المحرر موضوع: الذكرى العشرين لاعتداءات 11 سبتمبر تأتي بوجود سعودية جديدة  (زيارة 590 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31431
    • مشاهدة الملف الشخصي
الذكرى العشرين لاعتداءات 11 سبتمبر تأتي بوجود سعودية جديدة
السعودية تستقبل هذه السنة ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر بشكل مختلف عن السنوات السابقة حيث تجاوزت عقدة الاتهام بالضلوع في هذا الهجوم الإرهابي وهي تدعم كل المطالب التي تحث على رفع السرية عن الوثائق المرتبطة بالتحقيق فيه، ماضية في نفس الوقت في سلسلة من الإصلاحات الجذرية التي تجسد سياسة واقعية تتماشى مع العالم المتغير.
MEO
سير بخطوات متأنية نحو القطع مع الماضي
 الإصلاحات الراهنة من نتائج هجمات 11 سبتمبر
 السعودية تفكّك هياكل وشبكات الإسلام الراديكالي داخل البلاد
 المناهج التعليمية من أبرز القطاعات المستهدفة بالإصلاح

الرياض– تغيّر المجتمع السعودي كثيرا بعد عشرين عاما من اعتداءات 11 سبتمبر، في ظلّ حملة إصلاحات تهدف إلى تظهير صورة يغلب عليها التسامح الديني والانفتاح. كما تغيرت أيضا السياسة الخارجية السعودية وتم تطوير العقيدة الدفاعية في سياق رؤية تتطلع إلى القطع مع تلك الصورة النمطية التي سعى الإعلام الغربي، والأميركي أساسا، إلى ترسيخها منذ هجوم 2001.

سنة 2015، كانت بداية الكشف عن السعودية "الجديدة". التغيير لم يبدأ من الداخل بل من الخارج مع إعلان عاصفة الحزم في اليمن (مارس 20145). قادت السعودية تحالفا عربيا لاستعادة الشرعية في اليمن. كان ذلك الإعلان فرصة للرياض لامتلاك زمام المبادرة في إحداث توازن عسكري ونووي مع إيران في ظل سياسة أميركية لم تكن ترى غير توقيع الاتفاق النووي حتى لو كان ذلك على حساب أمن المنطقة وأمن الحلفاء.

تطورت السياسة الخارجية السعودية وبدأت الرياض تروج لروية تقوم على تنويع المصادر والشركاء، كما تطوير إستراتيجية الاعتماد على الذات حتى في مجال الصناعات العسكرية وتعبيد الطريق نحو مرحلة ما بعد النفط. وهذا كان محور رؤية السعودية 2030 التي أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في 2017 وأحدثت "صدمة" للداخل قبل الخارج.

قطعت هذه الرؤية، وما تبعها من أفعال تؤكد على جدية الأقوال، مع صورة المملكة المتشددة والمنغلقة التي لطالما كانت الشماعة التي يسارع كثيرون إليها لابتزاز السعودية التي كانت مضطرة في كل مرة إلى العمل جاهدة لنفي أي صلة لها بالاعتداءات التي نفذّها تنظيم القاعدة وأودت بحياة نحو ثلاثة آلاف شخص.

مراجعة شاملة
 بعد أحداث 11 سبتمبر وجدت السعودية نفسها أمام انتقادات من جانب الولايات المتحدة وبرودة في العلاقات معها لفترة طويلة. وتردّدت الرياض في تلك الحقبة في إجراء تغييرات دينية واجتماعية استجابة لضغوط حضتها على القيام بإصلاحات في المناهج الدراسية تحديدا التي ينظر إليها على أنها تعزّز التطرف وتتبنى تفسيرا متشددا للإسلام السني.

لكن المتغيرات الإقليمية والدولية، وتأثيراتها على الداخل السعودي استوجبت وقفة ومراجعة شاملة، للسياسة الخارجية، للمجتمع، للاقتصاد، للعلاقة مع الإخوان المسلمين، لمركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولغير ذلك من السياسات والمظاهر والقوانين التي كانت تعيق تحقيق أي اختراق أو تغيير في نسيج المجتمع السعودي وسياسة الدولة وتوجهاتها.

تشهد الدولة الثرية إصلاحات اقتصادية واجتماعية ودينية جذرية. فقد سمح للنساء بقيادة السيارات، وباتت الحفلات الغنائية مسموحة، ووضع حدّ لحظر الاختلاط بين الرجال والنساء. وقُلصت صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واختفى المطاوعون من الشوارع.

في الرياض، أصبحت المتاجر والمطاعم تستقبل الزبائن خلال وقت الصلاة، فيما بات استعمال مكبّرات الصوت الخارجية في المساجد مقصورا على رفع الأذان والإقامة للصلاة فقط، في خطوة أثارت جدلا محليا. وفتحت البلاد  أبوابها أمام السياحة غير الدينية، مستقبلة آلاف الزوّار غير المسلمين.

وتؤكدّ الباحثة في مركز “كارنيغي” للأبحاث ياسمين فاروق أنّ الإصلاحات الراهنة هي “إحدى نتائج هذه الهجمات (11 سبتمبر) على المدى الطويل”، مضيفة " وبحسب فاروق، فإنّ الذكرى العشرين للاعتداءات “تأتي نوعا ما بوجود سعودية جديدة”.

تغيرت السعودية. تلك الدولة التي كان اللوبي المعارض لها في الولايات المتحدة يخنقها بملف أحداث 11 سبتمبر وملفاته "السرية"، هي اليوم ترحب بكشف كل الأسرار وفتح كل الملفات المتعلقة بالهجمات الإرهابية التي استهدفت برجي مركز التجارة العالمية في ومبنى البنتاغون.

وقالت السفارة السعودية في واشنطن في بيان “لا يمكن للمملكة العربية السعودية إلا أن تكرر دعمها المستمر لرفع السرية الكامل عن أي وثائق ومواد”، على أمل أن يؤدي ذلك “إلى إنهاء المزاعم التي لا أساس لها من الصحة بشأن المملكة بشكل نهائي”.

وشارك 15 من حملة الجنسية السعودية من بين 19 انتحاريا، في اعتداءات 11 سبتمبر، ما دفع عائلات الضحايا إلى اتّهام الرياض بأنّ لها صلات بالخاطفين الذين هاجموا بطائرات مدنيّة مركز التجارة العالمي ومقرّ البنتاغون.

صورة مختلفة
منذ وصول ولي العهد الشاب الساعي لتغيير صورة بلاده إلى السلطة، تخوض السعودية حملة انفتاح كان يصعب تخيّلها قبل سنوات قليلة. في موجة التغيير في السعودية، جاءت حادثة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي. سعى البعض إلى استغلال تلك الحاثة لتصفية الحسابات مع الرياض والأمير محمد بن سلمان، لكن الإصلاحات لم تتوقف وفشلت الحملات المضادة في تحويل الحادثة إلى "مأزق"،  بل كانت فرصة للتأكيد على أن السعودية التي لم تعد تلوذ بالصمت أمام الحملات المضادة.

ويرى مستشار الحكومة السعودية علي الشهابي أنّ ذكرى الهجمات ضد الولايات المتحدة تأتي فيما السعودية “مكان مختلف تماما وأفضل”، مشيرا إلى أنّ حملة إصلاحات ولي العهد “قامت بتفكيك هياكل وشبكات الإسلام الراديكالي داخل البلاد”. ويعتقد الشهابي أنّ أي “إرهابيين يخططون لشن هجوم مماثل لما حدث في 11 سبتمبر، عليهم البحث في مكان آخر غير المملكة عن مجندين، مع التراجع السريع في أعداد الشباب السعودي الذي يتلقى عقائد إسلامية رجعية”.

لكن بعض الخبراء يشكّكون في قدرة هذه الإجراءات فعلا على تجفيف منابع التشدّد في المجتمع.

وترى فاروق أنّ هذه الإصلاحات ليست كافية “للقضاء على التطرّف لأنها لا تنطوي على حوار مجتمعي يعالج حجج المتطرفين”، مشيرة إلى أنّ “التغيير مفروض على المجتمع” من أعلى. وقالت إنّ فتح “الحوار أمر مهم للغاية لتحقيق الأهداف وليس فقط لفرض التغييرات على الناس”.

وبالنسبة إلى الباحثة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن كريستين ديوان، فإنّ أحد أبرز جهود الإصلاح يجب أن يتركز على المناهج التعليمية التي لطالما ارتبطت بالوهابية. وترى ديوان إنّ “إصلاح نظام تعليمي كامل – المناهج والمعلمون والمؤسسات- مهمة هائلة تشبه إعادة تشكيل المجتمع نفسه”.

وتقوم السعودية راهنا بمراجعة لكتب مدرسية تصف غير المسلمين بـ”الكافرين”، فيما أعلن وزير التعليم العمل على إعداد مناهج دراسية تنمّي “قيم حرية التفكير والتسامح وعدم التعصب الفكري”. وكان الأمير محمد بن سلمان تعهّد في مقابلة مع محطة “سي بي اس” في 2018 بالقضاء على التطرف في النظام التعليمي الذي أقر أن “جماعات متشددة اجتاحته”. وتقول ديوان “ليس هناك شك في أن النية حاضرة، لكنّ التنفيذ الفعال سيستغرق وقتا”.

في ولا ينكر السعوديون أنفسهم، صعوبة تحقيق نقاط رؤية 2030 خصوصا فيما يتعلق بإدخال إدخال مثل هذه الإصلاحات فجأة على مجتمع محافظ للغاية، وعاش لسنوات طويلة ضمن نمط وأسلوب محدد وتأثر بصورة خاصة حول بلاده ذات الرمز الديني.

مع ذلك، يؤكد المتابعون أن الإصلاح ممكن، وأبرز ليل على ذلك الاقبال الكثيف للشباب على الحفلات والفعاليات الثقافية والسياحية، وترحيبهم برؤية 2030. والشباب هنا يمثل قاعدة قوية فهو يمثل أكثر من نصف التركيبة السكانية وسيكون قاعدة أجيال المستقبل، مقلما نقل له أبائه وأجداده وأساتذته وسياسيوه تلك القواعد والتقاليد المجتمعية الصارمة، والتي تمرد عليها، سينقل هو للأجيال الصاعدة تقاليد السعودية الجديدة.