المحرر موضوع: حينّما يرجعْ الكلدانَ لجذوَرَهمّ  (زيارة 1514 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 حينما يرجعّ الكلدان لجذورهم.
صيغةْ مقالات كثيرة في الآونة الآخيرة حول تحويل آسم بطريركية بابل على الكلدان، إلى أسم بطريركية الكلدان، دون ذكر بابل. منها ما كان رافض والأقل مؤيد، وعلى هذا كان رد فعلّ الكُتاب والمهتمين بالشأن الثقافي العام والقومي خاصة رافضًا للتسمية الآخيرة، أي حجبّ مدينة بابل من العنوان الرئيسي للكلدان الكاثوليك. كل هذا جاء في جدول أعمال السينودس الكنسي لمطارنة الكلدان السنوي المُنعقد من 9 ألى 14 آب 2021 في بغداد مقر البطريركية الكلدانية في منطقة المنصور. وجاء قرار التصويت على التسمية الجديدة بالإجماع من أصحاب السادة المطارنة، حسب موقع البطريركية الرسمي.
في تقديري، إن التعاطي مع هكذا إشكالية يُحتم علينا ضرورة الاستعانة بالتاريخ، التاريخ الصحيح وليس التاريخ الذي يُدغدغ العواطف والمشاعر وبدون سند حقيقي يثبت ذلك. لنكن واقعيين قليلًا، فقبل حوالي 75 عامًا انتحر ادولف هتلر زعيم الرايخ الثالث، وإلى اليوم لم تؤكد عملية الانتحار تلك، أمّ كانت هروبًا، مع كل هذا التطور العلمي وتحاليل ال DNA والمسح الجيني ولكن إلى اليوم لم يُجزم بشيء فعليّ، كلها نظريات تقف عند عتبة اليقين لا أكثر. فما بالك عزيزي القارئ بشعوب عاشت قبل 1763 أو 2000 عاما قبل الميلاد. من يجزم بجدّ ويقين من أين آتت الشعوب الكلدانية، والشعوب الآشورية والشعوب الحثية وغيرهم من سكن تلك البلاد الشاسعة قبل آلاف السنين، خذ مثلًا الباحث العراقي جواد علي يقول أن مدينة الجرها تقع في القطيف، على ساحل الخليج العربي في السعودية (نجد والحجاز) هي موطن الكلدان الأصلي وكانت تتمتع بعلاقات جيدة مع بلاد بابل. وهذا أحمد سوسة له رأي أخر حيث يرجح أن موطن الكلدان الأصلي هو شواطئ الخليج العربي أقصى جنوب العراق. وهناك من يرى أنهم قد هاجروا من الجنوب الشرقي من جزيرة العرب (عُمان) في حدود الألف الثاني ق.م، زاحفين باتجاه الشمال  واستوطنوا في جنوب ووسط بلاد الرافدين، وسكنوا الأهوار والمستنقعات وعاشوا على طول المجرى السفلي للنهرين بين الخليج العربي والمدن الواقعة في اقصى جنوب بلاد بابل. الآراء متضاربة وعديدة ومن الطبيعي مع هذا القِدم أن يشوبها بعض الغموض والضبابية في الطرحّ.
الذي يهمنا في هذا المقّال هل المسيحيين من الطائفة الكلدانية اليوم هم أحفاد كلدان الأمس، وهل إلصاق مدينة بابل لهم تاريخياً صحيحة، أم مجرد أسم أطلق عليهم في وقتًا ليس بالبعيد.
فكما هو معروف أن أول من أطلق تسمية كلدان هو البابا مبارك الثاني عشر في قبرص عام 1340 على مجموعة من أبناء كنيسة المشرق كانت متواجدة على أرض تلك الجزيرة هربًا من الاضطهاد أرادت الانتماء للكنيسة الكاثوليكية، ولكن لم تجري الأمور طويلًا بين المذهبين فعاد المتحدين للعقيدة النسطورية مرة ثانية، وفي عام 1445 أعيد النظر في التسمية أثر مجمع فلورنسا، على زمن البابا أوجين الرابع، ولكن لم تستقر التسمية نهائيا ألا عام 1828 على زمن البطريرك يوحنا هرمز. حتى في وقت البطريرك مار يوحنا سولاقا (1510- 1555)، كان الأسم الكلداني مُتذبذب لم يستقر بأذهان بالجماعة بعد. بمعنى أن هذه التسميات حديثة بعض الشيء.
المعضلة تكمن في أن بعض الأزمات التاريخية تُربك الناس، حيث ارتبط اسم الكلدان حتى إلى وقت قريب على مسيحيين كانوا بالأصل سريان مشارقة، أو أتباع كنيسة فارس، أو الكنيسة الفارسية، واستقرت في الأذهان لتغدو مع الأيام كأنها هي الأصل من منظور تاريخي. فكما هو متداول أن للعراق تسميات عديدة قديمة وحديثة، حيث تُطلق كلمة بابل على العراق ككل، وبلاد وادي الرافدين Mesopotamia، في الجامعات والدراسات الغربية، وبلاد آشور، وبلاد سومر، وأرض السواد، وفي التوراة جاءت بصيغة أَرَامِ لنَّهْرَيْنِ، بمعنى أدق ومباشر لو أطلق الحبر الروماني البابا أوجين في ذلك الوقت على المسيحيين الذين يسكنون جزيرة قبرص أسم الأكاديين تيمنًا بأسم مدينة أكد لكنا اليوم مسيحيين أكاديين، أو الوركاء ( أوروك)، لكنا أيضًا مسيحيين أوركيين، أو كنيسة سومر لكنا مسيحيين سومرين، ولسارت التسيمة مع الوقت وباتت هي الدارجة عند الجماعة ويصبح لها سندّ وعمق ثقافي في وجدان الناس وبُعد روحي أيضًا.
غياب رؤية شاملة للتاريخ يعطي نظرة ضيقة للأفق وقراءة محدودة. فحتى الآشوريين اليوم ليسوا من سلسلة دولة أشور القديمة. حيث أول من أطلق عليهم أسم الآشوريين كان شخص بريطانى جاء في بعثة لشمال بلاد أشور القديمة جغرافيًا على مجاميع تسكن تلك المناطق. حسنًا إن كانوا صحيح إدعائهم بأنهم أحفاد الآشوريين القدماء لماذا لم يُسموا أنفسهم بالاسم الآشوري قبل البعثات الإنكليزية لهم في المناطق الجبلية في قوجانس وسلامس. هنا التاريخ يقول كلمة الفصل، ففي 7 ينايركانون عام 1870 أطلق رئيس اساقفة كانتربيري أسم مسيحي بلاد أشور على السريان  الذين يقطنون تلك النواحي على تخوم الدولة الآشورية القديمة. ومن هنا كانت هذه هي الإرهاصات الاولى في بعث اسم آشور والأشوريين. وقد لعب أعضاء البعثة الإنكليزية كل من  آرثر ماكلين وولين وهنري دورًا هاما في إبراز هذا الاسم، وليس عمقًا تاريخيا للدولة الآشورية القديمة. حتى الكنيسة الآشورية اليوم عمرها لا يزيد عن 45 سنة، والجناح الآخر من الكنيسة لا يسمون أنفسهم بالآشورية أصلًا، فهي كنيسة المشرق القديمة كرسي ساليق وقسطيفون، لا آشور ولا غير آشور.
في ظلّ مثل هكذا أوضاع والذي يعكس تخبطًا في التعابير والتعاريف والمصطلحات وحتى التاريخ ذاته يظلّ إلقاء المسؤولية على الآخرين بمثابة لجوء إلى الحلّ السهل.
الخلاصة من كل ما تقدم، إن الأمر الوحيد الذي يمكن أن يأتي بأيّ نفع على الجميع ومن كل الطوائف والمذاهب هو إعادة قراءة العقيدة والدين المسيحي قراءات جادة ومُعمقة من جديد، على سبيل المثال لا الحصر  كم من الكلدان يعرفون ما هي طبيعة السيد المسيح وهم على المذهب الكاثوليكي.
 في النهاية يستطيع كلّ مؤمن كلداني أو غير كلداني أن يسأل نفسه ما الذي تستطيع الأحزاب السياسية المسيحية القومية أو الإتحاد القومي أو أعياد أكيتو تقديمه لهم.
نحن اليوم في امس الحاجة إلى الابتعاد عن المزايدات التي لا تنفع أحد خاصة في هذا التوقيت بالذات، مع الهجمة الشرسة التي يشنها البعض ضد الكنيسة، من كان يصدق أن شخصية مهمة تأتي بعد البابا مباشرةٌ مثل الكاردينال جورج بيل يقبع وراء القضبان أكثر من عام دون جريرة تذكر، فقط لأنه وقف ضد تيار المثلية الجنسية Homosexuality.
يبقى الأهمّ من ذلك كلّه هل نستطيع نحن تجاوز  هذه، التسميات والنظر للمهم، وهل ينتصر صوت العقل بالنهاية، هنا يكمن السؤال الاكثر اهمية، برأي المتواضع تصعب الإجابة في الوقت الحاضر عن هذه الأسئلة.
 الزُبْدَة تكمن في مقولة شيشرون، من لا يقرأ التاريخ يبقى أبد الدهر طفلًا صغيرًا.




المصادر:-
سوسة- احمد (اليهود والعرب في التاريخ).
سوسة- أحمد( تأريخ يهود العراق).
علي- جواد ( من هم العرب).
المطران لويس ساكو ( خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية) كركوك 2006.
ألاب ألبير أبونا ( تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية) الجزء الثاني.


غير متصل قشو ابراهيم نيروا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4732
    • مشاهدة الملف الشخصي
غياب رؤية شاملة للتاريخ يعطي نظرة ضيقة للأفق وقراءة محدودة. فحتى الآشوريين اليوم ليسوا من سلسلة دولة أشور القديمة. حيث أول من أطلق عليهم أسم الآشوريين كان شخص بريطانى جاء في بعثة لشمال بلاد أشور القديمة جغرافيًا على مجاميع تسكن تلك المناطق. حسنًا إن كانوا صحيح إدعائهم بأنهم أحفاد الآشوريين القدماء لماذا لم يُسموا أنفسهم بالاسم الآشوري قبل البعثات الإنكليزية لهم في المناطق الجبلية في قوجانس وسلامس. هنا التاريخ يقول كلمة الفصل، ففي 7 ينايركانون عام 1870 أطلق رئيس اساقفة كانتربيري أسم مسيحي بلاد أشور على السريان  الذين يقطنون تلك النواحي على تخوم الدولة الآشورية القديمة. ومن هنا كانت هذه هي الإرهاصات الاولى في بعث اسم آشور والأشوريين. وقد لعب أعضاء البعثة الإنكليزية كل من  آرثر ماكلين وولين وهنري دورًا هاما في إبراز هذا الاسم، وليس عمقًا تاريخيا للدولة الآشورية القديمة. حتى الكنيسة الآشورية اليوم عمرها لا يزيد عن 45 سنة، والجناح الآخر من الكنيسة لا يسمون أنفسهم بالآشورية أصلًا، فهي كنيسة المشرق القديمة كرسي ساليق وقسطيفون، لا آشور ولا غير آشور.
في ظلّ مثل هكذا أوضاع والذي يعكس تخبطًا في التعابير والتعاريف والمصطلحات وحتى التاريخ ذاته يظلّ إلقاء المسؤولية على الآخرين بمثابة لجوء إلى الحلّ السهل. [/quote]
             ܞ
ܡܝܩܪܐ ܐܢܐ ܡܨܢ ܪܒܐ ܨܦܝܝ ܡܓܘܘܒܢܘܟ ܐܝܢܐ ܥܠܬܐ ܕܦܫܡܬܐܝܠܗ ܥܢܟܒܐ ܕܟܐ ܒܫܝܦܐܠܗ ܐܩܦܝܬܝ ܐܢܐ ܒܘܬ ܐܡܪܢܘܟ ܒܘܬ ܬܫܥܝܬܐ ܕܥܕܬܘܟ ܦܵܦܵܝܬܵܐ ܡܢ ܐܝܡܢ ܦܫܠܗ ܡܫܘܪܝܬܐ ܘܡܢܝ ܩܕܡ ܩܪܐܠܗ ܟܠܕܝܬܐ ܘܡܢܝ ܝܢ ܬܚܘܬ ܕܐܝܢܝ ܪܫܢܘܬܐ ܐܝܠܗ ܥܕܬܘܟ ܦܦܝܬܐ ܕܟܐ ܐܢܬ ܒܐܡܪܐܝܘܬ ܐܢܓܠܝܙܝܐ ܩܪܐܠܗܘܢ ܩܬܢ ܠܫܡܐ ܩܕܝܫܐ ܕܐܬܘܪ ܕܟܐ ܬܫܥܝܬܐ 7 ܐܠܦܐ ܫܢܐܠܗ ܕܟܐ ܐܫܘܪܝܐ ܐܝܬ ܕܟܐ ܐܚܬܘܟ ܡܢ ܕܐܗܐ ܐܘܡܬܐ ܘܥܕܬܐ ܝܡܝܬܐ ܕܡܕܢܚܐ ܦܠܛܠܗܘܢ ܘܦܫܠܗܘܢ ܩܬܘܠܝܩܝܐ ܬܒܥܐ ܠܓܢܤܐ ܢܘܟܪܝܐ ܕܡܥܪܒܐ ܐܡܝܢ ܀ ܩܫܘ ܐܒܪܗܡ ܢܪܘܝܐ 4-9-2021

غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5234
    • مشاهدة الملف الشخصي
أخي سـلـوان ساكـو
لا تسمح لـقـلـمـك أن ينـفـلـت من رجاحة تـفـكـيـرك
وإن لم تـستـطع السيطرة عـليه فالأفـضل أن تـقـرأ فـقـط و بصمت

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العزيز Michael Cipi المحترم
شكرا لمروركم على نصوص المقال.
مع تحياتي.