المحرر موضوع: الحمقى و المغفلين ....  (زيارة 668 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Naseer Boya

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 320
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحمقى و المغفلين ....
« في: 21:00 19/04/2021 »
الحمقى و المغفلين..

يقال أن هناك نوعين من القيم : النوع الأول قيم يدعو لها البعض ولا يمارسها .. النوع الثاني قيم يمارسها البعض ولا يتبجح بها ممارسوها.

هناك أسس عدة في تصنيف القيم إلى أنواع أو مجالات، من حيث الزاوية التي نظر إليها من بحثوا في القيم، وعلى أساسها وضعوا تصنيفاً خاصًا بها استنادًا إلى معيار معين
وهذه امور فلسفية لا ندخل كثيرا في أعماقها لكن أردت أن تكون فقط مدخلا لموضوعنا.

قبل عدة أيام قمت بتحميل كتاب عبرالانترنت عنوانه أخبار الحمقى والمغفلين للفيلسوف العربي إبن الجوزي وعجبني جزأ منه من حيث المحتوى والجوهروليس كله فهو يفسر ويعالج موضوع الحمقى والمغفلين بأسلوب فني وجميل وقسمه الى أربعة وعشرين بابا وفسر الحماقة وشرح معناها ، وذكر أسماء الحمقى وبين صفاتهم ، وحذر من صداقتهم ، وأشار إلى من ضرب المثل في حمقه وتغفيله ، وذكر جماعة من العقلاء صدرت عنهم أفعال الحمقى فاصروا عليها مستصوبين لها فصاروا بذلك الإصرار حمقى ومغفلين . ثم انتقل ابن الجوزي ليحدثنا عن المغفلين من القراء والمصفحين و مستصوبين لها فصاروا بذلك الإصرار حمقى ومغفلين ...

هذ الكتاب جعلني أكتب عن الحمقى و المغفلين الذين تكاثروا في هذا الكوكب كالبكتيريا في زمن تجتاح العلوم و التكنولوجيا و العولمة كافة نواحي الحياة .

سأبدأ بموضوع اللقاح ضد كورونا اللعين و سأنتهي بشرح الفرق بين الحمقى والمغفلين وبين الاغبياء وأمثلة عليها.

نظريات المؤامرة المحيطة بفيروس «كورونا» لم تتوقف منذ ظهوره وحتى اللحظة، ولا أحسب أنها ستتوقف حتى لو اكتشف علاج لـ«كوفيد 19» والعلاج يختلف عن اللقاح وهو أفضل منه كثيرا لانه في كل الأحوال العلاج يمنع موت المريض وهذا شيء مهم. ففي الوقت الذي يصارع عدد كبير من الدول حول العالم لاحتواء تزايد الإصابات وسط مخاوف من موجات جديدة أشد فتكا ومن سلالات جديدة، خرجت و تخرج مظاهرات في عدة عواصم غربية تصدرها أصحاب نظرية المؤامرة لمناهضة الإجراءت الحكومية مثل لبس الكمامات، واختبارات الفحص، وقيود الإغلاق و«التباعد الآمن» باعتبارها كلها خدعة لتمرير مخططات، ومؤامرة تديرها أقلية متنفذة وقوى خفية يصفونها بـ«حكومة العالم السرية» الساعية للسيطرة على البشرية.وهنا يمكن تطبيق مقولة ابن الجوزي حول هؤلاء الحمقى والمغفلين الذين يصدقون تفاهات أصحاب نظرية المؤامرة لسبب بسيط هل ان آلاف بل الملايين من الاطباء والباحثين والعلماء الذين يعملون ليل نهار وبجهود جبارة لكي يجدوا لنا لقاحا يقي بني البشر من هذا المرض اللعين هم مشتركين في المؤامرة المزعومة ؟؟

لا يوجد شيء منطقي بأن يشك الانسان في هذه الامور. ومن الغرابة اننا كنا ننتظر بفارغ الصبر متى يتم اكتشاف اللقاح ليخلص البشرية من هذا المرض الذي لا يرحم وقد أخذ منا آلاف الارواح في كل بقعة من بقاع الارض.وعندما اكتشف اللقاح و بأنواع عديدة و بدأ بالتلقيح بدأت مرة اخرى مجاميع الحمقى و المغفلين بالشك باللقاح و نشر مفاهيمهم المؤامراتية من جديد لتخويف الناس من مخاطر اللقاح.

وفي مسألة التصديق يقول إبن الجوزي ...
إذا بلغك ان غنيا إفتقر فصدق، وإذا بلغك إن فقيرا إستغنى فصدق، وإذا بلغك إن حيا مات فصدق، أما إذا بلغك إن أحمقا استفاد عقلا فلا تصدق !!!!

هذا ما أثبتته لنا الايام بان هؤلاء لا يعقلون حتى وإن  تثبت لهم الحقيقة علميا .
أما مسألة الغباء فبرأيي المتواضع تختلف عن الحماقة و الاغفال ، فالغبي له نعمة الغباء تهب له منذ الولادة فيقوم بأشياء غبية لا ارادية تدل على نسبة غبائه وهذه تختلف من شخص لآخر، فمثلا عندما تشير بأصبعك إلى القمر وتقول له ذلك القمر، ينظر الغبي إلى إصبعك وليس القمر وهذا ما حدث و يحدث دائما مع الاغبياء لأنهم ينظرون ويركزون على الجزئية الصغيرة الغير مهمة وهو الاصبع  ويتركون الجزئية الكبيرة والمهمة في الحديث الذي هو القمر.


وهناك أمثلة اخرى على الغباء مضحكة و مبكية مثلا

أرسلت إحدى النساء رسالة غبية جدا الى ابنتها تقول في نهايتها ملاحظة أنا آسفة يا عزيزتي أردت أن أرسل لك بعض المال في داخل الرسالة ولكني مع الأسف تذكرت ذلك بعدما أغلقت الرسالة ( هل يوجد أغبى منها ).
وتواصل في الرسالة وهل تعرفين ماذا حصل لأخوك يوم أمس فأنه قد أقفل السيارة والمفاتيح في داخلها واضطر أن يذهب الى البيت ليجلب المفتاح الاضافي و نحن ننتظره داخل السيارة.

ورب سائل يسأل وهل يوجد هكذا أغبياء ؟؟ الجواب نعم يوجد وأكثر.
هناك مقولة جميلة لأحد الفلاسفة تقول انه بعد ولادتك بعدة دقائق سيقررون اسمك و جنسيك ودينك و طائفتك و ستقضي كل عمرك تقاتل و تدافع بغباء عن أشياء لم تخترها أنت.

وفي كثير من الاحيان هناك من يقرأ أو يسمع عن أشياء يتم المبالغة فيها عن وصف حدث ما أوعن رواية غير واقعية ويقوم بتصديقها فمثلا يقال ان البامية (البانية)
كانت أشهى أكلات نبوخذنصر و آشوربانيبال وإن سرجون الاكدي قد قتل خمسين ألف فلاح في مملكته لانهم لم يقطفوا البامية في أوانها، بل قطفوها عندما كبر حجمها
وهذا ما أثر على طعمها. (  لا تستغربوا أن يصدق الاغبياء ذلك إما لغبائهم أو لشدة غبائهم أو لحبهم لهذه الشخصيات التأريخية ).

عند مجيئنا الى اوروبا في بداية التسعينيات كان الاوروبيين يقومون بتوبيخنا ولومنا، فعندما نتكلم عن جرائم صدام وكيف يقتل الناس وكانوا يقولون انتم إذا تعرفون صدام  هكذا مجرم لماذا تنتخبوه كل أربع سنوات ؟؟ وكانوا يتصورون باننا مثلهم دولة ديمقراطية تنتخب رئيسها مثلهم ( هؤلاء مغفلين وليسوا اغبياء مجرد ليس لديهم اطلاع عن نظامنا المستبد و الفاشي ) وهذه تصلح لتكون نكتة.
في الحقيقة نحن لا يهمنا كيف هو شكلك و هندامك و كم تملك وماذا تملك ولا شجرة عائلتك، بل الشيء المهم هو انسانيتك و ضميرك وعقلك الذي هو بوصلة حياتك في هذا العالم المليء بحالات من الأسى والعذاب والوحدة والوحشة والخراب والشجن والحنان ولحظات تذوب فيها المشاعر، وتكشف عن التماسك والقوة والمرح و السعادة

وهناك أخطر أنواع الغباء وهو الغباء السياسي يمكن تعريف (الغبي سياسيا ) بأنه: الشخص المغرور برأيه والرافض لقبول النصيحة، بالاضافة الى أنه غير قادرعلى تسيير أمور الناس و رعاية مصالحهم؛ لعدم إلمامه بكل شيء يجري حوله وتخويف كل من حوله و معه و ضده ، مما يترتب عليه قيامه بتصرف يتسم بالغباء، بينما يظن هو أنه الخيار الأفضل، وهذا ما حصل للغبي صدام في كل حروبه و حتى مع شعبه وأدى الى الكارثة التي نحن فيها.
كما إن الحاكم السياسي الغبي له إعلام أغبى منه يقوده الحمقى الذين يستخدمون كلمات لا يفهمون معانيها فهم يصدقون الاكاذيب و يكذبون الحقائق لكي يستمد قوته وجبروته منهم.

وأخيرا من الصعوبة بل من المستحيل أن نعرف ماذا يدور في رأس وعقل كل انسان في هذا العالم المزدحم وهنا أتذكر مقولة قرأتها قبل مدة تقول
لما أنشئت إسرائيل عرضوا رئاستها علي الفيزيائي العظيم اينشتين فاعتذر وقال‏:‏ أنا لم أفلح في فهم ما يريده انسان واحد !!
فكيف أفلح في فهم ما يريده الملايين‏.‏.؟