المحرر موضوع: الشيخ باهي دديزا ( القسم الاول )  (زيارة 573 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نمرود قاشا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 407
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشيخ باهي دديزا ( القسم الاول ) 
كتابة : نمرود قاشا
من خلال إستعراضي لتاريخ بلدتي العزيزة "بغديدا" قديماً وحديثاً لم أقرأ أو أسمع أن لقب "شيخ" أُطلق على أحد أبناء هذه البلدة. كثيرة هي الألقاب التي حصل عليها عن جدارة أبناؤها الذين قدّموا خدمات جليلة ينحني التاريخ لها دماً أو مالاً أو فكراً أو تضحية الجميع يستحقوا أن تكتب سير حياتهم بطريقة تُليق بهم وأن تكون هذه السير مناراً للأجيال وعبرةً لهم، فمن خلال هذا المقال أوجه ندائي لمن يمسكوا بالقلم بأن يحركوه وفق ما تنضح به أفكارهم خدمة لتاريخهم الشخصي أولاً وبلدتهم ثانياً وأجيالها ثالثاً وأخيراً...
أعود الى موضوع الألقاب فأقول، كثيرة هي التسميات التي أطلقت على أُناس إستحقوها عن جدارة فقالوا (الخواجا، البيك، الباشا، الأفندي)[1]، أَغا[2]، ولكن لقب "شيخ" لم يستحقه وحسب معلوماتي البسيطة إلاّ هذا الإنسان المبارك (باهي دديزا )
عشيرة دديزا، إحدى العشائر العريقة في بغديدا والتي نزحت قديماً من قريتي (أرموطه وكويسنجق المسيحيتين)[3]. ساهمت ولازالت في خدمة هذه المدينة وأعطت في سبيل ديمومتها دماً وعرقاً أَو مالاً أن تطلب الأمر ذلك، أنجبت الكثير من الأعلام في المجالين الكنسي والثقافي، فلا بد أن نذكر بكل تقدير وإعتزاز الأبوين يوسف ومنصور دديزا وبحو، ججي، أكو، حبيب، يلدا، دانيال، فيدو، مجيد، وماروثا، توما، حنا وآخرون لازالوا يُكملون الدرب الذي خطه أجدادهم.
* الشيخ الذي ظلمه التاريخ
قليلة هي المصادر التي وثّقتْ تاريخ هذه البلدة في العصر الحديث فهي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة في كتب صدرت لتحكي قصة هذه البلدة أرضاً وإنساناً.
قد تكون أغلب الوثائق قد فقدت نتيجة للصراعات والنكبات التي كانت بغديدا مسرحاً لها، إضافة الى أن الكتابة كانت مقتصرة على أُناس معدودين وكانت الكنائس هي الأماكن التي تحفظ فيها هذه الوثائق، ولكن!! ما حال هذه الوثائق إذا تعرضت الى تدمير وحرق لأُناس كانوا أقرب الى الوحوش عندما دمّروا كل شيء وحاولوا أن يقضوا على كل حركة حتى ولو كانت تصدر من بهائم فكيف حال الإنسان إذن.. هذا بالنسبة للفترة التي سبقت الحربين العالميتين (1914، 1945). التاريخ الحديث لم يكتب عن تاريخ هذه البلدة ما يوازي تاريخها العريق والعتيق والسحيق...
وعليه تصفحت ما كتب في تاريخ أبناء بغديدا فلم أستطع أن أشفي غليلي، ولكن لا بد من الإستعانة بما كتب لما تمثله هذه الحالة من توثيق.
* ماذا كتبوا عنه؟
1 . المؤرخ عبد المسيح بهنام المدرّس (القس موسى) في كتابه قره قوش في كفة التاريخ الصادر في 1962 كتب معلومات بسيطة عن بعض العاملين للمصلحة العامة في بغديدا إذ يقول :
الشيخ باهي دديزا، إشتهر بكرمه الحاتمي حتى طارت شهرته الى المدن والقُرى المجاورة وبين القبائل الرحالة، حيث كان يضيف مَنْ يقصده منهم ويكرمه بكلّ ما يطلبه من طعام ولباس ونقود حتى ولو كان هو أحوج من السائل الى ذلك الشيء، كما وأنه ذلك الشخص الغيور الذي عاضد وحرض على تشييد كنيسة الطاهرة الجديدة وبذل لها مالاً طائلاً من حسابه الخاص. وكان يجمع أكثر من خمسين شاباً في الليالي المقمرة ويقودهم الى العمل في حفر أُسس هذه الكنيسة وإعداد ما يلزم لإقامتها دون ملل أو ذكر أو ضجر ويسهر معهم ليالٍ بأكملها .
هذا كُل ما ذكره الكاتب عن الشخصية، مدار بحثنا، الشيخ باهي دديزا عبارات جميلة، مقتضية ولكنها لا تشفي الغليل، ولم ترد إشارة أُخرى الى هذا الإنسان في هذا المؤلف . .
2 . الأب د. سهيل قاشا في كتابه "ذكرى ووفاء" الصادر في بيروت 2007 وفي هذا الكتاب والذي هو عبارة عن سيرة ذاتية لجده (متي بهنام قاشا) وفي الصفحة (98) يتحدث عن علاقة جده بالشيخ باهي دديزا إذ ورد في الكتاب النص التالي :
إشترك مع الشيخ باهي دديزا وشخص من سكان قرية كهريز المدعو (ملا محمد) في بستان زرعوه في قرية (حميرة) وبتوالي الزمن فسخوا الشركة، علماً أنه هو بالذات لم يستفد من البستان أي شيء فآنسحب بكل هدوء عن هذا الأمر، وبالتالي ملا محمد إغتصب البستان وتملّكه لنفسه
هذه هي المعلومة الوحيدة التي يذكرها الأب قاشا عن موضوع بحثنا
3 . قصائد سريانية شعبية" هذا عنوان لكتاب أعدّهُ وحققه الأب لويس قصاب وصدر عن دار مار بولس/ 2005 هذا الكتاب تضمّن مجموعة قصائد شعبية باللغة العربية والسورث قالها الشاعر بحو دديزا في عدة لقاءات معه أجراها المؤلف في تموز 1950 وقد كتب مقدمة هذا الكتاب سيادة المطران مار باسيليوس جرجس القس موسى
وقد جاء في المقدمة: بحو دديزا سليل أُسرة كانت الثقافة والمكانة الإجتماعية والريادة يُشار لها بالبنان في مجتمع ريفي طبع على الطيبة والتديّن والأصالة، فهو شقيق القس منصور دديزا الذي يلهج الخديدون حتى اليوم بصوته الرخيم ودماثته وتعلقه بالعذراء مريم" ويضيف سيادة المطران في مقدمته عندما يأتي الحديث عن الشيخ باهي دديزا بالقول:
الشيخ باهي، الذي لمع إسمهُ بالكرم والشهامة بين عشائر العرب والحضر في النصف الأول من القرن الماضي.
هذا كُل ما كتب عن هذا الخديدي الأصيل الذي طارت شهرته الى أغلب مناطق العراق، فلا تستغرب إذا سألك شخص ما من الرمادي أو تكريت أو حتى من وسط وجنوب العراق من أية منطقة أنت وقلت له: من قره قوش (بغديدي)، ليقول لك إذن أنت من بلدة الشيخ باهي دديزا نعم، هكذا إنتشرت شهرته وذاع صيته ليتجاوز مساحة هذه المدينة الصغيرة في وقت كانت فيه وسائل الإتصال والتنقل محدودة جداً وذلك في النصف الأول من القرن الماضي.
لقد كان البيت الذي نشأ فيه يضم مدرسة من الأعلام فعمه (القس يوسف دديزا) رئيساً لكهنة قره قوش وشقيقه القس منصور دديزا رئيساً لدير مار بهنام وأول مدير لمدرسة قره قوش الإبتدائية الرسمي وشقيقه الآخر (بحو دديزا) "يمد يده الى تراب الحقول الخديدية وبيادرها ليستل منها حزماً من الأشعار والقوافي في جرأة الرؤاة الملهمين وعفوية القرويين"[4]. أما شقيقه الثالث "أَكو دديزا" فكان مختار بغديدا مولع بالكتب والأسفار. هذه هي (دوحة) هذا الشيخ الفاضل .
--
أتمنى أن أوفق في القسم الثاني من سيرة هذا الرجل- المعلم كي أنقُلَ بعضاً ممّا قيل فيه لأُناس كانوا قريبين منه أو نُقِلَ لهم بعضاً من سيرته
1، 2، 3، 4 كلمات تركية تعني: الأخ، السيد، المعلم، المحترم.1
 - 5 أغا: كلمة فارسية تعني السيد.2
 6، 7: 3 . ارموطه وكويسنجق: ارموطه قرية تابعة الى قضاء كويسنجق ولا تبعد عنها إلاّ قليلاً، وكويسنجق تبعد عن أربيل 70كم
قصائد سريانية شعبية/ الأب لويس قصّاب 2005.4