المحرر موضوع: التيار الديمقراطي العراقي و إعادة تنشيطه  (زيارة 344 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حكمة اقبال

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 334
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
التيار الديمقراطي العراقي و إعادة تنشيطه

بعد هدوء استمر منذ الإنتخابات البرلمانية في 2018 ، إجتمعت اللجنة العليا للتيار الديمقراطي في 23 كانون الثاني 2021 وأصدرت وثيقة اعادة تنشيط ومشروع للنظام الداخلي ، تمهيداً للمؤتمر الثالث الذي يجري التحضير له .
- جملة " إعادة التنشيط " هي إقرار بفترة الخمول والسُبات التي مر بها التيار ، ولكن لماذا هذا السبات والعراق ومنذ عام 2003 يبحث ويتطلّع الى تحقيق قدر ولو بسيط من الديمقراطية التي تؤمن سيادة القانون لإعادة بناء الدولة والمجتمع من جديد بعد عقود الديكتاتورية المظلمة ؟
-  لنعد قليلاً الى الوراء، بمبادرة ودور رئيسي للحزب الشيوعي العراقي ، جرى تشكيل ألتيار الديمقراطي بهياكل تنظيمية قيادية ، وهياكل محلية  في المحافظات ، وكذلك في دول المهجر ، وابرز نتائج تشكيل التيار الديمقراطي هو تشكيل ( التحالف المدني الديمقراطي ) كتحالف انتخابي خاض انتخابات عام 2014 وحصل على ثلاث مقاعد برلمانية ، لم يكن من بينها احد اعضاء الحزب الشيوعي العراقي ، صاحب الفكرة والجهد الأكبر والأهم ، في عمل التيار وكذلك في الحملة الانتخابية .
- تحت شعار " الديمقراطية والمدنية صمام امان لمستقبل العراق الزاهر "  اُعلن في يوم 28 تشرين الأول 2017 عن انبثاق تحالف القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) ، وفجأة في 12 كانون الثاني 2018 ، ظهر اسم الحزب الشيوعي في تحالف جديد اسمه (سائرون ) ، وفي ذات اليوم اُعلن عن تأسيس حزب التيار الاجتماعي الديمقراطي من شخصيات كانت ضمن المكتب التنفيذي للتيار الديمقراطي ، وفي 21 كانون الثاني 2018 اعلن عن مشاركة ( التحالف المدني الديمقراطي ) في انتخابات البرلمان اللاحقة ، وبذلك انتهى تحالف تقدم .
- في نيسان 2019 أُعلن عن انبثاق ( تجمع القوى المدنية الوطنية ) بدون كلمة ديمقراطية هذه المرة ، كإطار سياسي جديد ضم 12 حزباً وحركة ، ولم يكن حزب التيار الاجتماعي الديمقراطي من ضمن التجمع الجديد ، ومن غير الواضح اين سيكون موقع هذا التجمع في الانتخابات القادمة ، لتناقل أسماء الأحزاب مشاركة أو مغادرة ، في تسمية هذا التجمع أو غيره .
- الجديد الآن ، هو اجتماع نفس الوجوه ( تقريبا ) للحديث عن اعادة تنشيط التيار الديمقراطي ، وضمّ هذه المرة حزب التيار الديمقراطي الإجتماعي .
- أهم ما نصت عليه وثيقة اعادة تنشيط التيار الديمقراطي الصادرة عن الاجتماع هو الإعتراف " بتواضع دور التيار الديمقراطي في الحياة السياسية اليوم " واضافة الى الاسباب الموضوعية لهذا الضعف فقد أشرت الوثيقة الى " أسباب تتحمل مسؤوليتها القوى والشخصيات الديمقراطية ذاتها ، منها ضعف الالتزام بسياسات التيار ومواقفه، وبعض  الظواهر السلبية مثل حب التزعم، والتنافس غير المبرر، والتحسس، والتشنج ، ونزعة استبعاد الآخر وتهميشه " .
وفي مكان آخر بالغت الوثيقة بالقول " نؤكد النجاح في استمرار عمل هذا الكيان التنظيمي، وتواصل نشاطه عبر فروعه وتنسيقاته داخل العراق وخارجه على مدى الأعوام الماضية " فمنذ انتخابات 2018 لم يكن هناك أي نشاط يُذكر على صعيد تنسيقيات المحافظات ، وفي الخارج كان هناك تراجع واضح في مستوى العمل ومستوى المشاركة في فعاليات هنا وهناك .
ليس هناك  أي آلية تضمن عدم تكرار الاسباب الذاتية التي جرى ذكرها في الوثيقة ، لأنهم نفس الوجوه الذين مارسوها ، عادوا الآن يريدون التنشيط .
- في مشروع النظام الداخلي الذي سيقدم الى المؤتمر القادم ، اختلفت صيغة تعريف التيار بين " اطار عمل " في المادة الاولى ، و " تحالف " في المادة الثالثة و " تشكيل " في مادة التاسعة ، والمعاني التي تترتب على هذه التعريفات مختلفة .
- في الفقرة ج من مهام المؤتمر ، لم يحدد مشروع النظام الداخلي آلية اختيار الشخصيات الديمقراطية وعددهم أو نسبتهم سواء في المكتب التنفيذي أو اللجنة العليا وتنسيقيات المحافظات . تسمية التيار الديمقراطي يجب ان تنعكس على الديمقراطية الداخلية ، وهنا من الضروري وضع خطوات عملية لإختيار هذه الشخصيات كأفراد للعمل سوياً مع أحزاب ، وان لاتخضع الى اعتبارات شخصية أو غيرها .
- في المادة الخامسة حول اللجنة العليا ، لم يكن هناك وضوح كافٍ في دور اللجنة العليا عند اجتماعها وكتب انها " تناقش تقارير" ، اليس لها دور رقابي على عمل المكتب التنفيذي لتقويم عمله بين مؤتمرين  أو صلاحية اصدار قرارات ؟
- ماذا يعني بالقول في ج من مهام المكتب التنفيذي " متابعة تنسيقيات المحافظات والخارج" ؟ ماهي اشكال المتابعة " وماذا لو اختلفت الآراء في شكل إدارة قضية ما ؟ لانه في مكان آخر يعطي الحق للتنسيقيات الحرية في عملها وإصدار نظامها الداخلي وانشطتها .
- في المادة ثامنا حول تنسيقيات الخارج يعطيها "الاستقلالية" ويربطها بعدم التقاطع مع المركز ، وهذا تناقض .
- في نفس المادة يقول حول تنسيقيات الخارج "عليها ان تقدم الدعم لكل الفعاليات والنشاطات والمواقف التي يتخذها المركز في الداخل" هذا الزام غير ديمقراطي أولاً ، واعتبار تنسيقيات الخارج كمصدر مالي ثانياً .
- في مادة المالية كان هناك نص فضفاض خال من آلية العمل المالي ، منه " يتطلب المشاركة المالية في دعم نشاطاته وحراكه المجتمعي والثقافي " . بالإجمال ، يبدو ان الغرض من مشروع النظام الداخلي هو لمجرد تمريره في المؤتمر الثالث القادم والذي يبدو ان بعض الأحزاب تستعجل عقده .
- لقد فشلت الأحزاب " المدنية ، الوطنية ، الديمقراطية " ومن معها من شخصيات من ان تكون وسط انتفاضة تشرين ، مع الاحترام الكبير لكل الجهود التي ساهمت بهذا القدر أو ذاك ، وكان رد فعل المنتفضين ضد الأحزاب السياسية التي شاركت في الحكومات المتعاقبة واضحاً رافضين مشاركتهم ، وهذا الفشل إنسحب على عدم خلق نواتات لتجمعات مدنية ديمقراطية بين الشباب ، وما تحقق حتى الآن من انبثاق حركة امتداد وحزب البيت الوطني لم ترسخ نفسها قانونيا بعد ، ولم تقرر بعد هل ستشارك في الإنتخابات القادمة أم لا .
- ان الامتيازات الكبيرة وفرص الفساد الكبيرة تفتح الشهية للترشح لعضوية البرلمان ، وعدم وجود قانون يشترط عدد محدد من المؤيدين لأي حزب ، يسمح لكل من لديه اجور التسجيل ان يتقدم ليكون في قائمة المرشحين ، وفي الانتخابات الأخيرة تَرَشح حوال 7 آلاف لشغل 329 مقعد ، وكلهم كانوا يريدون الفوز ، ومن لم يفز قال ان هناك تزوير .
- سواء كان هذا التحرك الجديد من قبل اللجنة العليا ، والمؤتمر المؤمل عقده  مستقبلاً ، سيؤدي الى اعلان ائتلاف انتخابي باسم جديد أو العودة الى اسم ( التحالف المدني الديمقراطي ) ، وبغض النظر عن اسماء المرشحين ، فان فرص نجاح القوى المدنية ضعيف في ظل القانون الإنتخابي الحالي ، الذي قسّمَ المحافظات الى دوائر متعددة ،  ولم تكن حظوظ القوى المدنية كبيرة في القوانين السابقة المعدلة عن قانون سانت ليغو ، والتعديل الحالي هو الأسوأ ، ومن المؤسف ان حركة جماهيرية ضد القانون لم تتحقق ، ولم تبادر لها الأحزاب المدنية الديمقراطية ، وتم خداع المنتفضين والأحزاب والمواطنين ان الدوائر المتعددة مطلب منتفضي تشرين ، ولم يكن هذا صحيحاً .
- هذا الثمن الغالي الذي قدمته إنتفاضة تشرين ، لن يحقق التغيير المطلوب في الانتخابات القادمة ، وسيحتاج التيار الديمقراطي الى ايجاد وجوه وأساليب عمل جديدة بين فئة الشباب وبالأخص المنتفضين منهم ، لخلق حركة ديمقراطية جديدة فاعلة ومؤثرة ، وهذا طريق طويل ويحتاج الى مبادرات جرئية من قبل العاملين في التيار ، وفي مقدمتهم من يقود التيار الآن .


حكمة اقبال
9 نيسان 2021