المحرر موضوع: كردستان العراق : من القومية الى الثنائية الوطنية  (زيارة 497 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 944
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كردستان العراق : من القومية الى الثنائية الوطنية
                                                                     
صلاح بدرالدين
 

   ليس بخاف على أحد ، تلك المكانة المرموقة لإقليم كردستان العراق ، لدى الرأي العام الكردي في كل مكان ، واعتباره موقعا قوميا متقدما لماقدم شعبه من تضحيات منذ عقود، وحقق إنجازات تاريخية ، وبشكل خاص في حقبة الزعيم القومي الراحل مصطفى بارزاني ، الذي جسد صورة القضية الكردية امام الداخل والخارج ،  و اشعل الانتفاضة الثورية ضد النظم والحكومات العراقية ، والاستعمار البريطاني ، وهب لنجدة جمهورية مهاباد ، ووصل الاتحاد السوفييتي – السابق -  مع صحبه بمسيرة طويلة ، ولاقوا جميعا صنوف العذاب ، والمعاناة ، الا ان وصل البارزاني الى موسكو ، والتقى بالرئيس السوفيتي الراحل – نيكيتا خروشوف – ثم غادر الى العراق بعد ثورة تموز ١٩٥٨ ،حيث مر بمصر للقاء الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر  .
  تجربة الحركة القومية في كردستان العراق الطويلة ، والغنية ، جديرة بالمتابعة ، والبحث ، والتمحيص ، يمكن للحركة السياسية الكردية في الأجزاء الاخرى الاستفادة من دروسها ، في الكثير من الجوانب ، والمفاصل ، خصوصا في المجال النظري ،والتطبيقي ، فنحن امام تطور هائل للحركة القومية هناك ، اجتازت مراحل عديدة ، وسبقت بذلك باقي الحركات الكردية خارج العراق ، مااريد توضيحه هو قراءة تلك التجربة كما حصلت وبصورة نقدية ، وليس بنظرة – تصوفية -  واستخلاص العبر المفيدة ، وليس بنقلها حرفيا ، او تقمصها ، لسبب بسيبط هو اختلاف المكان ، والزمان ، وتباين الخصوصيات ، والبيئات الاجتماعية .
   من القومية الى الوطنية الكردستانية ، والعراقية
  قبل نحو قرن ، وفي بدايات ظهور الحركة في كردستان العراق ، كان طابعها العام يرمز الى الكرد ، والقضية القومية ، وبعودة بارزاني ، وماجمع من خبرات خلال وجوده ببلد كان يشكل مركز الحركات الثورية العالمية في ذلك الزمان ، وتعرفه على قضايا القوميات والشعوب وتطبيقاتها الاشتراكية بمزاياها ، وعيوبها ، لاحظنا أن خطاب ثورة أيلول بكردستان ( ١٩٦١ ) التي قادها بارزاني ، لم يقتصر على الجانب القومي الكردي فقط ، بل جمع بين القومية الكردية ،والوطنية العراقية حيث كان شعارها الرئيسي – الديموقراطية للعراق ، والحكم الذاتي لكردستان – وفي الوقت ذاته التحقت قوى وفصائل عربية وعراقية بالثورة ، وشاركت مع البيشمةركة في حرب الأنصار .
   وفي مرحلة لاحقة مع بدايات الانتفاضة الأخيرة خلال التسعينات ، وقيام البرلمان الكردستاني ، انتقل المفهوم القومي الكردي الى طور جديد متقدم ، عندما تضمن  مشروع دستور الإقليم بندا أساسيا في تعريف شعب كردستان با ( الكرد ، والتركمان، والكلدو آشور ، والارمن ، والعرب ) أي تغير الخطاب السياسي من الشعب الكردي كصفة قومية ، الىى الشعب الكردستاني كصفة وطنية ، ومنذ ذلك الحين نجد هذا المصطلح يسود المعاملات الرسمية ، ويرد في خطابات المسؤولين الحكوميين ، والحزبيين ، وفي الجانب التطبيقي العملي ، تحققت المشاركة بالسلطتين التنفيذية، والتشريعية ، من جانب ممثلي مكونات شعب كردستان .
  وهنا وبحكم اطلاعي وتعايشي مع الاحداث بالاقليم نحو عقدين واكثر ، وتواصلي مع أصدقائي باالطيف المسيحي ، لابد من التنويه بموقف غالبية المكون الكلداني الكردستاني وهو الأكثر عددا على الصعيد المسيحي ، وظهور جيل جديد من الكلدان، والاشوريين ، والسريان وهم جميعا من السكان الأصليين بكردستان ، اكثر انفتاحا ، وتقبلا للعيش المشترك بسلام ، مما اد ى ذلك الى تقليص نفوذ ودور بعض المتزمتين الذين كان همهم الأول والأخير دب الانقسام ، واستحضار اقاويل عفا عليها الزمن لتعميق الشرخ ،واثارة الفتن العنصرية ، ولاننسىى أيضا بالمقابل من كان يشبههم بالجانب الكردي .
  هذا مايجعلنا تلمس تطور كبير ، في الخطاب السياسي القومي لكرد العراق ، والانتقال الى المجال الوطني من الباب الواسع وبثنائية فريدة من نوعها بالمنطقة ، أولا نحو الوطنية الكردستانية ، وثانييا باتجاه الوطنية العراقية ، هذا الانتقال السلس الناضج ، على الصعيد السياسي النظري ، والعملي ، يقابله تمسك كرد العراق وحركتهم بمبدأ حق تقرير المصير وعدم التخلي عنه ، ثم ان ذلك لم ولن يؤدي الى خروج كرد العراق من قوميتهم الكردية ، بل بالعكس من ذلك يرسخ اصالتهم ، ويعزز مكانتهم ، ويضمن وجودهم ، وحقوقهم ، ويرمز الى استكمال شروط ، وعوامل نشوئهم كشعب وقومية ، تلك العوامل التي تتكامل مع الانتمائين الوطنيين الكردستاني ، والوطني ، ولا تتعارض معها .
  ولابد هنا من التميز بين ما اشرنا اليه أعلاه بخصوص التجربة الناجحة والسليمة والطبيعية للاشقاء بكردستان العراق ، بخصوص التطور الوطني الثنائي ، وبين بياعي الوطنيات الخالية من المضمون ، على شكل التخلي عن الانتماء القومي ، والارتماء باحضان الاخرين من أنظمة استبدادية ، وجماعات طائفية مارقة عنصرية ، باسم الوطنية والمرونة، والأمة الديموقراطية .
  مشاركة كردستان الواسعة بانتخابات البرلمان العراقي 
  المشاركة الكردستانية الواسعة الان بالانتخابات العراقية ، تجسد النهج الوطني المشار اليه وتعزيزه خصوصا بعد تجربة استفتاء تقرير المصير في أيلول  ٢٠١٧ ، وقيام الكابينة الجديدة ، وانتخاب رئيس جديد لإقليم كردستان ، وبحسب معرفتي هناك اتفاق بالاقليم من جانب جميع المؤسسات الحاكمة ، وخصوصا الحزب الديموقراطي الكردستاني على المضي قدما بذلك النهج الانفتاحي ، المعتدل ، وعلى الاغلب سيحوز هذا الحزب على اكثر المقاعد مما يؤهله تعزيز تحالف كردستاني موحد للقيام بالدور المطلوب لمصلحة العراق ، وشعب كردستان .
  لاشك ان الهدف الرئيسي هو إيجاد حلول للقضايا الشائكة المعلقة ، مثل النفط والغاز ، ومسألة الرواتب ومخصصات البيشمةركة الدفاعية ، والاقتصاد من تجارة داخلية ، ومشاريع تنموية ، وتوزيع المساعدات بالعدل ، والمناطق المتنازع عليها من كركوك الى مناطق بمحافظات ديالي ، واربيل ، والموصل ، ومسالة الشراكة بين الإقليم والعراق الاتحادي ، وكذلك الارهاب ، والميليشيات المسلحة وهجماتها الصاروخية وبالدرون ، وأخيرا وليس آخيرا المزيد من التطوير لفيدرالية الإقليم .
  النهج الوطني لقيادة الإقليم ، والعمل على التقارب مع بغداد ، ومحاولة توفير شروط الشراكة الحقيقية ، سيصب جميعها لمصلحة العراق الفيدرالي الموحد بما في ذلك الإقليم ، وتعزيز السلم والاستقرار ، وسيبقى ذلك اختبارا للقوى السياسية في العراق العربي ، هل ستتجاوب مع تطلعات الإقليم هذه ، وتقطع الطرييق على الميليشيات الطائفية والولائية من اجل عراق حر مستقل ،عراق العرب والكرد وسائر المكونات .