المحرر موضوع: الاحزاب الاسلامية من الخطاب المضلل الى السقوط  (زيارة 417 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ادهم ابراهيم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 111
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

الاحزاب الاسلامية من الخطاب المضلل الى السقوط
ادهم ابراهيم

خلال العقدين الاخيرين من القرن الماضي نشطت الحركات الاسلامية بشكل كبير ، ثم ظهرت حركات اصولية وجهادية ذات نزعات عدوانية عنيفة تجاه الآخر المختلف مهما كان فكره . وتكفير بعضهم بعضا في صراع وحروب اهلية لانهاية لها .

وكان للاوضاع السياسية والاقتصادية السيئة في دول المنطقة دورا مهما في بروز هذه الحركات ، ثم تغولها بهذا الشكل العدواني .

وقد جرى توظيف  الظلم والفقر والحرمان الذي عانت منه الشعوب ، كنتيجة طبيعية للانظمة الديكتاتورية ، اضافة الى غياب العدالة والاستقرار الاجتماعي . فتم تجنيد الشباب بوعود غير واقعية ، واطروحات مثالية مضللة تصور لهم حكم اسلامي فاضل ، ومجتمع عادل مترفع عن كل المساوئ .
وتم نشر شعار "الاسلام هو الحل  ليعطي مفهوما طوباويا واسعا من دون اي معطيات واقعية او برامج سياسية او اقتصادية لمعرفة الحلول المقدمة لانتشال المجتمعات المتخلفة من واقعها المأساوي .
وكانت اغلب الحركات الاسلامية السياسية ذات افكار ضحلة وانتهازية ، تتاجر بقصص وحكايات اسلامية قديمة عن الخليفة العادل، والمجتمع الاسلامي الزاهد ، والسلف الصالح ، لترويج دعاياتها بهدف الوصول الى السلطة باي شكل كان ، سواء بالتضليل عن طريق الديموقراطية "التي لاتؤمن بها" او بالقوة والترهيب .

وقد جرى استغلال انتفاضات الشعوب العربية بوجه الانظمة الديكتاتورية فيما يسمى بالربيع العربي لتقديم الوعود بتحقيق مجتمعات اسلامية مثالية قائمة على العدل والاحسان .
والاطروحات المقدمة تدفع بالمواطن البسيط للانبهار بها من خلال النماذج التاريخية ،  والتصورات غيرالواقعية التي تعمق المفهوم الاصلاحي الخيالي   لحال الدولة المنشودة .
وقد نجحت هذه الحركات الى حد ما في تعطيل عقل الإنسان العربي ليصبح أسيراً للشعارات المضللة وخادماً لها من دون وعي ، بعد ان شلت إرادته .

فتكونت لدى كثير من المجتمعات وخصوصا في اوساط الفقراء والمهمشين ، صورة وهمية مكررة لمستقبل اسلامي نزيه قادر على تخليصهم من واقعهم المأساوي. وكأن التاريخ سيعيد نفسه من دون ادوات وبرامج فاعلة ، ولا آخذين في الاعتبار التطور الكبير الحاصل في كل مجالات الحياة .  واستخدموا كل اساليب التضليل الاعلامي وعلى المنابر للاستحواذ على عقل وفكر المواطن ، من خلال الخطابات الدينية الطائفية والمذهبية اوالدعوة للحفاظ على المقدسات .
وجعلوا الناس تعيش في حالة من الانتشاء الرومانسي وكأنهم قد ضمنوا مستقبلهم ومستقبل اولادهم .

وكان من نتيجة التضليل الجماهيري الواسع هذا ، وصول الاحزاب الاسلامية الى السلطة من خلال الانتخابات البرلمانية في بعض الدول مثل مصر، والكويت، والمغرب وتونس وغيرها . ثم حاولت بعض الحركات الراديكالية تطبيق هذه المفاهيم والنظريات بالقوة مثل القاعدة وداعش والنصرة وغيرها .

ومن خلال الممارسة الواقعية في الحكم ، انكشفت الاغطية عن هذه الحركات وقياداتها ، فظهرت عيوبها وافتقارها الى الفكر العلمي للدولة الحديثة التي تؤسس على الاعتدال والتعايش الاجتماعي  وقبول الاخر . يضاف الى ذلك عدم ايمان هذه الحركات بمفهوم المواطنة والقومية ، وحرية الرأي  والانفتاح الفكري ، ناهيك عن افتقارها للكفاءة والخبرة في ادارة الدولة .
 فوجد الإسلاميون من خلال تبوءهم للسلطة ان امامهم مشكلات وازمات اجتماعية وسياسية غير قادرين على احتواءها او معالجتها ، لافتقارهم للاساليب العلمية السليمة ، وجمود فكرهم المقيد بنظريات محدودة غير واقعية .

وهكذا فقدت الحركات الاسلامية مصداقيتها امام جمهورها وامام الشعوب التي انتظرت انتشالها من الواقع المرير وتنفيذ الوعود بالرخاء والبحبوحة من خلال المجتمع الفاضل والدولة العادلة .

فانكشفت اساليب الخداع والايهام والخطب الفلسفية المثالية والمضللة .

ومما زاد في تأزم الاوضاع والتخبط في ادارة الدولة فقدان الامن والتنازع على المصالح ، ناهيك عن الفساد المستشري والمحسوبية والمحاصصاتية والعائلية .
كما بانت بشكل سافر السياسات المتزمتة والعدوانية للحركات الاسلامية تجاه الغير وخصوصا الطوائف والاديان الاخرى ، مما عرض بعض المجتمعات الى  التقسيم والتفتيت الفعلي .

وعندئذ ادرك المواطن البسيط ان الشعارات العاطفية المضللة التي طرحتها الاحزاب الاسلاموية كانت مجرد اوهام لا اساس لها على ارض الواقع  . وانها اداة ترويج اعلامي للوصول الى السلطة .
وهكذا عجزت هذه الاحزاب عن ايجاد مخرج للتحديات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تحتاج إلى الخبرة والحلول القابلة للتنفيذ ، فاصطدمت الافكار المثالية على صخرة الواقع ، واختفت جنة الخلافة الإسلامية الموعودة .

ورغم ذلك مازالت ذيول هذه الاحزاب تتاجر بالتطرف الديني والعصبية الطائفية التي لا تنتج سوى الكراهية والعدوان وتفتيت المجتمعات .
ان وعي الناس قد تجاوز هذه الاحزاب ، فلم تعد قادرة على مواصلة التضليل والوهم ، فانقلبوا عليها بعد ان شاهدوا المآسي من استمرار البطالة والغلاء وتدهور الخدمات .
ووسط السخط الشعبي على حكم هذه الاحزاب نراها آيلة الى الزوال في كثير من البلدان بعد ان تبخرت الاحلام وانكشفت الاوهام .
ادهم ابراهيم