توطئة- لماذا الان؟
ينعقد الشهر المقبل (أيلول ٢٠٢١) سينودس كنيسة المشرق الآشورية لغرض انتخاب بطريرك يخلف البطريرك الحالي مار گيورگيس الذي اعلن انه سيتنحى عن منصبه. وقبل فترة قام بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة مار أدي بتوكيل مطران أستراليا مار ياقو دانيال القيام بمهام البطريركية، وهي إشارة واضحة إلى أن مار ادي لم يعد قادرا على القيام بمهامه بصورة كاملة.
الى أين مما نحن عليه الان؟
ومع اننا نتمنى على البطريركين دوام الصحة والعمر المديد فاننا على أمل أن تُستغل هذه الفرصة السانحة لتوحيد شطري الكنيسة، او على الاقل وضع خريطة واضحة المعالم بهذا الاتجاه من قبل الطرفين.
وقد تبدأ هذه العملية بأن يُصار الى اجتماع اولي بين مار گيورگيس ومار ادي ليعلنا للرعية نيتهما الصادقة بالتوحيد وتنحيهما بعد انتخاب بطريرك جديد واحد، ثم يلي هذا الإعلان البطريركي لقاء او لقاءات تضم كل الأساقفة من الطرفين في سينودس موحد بغية تذليل الصعوبات وتنقية الاجواء وتحديد آلية انتخاب البطريرك المقبل.
لماذا وكيف؟
ان لم شمل شطري الكنيسة هو مطلب جماهيري وفي نظرنا حتمية كنسية لا مناص منها. ولهذا فأن اللجوء الى تبرير فشل هكذا خطوة او محاولة كل طرف إلقاء اللوم على الطرف الاخر سيكون فاقدا للمصداقية وغير مقبول. ولهذا ارتئي ضرورة التصرف بحكمة وشجاعة وعدم التعجل في انتخاب بطريرك جديد لكنيسة المشرق دون مشاركة أساقفة الكنيسة من الجانبين، لان اي حل مجتزء سيجعل اي عمل وحدوي في المستقبل أكثر تعقيدا، ناهيك انه قد يُنظر إليه على أنه فعل استعلائي وفرض للأمر الواقع، وعندها ستضيع فرصة أخرى لتوحيد شطري الكنيسة.
وبالطبع سيقتضي لاتمام هذا المهمة الوحدوية وضع كل الخلافات التاريخية والآنية والشخصية على جانب، وتقديم ما هو في صالح كنيسة المشرق على الجزئيات، وعدم التعامل بمبدأ من هو الأصل ومن هو الفرع. وطالما ان الشطرين متفقان عقائدياً ولغوياً و طقسياً فإن مسألة إعادة توحيدهما ليست معقدة، طالما توفرت النية والرغبه والثقة المتبادلة لتضليل بعض العقبات الثانوية مثل التقويم وغير ذلك. ولاستلهام تراث هذه الكنيسة المجيد نرى الإبقاء على اسمها التاريخي (كنيسة المشرق) وتعريفها بانها (مقدسة ورسولية) ولكن دون غيرها من الإضافات سواء كانت قومية أو زمنية مما لا يتلاءم مع ميراثها ككنيسة جامعة رغم الاعتزاز بكل الاقوام التي احتضنتها كنيسة المشرق .
آفاق المستقبل/وحدة رغم الخصوصيات
ان اتمام الوحدة بين هذين الشطرين المتماثلين في اغلب الخصائص سيجعل بعدها عملية التكامل مع الجزء الآخر من كنيسة المشرق والمتمثل بالكنيسة الكلدانية الهدف المرتقب. رغم ان الواقع العملي قد يتطلب وقتا اطول لتحقيق هذا التناغم بالنظر إلى اتحاد الكنيسة الكلدانية مع الكنيسة الرومية وبعض الاختلافات في العقيدة حتى وأن كانت في جوهرها مظهرية ولفظية فقط. ان ما تحقق من تقارب بين كنيسة المشرق الآشورية وكنيسة روما منذ التسعينات من القرن الفائت لا ريب سيجعل من عملية التكامل المؤملة بين اجزاء كنيسة المشرق اكثر سلاسة ويسهل قبول الخصوصيات على الجانبين.
الطريق الوعر
لعل أكثرنا قد تغلغل فيه اليأس وتغلب عليه القنوط من اي التقاء بين أطراف كنيسة المشرق بعد قرون من التمزق، ولكن ذلك يجب ان لا يمنعنا من الرغبة في تحقيق ذلك الحلم وان بدا سرابياً وبعيد المنال.