المحرر موضوع: ظل الحياة يستأنسُ بخرافة الماضي  (زيارة 531 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ظل الحياة يستأنسُ بخرافة الماضي
كريم إينا


ظلّ الحياة يأسرُ مخيّلتي
أنثرُ حافظتي أحلاماً وردية ليشهق القنوط
أشفطُ تيار الأيام بنظرة حب
أقطعُ المسافات بأشباح اليقظة
فتحضرني الأرواح الظامئة
فوق ملابس البكاء
وصباح الغد خال من اللازورد
يجلسُ على هيبة الكواكب
أسجو نوراً مظلماً
لم تشهدهُ أدخنة الرياح
كنتُ بالأمس ملتصقاً في زوايا النسيان
أصغي لأغنية الحياة
عبر بلّور نافذة الآلهة
الفضاء لا يسعني
ربّما أزهرت نفسي
على قارعة الطريق
يذوبُ الشفقُ أمامي
مخلّفاً وراءهُ مروجاً خضراء
تحوي كؤوساً شفافة تهزجُ بالخمر
بين السكينة والضجيج أنين وعويل
ينتظران ألفية الزمان المعطوبة
يقضمُ نهاري ثماراً صامتة
وهي محدّقة إلى زرقة الفضاء المتسربل بيقظة الأحلام
أتفرّسُ في وجه الظلام
علّهُ أصلُ قامتهُ المتصعلكة
أستئنسُ بشمعدان الحياة
قبل أن يوصد صومعتهُ بضوء القمر
أنثرُ هباء نواميسي وراء المجرّة
لمراقد محاطة بالأشباح
التي ما زالت مغمورة بالسكون
تنتظرُ ماضيها البعيد
صنوجٌ مزدانة بالنواقيس
تلتفُ حولي بأصواتها البالية
تمزّقُ سكون اليائسين بدخّان لهيب الشموع
أردّدُ في ظلمة الليل تنهّداتي العميقة
كي أدرج كآبة جوارحي بأفراح الناس
يأتي المساء فوق جبال الأحزان ليلثم زهرة البنفسج
أعصرُ عنقود الزمان غذاءً للياسمين
في أعماق نفسي ألفاظاً أتنهّدها
كي تعكس شعاع نجمي
ترمقني عيون النهار لترتدي البساطة
كرشفة أولى ملأتها الآلهة
من خرافة الماضي
ألثمُ أجفانك الذابلة يا سلطانة البحار
أتشبّبُ بدمع العيون نحو السواقي المترنّمة
أفتحُ عيون البغض بضمّة وعناق
أستلفُ العطر من أذرعي النائية
فتشعّ أنواري بلون قوس قزح
لصوص الكتمان تسرقُ منّي أجنحة النوم
كوني ثوب السماء مرصّع بجواهر النجوم
يا لقلبي الخفوق أراهُ سابحاً في فضاء الزرقة
أرسمُ ذكرى نواميسي
المبعثرة ببراقع الأحلام
ينأى الحزنُ من صحيفتي الخالية
ليسكنُ الأمواج المنقشعة من الغيوم
حينها تخرجُ من قلبي عصافيراً مغرّدة
نسدّ الشطآن في قرارة أرواحنا
ونلوذُ بالصمت برقّة متناهية
تنثالُ أشعة أفكارنا كالثلوج المتناثرة
تمتصّ رذاذ الأرض في ليلة ناعسة
كقطرة الندى ينزلقُ النور منها كالكرة في الشفق
أشربُ كأس الصمت من حليب السماء
وأحوكُ أنامل المدى ليبصر النور
أصارعُ العواصف كي يرى العميان بالمرايا
من خلال الليل الزاحف ألمحُ ظلّ الحياة
يتحرّكُ فوق الغمامة ليكشف سرّ الخرافة
سأطمرُ آثار أقدامي بحلاوة الماضي
وأكنسُ الليل الأصم بعيداً عن الضوضاء
أبهرجُ المرئيات بوشاح النهار
لأمحو الليل من عالم الوجود
أنفخُ بأنفاسي الملتهبة قرباناً لمخاوفي الصمّاء
أستقي مخاوفي من أرض اليباب
أغامرُ بقيثارة شجية
للوصول إلى النول المقدّس
أصطادُ النهار من ندى الأقداح
أحبسُ بفضائي رقصة الأنوثة
أتيه كراهب يبحثُ عن خالقه
علّهُ أعكسُ وجهي في مرآته
ليتوق الصمت للأباريق المهشمة*...
..........................................
*الأباريق المهشمة: مجموعة شعرية للشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي.