لماذاأمتعضَ البعض من تصريحات غبطة البطريرك ؟
ومتى تتعض وتعترف بعض التنظيمات الآشورية بواقع الحال ؟
وهل هناك تحول فكري جديد للمثقفين الأشوريين؟
هيثم ملوكا
عنوان قد يبدو طويلاً بصيغة السؤال ،ولكن في الحقيقة هناك ترابط بين الأسئلة الثلاثة .وكان من الممكن أن يكون لكل سؤال مقال خاص به. ولكن سنتتطرق بإيجاز واضح عن هذه الأسئلة . والربط بينهما.
ففيما يخص رسالة الكاردينال غبطة البطريرك مار روفائيل لويس ساكو الكلي الأحترام، بأإدراج أسمْ الكلدان في دستور إقليم كردستان إِسوةً بالدستورالأتحادي. لو تأملنا قليلاً في هذه الرسالة وفيما جاء في مضمونِها . لم نرى فيها أي شيئ غريب أو مفاجئ . فالتسمية الكلدانية مثبتة في الدستور الفدرالي العراقي . ولو أن بعض الكلدان يعتقد أن هذا المطلب جاء متأخراً بعض الشيئ . لكن السؤال هنا لماذا أمتعض البعض وخصوصا الأخوة الأشوريين وبعض تنظيماتهم ؟ وأعتبروا هذا تدخل من قبل الكنيسة في شؤون خارج عملها؟؟.
لنكن أكثر صراحةً في تفسيرنا للحقائق ونقول، هذا الأمتعاض الذي جاء من قبلهم، لم يكن بسب ما أشاروا اليه من (تدخل الكنيسة في الشأن القومي والسياسي) أو ( المطلب يؤدي الى عدم وحدة شعبنا). وبكل بساطة أستطيع ان أبرهن للأخوة المعارضين بأن أدعائهم غير صحيح وفيه مراوغة وأنما الأعتراض كان لأسباب أُخرى وهي التخوف من صعود الكلدان وتأثيرهم القوي وهذا مالا يخدم توجهاتهم وأحلامهم . وتفنيدي لهذا الأدعاء سأضرب مثالاً .. أقول لو أفترضنا وهو أفتراض فقط وغير ممكن مطلقاً .. أن غبطة البطريرك ارسل نفس الرسالة و طالب بها تسمية شعبنا بالشعب الأشوري .. ماذا كانت ردود الذين اعتبرت هذه الرسالة تدخل الكنيسة في الشأن القومي والسياسي وعدم وحدة شعبنا. هل ستكون الردود نفسها ..بالتأكيد نفس هذه الأقلام والتنظيمات التي عارضت (رسالتهِ وبيان الأحزاب الكلدانية). كانت ستنشركلمات الشكر، وتهلهل وتمجد غبطة البطريرك وتعتبره .بطلا تاريخياً ومن حقه أن يصرح بما يخدم شعبنا المسيحي .لا وربما سيدعونَ حتى كنائسهُم للأتحاد مع الكنيسة الكلدانية . إذا أدعائهم باطل ومبطن . بل هم في الحقيقة بدأوا بالقلق والتخوف من القادم . لأنهم يدركون بأن...
أولاً... التنظيمات والأحزاب الكلدانية بدأت تنشط بقوة وهناك توجه قومي كلداني قوي في نشر مفهوم القومية والتمسك بها والأعتزاز بها .في العراق والعالم.
ثانياً ... الكنيسة الكلدانية قوية وراسخة ولها حضورها القوي سواءاً بين أبناء شعبها أو في المحافل الدولية وكصوت قوي يمثل أبناء شعبنا المسيحي في الدولة العراقية. وهذا ما اثبتتهُ التجارب حتى في فترة حُكم النظام السابق قبل السقوط. وهم يدركون جيداً بأن الكنيسة كانت بعيدة كل البعد عن ماكانوا يفكرون بهِ ويخططون لهُ لسنوات طويلة،وكانت الأحزاب الأشورية تحاول تمرير أيدلوجياتها الخاصة بها حول نشر مفهوم وفكرة كلنا أشوريين منذ زمن . وأقناع بعض البسطاء بهذه الفكرة والتوجهات وبحجة كلنا مسيحيين ولغتنا واحدة ولافرق بيننا.ولكن ربما سائِل يسأل لماذا جاءت رسالة غبطة الببطريرك في هذا الوقت ؟ وحسب معرفتي لما يجري وتحليلي للأمور . أقول أن الكنيسة حاولت بكل الطرق أن تعطي فرصة للأحزاب والتنظيمات الآشورية عندما كانت قوية ولها وجود على الأرض مثل الحركة الديمقراطية الأشورية) في أن تخطو خطوة بالأتجاه الصحيح في توحيد شعبنا المسيحي ،( وهذا ماكان واضحاً بعلاقة البطريرك الجيدة معهُم) . منذ أن بدأت التسميات المركبة والهجينة أو كما يسميها البعض( القطارية) . ولكن في الحقيقة التي أدركتها الكنيسة لاحقاً. أن الفكر الشوفيني والأقصائي هو متغلغل في شرايين من يقودون هذه التنظيمات والأحزاب الآشورية أيضاً ،وأن التسميات التي استحدثوها هي فقط شكلية وهم لايعترفون بها أصلاً ووجدت فقط للضحك على ذقون من غُرر بهم ووالاهُم. .حيث يعتبرون الكلدان والسريان مذاهب كنسية ولا وجود قومي لها.وهذا ماتم دحضهُ في الوثائق والكتب التأريخية. وبالتأكيد الكنيسة سوف لن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى من يريد سرقة أسم شعبها وتأريخهم ومادفع هذا التوجه هو النشاط القوي للكلدان والطفرة الكبيرة التي حدثت في توعية أبناء شعبهم حول التمسك بأسمهم القومي العريق وأنتشارها في كل بقاع المعمورة وممالاشك بهِ، كان للمثقفين دور فاعل وقوي ونخص بالذكر أتحاد الكتاب والأُدباءالكلدان لعبَ دوراً فاعلا في التواصل مع كل تنظيمات شعبنا ودفعهم للترابط والوحدة . التي بدأت نتائجها تطفوا على السطح. رغم المخاض العسير التي مرت به التنظيمات والأحزاب الكلدانية لوقف هذا الفكر الأقصائي المتزمت الذي تغلغل حتى داخل البيت الكلداني وأثر على البسطاء منهم . وأستطاعت هذه التنظيمات القومية والثقافية الى أعادة البوصلة لوضعها الصحيح . وبدأت كفة الميزان تميل الى الجهة المعاكسة لأصحاب من حملوا فكرة التعصب وتدمير شعبنا وزرع الفتنة بينهم ،وهذا ما بدا جلياً وواضحا من مواقع التواصل الأجتماع .وحتى بين المثقفين منهم .
إذا رسالة غبطة البطريرك والأحزاب الكلدانية لم تأتِ من عدم .ورغم أنها أتت متأخرة . لكنها قطعت الخيط الرفيع المتبقي للحالمين بافكارهم الأقصائية.
أعتقد بان بعض الأحزاب الأشورية او التنظيمات أدركت الحقيقة منذ زمن.وهي.. بأن الفكر الذي أُشيعَ وروجَ له لسنوات طويلة ، والكل يعرف التفاصيل حول ذلك حيث توجهت ومارست كل الطرق الممكنة أعلامياً وفنياَ وسياسياً وغيرها لأقناع الجميع بأن شعبنا المسيحي كلهم (إشوريين). في فترة لم يكن للكلدان كشعب وقومية أصيلة أي حاجة لتثبتْ وجودها ..لأنها موجودة على الأرض وبقوة وهم يشكلون الغالبية العُظمى من هذا الشعب بكل قومياتهِ.
لكن هذه التنظيمات او بعض الأفراد النافذين منهُم يحاولون حتى الرمق الأخير أن يستقتلوا حول فكرة التعصب لتسميتهم ومستندين على بعض المتزمتيين لهذا الفكر الأقصائي الذي لم يجلب لشعبنا غير الفرقة والضعف وخسارة حقوقهِ المشروعة في وطنهم العراق. وخير مثال على ذلك ماجاء في طلب المجلس (القومي الآشوري في استراليا) من برلمان أُستراليا بأعتبار مسيحي العراق الأصليين هم اشوريين. في الحقيقة أنا اعتبر هذه المحاولات اليائسة هي الأحتضار الأخير لهذه الفكرة وقلتها سابقاً للسيدة منى ياقو (أكل الدهر عليها وشرب). واود أن أوضح لبعض الذين هلهلوا لهذا الطلب وضنوا بأنهم حققوا الحلم الذي كان يراودهم ويقلق مضاجعهم . وأسمحوا لي وأنا أعيش في أُستراليا وكانت لنا أتصالات مع الكثير من برلماني استرالي ووزرائها عبر تنظيماتنا الكلدانية. أقول لكم أن هذا الأقتراح مفعوله لايتعدى باب البرلمان لأن الحكومة الأسترالية ومن ضمنهم وزير الخزانة الأسترالي (كريس باون) الذي يعلم جيداً من هم الكلدان وكم هي نسبتهم في العراق والتقيته أنا شخصيا مع مجموعة من الناشطين الكلدان في عدة مناسبات منذ أن كان وزيرا للهجرة وهو يُجيد التحدث ببعض الكلمات باللغة الكلدانية. أما ماحصل . تم تمرير هذه الرسالة عن طريق بعض المتنفذين من التنظيمات الآشورية ولهم علاقات مع بعض اعضاء البرلمان. ولكن هذه الرسالة بلا جدوى وفاقدة لأي مصداقية ووثائق تثبت هذا الأدعاء وخصوصا بعد أن اكدت تنظيماتنا الكلدانية برسالة للبرلمان الأسترالي توضح زيف هذا الأدعاء بدلائل ووثائق.وحقائق تبين عددهم الصحيح بين أبناء شعبنا المسيحي (العراقي) في العراق والعالم هي 5%فقط.
السؤال هنا... أين هم دعاة الوحدة الذين يُطبلون لها ليلا ونهاراً ومن المنتقدين للكنيسة الكلدانية وللتنظيمات والأحزاب الكلدانية؟؟؟؟. اليس هذا الموقف من المجلس القومي الأشوري وطلبهِ بالغاء القوميات الأصيلة والكبيرة هو تعبير واضح لتفرقة شعبنا وزرع الفتنة والكراهية بينهم ؟؟؟؟. لماذا لم يخرج لنا حزب او تنظيم او كاتب أو ناشط آشوري ينتقد هذا التصرف المُخرب لوحدة شعبنا لا بل جاءت بعض الأحزاب مهلهلة ومؤيدة.
من جهة أُخرى ....هناك شيئ بدأنا نتلمسهُ من بعض الكُتاب المثقفين من أخوتنا الآشوريين في كتاباتهم . حيث لاحظنا بعض التغييرفي كتاباتِهم حول الغاء الفكرة القديمة والتزمت للقومية الواحدة وهي (كلنا آشوريون) .وبدأوا يدركون أن هذا الطريق والفكرة أنتهى مفعولها وزمانها والأسباب واضحة . نتمنى أن تكون لهذهِ الأقلام والشخصيات المثقفة من اخوتنا الآشوريين دور فاعل في نشر افكارهم ورؤيتهم للأمور كما تجري على واقع الحال وأن تغيرالفكرالأعمى والمتزمت لبعض أبناء قومهم وخصوصاً من الذين لهم دور فاعل في تنظيماتهم القومية والثقافية وتوعية أبنائهم على نبذ العنصرية والتفرقة وأحترام حقوق الأخرين ...... ولكن من جهة أُخرى لازال البعض المثقفين لم تصل به الجرأة للأعتراف بهذه الحقيقة . ويحاول التغطية على الأخطاء التي أرتكبتها الأحزاب والتنظيمات الآشورية لأيدلوجياتها حول عدم الأعتراف بقوميات شعبنا الكلدانية والسريانية رغم ادراج اسمائها في عناوينهِم وكتاباتهِم، وهو فقط لذر الرماد في العيون. لكن الحقيقة التي كانوا متفقين عليها هي أن الجميع هم(آشوريين) . ولهذا السبب لم تصمد طويلا هذه الفكرة المبنية على افكار وهمية (ولا مجال لذكرها) وسببت الكثير من الفرقة والكراهية بين أبناء هذا الشعب الأصيل بكل تسمياتهم الجميلة الى الأن.وما نراه بين فترة وأُخرى يخرج الينها أحد اصحاب هذا الفكر الأقصائي بالغاء الكلدان كقومية كبيرة وأصيلة والأمثلة كثيرة أبتداءاً من السيد يونادم كنا وهلمّ جرّاً.
أحب أن أختم هذا المقال برسالة صادقة و نابعة من القلب ومن أخ لأخوتهِ ولكل أصحاب الفكر الأقصائي .الذين لايؤمنون بوجود قوميات أخرى غير قوميتهم. أن التفكير في الغاء شعب حي ومتجذر وكبير هو كمن يريد ان يبني قصرا على أساس من الكارتون. وبتشبيه أبسط ، هو أن تراهن على سمكة تستطيع أبتلاع حوت. أتمنى من أصحاب هذا الفكر الأقصائي وخصوصاً من المثقفين . أن يحاولوا تصحيح الأعوجاج الفكري لدى بقية أصحاب هذا الفكر والأعتراف بما هو واقع حال على الأرض أن الكلدان يمثلون الغالبية العظمى ومن ثم السريان واخيرا الآشوريين... شاؤوا أم أبوا هذه هي الحقيقة ونمد يدنا بيد أخوتنا لنتعاون معاً.... وعليكم أن لاتنسوا بأننا جميعاً أخوة ننتمي الى نفس الجذور النهرينية العظيمة وأن اختلفت أسماؤنا، مايربطنا الكثير الكثير .الدم، التأريخ ،الأرض، الدين،اللغة . وجودنا في أرض حضاراتنا للأسف ...بدأ بالعد التنازلي أمام التحديات الكبيرة التي واجهناها ونواجهها الى اليوم حتى صاروا يطلقون علينا (طائفة) ونحن السكان الأصليون في العراق . أستفيقوا قبل أن يرحل أخر مسيحي من ارض العراق ولم يبقى لنا بعدها غير الأطلال. وستُصادركنائسنا وآثارنا وكل تراثنا وحينها لن ينفع الندم والحسرة على مامضى. لننظر الى مستقبل شعبنا المسيحي لنستطيع معاً العمل بيد واحدة وصوت واحد للمطالبة بوجودنا التأريخي وتمثيلنا القوي في البرلمان والحكومة . ونترك أي فكرة للتعصب ونتقبل بعضنا البعض كل بأسمه وحين يسود هذا الجو من المحبة واسقاط كل فكر مريض ومتعصب، بعدها كل شيئ سيكون ممكنا وسهلاً( توحيد الأسماء وحتى ربما توحيد الكنائس) .