المحرر موضوع: ايام ساخنة، ورياح السموم في العراق  (زيارة 478 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31440
    • مشاهدة الملف الشخصي
ايام ساخنة، ورياح السموم في العراق
حلف الميليشيات الإيرانية في العراق يتعمد التصعيد الإعلامي والسياسي ضد الكاظمي. اظهاره كنكرة او دمية ليس أكثر من تعبير عن الهلع وفقدان البوصلة السياسية.
MEO

مشهد غير مريح في إيران
المعادلة التي كانت تقوم على اساس توافقات مباشرة أو غير مباشرة بين النفوذين الأميركي والإيراني في العراق، قد ولت على الأقل في الوقت الحاضر وعلى المدى المنظور. ولا يعود الفضل في ذلك الى استرداد النفوذ الأميركي المبادرة في العراق وفي المنطقة بالرغم من أن عملية اغتيال قاسم سليماني من قبل القوات الاميركية لعبت دورا لا يستهان به في المشهد السياسي الجديد، بل يعود ذلك الى عوامل اخرى وأولها انتفاضة أكتوبر التي قزمت الإسلام السياسي الشيعي اجتماعيا وسياسيا، وثانيا استغلال الانظمة القومية العربية الافاق التي انتهت اليها الانتفاضة واعتلاء تيار الكاظمي على اكتافها للوصول الى سدة رئاسة الوزراء، وثالثا دخول اسرائيل كقوة اقليمية بارزة بعد اتفاقية السلام بينها وبين عدد من دول المنطقة بشكل رسمي وغير رسمي اضافة الى الحصار الاقتصادي الذي يشتد خناقه على الجمهورية الاسلامية.

الاصطفافات السياسية في العراق باتت واضحة، والاحتقان السياسي يشتد كل يوم، وبات كل طرف يضع يده على الزناد. تيار الكاظمي الذي يرفع لواء العروبة اليوم يظهر تحديه للجمهورية الاسلامية وأدواتها في العراق، ولأول مرة يصعد الكاظمي من لهجته ضد ايران ويطالب بإخراسها للميليشيات التي تسمي نفسها محور المقاومة وهو محور المافيا واللصوص والقتلة والفاسدين بامتياز. إن تحدي الكاظمي لملالي قم وبازار طهران يقف خلفه الحلف القديم الذي ساند نظام صدام حسين في حربه مع نفس الجمهورية مدة ثمان سنوات وهو السعودية والامارات ومصر والاردن ولكن مع فارق واحد وهو وقوف اسرائيل وراء ذلك الحلف المتفوقة عسكريا، وتكنولوجيا وتجسسيا دون منازع في المنطقة.

ان المعضلة الرئيسية التي تواجه هذه المليشيات وعموم النفوذ الايراني في المنطقة ليس الوجود العسكري الأميركي، حيث باتت ادارة بايدن من تقليله. فالتهديد الحقيقي اليوم سواء كانت اميركا موجودة في المنطقة او لا، فان المعادلة السياسية الاقليمية تغيرت بشكل كلي. وها هو التواجد العسكري الايراني لا يضرب فقط في سوريا بل بات يضرب في البحر المتوسط والبحر الأحمر وبشكل علني من قبل اسرائيل. أي ان تمدد الحلف الاسرائيلي-العروبي الجديد هو الذي سيحل محل الوجود الأميركي في المنطقة. وان هذه التغييرات واحدة من العوامل التي دفعت قوى الإسلام السياسي بالموافقة على شروط إقليم كردستان في الموازنة التي تأخرت بسبب الصراع بين اربيل والاحزاب الاسلامية، فالمعادلة السياسية ليست لصالحها، وليست مستعدة اي قوى الاسلام السياسي الشيعي على فتح عدة جبهات على نفسها.

وكي نرى كل المشهد السياسي، فعلينا تسليط الضوء على زيارة اسماعيل قاآني المفاجئة الى العراق الذي حل محل سليماني لقيادة الحرس الثوري خلف الحدود، ولها دلالات سياسية واضحة، وهي أبعد من متابعة الحوار الاستراتيجي بين اميركا والعراق، وانتهت لصالح بقاء القوات الاميركية الى اجل غير مسمى. إن تلك الزيارة بقدر هي رسالة تهديدية واضحة للكاظمي وبعدم الاعتراف به وبحكومته عندما اقتصر لقائه مع قادة المليشيات، هي بنفس القدر محاولة لخلق الانسجام في صفوف تلك المليشيات المنضوية في قائمة فتح ودولة القانون واعطائها جرعة من المعنويات التي باتت شبه منهارة، وهي تعبر عنها بشكل لا ارادي وخارج عن السيطرة في فضائياتها بشكل هستيري، وفي نفس الوقت يمكن قراءة القلق الذي يقلي بظلاله بين صفوف الطبقة الحاكمة في إيران، وأراغمها على الجلوس الى طاولة المفاوضات دون شروط حول ملفها النووي بعد شهرين من المكابرة والتعنت واطلاق التصريحات البهلوانية.

التصعيد الإعلامي والسياسي من قبل مليشيات فتح-دولة القانون على الكاظمي بسبب تقاربه واتفاقاته مع المحور العروبي، واظهار الكاظمي بأنه نكرة او دمية او لا شيء كما يصوره أعلام هذه الجماعات، ليست أكثر من تعبير عن الهلع وفقدان البوصلة السياسية، وهي بالتالي دفن راسها بالوحل مثلما تدفن النعامة راسها بالتراب كي لا ترى المخاطر المحدقة بها. وعلى هذه الارضية رد الكاظمي بتحدي ولأول مرة من قبل رئيس وزراء عراقي منذ الاحتلال على ايران وزيارة قاآني وميليشياته. فالكاظمي يمثل تيارا سياسيا واجتماعيا تراجع لسنوات بسبب احتلال العراق، وبمجرد تلقى دعما اقليما ودوليا حتى طل برأسه من جديد. ان الاجزاء الخمسة لمقابلة رغد صدام حسين مع قناة العربية التي اكدت في اكثر من مقطع وحديث على المحيط العربي للعراق وعلى عروبته، وأنهم عائدون لا كبعث بل كتيار قومي للسلطة، ومساعي السعودية والامارات ومشروع المشرق الجديد بين العراق والأردن ومصر، وتسريبات اعلامية حول موافقة مرجعية النجف على التطبيع مع اسرائيل التي جاء على لسان بهاء الاعرجي نائب رئيس الوزراء السابق في لقائه مع قناة سكاي نيوز العربية، كل هذه هي رزمة متكاملة لتعويم التيار العروبي، المتمثل اليوم بالكاظمي والذي يمثل حاليا من الناحية السياسية التيار الصدري وجماعة الحلبوسي وجناح العبادي ومجموعة القوميين العروبيين الملتحفين برداء الإسلام السني في العملية السياسية.

ما نريد ان نقوله ان ايام ساخنة ورياح سموم من الممكن أن تهب على العراق، وليس امامنا الا بفصل الخنادق وصفوفنا عن هذين التيارين، على الصعيد السياسي والدعائي والاجتماعي، والحذر من الانزلاق تحت المظلة القومية والتوهم بها مثلما حدث في انتفاضة اكتوبر، فمن ينظر الى الموازنة التي قدمها الكاظمي وحكومته الى البرلمان ونال كل الفقرات المعادية للعمال والموظفين في المواد 18-20 (من عدم وجود تعيينات في جميع الوزارات وفرض الضرائب على معاشات العمال والموظفين والمتقاعدين وعدم تحويل العقود على الملاك الدائم لسرقة مستحقاتهم من الحقوق التقاعدية والخطورة والزوجية والتحصيل الدراسي) التصويت بالأغلبية المطلقة، ومن يتذكر جرائم قتل واختطاف المتظاهرين من قبل عصابات الصدر وتحت أنظار الكاظمي ومباركته بشكل غير مباشر، يستدل بكل سهولة في أي خندق يقف الكاظمي وحكومته وتياره.