المحرر موضوع: من الخالدين في تأريخ كنيسة المشرق، باباي الملفان العظيم  (زيارة 704 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوآرش هيدو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 33
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من الخالدين في تأريخ كنيسة المشرق،
باباي الملفان العظيم
يوارش هيدو

ابصر الملفان العظيم ( باباي ) النور في النصف الثاني من القرن السابع في مدينة جبيلته الواقعة في مقاطعة الطيرهان . وقد كتب سيرته الاسقف توما المرجي في اواسط القرن التاسع مكرساً له العديد من الصفحات في كتابه الشهير "كتاب الرؤساء" .
يقول توما المرجي عن باباي: " كان القديس ربان باباي الملفان رجلاً نير العقل يتمتع بصحة ممتازة ، سليم البنية متناسق التركيب. وكما يحدثنا معاصروه فقد كان صوته عذباً وجهورياً كالنفير" . ويضيف المرجي : " كان متحلياً بالعفة والطهر والمحبة واللطف والوداعة والتواضع العميق" . ويقارنه المرجي بملافنة الاجيال الاولى.
بدأ باباي نشاطه في ( جبيلته)، بلدته الاصلية حيث تقاطر اليه الدارسون ومنهم (مارن عمه) الذي صار فيما بعد رفيقه الوفي. وقدم باباي لتلاميذه كل الارشادات الضرورية لصيانة روح المبادىء والتمسك بالتعاليم التي نادى بها ملافنة الكنيسة العظام . وقد وجد باباي المدارس في حالة تدهور كبير سواء من حيث النظام او من حيث قواعد التربية والتعليم. لذا فقد شرع ببذل جهود عظيمه وبهمة عالية لاعادة بناء المدارس وتطبيق النظام والانضباط واعادة تنظيم المنهاج المدرسي واعداد مواضيعها بطريقة تضمن ايصال المعارف العلمية بالشكل الامثل . وكان في مقدمة الامور التي اثارت اهتمام باباي هو الموسيقى والتراتيل والاناشيد الكنسية .
ويحدثنا توما المرجي عن غياب الوحدة في التراتيل والاناشيد الدينية في كنيسة المشرق انذاك . اذ كان لكل بلد ومدينة ودير ومدرسة الحانها وتراتيلها واناشيدها الخاصة بها ، وحينما كان يحضر معلم او تلميذ من مدرسة اخرى ، كان يقف وكانه جاهل تماماً فيعجز عن المشاركة في الغناء والإنشاد .. فقام باباي بتنظيم الموسيقى الكنسية بتطبيق مبادىء وقواعد عامة واقيمت التراتيل والاناشيد وفق نظام موسيقي محدد وجدد الالحان التي كانت قد اهملت او تغيرت واختلفت ، ثم عممت على المدارس كافة .
غادر باباي برفقة ( ماران عمه) جبيلته بعد ان عهد بادارة مدرستها الى تلاميذ نشيطين متوجهاً الى مقاطعة حدياب واسس مدرسة كبيرة في كفر عوزيل القريبه من اربيل. لم يقتصر التعليم في هذه المدرسة على اسس القواعد فحسب بل شمل حيزاً معرفياً واسعاً . فقد حققت المدرسة هناك نجاحاً ملحوظاً بفضل دعم الموسرين من اهالي كفر عوزيل ( الاحرار الافاضل).
مكث ربان باباي في هذه المدرسة سنين عديدة وبعد اطمئنانه الى نتائج عمله ، سلم المدرسة الى رفيقه ( ماران عمه) وغادر الى منطقة المرج . وهناك اسس أو رمم اربعاً وعشرين مدرسة . وقد ذكر توما المرجي اسماء هذه المدارس التي اسسها ( هذا البستاني الحكيم) في بلاد مرگا. قام باباي بفحص الكتب المدرسية معيداً ضبطها ومصححاً الاخطاء الواردة فيها ورتب مواضيعها ودروسها لتكون واحدة في المدارس كافة.
وقد اشرف باباي شخصياً على التعليم في هذه المدارس واستطاع ان يهيء عدداً كبيراً من الافراد على درجه عالية من الكفاءة والمهارة للقيام بمهمة التعليم. بعد ان انجز باباي هذه الاعمال الباهرة، عاد الى كفر عوزيل. ومن هناك كان يزور المدارس مرتين بالسنة لتفقد احوالها والاطلاع على تطبيق النظام الموسيقي والقوانين والترتيبات التي وضعها لتلاميذه.
ومع دنو اجله غادر المقاطعة عائداً الى ( جبيلته) مسقط رأسه حيث توفي بشيخوخة عميقة ورقد في تربة آبائه واجداده ودفن في ( الكنيسة التي فيها تعلم وعلم).
كتابات ربان باباي ..
يقول توما المرجي ان باباي فضلاً عن كونه حاذقاً في الفن الموسيقي ، كان وافر المعرفة متبحراً في النظريات ، ومصنفاته في شتى المواضيع تشهد على ذلك. فقد وضع ( مقالات وتعاليم كثيرة) واثنين وعشرين ترجاماً(موعظة) مرتبة على الحروف الابجدية ترتل في عيد الشعانين ، وتعازيً وبركات مرتبة ايضاً على الأحرف الابجدية ورسائل موجهة الى اشخاص عديدين ، وبركات مسهبة تتلى على العرائس. ونظم اثنتين وعشرين قصيدة في مدح القديس مار يعقوب مؤسس دير (بيث عابى) ، مرتبة ايضاً على الابجدية وتقال في يوم تذكار القديس، وقصيدة في مدح القديس نسطوريوس والاشادة بمآثره مطلعها ( على خطى الابرار ) .

كما الف اثنتي عشر انشودة على غرار ( ايامي قد طارت) و( هوذا للموتى ) . ويشير توما المرجي الى ان باباي كتب ( تآليف أخرى مختلفة يمكن للمرء ان يجدها في دير بيث عابي المقدس).
ومما يدعو للاسف هو ان هذه التآليف الكثيرة لمار باباي الملفان ، لم يصلنا منها سوى القليل .

المصادر :
١- توما المرجي ، كتاب الرؤساء . طبعة بيجان، باريس ١٩٠١.
٢- نينا بيگولوفيسكايا ، ثقافة السريان في القرون الوسطى ، ترجمة الدكتور خلف الجراد ، دمشق ١٩٩٠.(ص ٧١-٧٢).
٣- البير ابونا ، ادب اللغة الارامية : بيروت ١٩٧٠.