المحرر موضوع: المبشرون بالسلام  (زيارة 379 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المبشرون بالسلام
« في: 22:23 16/05/2021 »
المبشرون بالسلام
                     نص:  كريم إينا

أذن الليل دخول الضباب إلى النفوس الباردة، يلملم أحاسيس النهار.. تدخل الرمال الرمادية إليه بقناديل السماء البراقة، يتخذون رؤى الكواكب سبيل ترحالهم.. العشب الأخضر يتنفس من مخلّفات الحيوانات، سماوية كانت أم أرضية، تمتد الجذور إلى الأعماق.. جسد الظلالة يجلس فوق أقراط النساء، يتحّدث ولا يتحّدث، المسافات تتقطع في قلب السنين، تشم روائح الجّنيات الخفية، الذئاب تتابعها أينما نزلت، وتحاصرها ربما تنقلب إلى حصى غريبة، تجرفها الشفلات والآليات، ثم تجلب لتسقيف البيوت، المتاهات تبحث عن حجراتها، سرب من القطا يفزع، يترك بيوضه تحت عبث المارين، الأجسام قلقة تتدحرج، تفقد موازنتها، ثم تتشقق وتزول، الشيء الطويل يسير وهو يحمل آلاف النقاط والدوائر، وبقية الأشكال الهندسية ما زالت تتمرّد، إنه يسير على الماء، كاليراعات المنمنمة تنتقل قطرات الماء من الثقوب.. بشكل جسيمات مجهرية، المارة يعبرون، ولا يعيرون الإشارات الملونة أهمية، المركبات تسرع، ولا تنظر إلى الأجسام الطرية، عقارب الساعة تبحث عن مأوى تستوطن فيه، ترسم فيه قبة فلكية للأجيال، الأمواج تتلاطم مع بعضها البعض تصنع الحركة للجّنيات الهزيلة المتسّكعة في أسرار الجدران.. النساء في الأزقة، يبكين على أطفالهنَّ بسبب الجوع، مجموعة من الفتيات تبشر بواقعة الطريق، كادت أحلام الملوك.. تتذكر وتستعيد مجدها العريق، قارئوا الكف والفناجين على الأرصفة يصنعون واقعهم الزائف، رؤيا تقترب ولا تصل، الأفق يجلس على ركبتي الأرض والسماء، ملكا بابل وسومر يستفيقان، الطبول تقرع، الأميرة تنتظر حلمها الوّضاء.. النفوس الحجرية متوّقدة، تمسك ثرياتها على التلال الخضراء، تنتظر رحلة المبشّرين، حين وصولها إلى أرض السلام في العراق.