قراءة في كتاب الكاتب جان يلدا خوشابا: ليلى والبقية تأتي
د. صباح قيّاأردد دوماً, بل هي جملة موثقة في رباعياتي الشعرية المتواضعة المنشورة في كتابين صدرا عام 2019, فأقول" إنها نعمةٌ وبركةٌ يغمرُ الخالقُ بها كلَّ من أينعتْ له زهرةٌ يافعةً من برعمٍ غرسه في حقلٍ ليس من اختصاصه".
نعم لقد غمر الرب الكاتب القدير جان يلدا خوشابا بنعمته وبركته فأينع البرعم الذي غرسه, بعيداً عن اختصاصه, عن خواطرَ عميقة المعنى وأبيات شعرية حرة ذات كلمات عذبة تطرب السامع من جهة وتقود بروحه إلى عالم الاحلام اللامتناهي.
صدر الكتاب عام 2020 ويتضمن خواطر من مدرسة الحياة, همسات, نصوص قصيرة, وأبيات شعرية متنوعة موزعة على 102 صفحة. تتخلل الكتاب ايضاً مخطوطات من الفن التشكيلي بريشة أخيه الفنان "جوني يلدا خوشابا" والذي قام بتصميم الغلاف أيضاً. يذكرني هذا الإبداع الرائع بمؤلفات الكاتب الفنان والشاعر الفيلسوف "جبران خليل جبران: الذي أفلح في تجسيد أفكاره الكتابية بمخطوطاته التشكيلية.
يشكر الكاتب الأديب زوجته في الصفحة الاولى من الكتاب بعبارة رومانسية مفعمة بالوفاء قائلاً "شكراً لزوجتي ورفيقة دربي فلولاها لا طعم لهذا الكتاب". همست لنفسي وأنا أقرأ تلك العبارة: يا تًرى هل "ليلى" هي المقصودة؟ أم أن هنالك "ليلى" من فترة العزوبية والصبا؟ بالتأكيد المعنى في قلب الشاعر.
قدّم للكتاب الأستاذ "يلدا قلا" الذي يصفه المؤلف أنه معلمه وملهمه. ويقول عن نفسه: أنا لست بشاعر ولكن هاوي خواطر وقصص قصيرة وحكم... تتجلى هنا صفة التواضع المعروفة عن الكاتب القدير من خلال مقالاته على هذا المنبر.
يصور الأديب مشاعره المتفجرة من تجاربه التي خبرها من مدرسة الحياة التي نهل منها قائلاً: تخونك....... الدنيا كلها وتهملك إلا قلب إمك لا, لم, ولن يخون.
وعن تجربة أخرى يعلن: من أنقذته يوماً هجاني, ومن أخلصت له يوماً نساني, فالإنسان يا ولدي أناني.
وينشد في إحدى همساته: ليس التفاخر بجمال الوجه وكثرة المال يا صاحبي...بل بالفكر والخلق وراحة البال.
وفي همسة أخرى تعكس معاناته الذاتية في مرحلة حياتية معينة يكتب: لو كان قلبي من حديد لتحطم وتصدأ لما عملت وصنعت تلك المراهقة وخططت ونفذت ضدي.
ويسترسل في نصوصه القصيرة في التعبير عن تفاعله مع عجلة الحياة قائلاً: تحزن لدموع عيني ولكنك لا تهتم لنزيف قلبي!!!
ويستطرد في نص آخر: تستطيع اعتقالي ولكنك لا تستطيع مهما حاولت تغيير أفكاري.
من العسير اختيار نموذج أبيات شعرية من بين مجموعة تتميز كلها بجمالية رائعة تحكي قصة الأمس التي أضحكت وأدمعت, أفرحت وأحزنت, إقتربت وابتعدت, أشرقت ثم غابت ولكن ظل دفء بريقها يدغدغ ذكريات تلك الأيام بحلوها ومرها, فيظل منادياً:
إقتربي يا ليلى....إقتربي
إسرحي في صدري
لحظات
إعصري يدي حنيناً
تنهدي واطمئني
فأنا قد تركت الغزوات
ومغازلة الحسناوات
مُنذ سنوات
لا يسعني إلا أن أتقدم للصديق العزيز الكاتب والأديب جان يلدا خوشابا بأرق التهاني على صدور باكورة إنتاجه, وسأردد عبارته الشهيرة "والبقية تأتي" على أمل أن أقرأ له مراراً وتكراراً.