المحرر موضوع: وجودنا القومي بين النظرية والتطبيق  (زيارة 732 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نزار حنا الديراني

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 326
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
وجودنا القومي بين النظرية والتطبيق
نزار حنا الديراني

أتذكر اني قرأت في كتاب يتناول سيرة غاندي حين كان طالبا يدرس الحقوق في لندن يوم كان  الانكليز يحتلون بلاد الهند ... كان زملاء غاندي يتناقشون بعصبية ويضربون المنضدة بأغمس يدهم تعبيراً عن غضبهم من المحتل لبلادهم وتتعالى أصواتهم ، وحده غاندي كان هادئاً يتمالك أعصابه وينزوي في زاوية الغرفة محاولا التفوق في دراسته ... بعد الانتهاء من الدراسة ونيلهم للشهادة عادوا الى الهند ، فعرضت عليهم الوظائف ، جميعهم قبلوا بتسلم وظائفهم تحت الانتداب وسكتوا إلا غاندي لم يقبل بل واصل كفاحه السلمي نحو الاستقرار ...
يبدوا لي هذا هو حالنا وبالأخص نحن الذين في المهجر ، كثيراً ما نتحمس بمقالاتنا لنقد كل من يكتب بالعربية أو الكوردية من الادباء وننتقد الكنيسة والأحزاب والحكومات كونهم قد سلبوا منا وجودنا القومي ... دائماً نحمل الآخر أخطائنا من غير أن نناقش مع ذواتنا كيف السبيل لتحقيق وجودنا ؟ ماذا يترتب علينا وبالأخص نحن الذين نعيش في بلدان المهجر تجاه أبناء شعبنا في الداخل ؟ هل نناقش قراراتنا وطروحاتنا ومدى انعكاساتها في الداخل بأعصاب باردة قبل النشر كي لا نحرج أبناء شعبنا ممن هم في الوطن ؟؟
في طروحاتنا المعتدلة والمتطرفة ننادي بضرورة الحفاظ على تراثنا ولغتنا وننتقد بشدة كنيستنا ومؤسساتنا وأحزابنا و... كونهم لم يفعلوا ما بوسعهم نحو اللغة والتراث ، وأنا الآخر أضم صوتي لصوت كل من ينادي بضرورة الحفاظ على تراثنا ولغتنا كونهما مفتاح الحفاظ على وجودنا القومي ولكن لنتسائل كم من دور نشر لدينا لمساعدة أدبائنا للسير قدما نحو تحقيق ما ندعوا اليه في حواراتنا ومقالاتنا مقابل ما لدينا من أحزاب ومؤسسات تعمل في السياسة ؟ على الأقل من يكتب بالعربية أو الكوردية أو ... سيجد عشرات دور النشر وعشرات القراء أما الذي يكتب بلغتنا وتراثنا أين عليه أن يذهب ؟ .
في سنة 2004 التقيت بالعديد من القادمين من الخارج ممثلين عن مؤسساتهم للمشاركة في المؤتمر القومي الذي انعقد في بغداد ، كانوا يفتخرون بما يقدمونه لأحزابنا في الداخل ولكن حين كنت أفاتحهم بضرورة دعم إتحاد الأدباء والكتاب السريان أو أي مؤسسة ثقافية كي تتمكن من مساعدة وتشجيع أدبائنا لطبع كتبهم كنت أجدهم يتراجعون وكأن الوسيلة الوحيدة لتحقيق وجودنا هو من خلال عدد الاحزاب والصراع على المقاعد الخمسة في البرلمان ؟
هل تعلمون أيها الاخوة من الناشطين في المجال الاعلامي والقومي والمطالبين من الكنيسة الحفاظ على لغتنا وتراثنا وتعليمها وأنا واحداً منهم ، إذا بادر أحد الأدباء وصرف الكثير من وقته وماله لطبع كتاب يخص لغتنا وتراثنا كم نسخة من كتابه يستطيع أن يبيع ما لم يتجه نحو الاسلوب الذي لا يليق بالثقافة أعني أن يقوم باعداد حفل توقيع وهو يصرف ما يعادل صرفه على الطبع ويوزع بطاقات الدعوة مع التمجيد ومن ثم الظروف على الحاضرين كي يحرجهم ليقدموا له ما يشبه (الصباحية في حفل الزواج ) حتى يستطيع أن يغطي جزء من كلفة الطبع والحفل وبهذه الطريقة لا يهم نوع الكتاب وما الذي يطرحه وبأي لغة لانه حفل ... واذا أراد المؤلف أن يبيع أكبر عدد من النسخ ربما سيتوجه نحو الفئة المتطرفة ليغازلهم ؟؟؟ هل فكرنا لو اعتكف ما تبقى من أدبائنا الذين يسهرون على لغتنا وتراثنا ما الذي سنقوله للآخر الذي نطالبه بتعزيز حقوقنا ووجودنا القومي في الداخل أو في الخارج حين يسألنا عن نسبة من يقرأ أو يكتب بهذه اللغة ؟ وما الذي سنتركه للأجيال القادمة كي يستمروا بتعزيز وجودنا القومي ؟
نشرت مئات المقالات ضد الكنيسة والاحزاب و... ولكن هل فكرنا أن نشكل وفداً لزيارة من نريد أن ننتقدهم للتشاور معه دبلوماسيا ربما نستطيع اقناعه لتغيير مساره أو بالعكس ربما يستطيع هو اقناعنا بتغيير مسارنا بعد التأكد من صوابه ، بدلاً من التوجه نحو وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة كي ننال جائزة أكبر عدد من الاعجابات والمدح والذم وفي الوقت عينه يستغل بعض المتطرفين هذه الفرصة ليفرغ ما في في جعبته من نقد لاذع وبأسلوب يجعل من المقابل أن يستفز ويصر على رأيه ؟... هل فكرنا أن نحرر وثيقة جماعية تحوي مئات التوقيعات مقدمة الى تلك الجهة بعد محاورتها منددين بطرحها ؟؟ منذ الستينات وليومنا ونحن نعيش أزمة التجاوزات على أراضينا ولكن هل سمعنا يوما قيام مؤسساتنا في المهجر بمظاهرات منددين بذلك والطلب من حكومات بلدان المهجر للضغط على حكومتنا في الداخل  كون أبناء الداخل عاجزين عن ذلك بسبب قمع الحرية من قبل حكوماتهم؟ وهل نستطيع أن نوحد خطابنا لنقوم بذلك خارج انقساماتنا المذهبية والتسموية ؟ قبل فترة سألني أحد الزملاء من خارج سربنا وهو ينتقدنا كون خطابنا مشتت في تظاهراتنا (في ذكرى سيفو أو أكيتو) كوننا ننزل بأكثر من فريق كل يرفع لافتته بتسمية وأجندة مختلفة مما يوحي مدى تشرذمنا ؟؟؟
كنت أتمنى من شمامستنا الأجلاء والمؤمنين (المطالبين بالحفاظ على لغتنا وتراثنا) أن يوحدوا خطابهم من خلال ارسال رسالة موقعة من قبلهم الى الرئاسة الكنسية مباشرة أو من خلال رعاتها تطالبها بتكثيف جهودها لتعزيز وجودنا القومي من خلال الحفاظ على لغتنا وليتورجيتنا وأرثنا بدلا من النزول الى ساحة التواصل والكتابة ....