المحرر موضوع: الكاردينال لويس روفائيل ساكو: كنيسة المشرق الكلدانية والاشورية كنيسة واحدة في الجوهر  (زيارة 2188 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ankawa admin

  • المشرف العام
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2306
    • مشاهدة الملف الشخصي
كنيسة المشرق الكلدانية والاشورية كنيسة واحدة في الجوهر

 الكاردينال لويس روفائيل ساكو
الكنيسة جماعة مؤمنين، يوحدها  المسيح المخلص، ولها مواهبها ورسالتها ومشاركتها وحضورها. هذا الحضور- الخدمة يجعلها  تكبر وتنمو في الاتجاه الصحيح،  وتعبر بالكنائس المحلية الى الكنيسة الجامعة الرسولية.

الانشقاقات والانفصالات في الكنائس ذات التواتر الرسولي المشترك تاريخ طويل، ومشكك ومؤلم. لا علاقة لهذه الانشقاقات بالعقيدة الايمانية، بل انها مرتبطة بعوامل أخرى قومية وسياسية وأحيانا قبلية وشخصية من اجل السلطة. وكما هو معروف ان مسألة السلطة في الكنيسة وفي السياسة هي مشكلة المشاكل، في حين ان السلطة في الكنيسة خدمة وبذل الذات كما قال يسوع: ” الاكبر فيكم ليكن لكم خادما.” ( مرقس 10/43)، وليست للسيادة والتسلط.

انشق الراهب يوحنا سولاقا عن كنيسة المشرق عام 1552-1553 بسبب توريث السلطة فيها منذ  البطريرك شمعون الباصيدي (1437-1497) وليس العقيدة، اذ عندما استفسروا في روما عن ايمانه، اجاب: هو ايمان الرسل1. وهذا كان جواب الربان صوما قبله امام الكرادلة في روما سنة 1287: ” ايماني هو ايمان الرسل: مار توما واداي وماري”2.  قصد سولاقا روما بسبب الصراع على السلطة ولاقتبال الرسامة الاسقفية.  واحتفل بالقداس، اي قداس اداي وماري، الذي كان معتادا عليه، ولانه لم يكن يعرف غيره ولا اللغة اللاتينية. الانشقاق نفسه تكرر مع المطران ( البطريرك) الراحل مار توما درمو عام 1968 الذي انفصل عن كنيسة المشرق بسبب توريث السلطة، وشكل الكنيسة الشرقية القديمة. اما موضوع التقويم كان ذريعة للانفصال، اذ تبنت هذه الكنيسة بعد بضعة سنوات نفس التقويم الغريغوري ولم تعد تتحد مع الكنيسة الام. في النتيجة هذه انفصالات بين الكنيسة الواحدة!

 ثمة قناعة ثابتة حاليا بين الكنائس الرسولية الكاثوليكية والارثوذكسية، بان هذه الكنائس ليست هرطوقية، بل كنائس شقيقة عبرت عن ايمانها بصيغة مختلفة مرتبطة بثقافة ولغة ومصطلحات ذلك الزمان، لكن المضمون واحد. هذه القناعة سهّلت صدور بيان مشترك بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة السريانية الارثوذكسية في زمن البابا الراحل القديس يوحنا بولس الثاني وقداسة البطريرك الراحل زكا عيواص في روما 13 حزيران 1984 وبين نفس البابا وقداسة البطريرك الراحل مار دنحا الرابع في 11 تشرين الثاني 1994. هذه البيانات  ولجان الحوار ليست بروتوكل مجاملة،  بل خارطة الطريق  نحو الوحدة.

 هذه الكنائس  يدعوها الله ” ليكونوا واحدا” ( يوحنا 17/21). الوحدة تتطلب دراسة سياقات الانشقاقات التاريخية وتفهمها،  والعمل على التأوين والتجديد مع الامانة على الاصل، وتجاوز  الغيرة والحساسيّة والتوتر لجعل مسيرتها تاريخ خلاص، ولتعطي  شهادة مسيحية حقيقية، وتحمل رجاءً لمسيحيي  المنطقة.

المطلوب اليوم ان تحافظ هذه الكنائس على خصوصياتها  المشروعة ضمن الوحدة، وان تتعاون مع بعضها بمحبة واحترام، وتفكر بتكوين وعي وجداني بالحوار، لمعالجة المواضيع المشتركة وتقليص المختلف عليها، من اجل بلورة نموذج مقبول للوحدة والشركة والتكامل3.  والشركة  هي  في قلب الكنائس،  كما هي في قلب الحياة الالهية، الثالوث الاقدس.

إن وحدة كنيسة المشرق الكلدانية والاشورية، تشكل قوتها الفعالة في التصدي للتحديات الكبيرة المشتركة التي تواجهها. وحدتها ضمان ديموتها على هذه الارض المشرقية الطيبة.  الانقسام من اجل السلطة خطيئة!

لنترك موضوع القومية للمعنيين بها، ولنتحمل نحن الاكليروس  مسؤولياتنا الكنسية كاملة.  وان تبني السينودس الكلداني في 9-14 اب 2021  تسمية ” البطريركية الكلدانية” بالاجماع  تصب في هذا المنحى. لتكن بابل عمقا تاريخيا يجمع الكلدان، ونينوى للاشوريين، مع  الاخذ بنظر الاعتبار حضارات أخرى متتالية مرت بها المنطقة.

في الختام  رجائي هو  ان  تتوفر الارادة الطيبة  عند رؤساء الكنائس  لكي تتوفر السبل لانجاز هذه  الاهداف النبيلة.

 ليسمع من له اذنان للسماع

______________

1 ساكو، سير بطاركة كنيسة المشرق ولطاركة الكنيسة الكلدانية، بغداد ص 2020 ص 159-162

2 المصدر عينه ص 133-136

3 في خدمة الشركة، اعداد حلقة القديس ايريناوس الارثوذكسية – الكاثوليكية، منشورات الجامعة الانطونيةبيروت 2021، ص ص 14-17