المحرر موضوع: كردستان ومنظومة العلاقات العربية والعراقية  (زيارة 437 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31448
    • مشاهدة الملف الشخصي
كردستان ومنظومة العلاقات العربية والعراقية
قوى التطرف مثلها مثل القوى الشوفينية، تستثمر في إشاعة أوهام العداء الكردي العربي.
MEO

الاعتزاز بالقومية الكردية ليس عداء للقومية العربية
منذ الاستقلال الذاتي الذي تمتعت به كردستان بعد قرار مجلس الأمن 688 الذي اعتبرها ملاذ آمن أتاح لها أن تنظم أول انتخابات عامة لاختيار برلمان محلي في عام 1992 والتي أنتجت أول مجلس وطني كردستاني منتخب مباشرة من الشعب دونما أي تدخلات للحكومة المركزية في حينها، وما تبع ذلك من انبثاق أول حكومة كردستانية اعترفت بها معظم دول الجوار ناهيك عن الدول الأوروبية والولايات المتحدة.

ومنذ ذلك التاريخ لم تقطع حكومة كردستان علاقتها بمحيطها العربي حيث احتضنت أربيل عاصمة الإقليم العشرات من مؤتمرات الصداقة والإخوة العربية الكردية التي أكد عليها قائد حركة التحرر الكردية ملا مصطفى البارزاني منذ انطلاقة ثورته في 11 أيلول/سبتمبر 1961 واستمر على ذات النهج الزعيم مسعود بارزاني الذي أصبح الإقليم في عهده ملاذاً آمناً لكل العراقيين السنة والشيعة، وكان ساحة لنضال كل المعارضين للأنظمة الدكتاتورية العراقية على طول الخط.

لعل أحاديث وتصريحات معظم القيادات الكردستانية الحكومية والحزبية تؤكد على متانة تلك العلاقات بين شعب كردستان وبقية الشعوب العراقية والعربية وما حديث الرئيس نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان في قناة الشرقية نيوز قبل أشهر إلا مؤشر واضح لسياسة الإقليم الثابتة والتي تنال ارتياحاً كبيراً في الأوساط العربية الرسمية والشعبية عامة، وفي الأوساط العراقية بشكل خاص، وبالذات في جزئه الذي تحدث فيه عن العلاقات بين عرب العراق وبين شعب كردستان وقياداته عبر التاريخ وتطرقه إلى أن الخلافات المتراكمة اليوم بين بغداد وأربيل هي خلافات عائلة واحدة، رغم ما تقترفه الجماعات الخارجة على القانون والميليشيات السائبة ومن يدعمها بالتعدي على الإقليم وإشاعة الكراهية والأحقاد ضده. وما يحصل اليوم ليس غريبًا ولا جديدًا فمنذ تأسيس مملكة العراق مطلع القرن الماضي، حاولت كل الأنظمة المتعاقبة على حكم بلاد ما بين النهرين، مملكة كانت أم جمهورية تخريب العلاقة بين العرب والكرد من خلال تلك الحروب التي كانت تشنها على كردستان لإخماد انتفاضاتها وثوراتها، لكنها ورغم كل المآسي لم تنجح في تخديش العلاقة بين الشعبين الكردستاني وبين عرب العراق وبقية دول العالم العربي، حيث حافظت حركة التحرر الكردية في جميع مراحلها على الأواصر المتينة بين الكرد وبقية الشعوب العربية، بل كانت من أولويات الخطاب السياسي للانتفاضات والثورات الكردية على مرّ التاريخ، لِما يجمع القوميتين من ثوابت ومشتركات تاريخية وجغرافية في مختلف مناحي الحياة. وحتى أيام الثورات الكردية كانت المناطق المحررة من كردستان دائماً ملجئاً للمعارضين والثوار العراقيين على مختلف انتماءاتهم السياسية، بل كانت ساحة لنضالهم ضد الديكتاتورية بدعم لوجستي واستراتيجي من قبل قيادة الحركة التحررية والكردستانية.

وحينما تمتع الإقليم باستقلال ذاتي إثر انتفاضة آذار/مارس 1991 وإعلان الفيدرالية كأول قانون يصدره البرلمان الكردستاني في أواسط 1992، تحول الإقليم إلى ساحة لنضال كل العراقيين من مختلف مشاربهم السياسية، حيث فتحوا فيه مقراتهم ومكاتبهم وكل ما يتعلق بنشاطهم السياسي والاجتماعي والثقافي والإعلامي. وقد تمتع إقليم كردستان منذ ذلك الحين بعلاقات طيبة مع الدول المجاورة له، خاصة مع كل من إيران وتركيا وسوريا، والتي تميزت بعلاقات إيجابية وتعاون في كل المجلات نتيجة لنجاح الدبلوماسية الكردستانية التي قادها الرئيس مسعود بارزاني منذ الأيام الأولى لاستقلال الإقليم عن نظام بغداد، و انبثاق أول برلمان كردستاني مهد الطريق لتشكيل حكومة ائتلافية هي الأولى من نوعها في التاريخ الكردي المعاصر بعد حكومة القاضي محمد في جمهورية كردستان عام 1946.

وبعد أن أسقطت الولايات المتحدة نظام صدام حسين وأسست النظام السياسي الجديد إثر اعتماد دستور دائم للبلاد، الدستور الذي أقرّ واعترف بفيدرالية كردستان وكيانها السياسي ومؤسساته التشريعية والتنفيذية والقضائية، قاد الرئيس مسعود بارزاني وفريقه منذ 2006 عملية بناء علاقات دبلوماسية رصينة مع المحيط العربي بشكل خاص، حيث تم إرساء قواعد متينة للعلاقات الكردستانية العربية وعلى مختلف الأصعدة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال زيارات رسمية لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر والأردن وليبيا وجمهورية مصر العربية، والتي أدت إلى تمتين العلاقة وفتح ممثليات وقنصليات لها في عاصمة الإقليم وبداية انفتاح كردستاني واسع على المحيط العربي الذي طالما فعل الإعلام الأسود فعلته في تشويه تطلعات الإقليم الكردستاني وشعبه نحو الحرية والتقدم وعلاقته التاريخية بالعرب شعوباً وفعاليات سياسية عبر موروث كبير من الإيجابية والعلاقة المتميزة بين الشعبين المتداخلين جغرافياً واجتماعياً واقتصادياً، رغم ما فعلته أنظمة مستبدة تفوح منها رائحة الشوفينية والعنصرية المقيتة وإعلامها الأسود طيلة نصف قرن من حروب مدمرة للبلاد والعباد، وتشويه متعمد لقضية شعب شقيق له تاريخ طويل معفر بقوافل الشهداء من أجل قضايا العرب ونضالاتهم عبر العصور منذ تشاركوا في الأرض والمصير.

إن ما يجري اليوم من بعض المجموعات المتطرفة في إشاعة الكراهية ضد الكرد باستخدام الوتر الطائفي تارةً والوتر القومي تارةً أخرى، سيصطدم بجدار صلب من العلاقة التاريخية بين العرب والكرد سبق لأعتى الدكتاتوريات أن فشلت في اختراقه، هذه المجموعات الميليشياوية تعمل منذ سنوات وتطمح أن تحيل الخلافات السياسية بين الإقليم والحكومة الاتحادية إلى فتنة قومية أو طائفية مقيتة، من خلال العمليات الإرهابية التي تقترفها ضد الإقليم، وقراءة سريعة للتضامن العربي والعالمي مع كردستان بعد قصف مطارها من قبل ميليشيات ارهابية دليل على صلابة هذا الجدار وقوة الإقليم وسمعته ومكانته عربيًا وعالميًا، ومتانة الأواصر بين كردستان والعرب سواء في العراق أو بقية الدول العربية الأخرى.