المحرر موضوع: الذَكرىّ الألَيمَة للعَراَقييَن  (زيارة 447 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الذكرى الأليمة للعراقيين
ليسَ من الصدفة أبدًا أن تتزامن مناسبتان خطيرتان من عمر وطن ومن حياة شعب أن تمر هكذا مرور الكرام دون أن تثير الكثير من الأسئلة العالقة في الأذهان، تكون مشحونة بذكريات موجعة وأليمة.
تأسس حزب البعث العربي الاشتراكي في في 7 نيسان/ أبريل من عام 1947، من قبل ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار وزكي الأرسوزي، في العاصمة السورية دمشق، بعد أن تشبعوا بأفكار الثورة الفرنسية، يحملون شهادات جامعية عليا من باريس نفسها، تجمع الثلاثة معاً في مقهى يدعى الرشيد (اللونابارك) ليظهر حزب جديد تحت مسمى حزب البعث العربي، ليحتفل البعثين لاحقًا بهذا اليوم كيوم وطني في الدول التي يحكمون بها، على الأقل سوريا، والعراق حتى قبل عام 2003.
جاء الحزب ليقدم نظرية علمانية اشتراكية وفقًا لمبدأ الوحدة والحرية والاشتراكية، هذا كان شعار البعث في المكاتب والفروع والشَعب والفرقة. أعتمد الحزب على الفكر العلماني والتغير الثوري،  فأنحى مسألة العقيدة الدينية جانباً ووظف المؤتمرات القومية والقطرية لتبنى وجهة النظر هذه، وهي بالمناسبة وجهة نظر خطيرة إذا ما قيض لها أن تنجح، وكانت بمثابة إشارة مستقبلية لتغيير في عقيدة الإسلام ذاتها، وعلى هذا الآساس كانت المصادمات مع التيارات الإسلامية حاضرة في كل وقت ومكان. 
لا أحد يستطيع أن ينكر أن بدايات أستلم البعث للسلطة كان متوافق مع النظريات السياسية والاقتصادية منها، جاء قرار تأميم النفط العراقي ليتوج تلك المرحلة من عام 1972، ومجانية التعليم لجميع المراحل الدراسية، وبناء قطاع اشتراكي لا بأس به، تأسيس نقابات وإنشاء مؤسسات حكومية وقطاعات زراعية وصناعية وتجارية، كل هذا خلق جوًا مشجعًا استثماريًا لشركات أجنبية مهمة في ذلك الوقت، جاءت لتعمل وفق خطة أستراتيجية لتطوير العراق. طبعًا مع وجود سلبيات كثيرة ومتعددة في هذه المرحلة من عمر الوطن لا مجال لحصرها الأن.
ثمّة ملاحظة مهمّة لا يمكن تجاهلها تتعلق بكيفة عمل الحزب بعد أحداث الكويت، وهل أُبعد الحزب عن الساحة السياسية العراقية تمامًا، أم ضل حاضرًا ولكن بصورة مغايرة عن ما هو مرسوم له بالأساس، أمّ كل هذا كان تحصيل حاصل لا أكثر؟، الحقيقة إن هناك مشكلات في بنية التفكير الأيديولوجي الذي نهجه البعثيين نفسهم، فتحول الولاء لشخص صدام وليس للحزب وهذا تحول لا يستهان به طبعًا، فبين صيف عام 1990 وصعودًا تغير الكثير في العراق، حتى الحملة الايمانية التي حمل لواءها الرئيس الراحل كانت مجرد محاولة لإعادة الثقة بشخصه، بعد أن فقد الكثير منها.
كشفت الأزمة فيما كشفته أن حزب البعث على المحك، وأنه مقبل على انعطافات خطيرة ما لم تتدارك القيادتين القطرية والقومية ذلك، هذا ما كشفه المفكر الدكتور شبلي العيسمي لصدام حسين مباشرةٌ بداية التسعينيات، بعدها توترت العلاقة بين الشخصيتين وأُبعد العيسمي من القيادة وسِحبت صلاحياته وتم الاستخفاف بالرجل وتَوَارَى خَلْفَ مؤلفاته الأدبية والحزبية.
مشكلة صدام العويصة أنه ضل أسير  الفكر العشائري والبداوة، لم يستطع الخروج من هذه المنطقة وهذه البوتقة مطلقًا، الأخوة الغير الأشقاء، وأبناء العمومة الجهلة. لعلّ من المفيد التذكير في هذا المجال أزمة حسين كامل والتي كانت بمثابة بداية النهاية لحكم العائلة.
في النهاية حصل ما حصل لينهار البلد كاملًا من أعلى بشكلٍ دراماتيكي محزن في 9 نيسان أبريل من عام 2003 أي بعد 56 سنة من ميلاد البعث.
ما نشهده حاليا في العراق بمثابة تتويج لسلسلة من السياسات الخاطئة عمرها 18 سنة لم تقدم فيها النخبة الحاكم بعد الاحتلال الأمريكي أي شيء ذو قيمة. فساد مستشري في جميع المجالات والدوائر والمؤسسات، ميلشيات مسلحة حدث ولا حرج، المدّ الإيرانية متغلغل في جميع مفاصل الدولة إذا كان هناك دولة بالأساس، حدود مفتوحة لتركيا وغير تركيا، سيادة مفقودة، شعب مُشتت ومهجر في جميع الأصقاع، هل هناك أكثر من ذلك؟.
ستكون هناك حاجة أكثر من أيّ وقت مضى في إعادة النظر الى ما يحصل للبلد وين تذهب مقدراته وثرواته الهائلة، وأن تستنفر الجهود الوطنية الحقيقية لبناء اقتصاد قوي وكسب ثقة الشركات العالمية لتهيئة بنية تحتية متطورة وخلق بيئة استثمارية جيدة وفرص عمل حقيقية على غرار دول الخليج، وألا لن يكون هناك بلد أسمه عراق أبداً بعد اليوم.