المحرر موضوع: متى سيتحقق يا ربّ هذا الأمل؟!  (زيارة 281 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نافع الياس توسا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 19
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
متى سيتحقق يا ربّ هذا الأمل؟!

أشتهر غبطة بطريركنا الجليل ونيافة الكردينال مار لويس روفائيل ساكو الكلي الطوبى بحيوية ونشاط غريبين منذ أول لحظة جلس على كرسي بابل البطريركي الخاص بكنيسة المشرق الكلدانية في العالم كله.

كان للبطريرك ساكو منذ البداية شعارٌ ثلاثي الأجنحة اعتمده ركيزة اساسية لبناء نفوس المؤمنين التابعين لكرسي كنيسته. تضمـّن شعار البطريرك هذا ثلاثة اعمدة هي: التجدد والوحدة والإصالة. صفقنا وهلهلنا فرحين بها، ولكننا سرعان ما نسيناهاـ كما هي عادتنا غالبًا. لكن بطريركنا الذكي والشجاع والأصيل لم ينسها بل حفظها في قلبه وكيانه في صندوق ذي عجلات ومزود بمحرك يعمل على الطاقة الشمسية، ليكون معه في الحلّ والترحال. طاقم الاكليروس الذي يرأسه صاحب الغبطة كان الاقرب ليواكب مسيرة الشعار. كثيرة كانت مفاجآت الجسور ساكو، عبر قراراته المحيرة للكثير من المنتقدين، و حتى من لبعض الاكليروس، لكنه بقي صامدًا ومصممًا على تحقيق شعاره. عزاؤه الوحيد كان ان يتبع يسوع معلمه الأوحد الذي جعله قدوة له مدى الحياة. في هذه العجالة لا أستطيع ذكر كل ما حققه غبطة البطريرك حتى الآن، وسأركز على نشاطه في التربية الروحية للمؤمن المسيحي، وفق الظروف الآنية التي يجب على الكاهن العصري ان يتحلى بها دومًا.

الاعتراف أو ما يُعرف اليوم بالمصالحة ركن ايماني أساسي فرضه الرب يسوع ذاته عندما منح الرسل ومن بعدهم لقادة الكنيسة الرسولية الشرعيين سلطة الحل والربط. تبيّن الرسل ومن بعدهم قادة الكنيسة الكبار ان تحقيق السلطة الممنوحة هذه تحتاج عند التنفيذ معرفة اسباب طلب الحل او فرض الربط، وهذا ما عرفناه في السابق بالاعتراف بالخطايا أمام الكاهن وعلى انفراد. بمرور الزمن وتغيرت مفاهيم المجتمع، وحصل خروج عن تقاليد المجتمع قديمًا عن المفهوم المقصود بالحل والربط، اضطرت كنيسة المسيج مراجعة المفاهيم من جديد واستنتجت أن الحل والربط لا يهدف إلى غفران الخطايا المرتكبة فقط بل ايضًا مساعدة الخاطئ (المعترف) على عدم تكرار عمل الخطيئة أو الوقوع فيها. هذا ما يفرض وجود من يساعد التائب للثبات على وعده، فوجود الكاهن ومناقشته للخاطئ بعد اعترافه هو من أجل استنتاج وسيلة تثبت اسس التوبة الضرورية جدًا. بذلك، يتحقق التجدد الذي اعتمده البطريك في شعاره.

من يُتابع نشاط السيد البطريرك، يلاحظ اهتمامه بكهنة الابرشية البطريركية اهتمامًا خاصة سيساعده على تهيئة جيل جديد من الكهنة عن طريق متابعة نشاط الكهنة كجماعة وتشجيعهم على العمل وتطوير خدماتهم للمؤمنين بروحية جماعية وسبل حديثة يقبلها المنطق. حسب ما يظهره لنا موقع البطريركية ان برنامج نشاط سيدنا البطريرك اليومي برنامج كثيف وشامل وذا جناحين روحي ومادي. الجناح المادي لا يهمنا في هذا المقال، وله من يتعامل معه سلبًا وإيجابًا.

الذي يخص موضوعنا هذا هو الجانب الروحي، واقول عنه ما يأتي:

للبطريرك ساكو لقاءات مع كهنة العراق الكلدان عامة وكهنة الأبرشية البطريركية -ابرشيته- خاصة. للسيد البطريرك لقاءات منتظمة قد تكون شبه شهرية، خلالها يطلع على نشاط كل كاهن بتفصيل، ثم يبدأ دوره التربوي من: تعليم، ونصح، وتوجيه، ونقد، ومعاتبة على تقصير. الظاهر أنْ في أحد لقاءاته الأخيرة مع كهنة العراق الكلدان مجتمعين بعد قضائهم رياضة روحية (قد تكون سنوية) أعلن توجيهًا طلب من خلاله أنشاء مؤسسات روحية تـُعـنى ببناء انسانٌ مؤمن عصري. إصالة + تجدد وحداثة (قد تكون نسخة جديدة ومطوّرة لما عرفناه سابقًا وكنا نسميه "أخويات").

عندما طرق سمع الاب بولس ساتي للفادي الأقدس (الذي اعتبره كاهن كلداني قديم بــ "شاشه" -تكلـّك-تسمية موصلية لدواليب او اطارات السيارة-"إصالة" + كاهن شاب عصري منفتح وذو صدر واسع الصبر "تجدد") توجيه السيد البطريرك. فكّـر مليًا وراجع معلومات خبرته، عن رهبنته المعروفة بــ "رهينة الفادي الأقدس واختصارًا " لمخلّصين" ثمَّ تذكر مؤسسها القديس والأب والأسقف الفونس ماريا دي ليكوري. تشتهر هذه الرهبنة، بأنْ لها عدا نظامها الرهباني الخاص بها مركز شهير وفريد يعرف بــ "مركز القديس ألفونس للاعترافات والمشورة الروحية".

المعروف عن هذه الرهبنة انه قد سبق لها انْ اوفدت إلى العراق أكثر من مرسل (على ما أظن ان من بينهم الأب كوب) قدموا خدمات جليلة وتعاليم وعبادات وحياة نسكية قديمة ممزوجة بالتطوير "كصلاة القلب" و "تأملات نسكية" وما إلى ذلك.

تذكـّر الأب ساتي كل هذه الامور، ووجد فيها أحد الاجوبة (التطبيقات المناسبة) لتوجيه غبطة البطريك، ففاجأنا بمقاله المفصّل المنشور في موقع البطريركية تحت عنوان "مركز القديس الفونس للاعترافات والمشورة الروحية" عنوان لطيف وجذاب وعصري وواقعي، وعملي. فشمّر الساعدين وغامر بشجاعة، فأسس نسخة منه في حدود سلطته (خورنته) بعد مناقشة زملائه الكهنة في مصر الكنانة، الذين دعموه ووقفوا إلى جانبه بإخلاص أخوي. الظاهر ان التجربة أو بالأحرى المحاولة ناجحة وموفقة للغاية. تهانينا للأب ساتي وإلى الأمام ابونا الشجاع.

سيدنا البطريرك الموقر

اكتب لكم هذه الأسطر، راجيًا، تأمّل المحاولة اعلاه ومحاولة استثمارها لا فقط في عراقنا العزيز، الذي ومع الاسف الشديد لم يبقى من مسيحييه سوى ما لا يزيد على النصف مليون فقط. (سيدنا اعتذر ان وجدت في كلامي هذا نوع التشائم، ولكنها الحقيقة المرة). خسر العراق حوالي الملون مسيحي مؤمن انتشروا في أرجاء العالم، مهملين متروكين، بين ايدي بعض الكهنة، الذين يظنون ان واجباتهم تنحصر في إقامة الذبيحة الالهية والخدمات الروحية التقليدية، أمّا الاعتراف فانه قد انتقل إلى الاخدار السماوية (الله يرحه)، كما جرى لبعض الطقوس التقليدية التي قمتم بإلغائها منذ الساعات الاولى من ارتقائكم كرسي بابل البطريركي.

سيدنا نحن بحاجة للتجديد. ومعنى التجديد هو وجود شيءٍ أقدم، إذًا لا يجوز الغاء القديم والمجيء بشيء آخر غريب، والادعاء بأنّه تجديد.

سيدنا: حالتنا نحن المسيحيون العراقيون في الشتات فيما يعني الاعتراف والتناول حالة مؤلمة، لا تصدق ما تسمعه او يُقال لك عنه. إني واثق من أنك على اطلاع على الواقع الفعلي، كما أني أنا أيضًا اعلم بكل تفاصيل -النقص في كادر الاكليروس الكلداني او المشاكل الحاصلة في الاجراءات الرسمية للحصول على السمات وأحيانًا مواقف ادارات الكنائس الغربية الرسمي وتعدد اللغات في دول الاغتراب -المهجر وأخيرًا قلة المال الذي يجب توفره. كل هذه المعوقات حقيقية ومعروفة، ولكن أظن انه من واجب ابونا وسيدنا البطريرك وكذلك صف مطارنة واساقفة سنودسه المقدس التفكير والعمل بجدية في موضوع الاعتراف الضروي للمؤمن لترسيخ ايمانه بنعم التناول المقدس الذي لا يجوز اقتباله دون ان يكون المتناول في حالة النعمة التي لا يمكن نيلها إلا بالاعتراف الكامل الذي يُرضي الله ويشترطه.

سيدنا أعود والحّ في طلب استثمار محاولة تأسيس مراكز ومشورة روحية خاصة للعراقيين المشتتين في ارجاء العالم، وعليكم بالالتجاء إلى الروح القدس حلال المشاكل الغير قابلة للحل.

 ابونا وسيدنا البطريرك الكلي الطوبى والسادة الاجلاء اعضاء السنودس الكلداني المقدس، لكم خالص التحية والاحترام وتمنياتي في ان يكون طلبي هذا ضمن برنامج نشاطاتكم واهتماماتكم المستقبلية، هنيئأ لكم بـ بطريركنا الجليل وهنيئًا له بصف مطارنته واساقفته الأجلاء. وفقكم الله جميعًا بمواهب الروح القدس وبصلوات امنا العذراء مريم البتول المنتقلة إلى السماء بالنفس والجسد. آمين
 نافع توسا - هولندا 8/8/2021