المقدمة :
في الجزء الأول شرحنا ماذا تعني مفردة ( المسيح وأين نشأت ومن مارسها لأول مرّة ) ويرجى متابعة الجزء الأول تحت الرابط : https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1018727.0.html
وخلصنا ان مفردة ( المسيح ليس اسماً او مكملاً لأسم ... انما هي " صفة " اطلقت على موصوف ... ) والموصوف هو المخلوق الذي يمسح بالزيت من خلال نبي وبتوكيل او تفويض من الله وبالتحديد " ليعيّن ملكاً ارضياً " فالذي يمسح بالزيت يعيّن كملك للشعب ... ( إذاً فمسحة الزيت من " النبي " هي لغرض تعيين ملك ارضي ) وهنا يصح القول ان (( مخلوقاً يمسح مخلوق بالتفويض الإلهي ليعيّنه ملك ارضي على مملكة ارضيّة )) إذاً فكل ذلك يكون في عالم ( المخلوقات ) والخالق بينهم هو من يعطي التفويض أي السماح ... وهنا استوجب ان يكون ( الماسح والممسوح بشراً مخلوقين ... فالمسيح ومن مسحه هم مخلوقين ) لاحظو بأنني اركز على هذا الموضوع ... فهل يجوز ان يرتقي أي واحد منهم ليصبح " خالقاً " بالتأكيد لا يجوز ..
من هنا كان لابد ان ندخل في مفردة ( المسيح ) وندرسها ونتأمل بها مسيحياً أي ( بفكر الكتاب المقدس " العهد الجديد " وما هي أوجه التطابق والاختلاف في فهم تلك المفردة مع " العهد القديم " )
المسيح في العهد الجديد
من خلال دراستنا للعهد الجديد نرى بوضوح مفردة
( المسيح ) ترد تفصيلاً في نص
( متى 3 : 13 – 17 ) كذلك يذكرها مرقس 1 : 9 – 11 ولوقا 3 : 21 – 22 ... ) سنعتمد متى اليوم :
(( وجاء يسوع من الجليل إلى الأردن ليتعمد على يد يوحنا فمانعه يوحنا وقال له : " انا احتاج ان اتعمد على يدك فكيف تجئ انت إليّ ؟ " فأجابه يسوع : ليكن هذا الآن لأننا به نتمم مشيئة الله " فوافقه يوحنا . وتعمد يسوع وخرج في الحال من الماء وانفتحت السماوات له ، فرأى روح الله يهبط كأنه حمامة وينزل عليه وقال صوت من السماء : " هذا هو ابني الحبيب الذي به رضيت )) وهذا النص هو الخلاصة لكيّ نتبيّن الموضوع كلّه وسنشرحها
( لاهوتياً بالأعتماد على ما ذكرناه في الجزء الأول ليكون كلامنا مترابط ) النص يؤكد ان يسوع حضر
( ليعمّده يوحنا ) فمن هو يوحنا بشهادة الرب يسوع .. ؟ انه آخر
نبي في إسرائيل وهذا ما أكّده يسوع ... إذاً جاء يسوع
( الإنسان ليعمّده نبي من البشر ليصبغ عليه صفة " المسيح " في العهد القديم بالتعميد بالماء أي ليعيّنه ملكاً ارضياً على إسرائيل بعد ان انتهى عهد ملوك إسرائيل ) (( وهنا نتسائل لماذا التعميد بالماء وليس المسح بالزيت ... لكون المسح سيكون في موضع آخر ومن اختصاص آخر )) ولهذا رافقته تلك الرقعة التي علقها الرومان على قمة الصليب
( هذا هو ملك إسرائيل ) وهنا نقول
( مخلوق " عمّد " مخلوقاً بتفويض من الخالق ليعيّنه ملكاً على الشعب ) ( ويسوع لكونه مولوداً من امرأة من البشر لذلك سقطت عليه صفة الإنسان ) ولكونه ومنذ ان حبل به كان بمشيئة إلهية اي بدون تدخل بشري لذلك اصبح يخص الله لأن فيه تجسدت كلمة الله ... وهنا اطلق على يسوع انه ( إله كامل ... لأنه حمل الروح القدس بواسطة كلمة الله التي تجسدت والله وكلمته وروحه هو " الله " هكذا هي عقيدة " الطبيعتين ) وكذلك حمل صفة الإنسان فاصبح انساناً كاملاً يحمل جميع صفات الإنسان لأنه حبل به من انسان كامل من هنا كانت مفردة
( التعميد ) ليسوع ولم تستخدم مفردة
( المسح ) لكونها لا تتناسب مع الحدث ومع صاحب الحدث وهي مقصودة من قبل
( الرب الإله " الآب " ) لكون المسحة ستكون لاحقة ...!! وهنا فهذا النص يعبّر عن علاقته اللاهوتية العميقة بتراث العهد القديم عندما يعترض
( يوحنا ) على
( يسوع ) لأنه مقتنع وقد قالها : انه
( يعمّد بالماء لكن يسوع سيعمّد بالروح والنار ) اي ان عماد يسوع سيكون بالروح القدس ليجعل من خاصته اي
( شعبه ) مسحاء اي
( قديسين بمفهوم المسحة في العهد الجديد ) فيجيبه
(( يسوع : ليكن هذا الآن لأننا به نتمم مشيئة الله )) أي اننا يجب ان نتمم التقليد لننهيه فيما بعد ليحل بدلاً عنه تقليداً يخص يسوع والله
" الآب " ... اي وكما شرحنا في كتابنا
( هكذا عرفت المسيح ) عندما قلت :
( بأن الرب يسوع ابتدأ بالتقليد وانتهى بالخصوصية وشرحناها كتابياً ولاهوتياً ) هل هناك أوضح واجمل مما شرحناه يسوع يريد ان يكون ذلك لأن ذلك هو تحقيق مشيئة الرب الإله في ان
( يُثَبّت يوحنا ) كخاتم انبياء إسرائيل وبه تنتهي الأنبياء وبه ينتهي عهد
( المسح بالزيت ) وتنتهي به
( صلاحية صفة المسيح في العهد القديم ) ( يسأله التلاميذ : أننتظر نبياً من بعدك ... ؟ يجيبهم يسوع : وما حاجتكم للأنبياء انتم الأنبياء ) وهنا نتأكد ان لا مسيح إلاّ بوجود نبي يمسحه وان المسيح صفة وليس اسماً اصيلاً فهو صفة ملحقة بالأسم وهنا نؤكد ما قاله يسوع
( لا نبي آخر في إسرائيل إذاً لا مسيح آخر ينتظره الشعب لعدم وجود من يمسحه وسوف لن يكون هناك ملكاً ارضياً لأسرائيل ... وهذا ما عشناه ليومنا هذا ) وهنا نؤكد ايضاً ما قاله يسوع
( ما حاجتكم لأنبياء انتم الأنبياء ) وتنعكس تلك الكلمات على صفة المسيح ...
( ما حاجتكم لمسحاء فأنتم من مسحتم بالروح القدس فأصبحتم " مسحاء " بالروح الذي ارسلته لكم ) ولهذا يقول يسوع لتلاميذه
( خير لي ان ارحل وان رحلت ارسل لكم المعزي " الروح القدس " ليحل عليكم ) فالذي يعيّن الأنبياء هو من يجعلهم يمسحون من يستحق ان يكون مسيحاً ليعيّنه ملكاً
( وأبناء الله هم " الملوك " الذين مسحوا بالروح القدس وليس " خرفان مؤسسات " ولهذا فمملكتهم كسيدهم ليست من هذا العالم ) ... من هنا يُكَمّل النص نفسه بنفسه
(( خرج يسوع من الماء ... انفتحت السماوات ... روح الله يهبط كحمامة ... صوت من السماء : هذا هو ابني الحبيب الذي به رضيت ... !! )) وهذه هي المسحة العظيمة ( الله يمسح انساناً ليعيّنه ملكاً في السماء فيعطيه آخر صفة لينهي به صفة المسيح البشري ) والذي يؤكد ذلك يسوع بنفسه عندما
(( يقول : انا لست من هذا العالم )) نعم سيدي لست من هذا العالم لأنك الملك في عالم الله الآب فلا تحتاج ان تكون ملكاً ارضياً ...
الخلاصة : من شرحنا لأهم نص في الكتاب
" العهد الجديد " الذي يخصّ هذا الموضوع بالذات نستنتج ان :
( المسيح في " فكر العهد القديم " مخلوق يمسحه مخلوق فيدعى مسيحاً بتفويض من خالق وينصّب ملكاً ارضياً ... ) اما في
العهد الجديد فيسوع المخلوق يمسحه الخالق
" الآب مباشرةً فيجعله مسيحاً " أي الغاء التفويض " لينهي به " صفة المسيح الأرضي " وليكون هو الخاتم فلا مسيح من بعده ولا نبي ...
( وبمسحة الآب يعيّن يسوع ملكاً في مملكة السماء ) وهذا هو الفرق بين
( مسيح العهد الجديد والمسحاء الذين مرّ ذكرهم في الجزء الأول ) .. ارجوا ان أكون قد أوصلت تأملاتي بشكل واضح وبدون تعقيد معتمداً على دراستي التأملية في اللاهوت والكتاب ...
سيكون تأملنا الأخير
(( هل يصح ان نقول ان المسيح كلمة الله ..؟؟ ام هو الله الكلمة ....؟؟ )) كذلك سنمر على اوجه الأختلاف بين يسوع كأنسان كامل وبين اقرانه من الذين ولدوا بمشيئة الله وبدون تدخل بشري ومنها ستنتهي محاورتنا ... نترك بقية الأفكار لننقلها من خلال المحاورة
هذه من المواضيع التأمليّة نقدمها لأخوتنا الأكليروس من حملة البكالوريوس مجاناً ليبحثوا فيها للحصول على شهادات اعلى ... وان كانت مطروقة سابقاً يرجى منهم ان يعلمونا المصدر لنستزيد ايمانياً ولهم جميل الشكر والتقدير .
تحياتي ... الرب يبارك حياتكم جميعاً واهل بيتكم
الخادم حسام سامي 9 / 6 / 2021 [/size]