 87 لتأسيس حزب الطبقة العاملة العراقية و شغيلة اليد والفكر - الحزب الشيوعي العراقي. ويُعتبر هذا اليوم تاريخي في حياة العراق والعراقيين نظراً لما جاء به هذا التأسيس من أهداف عظيمة ناضل من أجلها الشعب العراقي  لقرون طويلة. ويأتي في مقدمتها الكفاح من أجل الاستقلال الوطني وتحرير العراق من الانتداب البريطاني وكل أشكال الهيمنة الأجنبية.
منذ عام 539 قبل الميلاد لم يحكم العراقيون انفسهم وظلّوا عشرات القرون تحت حكم الفرس ثم العرب. وفي فترة حكم الخليقة المأمون شهدت بغداد لفترة لم تدم طويلاً  تقدماً وانتعاشاً في العلوم والفلسفة والادب ولكن سرعان ما إنتكس الوضع وبدأ الضعف يدب في اوساط الدولة العباسية حتى سقطت بغداد على يد هولاكو عام 1258، أعقبها حكم الجلائريين والقبائل التركستانية ثم دولة الخروف الأسود ودولة الخريف الأبيض ثم حكم الصفويين،  ومن ثم حكم العثمانيين لمدة تزيد عن أربعة قرون ساد خلالها الجهل والفقر والمرض وتوقفت حركة العمران وكل أشكال النشاط الثقافي والعلمي والحضاري.
وحين خسر العثمانيون الحرب العالمية الأولى وفقدوا مستعمراتهم  أصبح العراق تحت النفوذ البريطاني .
وكان لتأسيس حزب الشغيلة بقيادة الرفيق فهد ومجموعة من المثقفين الماركسيين البارعين الدور الكبير في استنهاض الوعي الوطني والطبقي والمطالبة بالإستقلال الوطني وحرية الشعب، وقد توّج هذا الكفاح بنجاح ثورة 14 تموز 1958 بعد ان ساهم الحزب تحت قيادة الرفيق سلام عادل بقيام جبهة الاتحاد الوطني في 9 آذار  1957 التي شملت كل القوى السياسية الوطنية والقومية والديمقراطية واليسارية والتي كان من أهدافها الأساسية اسقاط النظام الملكي العميل وشبه الإقطاعي وتحرير العراق من الهيمنة البريطانية.
وكانت ثورة ١٤ تموز أول فرصة بعد عشرات القرون ليحكم العراقيون انفسهم بأنفسهم.
ولأن الثورة كانت عميقة في مضامينها وضربت مصالح المستعمر الإنكليزي في الصميم وخاصة منعه من امتيازات النفط التي كان يتمتع بها قبل الثورة من خلال أقرار حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم  قانون رقم 80 لسنة 1961 الذي استطاع العراق بموجبه  فرض ارادته على الشركات في إسترجاع 99,5 % من أراضيه ، لذلك عملت المخابرات البريطانية وبالتعاون مع المخابرات الامريكية على إجهاض الثورة، وقد أفلحت جهودها بعد ان تم التعاون والتنسيق مع القوميين والبعثيين الذين إختلفوا مع قاسم حول مسألة الإنضمام الفوري الى الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، وبمباركة من مرجعية محسن الحكيم الذي لم يكن راضياً عن إصدار حكومة قاسم لقانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959. فجاء انقلاب 8 شباط 1963 ليس لاسقاط حكومة عبد الكريم قاسم والإلتحاق بالجمهورية العربية المتحدة فحسب ، وإنّما لتنفيذ مهمة أسيادهم في تصفية الحزب الشيوعي العراقي جسدياً وفكرياً واضعاف اليسار في العراق وإ بعاده عن فلك الاتحاد السوفياتي آنذاك. لذلك تمّت وبشكل مبرمج تصفية أغلب قيادييه بما في ذلك سكرتير الحزب الرفيق الشهيد  سلام عادل ومئات الكوادر المتقدمة وعشرات آلالاف من أعضائه.
ولأن الحزب ومنذ ولادته كان لصيقاً بالجماهير ويتفهم مطالبها وطموحاتها المشروعة ويدافع عنها بلا هوادة ومن دون خوف أو تردد، فقد التفت الجماهير حوله وأصبح من أقوى الاحزاب السياسية في الساحة، وهذا ما أغاض أعدائه وخصومه، وأصبحت مهمة إضعافه وتصفيته على رأس الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة، لكن الارادة الفولاذية الصلبة وعشق الشيوعيين العراقيين وحبّهم لوطنهم وتوقهم الى ان يروا وطنهم حرًاً ومستقلاً وذو سيادة وكفاحهم من أجل العدالة الاجتماعية أفشل كل مخططاتهم.
ولم يكن صمودهم بوجه حملات التصفية سهلاً عليهم أبداً، فقد قدّم الحزب في خضم هذا النضال المثابر  قوافل من الشهداء الابرار ، حتى أمسى البعض يسمي الحزب الشيوعي العراقي بحزب الشهداء.
فالشيوعي العراقي نموذج فريد من نوعه، فهو صادقٌ في معتقده، وفيٌ لحزبه، ومحبٌ لشعبه، ونزيه في أداء واجبه، ويداه نظيفة من الإختلاسات وسرقة المال العام، يأخذ مُثله من قادته الميامين الابطال الذين اعتلوا المشانق وهم يهتفون بإسم الحزب وبالشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق،  وكذلك في صمودهم الاسطوري تحت التعذيب الوحشي في أقبية الامن ولم يتمكن الجلادون من انتزاع اية معلومات عن التنظيم الحزبي ولا الوشاية برفاقهم.


87 عاماً يعمل الشيوعيون في الساحة، تارة في العلن وأخرى في السر ، أصابوا مرّات وأخطأوا في مرّاتٍ أخر، ولكن بعد كل كبوة ينهضوا من جديد ليستعيدوا قوتهم ونشاطهم ويتصدّرون الساحة في توجيه الجماهير نحو مصالحها الحيوية.
ولأنّهم أنقياء في النية وصادقون في الطرح ولا يغدرون ومتمسكون بشعار دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية ، جرى ويجري تشويه سُمعتهم من قبل  الأنظمة الفاسدة والفاسدين ، والصاق شتى التهم بهم وهم منها براء. لم يتسنى للشيوعيين حكم البلد لكي تتبيّن حسناتهم من عيوبهم ، لكن يمكن للجميع أن يحلل ويناقش كلاً من الحكم  الملكي العميل وحكومات القوميين والبعثيين وأخيراً الاسلاميين وما خلّفوه من أزمات إحداها تلو الأخرى حتى أوصلوا البلاد الى حافة الهاوية.

وستبقى فكرة الشيوعية القائمة على إنهاء إستغلال العمال والشغيلة من قبل أرباب الاعمال وتحقيق العدالة الإجتماعية حلماً يراود الأجيال القادمة، وخاصة بعد ان فتكت الرأسمالية بالبشر والطبيعة والمناخ وكل ما يحيط بحاجات الانسان المادية والروحية.

ويظن الكثيرون بان الشيوعية سقطت في عقر دارها بإنهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه الى دويلات قومية، وليس لها حظوظ في المستقبل أمام التطور الرأسمالي ، لكن هذا ليس صحيحا البتة، الصحيح هو انهيار التجربة السوفيتية التي إفتقرت الى الديمقراطية وهي أحد العناصر الأساسية التي ركز عليها ماركس في إقامة النظام الاشتراكي ، وسادت البيروقراطية والجمود الفكري وغاب النقد الصريح والبنّاء مما خلق فجوة كبيرة بين قيادة الحزب وجماهير الشعب نتيجة هيمنة مجموعة من كبار السن على اللجنة المركزية ومكتبها السياسي على حساب الشباب الواعي والذي امتلك قدرات إبداعية في كل المجالات بما في ذلك في مجال الفكر والسياسة، ومنهم بريجنيف وتشيرنينكو ومن ثم اندروبوف وافاهم الأجل واحداً تلو الآخر ، وسيطرة مجموعة من الانتهازيين على سدة الحكم ، الذين تبيّن ضعف إيمانهم بالشيوعية، أضف الى ذلك سوء ادارتهم لعملية إعادة البناء ( البيريسترويكا)  ومنهم غورباشوف ويلتسن  وشيفرنادزه وياكوفليف (منظر الحزب) وآخرين.

يأتي في مقدمة مهمات الشيوعيين العراقيين اليوم،  التعاون والتنسيق مع كل القوى والأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والأكاديمية وشباب وشابات الانتفاضة والنقابات المهنية من أجل إنهاء نظام المحاصصة الطائفية والإثنية، أس البلاء و الفساد وسبب الأزمة البنيوية الشاملة الغير قادرين على حلّها،  وفي إقامة الدولة المدنية الديمقراطية - دولة المواطنة والمساواة وذات سيادة بعيداً عن التدخلات الخارجية.

تحية اكبار وإجلال للحزب الشيوعي العراقي في ذكرى تأسيسه السابعة والثمانين.
تحية للشيوعيين العراقيين رموز النضال والتضحية من أجل الوطن الحر والشعب السعيد.
المجد والخلود لشهداء الحزب وشهداء انتفاضة تشرين الباسلة وكل الوطنيين العراقيين .

كوبنهاكن 28 آذار 2021