ميكـياﭬـيـلي وكـرازة المطران الموقـر في جـمعة الآلام 2 نـسان 2021
الحـلـقة الثالثة
بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ
الميكـياﭬـيـلية حـسب تعـريـف قاموس أوكـسفـورد الإنـﮔـلـيزي هي : (( تـوظيـف الإزدواجـية والمكـر ــ الخـداع ــ في الكـفاءة السياسية أو في السلـوك العام )) . وقال نـيـكـولـو مكـياﭬـيـلي : (( نـظـراً لأن الحـب والخـوف لا يمكـن أن يتـواجـدا معاً ــ وإذا كان يجـب عـلـينا أن نخـتار بـينهما ــ فـسيكـون الخـوف أكـثـر من الحـب ... إنه أكـثر أماناً !! )) ..... وبهـذا شاع المبـدأ : الغاية تـبـرّر الوسيلة .
أما بحسب قاموس " مريام ويـبستر " فإن كلمة (مكـياﭬـيلية) تـدل عـلى النظرية السياسية التي تـقـول : (( إن السياسة غـير أخلاقـية ، وأن أية وسيلة ــ مهما كانت غـيـر مرتـبطة بالأخلاق أو النزاهة ــ يمكـن تـبريرها من أجل الوصول إلى السلطة )) ..... إذن حـقاً قالـوا أن السياسة مُـفـسِـدة لكـل شيء ، وعـليه فـبحـسب القامـوس ، تكـون كل كـلمة في السياسة نابعة مِن فـكـر فاسـد .
تـواصلاً مع كـرازة المطران في الحـلـقة الأولى والثانية حـول الغاية والوسيلة ، نسأل الـمخـتـصين أكاديمياً وأصحاب المناصب أيضاً :
إذا أردتم إصلاح الكـنيسة كغاية حـسنة ــ طـوتا ــ وتـطـلــّـبَ منكم قـول الحـق كـوَسيلة لتحـقـيق تلك الغاية ... أليس هـذا النهـج ضمن المقايـيـس الميكـياﭬـيـلية (( Machiavellianism )) ، بمعـنى ألـيست الغاية تـبـرّر الوسـيلة ؟ وهـل نحـتاج شهادة أكاديمية للإجابة عـلى هـكـذا سـؤال ؟ أليس المسيح هـو الحـق ؟ أليس المسيح يوصي بإصلاح المخـطىء ، بل وتـوبـيخه أيضاً ؟ فـما هـو الضرر في قـول الحـق إذا كانـت الغاية إصلاحاً ــ طـوتا ــ ؟ . فـمثلاً الـﭘـتـرَك نـفـسه مارس هـذا الـنهج بإستخـدامه كـلمات سـوقـية غـير لائـقة إجـتماعـياً بل تحـريضية ضد رفاقه ، لا تـلـيق برجـل دين منـصبه ﭘـتـرَك !! لأجـل غاية في نـفـسه يعـتـبرها إصلاحـية ، فـلماذا لم تـنـتـقـدوه في كـرازاتكم ؟ .
فحـين تعـتـبرون تلك وسيلة مبـرّرة لغاية في نـفـس الـﭘـتـرَك وهـو حُـر ، أليس المقـياس نـفـسه لكل كاتب حُـر يكـتب مقالاً موثـقاً وسيلـته أدلة ، وغايته إصلاح الكـنيسة ؟ هـل في ذلك إشكال ؟ .
تـذكــّـروا ! في عام 2013 كان بعـض المطارنة أعـضاءً في لجـنة خاصة مارسـوا التحـقـيق ــ وسيلة قانـونية مقـبـولة ــ غايتها كـشف إنحـرافات وإصلاح الكـنيسة ( طوتا ) ... ألم يكـن نهـج أعـضاء تلك اللجـنة ميكـياﭬـيلـياً ؟ ألم يتـشـبّـثـوا بالغاية لـتـبـريـر وسيلتهم !! فهـل نـرفـض سـلـوكهم ؟ خاصة وقـد إكـتـشـفـوا سرقات ومخالـفات قانـونية في أبرشـيـتي بصرة وبغـداد ، بمعـنى خـرجـوا بنـتيجة مثمرة ! فإن كان تـطهـيـر الكـنيسة هـدفاً شـريراً ، كـيـف قـبـِلـوا عـلى أنـفـسهم وسيلة ــ التحـقـيق ــ الشرعـية ؟ أو العـكس : كـيـف يستخـدمون وسيلة قـذرة لغاية إصلاحـية طـوتا ؟ و الـﭘـتـرَك لـويس روفائيل نـشر بـياناً بشأنها وفـضح الأول والتالي .
وهـذه أمثـلة عـلى مبـدأ (( الغاية تـبـرّر الـوسيلة )) ، إحـكـموا عـليها بأنـفـسكم :
عـنـد إطـفاء الحـرائق ، لا بـد وأن سمعـتم بـ ( طريقة الحـرق المعاكـس ) مظهـرها وسيلة تخـريـبـية لأنها إشعال الأرض عـمـداً ولكـن غايتها إصلاحـية هي خـلـق منـطقة محـروقة في طريق الـنار ، تمنع إنـتـقالها إلى أماكـن أوسع حـتى إنـطـفائها ، فالنـتـيجة إيجابـية طوتا ! أليس هـذا أسـلـوب ميكـياﭬـيـلي مقـبـول ، والغاية إيجابـية بـرّرت تلك الوسيلة التـدميرية ؟ .... وعـملاً بالمبـدأ ذاته فالمريض بمرض مُـعـدي يُـعـزل ( والعـزل هـو وسيلة حـرمان وإعـتـداء وتجاوز عـلى حـريته ) ولكـنه لغاية حـسنة طوتا هي وقاية الـبـشر من إنـتـقال العـدوى إليهم ، فـلـلـضرورة أحـكام .
وبشأن اللجـنة بالـذات ، ما رأي أعـضائها حـين قال ــ المطران وردوني للـﭘـتـرك لـويس 2013 في سدني ــ عـبارته الشهـيـرة : لـيش مـنـو منـكـم ما كِـن باق ؟ = مَن منكم لم يسرق ؟ إنه إستخـدم وسيلة نـقـد تـشهـيرية تـوبـيخـية ولكـنها رائعة للوصول إلى هـدف إصلاحي ... فـهـل نعـتـبر نهـجه عـدوانياً منـبـوذاً ؟ ... خاصة أن الـﭘَـتـرك لم يـردّ عـليه بكـلمة ! وأعـضاء اللجـنة في صمت ! فـما رأي سيادة المطران إيميل ؟ ... (( أشـبّـه الحادثة بمقابلة النائـب مشعان الجـبـوري في إحـدى الـفـضائيات ! وهـو يعـتـرف بمخالـفـته القانـونية وإستلامه رشاوي عـلـناً ولا يستـطيع الحاكم إتهامه ومحاكـمته )) .
إن السادة المطارنة يَـقـبَـلـون الـتـوقـيع عـلى الـقـرارات المزاجـية بتـصويت فارغ المعـنى دون إعـتراضات فـضاعـت الوسيلة والغاية ؟ سألـتُ أحـدهم (( كـيـف تـقـبـلـون بكـل الـقـرارات الساكـوية ؟ أجاب : ما فائـدة إعـتـراض صوتين مقابل 17مؤيـدين )) ! ويعـجـزون عـن الإستعانة بالـمنـطق في الـنـقاشات .
وللأمانة أقـول : أنّ مطراناً من العـراق سـبق أن قال للـﭘـتـرَك بإحـتـرام وكـياسة : (( أنت تـظهـر كـثـيراً في وسائل الإعلام ، وتـنـسى ماذا قـلـتَ الـبارحة ... وعـليه فالناس تـرصدك وتكـتـب عـنـك ! )) .... ومطران آخـر خارج العـراق ، كان أيام زمان يتحـدى ولكـنه تـراجع عـن تحـدّيه مع الأسـف .
هـمسة :
أنا شخـصياً ممكـن أناغي طفلاً وأدلـّـله وأشجعه وأقـبّـله من رأسه وأعـطي له بسكـت أو ﭼـوكـلـيـت ، وفي الـوقـت ذاته أحـتـرم الإنسان عامة والشخـص المسؤول خاصة ، بـدءاً من أبسط وظيفة إلى رئيس الـدولة ، ولكـني ــ أكـرر ولكـني ــ لا ولن أتملق لأحـد ذي منـصب أو جاه أو أية صفة يحـملها ، نعـم أحـتـرمه بدون أن أكـذب عـليه بكـلمة منـوّر ورائع ومصطلحات تملـقـية !! ... أما بعـض ضعـفاء الـنـفـوس عـشاق الصفـوف الأمامية المنافـقـين يظـنـون أنهم يعـظـّـمـونه ولكـنهم ــ كـتحـصيل حاصل ــ يُخـفِـضون قـيمته في عـيـون الـناس ، والـنـتـيجة تكـون مَـضَـرّة له إن كان يـدري أم لا يـدري .
وتـصحّ عـليهم الحـكـمة القائـلة : إذا جاءك المنافـقـون قالـوا : نـشهـد بأنـك رسـول الله والله يعـلم أنـك لـرسـوله ... (( والله يشـهـد إن المنافـقـيـن لكاذبـون )) .
قـبل صدور خـبر تعـيـيـن المطران إيميل في أبرشية أستراليا ــ من روما ــ وأنا عـلى عِـلم بـذلك ، نـشرتُ خـمس مقالات تـنـير الـدرب أمامه وتـسهّـل الأمر له . وعـنـد إلتحاقه بأبرشيته صرّح بأنه بحاجة إلى فـتـرة من الزمن تـتـيح له التعـرّف والإلمام بالوضع العام ( وهـذا منـطـق سـليم وجـيـد ) ...
ولكـني أقـول له يا صاحـبنا ويا عـزيزنا : أنـتَ قـرأتَ تلك المقالات الخـمس ( تـوضيحـية ــ رمزية ــ موجّـهة خـصيصاً إليك و وضعَـتـكَ في الصورة ) مهّـدَتْ لك الأرضية وجـعـلـتـك مُـلِـمّاً بالوضع العام وعـرّفـتـك بالأحـوال كي لا تـتـفاجأ عـنـد وصولك ؟؟؟ ألم يكـن المفـروض بك أن تسأل عـنها عـنـد قـدومك فـتخـتـصر الزمن لـتستـثـمرها لصالحـك ؟ ولكـنـك لم تـفـعـلها (( تعالـياً وتـكـبّـراً منـك )) !.
عـزيزي ، الـتعالي عـلـيمَن ، عـلـيـنا ؟ والـتـكـبّـر مِن أجـل مَن ؟ وإحـنا كـلـنا ولـْـد الـﮔــْـرَيّة ، واحـد يعـرف أخَـيّـه ؟؟ وقـد فاتـك كلام المسيح عـن نـفـسه حـين قال : (( لماذا تـدعـوني صالحاً ؟ ليس أحـد صالحاً إلاّ واحـد وهـو الله )) .
عـلى كـل حال لا يسعـنا إلاّ أن نـقـول : أنـت حـر وبارك الله بك وله في خـلـقه شـؤون . ونـقـولها بكـل صدقٍ ، نحـن تهـمنا مصلحة القائـد ( أياً كان ) ، فـحـبـذا لو يتأمل هـذه الأبـيات الشعـرية الشعـبـية عـسى أن تـثـيره أحاسيسه لفائـدته وينـتـبه لـنـفـسه :
مـو كُـلـمَـن مشى وَيّـاك صاحـب ... وَلا كُـلـمَـن دَﮔـْـلـَـك صَـدره ﮔـَـدهـه
مَرّات البشر تحـﭼـيلـَـك هْـوايْ ... وْ ذِكـْـرى مْن الصدﮒ ما تِلـﮔـه عِـدهه
تَـره لـْـبـيـهُـم وِفا كُـلـّـش قـلـيلـين ... وْعـلى ﮔــَـدّ الأصابـع صار عَـدهه
هْـوايا قـل سـعـر الـوفا ... مِن كِـثـرَت الـبـيّاعة
يُـرويك من طـرف اللسان حلاوة .... ويـروغ عـنـك كما يـروغ الـثـعـلـبُ
الحـلـقة الرابعة ... كـسر وصايا الله وغـيرها