المحرر موضوع: مقابلة مع المطران مارجرجس القس موسى بمناسبة اصدار وتوقيع كتابه "من صدى الأيام "  (زيارة 652 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عامـر ملوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 205
    • مشاهدة الملف الشخصي
مقابلة مع المطران مارجرجس القس موسى بمناسبة اصدار وتوقيع كتابه "من صدى الأيام "

كان هذا اللقاء مع سيادة المطران مار جرجس القس موسى وذلك بمناسبة قرب اصدار وتوقيع كتابه من صدى الأيام وهو الجزء الأول من مجلد رباعيات الثمانين.
حوار د. عامر ملوكا
س 1: بمناسبة توقيع كتابكم "من صدى الأيام"، وهو الجزء الأول من "رباعية الثمانين"، هل هو خلاصة وتجارب الثمانين سنة من رحلتكم في الحياة، ولمن تريدون إيصال هذا الصدى؟
المطران جرجس: أولا دعني أثني على اسلوبك في صياغة الأسئلة.. بسلاسة وكياسة، ومن ثم أجيب على سؤالك فيما إذا كان الكتاب صدى أو خلاصة لتجارب الثمانين سنة من رحلة الحياة. بكل بساطة أقول بان "رباعية الثمانين" تحمل رقمين غير متجانسين، كما لا تتجانس مواضيع الأجزاء الأربعة التي تتضمنها الرباعية. فما جمع الرقمين هو أنها تتضمن أربعة أجزاء جُمعت بمناسبة بلوغي الثمانين، وهذا بحد ذاته كشف لا يستهان به لسر العمر! فهي، إذن، ليست مذكرات تختزل "خلاصة وتجارب الثمانين سنة من رحلة الحياة".. وإن كان هذا الطرح في ذاته يشكل عنوانا شيّقا لكتابّ!
في مقدمة "صدى الأيام" تقرأ قصة تأليف هذه "الرباعية"، فإذا بالجزء الأول مختارات من كلمات المناسبات والمداخلات والمقابلات الإعلامية والمحاضرات التي ألقيت في احتفالات كنسية أو محافل مدنية أو مؤتمرات محلية أو إقليمية أو دولية، منذ يوم رسامتي الأسقفية يوم 9/12/1999 وحتى التحاقي بمهمتي الحالية كزائر رسولي في استراليا في 2017. وهذه العناوين ذاتها محمّلة بألف معاناة وألم وخيبات وطموحات وبآمال واسعة. عناوين مضخمة بدماء شهداء، ومنهم أساقفة وكهنة، وبأنّات مخطوفين، ولوعة عائلات فُجّرت بيوتها أو تهجرت من ديارها، أو صاروا مشردين لاجئين على أبواب الوطن وطرقات الدنيا ... ولقد حمل القسم الثاني من الكتاب صدى هذه المآسي أمام عرش الله الرحمن الرحيم والى اسماع الدنيا والى منابر السلاطين والإعلام ... علّهم ينصفون ويواسون ويعقلون! الى من أريد إيصال هذا الصدى؟ - الى الراي العام العالمي لينصف شعبا، بل كل الشعوب المُضحى بها لآجل مصالح الكبار والأقوياء... ولتنقية الخطاب الديني السلفي الجهادي من الحقد والكراهية والدماء... ولكي نزرع جميعا في قلوبنا بذار الحياة والسلام والأخوّة حتى عندما نكون على طريق الجلجلة ... ولكي، كقراء لهذه "الكلمات"، نعيش الوحدة فيما بيننا ونبني حاضرنا ومستقبلنا، في أرض الوطن وحيثما حللنا، على وحدة المصير ووحدة التاريخ والتراث ووحدة الكلمة. لا خيار لنا غير ذلك للبقاء، ولا حق يُثَّبّتُه أحد لنا في أي دستور إلا بوحدة الصف هذهّ!.
س 2: هل ممكن أن يتّطلع القارئ على نبذة مختصرة للكتاب، على أن لا نحرق متعة قراءة الكتاب؟
المطران جرجس: لقد أجبت جزئيا على سؤالك أعلاه. فالكتاب يحمل بعض ما تيسر من "الكلمات" والوثائق التي نجت من همجية داعش إذ أحرقوا ودمروا مكتباتنا. وهو يتضمن قسمين: قسم أول لكلمات المناسبات الكنسية والاجتماعية والثقافية ويغلب عليها طابع الأمان والتفاؤل؛ وقسم ثان لكلمات ومداخلات محلية وعالمية في محنة شعبنا المسيحي في العراق منذ 2003 وحتى احتلال داعش لسهل نينوى وبلداتها، وتتسم بطابع الوجع والمحنة والمرارة. "فمتعة القراءة" التي تخاف ألا "تحترق"، ستكون مشوبة لا محالة برائحة النار والمعاناة! 
س 3: هناك مقولة تقول بأن الورق والكتاب هما انعكاس لعقل وفكر الكاتب. ماذا تقول؟
المطران جرجس: أوافقك القول مئة بالمئة. في أول كتاب وضعته، وهو بعنوان "شارل دي فوكو رسول الأخوّة الشاملة"، عن هذا النبيل الفرنسي الذي هجر الدنيا ومجتمع الأغنياء والعبث وصار راهبا في افقر رهبنة، ثم تركها لينخرط كاهنا في صيغة جديدة لعيش حياة مكرسة كخادم للراهبات في الناصرة في فلسطين، ثم انتقل لعيش دعوته وسط عرب وطوارق الصحراء الجزائرية في بيئة قاسية.  بدأت بفكرة تعريب كتاب عن الفرنسية عن هذا الراهب الذي إلى اسمه تنتمي رهبنتا "إخوة يسوع الصغار" و"أخوات يسوع الصغيرات"، وقد سحرتاني هاتان الجماعتان في شبابي ببساطتهما وروحانيتهما، وكان لأبيهما الروحي تأثير عميق على مسيرة حياتي. لم أوفّق في إيجاد كتاب يجيب الى النموذج الذي في راسي لتقديمه الى قراء العربية. فقررت "التأليف" لا الترجمة، وقرأت أكثر من عشرين كتابا عنه وعن كتاباته ورهبانياته لكي أصوغ الأفكار بما ينعكس من شخصيته وروحانيته لقراء عرب ومن المسلمين بالذات.. فجاء كتابا يعكس إحساساتي وما ينتظره قراء العربية. هكذا القول عن الكتب التي أترجمها عادة: أكون قد قرأتها ومضغتها وتشبعت منها بحيث أخرج بترجمة تعكس احساساتي وانطباعاتي. ولربما يكون أحد الكتب التي ترجمتها الأكثر تعبيرا عن "عقلي وفكري" هو كتاب "مذكرات مريم"، كما أن كتاب "حتى النهاية"، وهو أحاديث طويلة لي مع صحفي فرنسي، صدر بالفرنسية أولا سنة 2012 ، ثم بالعربية سنة 2014، هو أكثر ما ينعكس فيه من "عقلي وفكري" كما تقول. فكم صوابي هو ما تقوله حكمتك!
س 4: ماذا بعد الجزء الأول؟
المطران جرجس: "رباعية الثمانين" أربعة أجزاء: الجزء الأول: "من صدى الأيام" – كلمات المناسبات؛ الجزء الثاني: "من رحاب الأسفار" – مذكرات؛ الجزء الثالث" "من جنى الأيام" – أبحاث ومقالات لم تنشر؛ والجزء الرابع: "كلمتك مصباح لخُطاي" – مواعظ. فأملي هو، بعون الله وتشجيع الخيرين الطيّبين، أن يصدر الجزء الثاني في أواخر 2021. والبقية تأتي.. ان شاء الله.  والأجزاء الأربعة، كل جزء من منطلق محاوره ومعالجاته، لا بدّ أن يحمل شيئا يسيرا أو كثيرا من التأمل والاعتبارات والشهادة الذاتية، ومن آلام وطموحات وآمال شعبنا وكنيستنا،  ولربما ستعكس هذه النصوص شيئا من النضال الفكري والثقافي والقومي، تحت مُسَمَّيات مختلفة، لبعض قامات من جالياتنا، ممن شتّتَتْهم الرياح في جنبات الدنيا ... هنا في استراليا وفي بقاع أخرى .. خميرة وملح أينما كنتم!
سدني 24/5/2021