دعوة: الى أصحاب الغِبطة في المجمعين المقدسين لكنسية المشرق الآشورية والكنيسة الشرقية القديمة
سامي هاويل
14- 4 -2021 لست ضليعا بما فيه الكفاية في أمور اللاهوت وتفسير الكتاب المقدس ونبوءاته ولكنني، أعتقد أن الرب يوحي لكم ويدعوكم، فهل ستستجيبون لدعوته؟. حضراتكم لا تفوتون فرصة إلا وأنتم تستشهدون بأقواله، وتدرون النصح على أبناء رعياتكم للتحلي بالصدق، والأيمان، والسير في رِكاب الأباء المؤمنين، ونبذ الضغينة، والتحلي بالحكمة، والمغفرة، والتواضع، والتسامح، كلها ميزات بناءة لا أعتراض لنا عليها، بل نحن نؤيدها بقوة، كونها لا تلعب دوراً ريادياً في ترسيخ الأيمان المسيحي فحسب، بل تعمل هذه الخِصال الثمينة على بناء شخصية الإنسان ليكون سويّاً وفعالا بشكل أيجابي داخل المجتمعات، كما إنها تتلاقى مع ثقافات المجتمعات الراقية المواكبة لمسيرة التطور اليوم، وعبر الزمن القادم. أنتم مشكورون على هذه النصح والحكم ولكن!، المؤمنين وإن لم يَبُح الكثيرين منهم علناً، ولكنهم في أعماق ذواتهم ينتظرون منكم لتكونوا القدوة في التطبيق.
منذ أكثر من ألف وخمسمائة سنة وكنيسة المشرق في أنقسام، وتشتت، وتشرذم، وضياع ولازالت، طوال هذه القرون لم يشهد التاريخ حالة وحدة والتئام واحدة بين أجزاء هذه الكنيسة، وفي كل أنشقاق تفتحت وتتفتح جروح جديدة عميقة في جسد الأمة الآشورية المنهكة، وتنزف بشدة كنيسة المسيح، ولكن هذا الشعب المضحي والشجاع رغم كل المحن والكوارث التي ألمت بوجوده وكينونته طوال القرون الماضية، ظل صادقاً في أيمانه ومخلصاً لقياداته الروحية، ومطيعاً لها، رغم الهفوات والكبوات الكثيرة التي وقعت فيها هذه القيادات وأنعكاساتها المأساوية عليه، تُرى ألا يستحق اليوم هذا الشعب المنكوب، وفي هذه الظروف القاهرة من تاريخه أن تُدخلوا الفرحة في قلوب أبناءه وترسموا الأبتسامة على وجوههم المتعبة وتزرعوا الأمل في نفوسهم من جديد؟، بأعتقادي أنه واجب مقدس يقع على عاتقكم وهو من أولى أولوياتكم.
نعم! الرب الذي تستشهدون بأقواله يوحي لكم اليوم ويمنحكم الفرصة، ويدعوكم للوحدة، ويضعكم أمام أختبار لتثبتوا قدراتكم وصدق نواياكم وجدارتكم في قيادة كنيسته، أيام قلائل وسينعقد المجمع المقدس لكنيسة المشرق الآشورية، على إثر أستقالة قداسة البطريرك مار كوركيس صليوا بسبب ظروفه الصحية التي حالت دون أن يكمل مسيرته الروحية، وفي ذات الوقت تطرق مسامعنا هذه الأثناء أخبار محزنة عن تدهور صحة قداسة البطريرك مار أدي الثاني، (منحهم الله كليهما الصحة وطول العمر) ، وبهذا فقد أصبح منصب البطريرك في كلتا الكنيستين فعلياً شاغراً.
في العقود الماضية سنحت الفرص عندما غاب أحد بطاركة الكنيستين، وما أن حدث ذلك حتى لجىء المخلصون على الفور إليكم يدعونكم للوحدة معلقين عليكم الآمال، وكلما أنعقد مجمعكم المقدس حبس الشعب أنفاسه منتظراً بشغف القرارات التي ستصدر عنه، ولكن! في كل مرة خاب ضنه، وتبددت أحلامه، وذهبت آماله أدراج الرياح.
تُرى ما هي المعوقات اليوم التي تحول دون أن ينعقد مجمع موحد لكلتا الكنيستين، يختاروا فيه بطريركاً جديداً يوحد الشقين؟ لا يوجد لاهوتياً وعقائدياً وتاريخياً ورعوياً وحتى عرقياً سبب واحد مقنع يجعلكم لا تُقدِمون على هذه الخطوة، إن كان هناك خلافات جانبية أخرى بين الأكليروس فهذا يحدث بين المطارنة والكهنة في كل من الكنيستين، حتى كادت تنشق كنائس جديدة من كلتيهما، أي ليس هناك من جديد سيطرأ عليكم، فبإمكانكم مواجهة وحلحلة الخلافات ومعالجتها وأنتم متوحدين في كنيسة واحدة، ووحدتكم حتما ستمنحكم المزيد من القوة والعزم والدعم.
أعزائنا أصحاب الغبطة الأجلاء:
ليس أمراً صعباً مناله، ولا يحتاج الى الكثير من الجهد، فقط يحتاح الى "المحبة" هذه الصخرة القوية التي بنى عليها المسيح كل ركائز الأيمان وأنتم الأدرى.
جربوا الوحدة! ألا تتوقون للتنعم بها؟ تذوقوا طعم الأنتصار وتأكدوا إنكم لن تخسروا شيء، ألن تشعروا بالفخر والغبطة وتعم الفرحة بينكم وأنتم تحققون رغبة السيد المسيح؟ ألن يزيد إقدامكم على هذا العمل من أحترامكم أمام أبناء الكنيستين، وأمام العالم أجمع؟ ألن تجعلكم هذه الخطوة خير قدوة للجميع؟ ترى ما هو أعظم من هذا لتحققوه وتدخلوا به التاريخ؟ ما الذي يمنعكم؟ إنها فرصة، وفرصة ثمينة جداً لم تحضى بها القيادات الروحية على مر الزمن، ربما لن تصادفكم مرة أخرى. أما إذا لم تكترثوا لها فثقوا أن مقامكم سيقل أمام أتباعكم وتهتز ثقتهم بكم حتى لو لم يبوحوا لكم بذلك علناً، وهكذا سوف تتأزم الأمور رويداً رويداً، وتضعف الكنيسة وتتشتت الرعية، بالنهاية عليكم أنتم وبحكم موقعكم تقع المسؤولية المباشرة.
تأكدوا إنها ستكون خطوة تتباركون بها، لأنكم ستكونوا أول من عقد مجمع مقدس يحقق الوحدة بدلا من الفرقة طوال قرون عديدة مضت، وبالتأكيد سوف تُشجع هذه التجربة لخُطى تالية جريئة صوب تحقيق الوحدة الشاملة مع باقي فروع كنيسة المشرق ( الكنيسة الكلدانية والكنيسة السريانية)، ليلتئم بعد زمن طويل جسد هذه الكنيسة العريقة وتعود الى سابق عهدها.