تعقيب على مقالة سيدنا مار سعد سيروب ومناشدة الى سيدنا غبطة مار لويس ساكو المحترمين
د.عامر ملوكامقالة حول تغيير اسم بطريركية بابل الكلدانية
تعقيب على مقالة سيدنا مار سعد سيروب ومناشدة الى سيدنا مار لويس ساكو المحترمين
جاءت مقالة سيدنا سعد سيروب ،وكما بيّن في مقالته نتيجة التساؤلات الكثيرة حول نقطة تغيير اسم البطريركية ،وحذف كلمة بابل ،واشتملت مقالته العقلانية والمنطقية في الطرح ومناقشة الأمور بقلب مفتوح ،وطرح الحقائق بجرأة وتواضع وشجاعة رجل الدين الملتزم .
في الفقرة الأولى يوضح سيادته بأن مقترح تغيير الاسم ،هو مقترح شخصي لغبطة البطريرك ،وتم وضع هذا المقترح أمام السينودس للتصويت ،وعليهم التصويت من بين" ثلاثة اختيارات الأول : ــ (البطريركية الكلدانية)؛ والثاني (بطريركية بغداد (المدائن) للكلدان؛ والثالث بطريركية المشرق الكلدانية ،وتم ذكر إنّ رفع كلمة بابل وهي مدينة عربية مسلمة ولم تكن يوماً كرسياً اسقفيا" . نحن نستغرب من اين جاءت فكرة التغيير ،وإذا كان لغبطته سبباً لتغيير الاسم ،فهناك عشرات الأسباب لعدم تغييره ، ولا نريد ان ندخل فيها ، ولو فرضنا انك لم تقترح هذا التغيير ، فبالتأكيد سوف لن يلومك أحد لا من المطارنة الاجلاء ولا من الشعب المؤمن .
ثم يذكر سيدنا سعد في الفقرة التاليه على نقاط في غاية الأهمية ،وهي وجود معارضة لهذا المقترح وذلك من خلال عدم الحاجة لمثل هذا التغيير ،وهذا ما بيناه في مفالنا أعلاه ،والأهم ، اعتراف واضح منه بضبابية المعلومات التاريخية المقدمة من قبل غبطته للسينودس ، ويوضح سيدنا أيضا بان السينودس قد توقع بأن مثل هذا التغيير ،سيكون له تأثير على الواقع الديني( الكنسي) والقومي لأمتنا وشعبنا الكلداني في كافة انحاء العالم ،وهذا ما حصل فعلا وما نشهده من بلبلة وانقسامات وانفعالات متشنجة ،وإن كانت في معظمها الغالب معارضة وغير مؤيدة إلا للبعض القليل جدا وذلك لحسابات سياسية او منفعية بحتة او أسباب فكرية غير مقنعه .
في الفقرة الأخرى يبين سيدنا احتمالية الخطأ والتسرع ، وهذه صفات إنسانية ، حيث لا يوجد انسان معصوم منها ، وبنفس الوقت لها بعد انساني راقي في عقلية وتفكير سيدنا سعد ، وهي سمات ومواصفات يتميز بها الحكماء والمفكرون والرجال الحضاريون ،ويبين انها كانت مادة مطروحة ولابد لنا من مناقشتها وإقرارها .
. وهذه الفقرة تشمل نقطة مهمة ، فالأمر والتقرير لايزال داخل البطريركية ، ويحتاج للإقرار النهائي من قبل الكرسي الرسولي ، وهنا نناشد سيدنا الكاردينال ساكو والذي عودنا في مقالاته وحواراته على قبول الأخر ،والتواضع والمسامحة ،وعدم التعصب لفكرة او رأي ، ومطالبته لوحدة الكنائس حتى لو كان ذلك على حساب الكرسي البطريركي ، فنحن هنا سيدنا نناشدك ونطالبك كأب وراعي لكنيستنا ،بأن تتريث او تؤجل رفع هذا المقترح ،وتركه للزمن وللكثير من الدراسات والبحوث والتوافق بين الأغلبية ،وهو بالتأكيد ليس به أي مساس لا بالعقيدة ولا بالأيمان المسيحي لكنيستنا .
في الفقرات الأخيرة يؤكد سيدنا مار سعد اعتزازه العالي بقومتيه وانتماءه الكلداني ،وكرجل دين ملتزم يعلن محبته لأخوتنا الاشوريين والسريان ،وإننا نشترك معهم بالكثير من الأمور التي تجمعنا ، واهمها الايمان المسيحي وينتقل الى نقطة مهمة عندما يقول " ومن لديه شك في المعلومات التاريخية فعليه هو ان يراجع نفسه.. مهما كانت مكانته أو علمه.."
ونستنتج بانه غير متوافق مع رفع كلمة( بابل) من التسمية ،ويؤكد ذلك من خلال أهمية هذا الاسم بشواهد من الكتاب المقدس ،والاهمية التاريخية لهذه المدينة ، ويدعو منطلقا من ايمانه المسيحي الجميع للتحلي بالحكمة والصبر وان نحب كنيستنا ونحافظ على وحدتها بكل تواضع ومحبة.
سيدنا غبطة البطريرك مار لويس ساكو.
من خلال كل الافرازات والمماحكات التي لازالت ملتهبة بين اغلبية عظمى معارضة من المؤمنين الذين عارضوا تغيير التسمية ،ورفع اسم بابل وبين حضرتك وارجو أن تكون كلماتي هذه كلمات صادقة من مؤمن الى الراعي ، ومن مسيحي مؤمن الى أخيه المسيحي المؤمن ، ومن مثقف الى مثقف وعلم من اعلام شعبنا المسيحي في العراق ، ودائما نكن لثقافتكم وايمانكم وحرصكم العالي على الكنيسة وشعبها بكل مسمياته.، وكتبتم سيدنا في الكثير من المواضيع التي تخص الانسان كانسان او المواضيع الدينية التي تخص الايمان المسيحي ومنها التواضع والمسامحة وقبول الاخر وثقافة الاعتذار واللاعنف بالفعل والكلام والتواضع وهذه كلها قد لا يملكها الكثير من العلمانيين ونحن متأكدون من ان هذه الصفات في معظمها هي منهاج حياة لرجل الدين المسيحي ووجدناها في شخصيتكم المتواضعة والبسيطة والمحبة ونحن المثقفون نفتخر بكم كثيرا كمثقف وانسان حضاري قبل ان تكون رجل دين لان الصفة الأولى هي من يحافظ عليها التاريخ بأحرف من نور ، وانتم واحد من ثلاثة او أربعة من اعلام الفكر ويحملون الفكر النير والثقافة التي تمكنكم من خدمة رعيتهم والانسان في كل مكان.
سيدنا العزيز ، ارجو منكم فيما يخص المقالات والردود وكل ما يكتب عن موضوع التسمية ان تتريثوا في الإجابة والرد او ان لا تجيبون ، وهذا ليس بهروب او عدم المقدرة في الإجابة لا سامح الله ،ولكن موقعكم الرسمي المحترم وكثرة الاخذ والعطاء في أمور التاريخ والسياسة قد توقعكم لا سامح الله في بعض الإشكالات ونحن الشعب المؤمن حريصون جدا على اسمكم ومحبتنا لكم تمنعنا من ان يمس اسمكم او مقامكم أي اشكال.
سيدنا العزيز
من خلال فقرات مقررات السينودس ،لم يكن هناك حضور للعلمانيين في هذا الاجتماع ،ولأ اعتقد انهم قد بلغوا بمثل هذا التغيير ولم يطرح على أي متخصص ، وانما وكما ذكر سيدنا سعد انه طرح على الطاولة ، ولابد من اختيار واحد من ثلاثة تسميات لا غير ومقترحه من قبلكم ،والتصويت عليها. وهنا لا نريد ان ندخل في جدلية التاريخ ،وأيهما الأفضل من التسميات ولكن الأهم ان نحافظ على كنيستنا ووحدتها ،وأن يكون رجال الدين والمؤمنون جسداً واحداً في السيد المسيح له كل المجد ، وكلنا ثقة ويقين بعدم احقية تدخل العلمانيين بالشؤون الكنسية الصرفة وهذا ما هو واقع منذ تسلمكم كرسي البطريركية ، متأكدين بانها بأيادي امينة وتعمل لخدمة الجميع وانطلاقا من ما كتبه سيدنا مار سعد " ، فالأمر لا يعود الى السينودس الكلداني وحده لتقرير هذا الأمر ،بل الأمر يعود الى الكرسي الرسولي والفاتيكان التي هي راعية الكنيسة الجامعة والتي كانت في تبني التسمية واطلاقها"
فتستطيع سيدنا وانتم ممن تناشدون بعدم التعصب لفكرة او رأي ، وتشيعون ثقافات التسامح والاعتذار وقبول الاخر ،والغفران والمسامحة والاعتذار ان تتريثوا في رفع هذه الفقرة من مقررات السينودس ونعتقد جازمون بانها سوف لن تؤثر على مسيرة الكنيسة او مستقبلها لابل سوف تنهي هذا الجدال والتنافر الغير مجدي وتيقن سيدنا الجليل ان هذه الخطوة سوف تسجل لك في التاريخ لما تحمله من محبة وتواضع وتسامح وهي من صفات المفكرين والقادة والمصلحين وان ابنائكم جميعا كتاب ومثقفين وشعب مؤمن سوف يقدرون عاليا محبتكم هذه وتزيدهم إصرار ومحبة وتفاني من اجل رفعة اسم ومكانة كنيستنا العزيزة .
وهذه فقرة من مقالة لنا نشرت سابقا عن ثقافة الاعتذار..
البيئة تلعب دورا كبيرا في نشر ثقافة الاعتذار. في بيئتنا الشرقية ونظرا الى تحديد هوية الذكر والانثى ولثقافة النون بين الفَين (انا) العظمى التي تبدا وتنشا منذ مرحلة الطفولة تجعل من الاعتذار شبه مفقود او غير مألوف ، اضافة الى ربط الاعتذار بمفاهيم مرتبطة بطبيعة المجتمعات حيث يعتقد الكثيرون أن الاعتذار سمة من سمات الإنسان ذي الشخصية الضعيفة، ولكن هذا المفهوم خاطئ تماما وليس له أساس من الصحة. فشجاعة الاعتذار لا يمتلكها الكثيرون ، وهي من سمات قوة الشخصية والثقة العالية بالنفس ، وهذا يتطلب ثقافة عالية وفكرا راقيا ، فهو انتصار على الذات المتعالية وايضا مقاومة شهوات الدنيا وبيرقها الاخاذ. ويأخذ الاعتذار اسمى معانيه عندما يأتي من القوي للضعيف ، من الاب لابنه ، من الرئيس الى المرؤوس ومن الغني للفقير ....... ويأخذ الاعتذار قيمة اكبر عندما يأتي بعد ارتكاب الخطأ مباشرة وان يكون في ظروف وبيئة مشابهة او متطابق مع بيئة وظروف ارتكاب الخطأ .
د. عامر ملوكا