المحرر موضوع: الدكتور خزعل الماجدي يتحدث لـ(الزمان)عن كتابه حول الحضارة الاشورية نعيش اليوم صحوة مهمة من جانب علماء الآشوريات ، في إنصاف الحضارة الآشورية  (زيارة 1340 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الدكتور خزعل الماجدي يتحدث لـ(الزمان)عن كتابه حول الحضارة الاشورية
نعيش اليوم صحوة مهمة من جانب علماء الآشوريات ، في إنصاف الحضارة الآشورية
حاوره /سامر الياس سعيد
الدكتور خزعل الماجدي غني عن التعريف  فسيرته الشخصية حافلة باصداره للكثير من المؤلفات التي  عادة ما واكبت تاريخ الحضارات واتسمت ابحاثه ودراساته في هذا المحور بالدقة كونه لايوفر لاشاردة ولا واردة في سبيل تحقيق المعلومات والوثائق التي توكد تاريخية المحطات التي عاشتها تلك الحضارات  وهو اليوم يضطلع بمنجز علمي مهم حينما  يعمل على ابراز حضارات العالم وجمعها ضمن سلسلة من المراجع اعلمية  في عمل لم يسبقه اليه احد  ويطل الماجدي عبر السوشيال ميديا  ليتحدث عن اصداراته التي يجمعها بسلسلة الحضارات  ليتناول في جانب منها كتابه الذي صدر مؤخرا عن الحضارة الاشورية ويصف بالكتاب الاستثنائي  وقبل ان نلج بما تناوله الماجدي  عن هذا الكتاب لابد لنا ان  نقرا في سيرته الادبيه  هذه المحطات :
الدكتور خزعل الماجدي أكاديمي و باحث في علوم وتاريخ الأديان والحضارات والأساطير، كاتب مسرحي وشاعر  . حاصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ القديم  من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا عام 1996 . عمل في الاذاعة والتلفزيون والمجلات والصحف العراقية واتحاد الادباء والكتاب ودائرة السينما والمسرح بين الاعوام "1973-1998" ثم عمل استاذا جامعياً في جامعة درنة في ليبيا "1998-2003" وفي هولندا  حاضر في جامعة لايدن وعمل في عدد من الجامعات المفتوحة في أوربا ، يقيم حالياً في هولندا . أصدر 88 كتاباً . وترجمت له 7 كتب باللغات الإنكليزية والفرنسية والرومانية والفارسية والكردية .
في حقل تاريخ الحضارات و الاديان والمثولوجيا صدر له "53 كتابا" ،  منها ( علم الأديان ، حضارات ما قبل التاريخ ، الحضارة السومرية ، الحضارة المصرية ،الحضارة الهندية ، متون سومر ، المعتقدات الكنعانية ، تأريخ القدس القديم ، المعتقدات الآمورية ، المعتقدات الآرامية ،الدين المصري ،  آلهة شام ، المندالا المثولوجية ، مثولوجيا الخلود ، بخور الآلهة ، إنجيل سومر ، إنجيل بابل ..وغيرها) .
في حقل الشعر صدر له" 26 مجموعة شعرية " منشورة  في 7 مجلدات ، منها  ( يقظة دلمون ، أناشيد اسرافيل ، خزائيل ، أحزان السنة العراقية ،  ورد لوجهكِ كي يبوح ، تقلّب الجمر وتتهيّج ، حية ودرج ، عكازة رامبو ، 2000 قصيرة .. وغيرها ) وله كتاب نظري شامل عن الشعر بعنوان (العقل الشعريّ) .
في حقل المسرح صدر له 9 كتبٍ  منها "35  مسرحية منشورة في مجلدين" نشرا في المؤسسة العربية للدراسات والنشر في  بيروت في (2010 و2012 ) وعرض منها في مسارح الوطن العربي والعالم 22 مسرحية منها ( عزلة في الكرستال ، هاملت بلا هاملت ، سيدرا ، حفلة الماس ، موسيقى صفراء .. وغيرها ) ، وله كتب في المسرح منها (المسرح المفتوح ، مسرح الصورة وغيرها ).
له دراسات وبحوث في الحقول الفكرية والإبداعية المذكورة أعلاه والمنشورة في مجلاّت علمية محكّمة وعامة ، شارك بها في مؤتمرات عربية ودولية ، و حصل على شهادات تدريبية وتكريمية في حقول التاريخ والحضارة والثقافة والاعلام والفنون. له أكثر من ستين محاضرة فكرية وثقافية في أوربا وكندا ومشيغان  والعالم العربي في السنوات العشر الأخيرة ، بعضها مسجّل ومتاح في قناته الخاصة في اليوتيوب .
عضو اتحاد الادباء والكتاب في العراق واتحاد الكتاب العرب واتحاد المسرحيين العراقيين ونقابة الصحفيين العراقيين واتحاد المؤرخين العرب وعضو أكاديمية شرق غرب الرومانية ، وكان يشغل مديراً للمركز العراقي لحوار الحضارات والاديان في بغداد ما بين 2004-2006.
*كتبك في الحضارات بلغ عددها 14 كتاباً ، وهي تضم سلسلة تاريخ الحضارات التي صدر منها 8 كتب لحد الآن ، عن الحضارات التي شهدها العالم ، لكنك تصف كتاب الحضارة الاشورية بانه كتاب استثنائي ، ما هو الدافع الذي قادك لتمييز هذا الكتاب عن اقرانه من كتب الحضارات الاخرى ؟
-لأن كتاب الحضارة الآشورية جديد بكل ما تعنيه الكلمة، لم يسبقني له أحد ، لا من المؤلفين العراقيين ولا العرب ولا الأجانب ، فهو كتاب شامل جامع عنها ، وهو مؤلف وفق منهج بحثٍ علمي دقيق ويعتمد على آخر الكشوف الآثارية في مجال تراث الآشورين في مختلف الأمور .
الحضارة الآشورية واحدة من أعظم حضارات التاريخ القديم ، ونكاد نقول أنها الأعظم حين يكون الحديث عن حضارة إمبراطورية . لكنها ، تحت تضخيم حجة توسعها الشاسع وقسوتها المفرطة ، نالتها سهام النقد ومعاول التهديم فشوّهوها ، ثم نالها الإهمال والتهميش ، بعد أن قضت عليها تحالفات مريبة ، وجاء ذلك الإهمال والنسيان ، في الماضي والحاضر ،  مقصوداً  وحاولوا غمط منجزاتها وعظمتها التي كانت أعلى من الجميع ذات يوم .
يرى الكتاب أن هذه الحضارة تعرضت لمؤامرة إقليمية بشعة قامت بإسقاطها ، ثم دفنها وقتل شعبها أو تهجيره وأسره وتشريده وطمر مدنه تحت التراب ، ونهب منجزاته الحضارية وإحالتها للدول والشعوب المتآمرة عليها آنذاك . وقد استثمرت هذه المؤامرة البروباغاندا السلبية الشائعة ضد جبروت وطغيان الإمبراطورية الآشورية من أجل التستّر على جريمة الإبادة والنهب التي مارستها هي ضدها  .
*تتوقف عند مفردة الاكثر قسوة حينما تصف عهد الامبراطورية السرجونية ، هل مقومات القوة لدى الامبراطورية هي الدافع لترسيخ الحضارات  دون التقيد بحضارة محددة ؟
- المفرطة تدمر الحضارة ولا ترسّخها ، لابد من جيشٍ قويّ واستعداد عسكري للحروب وصدّ الأعداء ، وهذه واحدة من أكبر أخطاء الآشوريين حين تمادوا في استخدام قوتهم العسكرية ضد شعوب الشرق الأدنى بما لا يليق بهم كحملة حضارة عظيمة ، وهذا ما سبّب سقوطها إضافة لعوامل المناخ والفساد الذي دبّ في بلاطها بعد وفاة آشوربانيبال .
*هل تعتقد ان علم الاشوريات تمكّن من ترسيخ موقعه بين العلوم الاخرى ، هل استطاع الاكاديميين المتخصصين بالتاريخ وبهذا العلم تحديدا من إيفاء حق الاشوريات ،تذكر ايضا  جهود متساوية بين المتخصصين الغربيين والعراقيين فإيهما يحسب له الجهد الاكبر في هذا العلم باعتقادك ؟
-علم الآشوريات ( آشوريولوجي ) لا يختصّ بالتراث الآشوري فقط ، بل هو علم لكل تراث وادي الرافدين وما حوله ، بل أنه كان يشمل التراث السومري ، الذي انفصل لاحقاً بعلم السومريات ( سومريولوجي) بسبب اختلاف لغته عن بقية لغات الحضارات الرافدينية الأخرى ، وهكذا ترى أنه يدرس التراث الآشوري والبابلي والأكدي والآرامي . وهو اليوم علمٌ مرموق وقد حقّق له حضوراً كبيراً في علوم الآثار والحضارات القديمة .
هناك اليوم صحوة مهمة ، بين علماء الآشوريات ، في إنصاف الحضارة الآشورية ومنجزاتها بعد أن كانت مهملة تحت دعاية متطرفة حول قسوتها وميلها العسكري والحربي ، وهو ما فعله كتابي ، فقد وضعت كلّ شيء في مكانه ، وحين ناقشت علاقتها بالشعوب ناقشت موضوع توسعها واضطهادها للشعوب التي احتلتها وكشفت قسوتها وعنفها بوضوح .
لم أساوي بين جهود علماء الآشوريين الغربيين وزملائهم العراقيين ، فجهود الغربيين أسبق وأعمق ولهم يرجع الفضل في تأسيس الأسس التي قامت عليه حفريات وبحوث التراث الآشوري في بداياته وحاضره الآن ، وهم الذين أنجزوا لنا القاموس الآشوري العملاق ، لكن الباحثين الآشوريين في العراق قاموا بجهد كبير منذ نصف قرن في بحوثهم ورسائلهم للماجستير وأطاريح الدكتوراه ، وخصوصاً في جامعة الموصل ، وقدموا الكثير في هذا الجانب ، وقد أفادتني بحوثهم فضلاً عن بحوث وجهود علماء الآشوريين الغربيين .
*هناك 124 ملكا استطاعوا ترسيخ اسس الحضارة الاشورية ، وذكرت لكل منهم منجزا محددا  في سياق كتابك ، هل لكل ملك من هولاء الملوك نفوذ  اكبر مما يحقق تباينا بين عهد وعهد اخر  لكلٍ من هولاء الملوك ؟
-هذا أمر طبيعيّ ، بل أن هناك ملوكاً لانعرف شيئاً عن عصرهم ، وخصوصاً الملوك القدماء ، ولايمكن أن نساوي بين ملك حكم نصف قرن وملك حكم ثلاثة شهور ، ثم أن هناك ملوكاً نهضوا بآشور وبعضهم أسس امبراطورياتها ، وبعضهم جعلها تتفوق على شعوب المنطقة ، في حين كان البعض الآخر مجرد ملوك عاديين ، وبعضهم أساء لتراثها وأضعفها ، وخصوصاً أخر أربعة ملوك في تاريخها وهم من الأسرة السرجونية أيضاً ، وهكذا ترى أن التفاوت موجود بوضوح .
دعنا من الملوك ، فالمنجزات أو العناصرالحضارية هي الأهم ، وقد وضحتها في كتابي كما يلي :
الفصل التمهيدي : عن آشور وعلم الآشوريولوجي ، فهو أقرب الى التعريف بآشور المدينة والدولة والإمبراطورية والحضارة ، والفرق بين هذه التسميات  ،  وقد تناولنا مصادر ومراجع دراسة الحضارة الآشورية وتأريخها ، وخصوصاً الآثار الآشورية والنصوص المسمارية ، ثم أصل الآشوريين وجذور الشعوب التي شكّلت الأمة الآشورية ، وتناولنا علم الأشوريات (آشوريولوجي ) وعلماء الآشوريات ونبذة عن جهودهم وسيرة البارزين فيهم في العالم وفي العراق .
الفصل الأول : تناول أول عنصر من عناصر الحضارة الآشورية  وهي جغرافيا آشور القديمة ووصف مدنها الكبرى  من جميع النواحي وتتبع الجهود الآثارية في كشفها ،  ثم تناولنا المناخ والسكان وإثنياتهم ، وقد حاولنا جعل هذا الفصل هاديا للقاريء لكي يتلمس أرض ومدن وأنهار وبلاد آشور وخرائطها .
الفصل الثاني :  قدّم موجزاً عن  التاريخ الآشوري منذ عصور ما قبل التاريخ حيث رصدنا فيها مناطق وثقافات وسكان بلاد آشور ، ثم بحثنا في العصور التاريخية  والتي شملت:  المبكر ، العتيق ، القديم ، الوسيط ، الحديث . ووضعنا الجداول بكل الأسر والملوك الآشوريين وأهم الأحداث التي حصلت في زمن حكمهم . 
الفصل الثالث  : كان مخصصاً للمظهر السياسي حيث ناقشنا نظام الحكم  وطبقات الهرم السياسي وجميع مكوناته ، ثم ناقشنا أنظمة الحكم الآشورية من دولة المدينة إلى الدولة الموحّدة إلى الإمبراطورية . والسياسيات والعلاقات الخارجية من مواثيق ومعاهدات ودبلوماسيين ، وناقشنا نظامي المعلومات والإتصالات وتوقفنا طويلاً عند النظام الآشوري المبتكر في طريق البريد الرسمي الملكي ، والذي يعدّ اختراعاً آشوريا ظل صداه يتردد بعده حتى وقت قريب في زمننا هذا.
الفصل  الرابع  : كان من حصة النظام القانوني في بلاد آشور وقمنا بترجمة اللوح الأول الكبير من القوانين الآشورية ، وتحدثنا عن وضع المرأة قانونياً وظواهر قانونية كالشهادة والقذف والعنف وأحكام الموت والدين السياسي ، ثم توقفنا عند النظام الإداري الآشوري وبعض تفاصيله .
الفصل الخامس  : كرسناه للمظهر العسكري المتميز للدولة والإمبراطورية الآشورية ، هذا الجيش الذي ظهر كأقوى جيوش العالم القديم والذي كانت تخافه الدول والشعوب كلها وتتحطم على دروعه التحالفات المضادة كلّها ، تحرينا عن مراتب الجيش الآشوري وأصنافه وأسلحته ، وعقيدة العسكرتاريا الآشورية ، والحروب المباشرة والنفسية له .
الفصل السادس  : يناقش الحياة المدنية والمجتمع المدني وتكوينه ومظاهره وأسباب تدهوره ، ومثلما توقفنا عند نظام الحرب في الفصل السابق ناقشنا نظام السلام  ومظاهره في التربية والتعليم والتكوين العرقي وأثره في هذا النظام .
الفصل  السابع  : المظهر الاقتصادي وصفاته العامة وهرم التكوين الاقتصادي ، وناقشنا مظاهر الاقتصاد في الزراعة وتربية الحيوانات والري والصناعات والمهن والحرف والتجارة ، ثم توقفنا عند الظواهر الاقتصادية المهمة كالمقايضة والعملة والأسعار والأجور والقروض والضرائب .
الفصل الثامن  : يبحث في الجوانب اللغوية والأدبية والفكرية للآشوريين ، حيث ناقشنا اللغة الآشورية , والكتابة المسمارية  ، ثم الأدب الآشوري  الملحمي والقصصي والغنائي والأدب الأخلاقي في الأمثال والوصايا والرسائل ، وتوقفنا عند المكونات التي تؤلف النظرة الفلسفية للآشوريين .
الفصل  التاسع : المظهر الاجتماعي وميزات المجتمع الآشوري وتكوينه النفسي الجماعي وطبقاته وجدلها ، ثم تناولنا مجموعة من المظاهر الاجتماعية كالبيت والزواج والمرأة والطفل واللهو والألعاب الرياضية ، والخمور والحب والجنس والمطبخ والحدائق ، والحياة اليومية للآشوريين .
الفصل العاشر  :  ناقش المظهر السايكولوجي للفرد والمجتمع وعلاقته بالمناخ والجغرافيا عموماً بها وبالنزعة العسكرية  ، والآثار السايكولوجية لسياسة التهجير وإعادة التوطين .
الفصل الحادي عشر  : التكنولوجيا والمادة والطاقة والعمل ، ومدى استثمار الآشوريين لمواردهم المادية في بلادهم والتقنيات التي عالجت هذه الموارد وطوّعتها لهم في مختلف الجوانب  ، وتناولنا طاقات الطبيعة والإنسان ، والصادرات  والواردات الآشورية التي تعكس وفرة وجدب موادهم وتقنياتهم .
الفصل الثاني عشر  : المظهر الديني  الذي يشكّل الأساس في طاقتهم الروحية ، حيث ناقشنا الدين الآشوري في مكوناته الرئيسية  ، من المعتقدات والأساطير والرموز  ، ووضعنا شجرة للآلهة الآشورية وتراتب أجيالها ، وركزنا على الكائنات الإلهية مثل الملائكة ( الأبكالو والجن ) والشياطين والتي تحتل أهمية استثنائية في صراع علمي النور والظلام ، ثم ناقشنا الطقوس والآخرويات.  وتناولنا المكونات الثانوية للدين الآشوري حيثما توفرت ، وتوقفنا بالتفصيل عند الباطنيات الآشورية .
الفصل الثالث عشر  : علوم الآشوريين كالرياضيات والمترولوجي والهندسة المعمارية وعلم الفلك والطب والكيمياء ، ثم العلوم الإنسانية الآشورية كالتاريخ والجغرافيا والتخطيط الحضري والتربية والتعليم والمكتبات .
الفصل الرابع عشر: فنون الآشوريين ، وكل جوانب الفنون التشكيلية  كالعمارة والنحت والرسم والفنون الصغرى ، وتناولنا فنون الزخرفة وتصاميم الديكورات ، وفن الثياب والأزياء والمكياج والحليّ ، وفنون الرقص والموسيقى والدراما الدينية .
الفصل  الخامس عشر : ناقشنا الأخلاق الآشورية ودورها في توازن واختلال الحضارة الآشورية ، وتأثر الأخلاق بالعوامل البيئية والاجتماعية والدينية .
الفصل  الأخير الختامي   : قمنا فيه بمعايرة وتقييم الحضارة الآشورية على ضوء ما قدمناه من عناصرها في الفصول السابقة ، فوضعنا تفصيلاً لكيفية قيام هذه الحضارة عبر نمو عناصرها ، ثم ناقشنا سقوطها وأسباب هذا السقوط عبر الخلل الذي أصاب مكوناتها واختلال الأخلاق في هذه المظاهر،  وأخيراً تحرينا عن المنجزات المتفردة وغير المسبوقة للحضارة الآشورية والتي بقيت كعلامات فارقة لها .
وبذلك نكون قد غطينا جميع الجوانب الحضارية ومظاهرها وحركتها ونموها وتدهورها .
*تخصص الفصل الخامس من الكتاب نحو  الجانب العسكري للحضارة الاشورية وتذكر بان هذا الجانب طغى على كل مجالات الحياة الاخرى ، هل باعتقادك ان التاريخ يميل للغزوات اكثر من ميله بمتابعة وتوثيق  الجوانب الفكرية والعلمية او حتى الانجازات الاقتصادية التي جرت في زمن الحضارة المذكورة ؟
-لا.. من قال هذا ؟ لكن الحالة الآشورية واضحة في تضخيم متدرجٍ ثم مبالغ فيه للجانب العسكري ، وهو ما سبب لها السقوط ، لأن اقتصاد آشور تحول الى اقتصاد حربٍ وغزو واعتمد على ما يحصل عليه من الشعوب والمدن المحتلة ، بعد ان كان اقتصاداً زراعياً من الطراز الأول ، ثم تجاريا وحرفياً ، الحروب المتواصلة تهلك الحضارة ولا فائدة منها ، وقد أثقلت العسكرتاريا حضارة آشور ودفعتها الى الهاوية .
*دراستك وابحاثك تخصصت بالجانب العلمي ، لكنك ، مع ذلك ، التفتّ الى تفرد يختص بالحضارة الاشورية من خلال ابراز نواميسها الدينية  اعتقادا بالشياطين والملائكة  فهل اقتبست الرسالات السماوية مثل تلك الاعتقادات لغرض ابرازها في رسالتها السماوية لاحقا ؟
-الدين عنصر من عناصر الحضارة ، والمهم دراسته بطريقة علميةٍ أيضاً . لقد درج الباحثون في الحياة الآشورية على المرور سريعاً على الدين الآشوري باعتباره نسخة مشابهة للدين البابلي، ورغم التقارب في كلّ مكونات الدينين البابلي والآشوري لكن هناك صفات خاصة امتاز بها الدين الآشوري عن الدين البابلي على مدى تاريخه الممتد من حوالي 2600 ق.م وحتى سقوط الدولة الآشورية في حدود 609 ق.م. بل سيبدو الأمر للمتمعن الفاحص الدقيق أن هناك ديناً قائماً بذاته تطورت فيه الكثير من النُّظم والرؤى والأفكار بطريقة مميزة، وأصبح مكوّن المعتقدات الدينية خاصاً بآشور، وساهم مع بقية المكونات الأخرى بإضافات نوعية مهّدت لبعض لأديان أو التي تلامست أو حلّت في وادي الرافدين، فقد ساهم الدين الآشوري بالتمهيد للديانة الزرادشتية، وساهم في تطوير الديانتين العبرية واليهودية.
تنطوي عناصر ومكونات الحضارة الآشورية على كنوزٍ جديدةٍ صنعتها دولٌ وإمبراطوريات آشورية متتابعة ، وكان نظامها السياسي محكماً ومتفرداً حيث هيمن الملك على المؤسستين الدينية والدنيوية ولم يعد تابعاً للمعبد ، وكان لدينها خصوصية نادرة في ابتكاره وترسيخه للملائكة الأبكالو وشمولية إلهه آشور بحكم الكون كلّه ، واقتراب هذا الدين وإلهه من توفير المادة الأساسية للزرادشتية ومساهمته في صناعتها .
كانت مكانة الإله آشور أكثر من كونها (تفريدية ) وأقل من كونها ( توحيدية) ، لقد كانت ( شمولية ) وأعني بذلك أن الديانة الآشورية سعت لأن يكون الإله آشور بمثابة إلهٍ لكل العالم وبدأت بجعله إلها لكل الشعوب التي أصبحت تحت هيمنها ، لكنها لم تجعلهم يتخلّون عن ديانتهم ، بل طلبت منهم أن يعتبروا آشور هو إله العالم والكون . وكان هذا نوعاً من النزوع للتوحيد ، لكنه لم يكن يخلو من نزعة استعمارية حربية وبذلك يكون قد فقد صفاءه الروحي المطلوب .
*تذكر في سياق تعريفك بكتاب الحضارة الاشورية اقتباسك لمصادر في انجازه من خلال رسائل الماجستير  والدكتوراه التي ناقشتها اروقة جامعاتنا في الموصل وبغداد وغيرها من المدن اضافة لجامعات العالم ،برايك هل  الجهد العلمي الاكاديمي  استطاع ايفاء حق هذه الحضارة من خلال المراجع العلمية التي ذكرتها ؟
-نعم ، لقد غطى جوانب كثيرة ، لكنه مازال بحاجة لقفزة نوعية تهتم بما لم يكن معروفاً عن الحضارة الآشورية ، وكتابي مليء بالإشارة لهذه الجوانب ، هناك أسئلة كبرى وأساسية يجب أن تجيب عنها البحوث القادمة ، الباحثون بحاجة إلى تغيير زاوية نظرهم لكل حضارات وادي الرافدين وجعلها تنطق بالكثير الذي تخبؤه .
*في الفصل الاخير من الكتاب والذي خصصته للمعايرة والتقييم ، ذكرت  ما تفردت به الحضارة الاشورية واسهم بصعودها الى جانب ما شهدته  في السقوط ، هل تابعت من خلال مصادرك العلمية  حضارات اخرى  شهدت صعودا ثم تضعضعت اركانها لتهوي فيما بعد ؟
-طبعاً بالتأكيد ، هذا منهجي وأنا أطبقه على كل الحضارات التي كتبت وسأكتب عنها ، لقد ابتكرته بعد عقودٍ طويلةٍ من الدراسة والبحث والتقصّي ، والحقيقة  هي أن هذا المنهج ليس فقط في فصل المعايرة بل في كل الفصول ال17 للكتاب ولأي كتاب عن الحضارة ، هناك سياق واحد في صرامة البحث وهناك نتائج مختلفة لكل حضارة حسب ظرفها وعمرها وطبيعة تكوينها .
*من خلال الاكنشافات التي شهدتها  محافظة نينوى  في ابراز جانب من الحضارة الاشورية ، هل تعتقد ان هنالك  فواصل اخرى مخفية  لم يتمكن الاثاريين من التنقيب عنها واكتشافها ؟
-كثيرة جداً ، أولاً هناك عشرات الآلاف من الرقم المكتوبة غير المقروءة ، وغير المنشورة ، وهناك الكثير من كنوزها مازالت مدفونة تحت الأرض ، بلدنا كنز من كنوز الحضارات البشرية ، لكن أنظمتنا السياسية تافهة وسطحية وغبية ولا تقدّر أي حضارة في هذا البلد ، حتى الحضارة الإسلامية لم تأخذ نصيبها النوعي من البحث ، وكثيرون يرددون مثل الببغاوات عنها أموراً عامة ، لكن الحقيقة أبعد وأعظم لحضارة كانت عاصمتها بغداد لأكثر من أربعة قرون!!
*تذكر بانك تشعر  بغاية السرور لانجاز كتاب الحضارة الاشورية ،عموما ما هو الكتاب الذي اخذ منك وقتا طويلا في سبيل انجازه وتعتبره الابرز في سلسلة الكتب التي اصدرتها ؟
-لاشك أن كتبي في الحضارات والأديان والأساطير ، كلّها ، أخذت وقتا طويلاً في البحث والتقصي ، لأنها تبدأ من جمع المراجع والمصادر وقراءتها والبحث عن كل شاردة وواردة فيها ، والإطلاع على ماكتب عنها وعلى البحوث الأجنبية ، ثم تأتي كتابتها الأولية ثم الكتابة المفصّلة والمعمّقة ، لقد أفنيت كل حياتي في هذا الموضوع ، ومازال الطريق طويلاً .
أنا الآن في مرحلة الكتابة الأولية للحضارة اليمنية ، وأظنها هي الأصعب بسبب تشتت وتضارب ما كُتب فيها ، وبسبب جهل مكنتها وتسطيح الكتابة عنها في الزمن الحاضر وخلط الحديث عنها وعن آثارها بالكتابات الإسلامية الوسيطة ، كلّ هذا جعلها مشوشة ، وسأحتاج وقتاً طويلاً لفرزعناصرها الحضارية بطريقة علمية

أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية