المحرر موضوع: معرفة الماضي ، تنير الحاضر ، وتحصن المستقبل  (زيارة 358 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

معرفة الماضي ، تنير الحاضر ، وتحصن المستقبل


صلاح بدرالدين

     

حزب الاتحاد الشعبي وكان فصيلا يساريا ، قوميا ، ديموقراطيا ، من ضمن الحركة الوطنية الكردية ، اتخذ منذ عام ١٩٦٥ وحتى تحوله الى حزب – آزادي – موقفا متجددا مميزا تجاه العديد من المسائل القومية للشعب الكردي السوري ، والوطنية ، والكردستانية ، وسياساتها وممارساتها العملية بشأنها كانت واضحة للجميع ، لكرد سوريا ، وللنظام الدكتاتوري ، وشركائنا في المعارضة السورية ، والاشقاء في مختلف أجزاء كردستان ، والأصدقاء في كل من الحركات التقدمية والتحررية العربية بالمنطقة ، وقوى المعسكر الاشتراكي ( سابقا ) .
كانت مواقفه السياسية تتشابك ، وتتكامل ، في مختلف تلك الدوائر ( القومية – الوطنية ، الكردستانية – الأممية ) ، انطلاقا بالدرجة الأولى من مصالح شعبنا ، واستنادا الى مفاهيم فكرية ، ثقافية ، ترسخت بعد مخاض دام سنوات ، ومناقشات مستفيضة توجت في كونفرانس الخامس من آب ١٩٦٥ ، بمنطلقات نظرية شاملة ، وخارطة طريق سياسية ، وقيادة مرحلية مؤقتة لعام ، وبيان ختامي ، وذلك بين جيلين من مناضلي الحزب الام ، الأول من كوكبة من مسؤولي القاعدة الحزبية ، والكوادر المتقدمة المميزة المشهودة لهم بالاستقامة ، والشجاعة ، والحرص اللامحدود على الحركة ، والثاني من الشباب الملتزمين الحزبيين ، من مسؤولي التنظيمات الطلابية ، والفلاحية ، والعمالية .
ليس من باب ( تقديس الافراد ) ولكن فقط لتسليط الضوء على ظاهرة جديرة بالإشارة ، ففي مجمل محاولات الانشقاق التي حصلت لاحقا ضمن الاتحاد الشعبي ، من الصعوبة بمكان ان لم يكن من الاستحالة ، أن تجد فردا واحدا من ( الثلاثة والثلاثين ) من المشاركين بكونفرانس آب ، ساهم في أية محاولة انشقاقية طوال تاريخ الحزب ، بالرغم من كل المداخلات ، والضغوط الخارجية المسلطة ،وخصوصا من السلطة بكل وسائلها الترهيبية ، والترغيبية ، أليس ذلك مدعاة الاعتزاز بجميع أولئك المناضلين ؟ نعم قد طلب البعض الاعفاء من العمل لاسباب خاصة ، أو فضل البعض القليل البقاء صديقا ، وكل ذلك أمر طبيعي مشروع .
من الواضح كانت الأولوية بالنسبة لنا لموضوع القضية الكوردية السورية ، وكانت نظرتنا الى المشهد السياسي الكردي السوري حينذاك ، وبعد الانقسام الى يسار ، ويمين ، ثم ظهور – البارتي ، عبارة عن مبدأ ( الاتفاق في اطار الاختلاف ) ، وبصدد ذلك طرحنا وثيقة : ( الجبهة الديموقراطية الكردية في سوريا ) ، التي تضمنت ضرورة التعاون حول المشتركات وهي ليست قليلة ، حتى لو كانت هناك قضايا فكرية ، وسياسية ، عديدة مختلفة عليها .
كان موقفنا من النظام يختلف جذريا مع ( اليمين ) والى درجة كبيرة مع ( البارتي ) فكان أحد شعاراتنا الرئيسية تغيير النظام ، وإيجاد البديل الديموقراطي ، والتعاون مع المعارضة ( حينذاك ) ، وكنا بذلك نتحمل وزرا مضاعفا ، وهجوما عدائيا مزدوجا ، من جانب سلطة النظام ، لكوننا في الحركة الكردية من جهة ، ومعارضة من الجهة الأخرى ، وظهر ذلك حتى في أشكال الاتهامات التي صدرت من المحاكم ضد مناضلينا من قادة الحزب ، أما الطرفان الكرديان الحزبيان الآخران ، وخصوصا – البارتي – فكانت القضية الكردية في واجهة الاتهامات القضائية عند حدوث الاعتقال ، واطلاق التهم .
الملاحقات ، والاعتقالات ، والاحكام القضائية ، ووسائل تعذيب المناضلين الكرد السوريين ، التي حدثت منذ ظهور الحزب الكردي الأول ، يمكن تصنيفها في مرحلتين : الأولي – ترافقت مع محاولات تصفية أو التقليل من الوجود الكردي ، عندما تم تنفيذ مخططات الإحصاء الاستثنائي بالجزيرة ، والحزام العربي ، وتغيير التركيب الديموغرافي في مختلف المناطق الكردية ، وفي تلك المرحلة لم يسلم أحدا والثانية – بدأت بعد شعور النظام بتفاقم الخطر الكردي ، وتحديدا بعد صعود الاتحاد الشعبي ، وبناء تحالفات وطنية ، وعربية ( فلسطينية ولبنانية خصوصا ) ، وأممية مع الدول الاشتراكية ، وأيضا كردستانية مع قائد ثورة أيلول الزعيم الكبير مصطفى بارزاني بشكل خاص ، وهذا مافتح علينا ( باب جهنم النظام ) مباشرة عبر الاعتقالات والملاحقات ، والتجريد من حق المواطنة ، ثم اختراق الاتحاد الشعبي عبر أجهزة الامن ، وخصوصا من جانب المخابرات العسكرية ، ومديرها بالقامشلي ، ومسؤول الملف الكردي الضابط – محمد منصورة - .
أنجز هذا الضابط مهامه بوسائل مرنة تختلف عن أساليب سابقيه في الجزيرة ، وكل ألاهالي في عهده لاحظوا ذلك ، ومن جملة إنجازاته الترغيبية ؟! عرضه صفقة لتعيين ثلاثة اشخاص في البرلمان السوري ، واحد من كل حزب من الأحزاب الثلاثة ، طبعا موافقة الطرفين الآخرين لم تفاجئنا ، لانهما ليسا في وارد معارضة النظام ، أو رفع شعار تبديله ، بعكس حزبنا ومواقفه السياسية المعروفة ، وكان تجاوب أحد رفاقنا السابقين بالقامشلي مع عرض ممثل أجهزة السلطة ، أمرا مناقضا لمجمل سياسات الحزب الذي كان من مواقفه الثابتة عدم المشاركة في أية مؤسسة تابعة للنظام الذي يحاربه ، ومقاطعة انتخابات برلمان النظام .
كان – منصورة – يعلم علم اليقين موقف الحزب ، ولو كان غير عالم بهذا الموقف لاتصل أو ارسل من يتصل مع رئيس حزب الاتحاد الشعبي الذي كان ملاحقا مقيما بالخارج ، كما اتصل للغرض ذاته بكل من سكرتيري الحزبين الآخرين ( المرحومان كمال احمد وعبد الحميد درويش ) وهما اختيرا كعضوين ببرلمان النظام ، بل انه هو نفسه اختار رفيقنا السابق ، ولم نختاره نحن كقيادة الحزب ، وكان الاثنان يعلمان أن ذلك الاختيار مقدمة مدروسة باتقان للانشقاق ، بل مترافق معه بشكل عضوي .
بطبيعة الحال وكماذكرت سابقا لم يؤدي مشاركة ممثلي الحزبين الآخرين في برلمان النظام ، الى أي موقف عدائي من جانبنا ، بل كانت طبيعة العلاقة كما في السابق ( اختلافات سياسية ، وتنافس ، وصراع سياسي ) ، واحترام الخيارات ، بل ان العلاقة الأخوية التنسيقية لم تتوقف مع – البارتي – وخصوصا مع الصديق العزيز المرحوم الأستاذ كمال .
وبهذه المناسبة أتذكر عندما شاهدت مقطع فيديو أرسله لي الرفاق وفيه وقائع احتفال ( الفوز ؟! ) تحت خيمة منصوبة بالقامشلي وضيف الشرف الضابط محمد منصورة ، ، يتكلم فيه صديقي القديم السيد طاهر سفوك – بافي نور الدين – وكان عضو مكتب سياسي حينها في حزب اليمين باسم الثلاثة موجها كلامه الى الضيف : ( سيادة العميد أبو جاسم نرحب بك ونعاهدك أننا سنرد لك الجميل بالجميل وكرر ذلك ثلاث مرات ) .
بما يتعلق بكرد سوريا ، وحركتهم القومية والوطنية ، فان جذر الصراع يكمن في مسألة العلاقة مع النظام الحاكم ، والأولوية لمواجهة من غيب الكرد ، وحرمهم من الحقوق ، واضطهدهم ، وحاول تصفية قضيتهم ، وبناء على ذلك يعتبر نظام الاستبداد منذ انقلاب البعث ، مرورا بحكم آل الأسد العدو الرئيسي للكرد وقضيتهم ولكل الوطنيين الديموقراطيين السوريين ، ومن وقف بصف النظام لمصالحه الذاتية ، أو تآمر على شعبه ، وحركته باشراف هذا النظام يعتبر في منزلته دو أي شك .