المحرر موضوع: خمسة قضايا استراتيجية في لقاء رئيس إقليم كردستان  (زيارة 336 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
خمسة قضايا استراتيجية  في لقاء رئيس إقليم كردستان
                                                                           
صلاح بدرالدين

  في أول ظهور اعلامي مع القنوات الفضائية العربية ، طرح رئيس الإقليم الشاب نيجيرفان بارزاني في حواره مع ثلاثة اعلاميين من قناة " الشرقية العراقية " ( ٢٣ – ٤ – ٢٠٢١ ) مجموعة من الرؤا  المتجددة حول جملة من القضايا التاريخية ، والآنية ، المتعلقة بكفاح شعب كردستان ، في مراحل متعاقبة منذ بدايات القرن الماضي ، وانتهاء بالأوضاع الراهنة بالعراق ، وآفاق مستقبل علاقات أربيل وبغداد ، والسبل الكفيلة بالحفاظ على السلام والوئام ، والشراكة بين الكرد والعرب  ، والعيش المشترك بين مختلف المكونات العراقية .
    القضية الأولى – حول النهج السياسي الذي دشنه الملا مصطفى بارزاني حول العلاقة الأخوية  الكردية العربية ، خصوصا ، والعلاقات الأخوية  الكردية مع المكونات القومية والدينية الأخرى بكردستان والعراق ،  فمن المعلوم  أن البارزاني الكبير أعلن منذ بداية اندلاع ثورة أيلول على أنهم في موقع الدفاع ، ولايواجهون العرب بثورتهم بل يحاربون الأنظمة والحكومات الاستبدادية الشوفينية ، التي لا تتمنى الخير والسلام  لا للعرب ولا للكرد ، كما كان شعار الحزب والثورة ( الديموقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان ) وأن حل القضية الكردية ستحل عبر التفاهم والحوار مع الشركاء العرب وفي اطار الدولة الواحدة ، كما انهم تعلموا من البارزاني  الجد الإخلاص للشعب والقضية ، وخدمة المجتمع  ، واحترام الآخر المختلف قوميا ودينيا وسياسيا ، وأشاد بدور والده الراحل ادريس بارزاني في تعزيز العلاقات الكردية العربية ، والحرص على تحقيق اتفاقية آذار للحكم الذاتي لعام ١٩٧٠ .
 القضية الثانية –  أكد رئيس الإقليم ل أنهم تعلموا من البارزاني الكبير  حقيقة استحالة  القضاء على الحركة الكردية بقوة السلاح ، كما لايمكن حل القضية الكردية عبر الحروب والمواجهات التناحرية ، بل من خلال الحوار ، والتوافق ، ولايمكن حل مشاكل العراق بنظرة من هو القوي ومن هو الضعيف ، ومن هو الأكثر عددا ومن هو الأقل عددا ، بل  عبر طاولة المفاوضات ، فالكرد والعرب بالعراق يكملون بعضهم البعض ، من خلال الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة والقرار ، ومن ثم تعزيز واحترام مفهوم المواطنة والإخلاص للوطن .
 القضية الثالثة – أنهم تعلموا أيضا من البارزاني الكبير ، التسامح ، والجنوح نحو السلم ، وضرب مثالا على ذلك عندما أبلغ  الملا مصطفى نجله   السيد مسعود بارزاني الامتناع عن أي عمل انتقامي بعد محاولة اغتياله في بلدة – حاجي أومران – بأواسط  سبعينات القرن الماضي  وذلك كله يؤكد كيف سقطت الأنظمة والحكومات العراقية أمام صمود  الحركة الكردية ومواقفها المبدئية الراسخة بالرغم من اختلال موازين القوى العسكرية ، وكيف بقي الإقليم متقدما على كل محافظات العراق اقتصاديا ، واستقرارا أمنيا بالرغم من كل الصعوبات والمعوقات التي خلقها الشوفينييون أعداء الكرد والعرب الذين لن يدوموا على سدة الحكم كما يثبت التاريخ .
   القضية الرابعة – اعلان الرئيس نيجيرفان بكل وضوح أن الجميع أخطأوا في الماضي في  بغداد واربيل ، وعلى الجميع الاعتراف بذلك ، وتصحيح الخطأ ، وأن الجيل الجديد يجب أن لايحمل ترسبات الماضي ، بل يبدأ بثقة وحسن نية في سبيل إعادة البناء ، وتجسير الهوة والمسافات ، والتركيز على المشتركات ، وتطوير ماتم التوافق عليه .
  القضية الخامسة – التعايش بين مختلف المكونات في كردستان خصوصا والعراق عموما ، وكيف ان تجربة الإقليم انطلاقا من المبادئ السالفة الذكر التي زرعها الاسلاف تعتبر مفخرة لشعب كردستان العراق ، أشاد بها الجميع والقريب والبعيد في مجال التعايش وقبول الآخر ، والحريات العامة ، بالإضافة الى ان الإقليم استقبل نحو مليوني لاجئ ونازح من سوريا والعراق ، وان الجميع ينعمون بالأمان ، والحياة الحرة ، كما أنه اكد على عدم قيام أي من هؤلاء باعمال عدائية ضد شعب كردستان .
   استنتاجات
  لدى التمعن في مضامين إجابات السيد رئيس الإقليم نتوصل الى الحقائق التالية :
 ١ – أنه وباعتباره الجيل الثاني الشاب في مسيرة الانتفاضة ، وإعلان الفدرالية ، واستلام السلطة الفعلية ، ونتاج عملية الانتقال من الثورة الى ( الحوكمة الدولتية ) ان جاز التعبير ، فانه بدون شك يجمع بين الثقافتين الثورية والمدنية ، وبين خطاب حركة التحرر القومي ، والخطاب الليبرالي – البراغماتي – الحداثوي ، فمن جهة يبدى الوفاء لماضي العائلة ، والحركة ، والحزب ، ( وهو ثلاثي لايمكن تجزئته ) ، ولكل الصفحات المشرقة فيه ، ومن جهة ثانية يعتبر الماضي مرحلة تاريخية سابقة انتهت ، آخذا بعين الاعتبار التطورات الهيكلية ، والاجتماعية ، والبنيوية ، وظهور مستجدات على انقاض القديم لايمكن تجاهلها وذلك ليس على صعيد إقليم كردستان فحسب بل في كل العراق ، ولذلك يدعو الى الاعتراف بالاخطاء وتصحيحها ، كما يورد مثالا حول أن مواليد قبل اثني عشر عاما لن يقبلوا باي حال الخلل الاجتماعي ، والسياسي السائد الآن .
  ٢ –  رؤية رئيس الإقليم  الواضحة والسليمة لمسألة علاقات  كرد العراق بالعرب والمكونات الأخرى ، واعتبار ان على الكرد واجبات وطنية مع الحقوق القومية ،  تنطبق على علاقات كرد الأجزاء الأخرى بالعرب ، والترك ، والإيرانيين ، أي بالشعوب التي يتقاسم معها العيش في الدول القائمة بالمنطقة ، وهو يرسم بدقة أسس وحدود التوازن بين القومي ، والوطني ، وحل القومي في اطار الوطني ، وتعزيز الوطني بالقومي .
  ٣ – نظرته الواقعية لعلاقات شعب كردستان المصيرية بالعرب والمكونات الأخرى في العراق ، والآفاق المستقبلية لخيار العيش المشترك ، من بناء ، واعمار ، وتقدم ، تعتبر الخيار الاستراتيجي لشعب الإقليم ، وأولوية التفاعل مع الداخل الوطني ، ( قبل سقوط الدكتاتورية مع المعارضة العراقية وبعد سقوطها مع القوى المؤمنة بالعيش المشترك والديموقراطية وحقوق الكرد ) وعلى الحركة الكردية في كل مكان والسورية منها على وجه الخصوص ، الاستفادة من تجربة الاشقاء بالاقليم بهذا المجال وكتجربة متقدمة واعدة في مختلف المجالات .
   إقليم كردستان العراق وطوال مسيرته المتنوعة ، وبمختلف مراحل كفاح شعبه الثورية بكل اطيافه القومية والدينية والثقافية ، وتقديماته المدنية ، والديموقراطية ، زاخر بالدروس والعبر ، فنحن الذين تابعنا تلك المسيرة منذ اكثر من ستة عقود ، كنا شهودا على بدايات بحث قادة الإقليم عن تعريف شعبهم بين الأمم ، والانتقال من الثورة الى السلطة الفدرالية ، وانتهاء بالتحولات المأمولة في عهد الجيل الثاني نحو الحداثة والمدنية ، والإصلاح ، ومكافحة الفساد ، والتقدم الاجتماعي ، فهل سيحقق المرتجى ؟ .