المحرر موضوع: عندما يكون الفساد حاكماً !  (زيارة 356 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عندما يكون الفساد حاكماً !
                                     
د. مهند البراك
 ahmedlada@gmx.net
   
يحار المراقبون و السياسيون و المتخصصون و تحار اوسع الاوساط الشعبية من كل المكوّنات التي تزداد حياتها بؤساً و شقاءً . . بما يجري في العراق منذ سقوط الدكتاتورية الاجرامية على يد احتلال عسكري خارجي وضع البلاد بيد الولايات المتحدة و ايران الاسلامية و فتح حدودها امام القوى الخارجية سواء كانت دولية ام اقليمية، حتى صارت ليست اكثر من ورقة للضغط و التهديد، بعيداً عن حساب مصير شعبها. 
و يرى محللون ان ذلك ظهر واضحاً من تحوّل حكم المحاصصة الطائفية و العرقية الى حكم الفساد العابر للطائفية و العرقية و القائم على المصالح الانانية لعدد من البيوت الاوليغارشية الحاكمة بغض النظر عن الطائفة و العرق، مستغلة اجواء تزايد المطالبات بالغاء حكم المحاصصة و اعتماد المواطنة اساساً للحكم، و النتيجة صار حكم الفساد الذي اشاعته و تشيعه دوائر ايرانية خاصة في محاولة للتوسع الاقليمي و كسر الحصار الدولي المفروض عليها بسبب وجهتها النووية المغامرة بمصير شعبها . .
و تشيعه دوائر اقليمية لتسجيل السبق في جعل البلاد سوقاً لبضائعها الكاسدة و المتخلفة ضماناً للارباح الاعلى المُنتظَرة، اضافة الى ماتشيعه دوائر عالمية في خططها لتغيير وسائل الميزان الاقتصادي العالمي لتحقيق اعلى الارباح و كسر المنافسين . . كما تناولت كلّ ماسبق وسائل اعلام و صحف و معاهد عالمية و محللون دوليون و برلمانيون و مسؤولون سابقون و لاحقون، اعتماداً على العديد من المؤشرات الاقتصادية و العسكرية و البشرية و اعتماداً على الدمار الذي اصاب البلاد و شعبها بكل مكوّناته.
و تسعى تلك الدوائر الى اشاعة و استمرار عدم الاستقرار و اللاقانون و اللادولة و الارهاب . . لخلق المناخ و الظروف الضامنة لها لتحقيق اعلى الارباح و للحفاظ على الحكم بيدها هي، من خلف استمرار مؤسسات حكومية و دستورية التي رغم الصراعات داخلها الاّ انها في الحساب الاخير لا سلطة حقيقية لها الاّ على من لاسند حاكم له في الغالب الاعم، ساعية الى دوام تلك المؤسسات لتبرير وجودها و نشاطها، اذا أُخذ بنظر الاعتبار ان الكتل الحاكمة الاكبر وجوداً و تأثيراً فيها هي من لها اذرع مسلحة نُحِت لها وجود قانوني ضمن النظام القانوني الحاكم الذي يعاني من كثير من الثغرات خاصة في التطبيق العملي.
و فيما يحذّر الكثير من المتابعين من ان استمرار الحكم على اساس الفساد الخفي الذي لن يؤديّ الاّ الى صراعات اطراف الفساد بينها تحت رايات الدين و الطائفة و العرق لتثبيت ارباحٍ انانية اكثر و لتمويل مشاريع ارجنتينية، بعيداً عن تحقيق ابسط نظام دولتي يمكن ان يحقق الحد الادنى من الرفاه و الحقوق و الخبز و الحرية، كما ينص عليه الدستور .
تجمع اوسع الاوساط الشعبية على ضرورة تحقيق اوسع حركة مدنية . . من قوى تشرين و النقابات و الاتحادات و المنظمات و الاحزاب الداعية الى الحكم المدني، و من اجل قيام دولة مدنية كما نشأت دولة العراق من البداية، دولة ضمّت قوميات و اديان و طوائف متنوعة عاشت و تفاعلت منذ القدم في وادي الرافدين، و عاشت بحماية انظمة و قوانين ضمنت حقوق و واجبات الجميع على قدم المساواة في العصور المتنوعة، التي شهدت و تشهد لها آثار الحضارات المتتالية التي نسجت و اصّلت الفسيفساء العراقية المتلازمة قلباً و قالباُ على اساس الأخوّة في السراء و الضراء . .       
    و اليوم و رغم الحياة المرّة التي تزداد صعوبة في البلاد بفعل حكم الإسلام السياسي الذي اساء للاسلام الحق و للإرث الفاعل لأئمته و لإجتهاداتهم و اعمالهم و نضالاتهم الخالدة في انصاف الفقير و المعدم و في الحكم العادل و تطبيق شرائعه لتحقيق المساواة !
   و كما حقق النشاط الدؤوب للتيار المدني، بكل قواه و شخصياته و منظماته و انشطته و فعالياته و على مختلف اتجاهاته، حين حقق نصراً على طريق الدولة المدنية، عند نجاحه في ايقاف محاولة اسلمة الدولة العراقية، النابعة من إصرار القوى الطائفية على تشريع قانون شبه مستنسخ عن  قانون مؤسسة تشخيص مصلحة النظام المعمول به في الجمهورية الاسلامية الإيرانية.
في وقت عبّرت فيه اوساط واسعة عن ادراكها بأن هذا النصر، لم يتحقق بسهوله، خاصة وان موازين القوى في مجلس النواب ليست لصالح القوى المدنية، بفعل دور القوى المرتبطة بالدول الإقليمية، سواء تلك المنطلقة من مصالح حزبوية ضيقة، او التي تستمد توجيهاتها من خارج الحدود.
الاّ انها اثبتت ان الروح العراقية المدنية الحية لا يمكن اقتلاعها كما تصوّر البعض.

16 /4 / 2021 ، مهند البراك