المحرر موضوع: سلوك أقل ما يقال عنه مقرف/إسلوب تبليغ غبطة البطريرك مثالاً  (زيارة 2246 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1900
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سلوك أقل ما يقال عنه مقرف/إسلوب تبليغ غبطة البطريرك مثالاً
د. صباح قيّا
تعود بي الذكريات إلى ثمانينات القرن الماضي وأنا أتابع السطور الصادرة من أحد مراكز الشرطة في العاصمة بغداد تستدعي فيها غبطة البطريرك لويس ساكو الكلي الطوبى للحضور بغية التحقيق معه فيما نًسب إلى غبطته من اتهام أطلقت عليه تلك السطور بجريمة الإحتيال. تعود بي الذكرى إلى عام 1988 حيث دخل عليّ في عيادتي الخاصة في بغداد بعد أن انتهيت من معاينة المرضى جميعاً شخص بلباس مدني عرّف نفسه مفوضاً في أحد مراكز الشرطة القريبة من عيادتي. أخبرني أن هنالك شكاية قدمها أحد المواطنين ضدي وتتطلب حضوري للتحقيق حول شكوى ذلك المواطن. ثم أضاف أن المركز علم بأنني طبيب عسكري برتبة عميد ( والتي كانت رتبتي العسكرية ذلك التاريخ)  لذلك قرر المسؤولون هناك إرسال ممثلٍ لتبليغي شخصياً وذلك لقناعتهم بأنه من العيب أن يحضر ضابط بهذه الرتبة إلى مركز الشرطة للتحقيق معه أمام كل من هب ودب. وأضاف أنه حضر إلى عيادتي بلباس مدني كي لا يثير الشكوك والتساؤولات وخاصة أنه مفوض معروف في المنطقة. سلمني بعض الأوراق التي تحوي عدد من الاسئلة القضائية وطلب مني الإجابة عليها وإعادتها إليه في اليوم التالي حيث سيحضر في عيادتي ثانية. تم إجراء اللازم من قبلي ومن قبله. ثم انتهى الموضوع بعد فترة زمنية قصيرة بسحب المواطن طوعاً لشكواه ضدي بدون أن أصل أنا إلى باب مركز الشرطة إطلاقاً.
هذا ما حصل ذلك الزمان والذي سردته باقتضاب. ليكن ذلك الزمان ما يكن. قد يكون سيئاً في مجالات معينة ولكن والحقيقة يجب أن تًقال بأنه أفضل وأفضل من هذا الزمان في تشعبات حياتية شتى.
ماذا يًستنبط مما حصل معي بالمقارنة مع ما جرى لغبطة البطريرك؟ ألجواب بكل بساطة أن الجهة الرسمية تجاوزت كل الإجراءات الأصولية إجتهاداً ذاتياً منها حال علمها بموقعي كي لا تلحق ما قد يكون مهيناً لشخص يخدم مهنياً برتبة متقدمة ضمن القوات المسلحة العراقية والتي قد تنعكس سلباً على سمعته الشخصية من جهة وسمعة المؤسسة التي يعمل فيها من جهة أخرى. مع العلم أنني في تلك الفترة لم أكن سوى طبيب عسكري معروف بين أقرانه ضمن الكادر الطبي والصحي وبين مرضاه ليس إلا.
يتبادر السؤال التالي: هل غبطة البطريرك شخصية خافية على أي من أطياف الشعب العراقي بكافة تفرعاته وانتماءاته؟ ألجواب بدون شك كلا.
وهل غبطته غير معروف عند أي من مؤسسات الدولة الرسمية منها وغير الرسمية؟  ألجواب أيضاً كلا.
ألسؤال الأهم: ألم يكن بإمكان المرجع القضائي أن يسلك سلوكاً يتناسب مع موقع غبطة البطريرك الروحي كبطريرك بابل على الكلدان في العالم وأيضاً ينسجم مع مكانته في الدولة العراقية باعتباره أعلى سلطة روحية لأكبر طائفة مسيحية في الوطن الجريح؟ ألجواب نعم ونعم, وخاصة أن كل شيء ممكن في بلد يتميز بكل المحرمات بدون منازع.
تساؤولات متعددة ومتشعبة وجوابها واحد يشير بوضوح بأن أقل ما يمكن قوله عن هذا السلوك أنه مقرف.
والأن بعيداً عن العواطف والتعابير الإنشائية التي لن تخدم أية قضية أود الإشارة إلى بعض ما جاء في رد وتوضيح إعلام البطريركية راجياً  إلإجابة على تساؤولاتي سواء من قبل الإعلام نفسه أو من قبل أي ضليع في الشؤون ذات العلاقة.
ورد في إعلام البطريركية بأن المشتكي أبدى رغبته باستثمار أرض تابعة للكنيسة قبل أكثر من خمس سنوات. منحته الكنيسة وكالة خاصة لمتابعة الأمر مع التسجيل العقاري, وثبت أن الارض تعود لشخص سعودي... طيب. سؤالي: أتجهل الكنيسة وقفها؟ كيف تم منح المشتكي وكالة خاصة لاستثمار أرض من غير ملكيتها؟. هذه النقطة تحتاج إلى توضيح مقنع. لا أزال أنا محتار من أمري لعدم تمكني استيعاب منح وكالة خاصة لشخص بغية استثمار أرض على أساس أنها كنسية وهي تعود لشخص آخر؟
هنالك في إعلام البطريركية اتهام لجهة سياسية معينة بالتحريض وإيصال الموضوع إلى ما وصل إليه...طيب. لماذا يتردد إعلام البطريركية من تحديد تلك الجهة السياسية؟ إن كانت مسيحية فهي أضعف من طنين الذباب, وإن كانت من الأسماك المفترسة, فكلي ثقة أن البطريركية لا تهاب لا الأسماك المفترسة ولا من يتكفل بتربيتها. إذن من الضروري تحديد الجهة السياسية المتورطة وعندها لكل حادث حديث.
جاء في إعلام البطريركية حدوث تزوير بملك للكنيسة... طيب. شكراً للقاضي الشريف, ولكن ألا تملك البطريركية إمكانية الحد من التجاوز على ملكيتها؟. إن كان ذلك يحصل للكنيسة بعظمتها, إذن ما هو حال المساكين من الرعية الذين سُلبت ممتلكاتهم جوراً وبهتانا. أرى من الأسلم أن تراجع الكنيسة ملكيتها بشمولية حيث من الممكن أن هنالك تزوير قد حصل لأملاك أخرى تفتقر إلى القاضي الشريف وعندها لن ينفع الندم.
وأخيراً لا آخراً. رجائي من إعلام البطريركية أن لا يعلن ما سيفعل, بل يفعل وليعلنها الآخرون بعد أن يفعل. ألتجارب تُعلم أن الأفعال لن تتحقق بترديد الاقوال, وإنما الأفعال من تفتح الأبواب للأقوال.
من السذاجة النظر ببساطة أو عفوية إلى الإسلوب المشين الذي سلكه مركز الشرطة تجاه غبطة البطريرك. لا بد من التعمق ودراسة الحدث من جوانب متعددة بعقلانية بعيداً عن العواطف الضبابية. مسألة تهجير المسيحيين تجري داخل الدار على قدم وساق, وربما هنالك من يشعر أنه آن أوان المسيحية لمغادرة الدار.
     
 

متصل جان يلدا خوشابا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1830
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


حضرة الدكتور صباح قيا المحترم
تحية
حقاً اقول لك هذه قضية مقرفة حقاً ولابد من الكتابة عنها ونشرها وإيصالها لجميع الجهات المختصة بشأن الدعاوى والشكاوى .
لو كان لكم شكاوى او قضية  على إنسان عادي فهنالك طرق مكتوبة ومنقوشة في كتب الشكاوى والدعاوى التابعة للقضاء العراقي
 وهنالك طرق وسبل بإيصال المعلومة أوالرسالة او التبليغ  وهم يعرفون هذا
لكن عندما تصل القضية لأحد أفراد شعبنا المسيحي  نرى  تغير الموازين وتنقلب علينا كل المفاهيم  والقيّم 

البطريرك  انسان معروف ورجل دين لكنيسة عريقة  فكان عليهم مراعاة ذلك عند التبليغ   
انا لست خبيراً بالقضاء ولكن  أفهم ما  فعل  هذا القاضي   المسيس
وما فعلوه كان شيئاً غريباً على أناس يفهمون بالقانون وطرق متابعة القضايا .
ما  هكذا تتعامل مع الناس  يا سيادة القاضي ما هكذا .
اما موضوع اعلام البطريركية  فاترك  ذلك  لغيري  .   
شكراً على المقالة والرب يرعاكم .

جاني
والبقية تأتي   

غير متصل David Barno

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 44
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العميد الطبيب الأخ صباح قيا المحترم.
في الحقيقة إن هذه الحادثة تشكل سابقة خطيرة لم يحدث مثلها من قبل في تاريخ الدولة العراقية منذ تأسيسها في عام 1921 والى الآن، ولكن ستبقى وصمة عار في جبين المحققين في سلك الشرطة العراقية،وكذلك القاضي(الحاكم)الذي قرر أصدار الأمر بإستجواب البطريرك في تهمة يعرفها مسبقآ وجيدآ بأنها ملفقة وباطلة بحق البطريرك،ولكن أصرٌ على إهانة رئيس الكنيسة وهو يتحمل المسؤولية(بغض النظر من الذي دفعه هذا الحاكم لإرتكاب مثل هذا العمل المشين)،ولكن في هذا البلد كل شئ جائز في هذا الزمان.وهنا أودٌ أن أذكر حادثة وبإختصار شديد لرجل دين مسيحي في عهد الرئيس عبد السلام عارف حدثت في عام 1963،حيث حكمت المحكمة بالإعدام شنقآ على الراهب رفائيل شوريس وهو من أهالي قرية تللسقف (رئيس دير السيدة)بسبب دعمه اللامحدود للحركة الكردية آنذاك،وعندما قدمت أوراقه أمام الرئيس عارف للموافقة على إجراء التنفيذ،علمَ الرئيس أنه رجل دين مسيحي، فقرر تخفيف العقوبة الى خمس سنوات ثم الى..،وبعد أقل من سنة أصدر الرئيس العفو عنه على شرط أن يغادر البلاد خلال عدة أشهر،وفعلآ سافر الى أميركا(ديترويت) وواصل خدمته الكهنوتية،وعندما سئل الرئيس عارف عن سبب إستثناء هذا الشخص عن الآخرين،فقال لهم،لقد قرأت تاريخ الحكومة العراقية منذ تشكيلها والى الآن،لم أجد حادثة واحدة مثلها،وأنا لا أريد أن ألوثٌ سمعتي وعائلتي، وحريص جدآ على سمعة عشيرتي(الجميلات)((عشيرة كبيرة تسكن في منطقة الفلوجة)) لأن التاريخ سيرجمني ويسئ لعائلتي وعشيرتي،وهكذا أخليَ سبيله،وأن هذه الحادثة لم أسمعها من أحدٌ، ولكن عشت تلك الأيام مع الراهب في بغداد، وكنت قريبآ جدآ من رئيس الكنيسة حينها (البطريرك) بسبب الرابطة العائلية،نتمنى على الحكومة العراقية أن لا تسمح بتكرار مثل هذه الأعمال لأن التاريخ لا يرحم.

غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1900
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

ألأخ الأستاذ جان يلدا خوشابا
أحد مبارك على الجميع
شكراً جزيلاً  على مرورك الأنيق على المقال وأعتذر عن تأخر الإجابة وأنا على يقين بمعرفتك السبب, ولو الأعذار لا تبرر الإعتذار.
للأسف الشديد أن يحصل ما حصل مع شخص بهذا الموقع الروحي في بلد يتحول فيه اليوم الأسود إلى أبيض والمجرم إلى بريء وبالعكس بجرة قلم كما يقال.
ألموقف المبدأي يتطلب إبداء الرأي الصائب ووجهة النظر السليمة تجاه ما حصل بغض النظر عن من الذي حدث معه مثل هذا القرف, فكيف إذا كان المقصود غبطة البطريرك.
حسب رأيي المتواضع فإنه رغم نقض وإلغاء الإستدعاء والتهمة  إلا أن ذلك لن يحول دون بروز انعكاسات سلبية للموضوع على المدى القريب أو البعيد. نحن " ولد الكريه" و " مفتحين باللبن" حسب الأمثلة الشائعة.
ألامل أن يستفاد غبطته وكافة الإكليروس من هذه التجربة وأن يكونوا أكثر حذراً من ناحية وأكثر ميلاً للم الشمل من ناحية أخرى.
تحياتي


غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1900
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألأخ الأستاذ David Barno
أحد مبارك على الجميع
شكراً جزيلاً على مرورك الكريم وإضافتك التي أغنت الموضوع بالفكر السائد قبل هذا الزمان تجاه الرموز الدينية. لقد تصرف الرئيس العراقي المرحوم عبد السلام عارف بحكمة بالرغم عن ما هو معروف عنه بالشطحات الكلامية ومواقفه السلبية بحق المسيحيين عموماً والأمثلة الواقعية الملموسة على ذلك متعددة ولا حاجة لذكرها على هذا المقال.
يقال للضرورة أحكام ومن حسن الراهب أن العقل والمنطق تجاوز القانون. لكن للأسف الشديد أن الممارسات الشاذة والمؤذية هي الغالبة في الوطن الجريح اليوم, وحتى إسقاط الدعوة عن غبطته لا يمثل من وجهة نظري إلا تكتيك مرحلي أملته الظروف الراهنة.
أشكرك ثانية وللعلم أنني كنت برتبة عميد وقت الحدث ولكني تركت الخدمة برتبة لواء. مجرد للحقيقة ليس إلا.
تحياتي