المحرر موضوع: السلطة الكنسية وتصرفات بعض الكهنة وانتقادات المؤمنين .. بقلم / البطريرك لويس روفائيل ساكو  (زيارة 486 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نبيل جميل

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 258
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
السلطة الكنسية وتصرفات بعض الكهنة وانتقادات المؤمنين

بقلم / البطريرك لويس روفائيل ساكو

الكنيسة مؤسسة مقدسة، لكنها تقوم على أشخاص متنوعين، وليسوا قديسين، لهم قوتُهم وضعفُهم، طبعهم وطموحاتهم…
أشكر الله ان غالبيّة كهنتِنا ممتازون، وملتزمون بثباتٍ في خدمتهم الكهنوتية. وأشكرهم على عطائهم السخي، وأشجعهم على الالتزام بدعوتهم بأمانة من خلال ترسيخ علاقة حميمية مع المسيح الذي دعاهم، ومع الكنيسة التي ارسلتهم، ومع الجماعة الموكَلَة اليهم، هم كهنة لخدمتهم. خدمة طوعيّة، بدون ضغط ولا اكراه!
أذكر بان أكثر المواقف المؤثرة في حياتي الكهنوتية كان ولا يزال هو فعل الإيمان، الذي تلوتُه أمام اُسقفي الذي رسمني بحضور الجماعة الكنسية. وان خِصلة الشعر التي قصَّها من رأسي إشارة الى تكريسي، الى إرتباطي الأبدي بالمسيح والكنيسة، التزم به كارتباط الزوجين (إخلاء الذات تعني لستُ بعدُ مُلكاً لنفسي). والركعات والقيام في بداية كل مزمور وترتيلة، تعبير عن التفرغ لخدمة الرب والكنيسة. وتتكلل الرتبة بوضع يد الاُسقف ودعوة الروح القدس ليبنيني كاهناً ويجعلني حاضراً دائماً أمامه. كل هذا الثراء الروحي أعود اليه باستمرار لأنه يُدفئني ويزيدني حماساً كلما شعرتُ بالتعب. هذا لا يعني اني ادَّعي الكمال، أبداً. فقد اعترفتُ بضعفي أكثر من مرة. في سينودس 2015 طلبتُ من الأساقفة ان يقيِّموا إدارتي، فكان ان أدلوا بملاحظاتهم الموجعة والمفرحة الواحد تِلوَ الآخر، وفي النهاية قال أحد الاساقفة اتمنى أن تكون لنا نفس جرأة سيدنا لويس لنمارس هذه المراجعة مع كهنتنا. طريق الكهنوت، طريق ضيِّق. والحياة تعلمنا الثبات في الشدائد، وأن نطلب باستمرار نور الله لنعمّق معرفتنا بالمسيح ونحبه بشغف ونتبعه بأمانة ونخدم الناس كما خدمهم.
اليوم تُمسح يديّ الكهنة الجدد بزيت الميرون ليكونوا ممسوحين كالمسيح، أي ان يجسِّدوا في حياتهم “قدر الإمكان” ما عاشه يسوع، بتوجههم كليّا اليه. انه مرساتهم في حياتهم.
بهذه الروحانيِّة يكون عملنا الراعوي مبدعاً ومثمراً، وتكون صلواتنا مؤثّرة، وليست مجرد كلمات وshow، مِمّا يساعدنا ان نرى الاشياءَ بعين مستنيرة، ونكتشف علامات حضور الله في محيطنا.
هناك كهنة قليلون، غير مستقرين، مجروحون يتحسرون بمرارة لأنهم لم يبلغوا ما يطمحون اليه. فقدوا محبة الرعية وبساطة التعامل الراعوي، بالرغم من انهم يعلنون انتماءهم للمسيح!. يتظلمون ويبحثون عن المال والمناصب، ويستغلون كهنوتهم لفعل ما يشاؤن، ويتعاملون بقسوة مع المؤمنين وينتقدون تعليم الكنيسة الرسمي والسلطة الكنسية لان ليست على هواهم! هكذا أشخاص عليهم اولاً ان يتصالحوا مع انفسهم!
ماذا تفعل الكنيسة امام هذه التجاوزات؟
التقيتُ شخصياً ببعض الكهنة وناقشتُ اسلوب تعاملهم الخشن (الرزالات) مع المؤمنين، بعضهم تغيّر وما زلتُ اتابعهم بمحبة وصبر وصلاة ليكونوا أفضل!
لكن كيف العمل مع كاهن كان راهباً بالأساس ونذر الفقر والطاعة والعفة، ركب رأسه وخلع كل القيم الاخلاقية والمسيحية والانسانية وراح يجندُّ بالمال شلة من خدّام الشيطان يروّجون الأكاذيب على البابا والبطريرك والكنيسة ويقوّلونهم ما لم يقولوه. فاتخذت الكنيسة بحقه عقوبة قانونية كما فعلت مع غيره من الذين خرجوا عن سياق الكنيسة. لأن الكنيسة لا تسكت امام نشر الشكوك، فطُرِد هذا (الاكس) كاهن والراهب من الكنيسة الكلدانية، بعد رفضه أكثر من فرصة للتوبة والاصلاح التي اعطيت له. انه يغش كهنوته والملتفين حوله. زملاؤه عادوا الى الخدمة وحسَّنوا وضعهم. الكنيسة بمشاعر الأمومة والأبوّة تترك باب التوبة والاصلاح مفتوحاً أمامهم.
هنا اُشير الى دور الاُسقف ودور المؤمنين. فالمسؤولية المباشِرة تقع على الاُسقف في ان يهتم بكهنته- معاونيه في هذه الظروف الصعبة، كأب وأخ وصديق. وان يساعدهم بوداعة ومحبة على التجديد الروحي والإنساني والثقافي والإجتماعي، من خلال اللقاء الدوري معهم، لحثّهم على القيام برسالتهم الراعوية على أحسن وجه.
أما المؤمنون فعليهم ان يميّزوا بين الكاهن الفاضل الأمين على تكريسه ورسالته والكاهن المنفلت الذي يزرع الشكوك ويطعن بالكنيسة. عليهم ان يحتضنوا الأول ويشجّعوه وان يقودوا الآخر الى طريق الصواب بكل محبة لا ان يشجعوه. هذه خطيئة مضاعفة.
 لا بأس ان تكون هناك معارضة إيجابية عندما تكون الإدارة متعثّرة والنهايات سائبة. ليس معيباً ان اعترف باني كنتُ مع سبعة أساقفة معارضين على الإدارة السابقة بسبب الفشل المتكرر في ادارة الكنيسة وانتخاب أشخاص غير جديرين. هذا الموقف اتخذناه محبة بالكنيسة وحرصاً عليها وليس لاسباب ذاتيّة.
في الختام اتمنى الا تُنشر انتقادات عن الكهنة على المواقع. فمن الأفضل ان توجَّه الرسائل الى المطران المسؤول أو الى البطريرك لتُعالج حالات شاذة (إن وجدت)، وسوف نعمل على الاصلاح وان لم ننجح سنطبق القوانين على من يُسيء الى كهنوته والكنيسة والمؤمنين. هنا، أود ان أشير ايضاً الى اننا انشانا محكمة بطريركية لمعالجة قضايا الاكليروس، وبامكان أي اُسقف أو كاهن اللجوء اليها حين يشعر انه مظلوم.