المحرر موضوع: كاهن مسيحي يعلن حزنه عن فقدان رعيته في بغداد بسبب الهجرة  (زيارة 1503 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37766
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كاهن مسيحي يعلن حزنه عن فقدان رعيته في بغداد بسبب الهجرة
عنكاوا كوم –خاص
اجرت صحيفة الزمان واسعة الانتشار لقاءا موسعا مع النائب الاسقفي  لابرشية بغداد للسريان الكاثوليك  المونسينور بيوس قاشا  بين من خلاله حزنه على فقدان رعيته بسبب هواجسها  من المجهول  واشار قاشا خلال  لقاء اجراه رئيس تحرير الطبعة العراقية الدكتور احمد عبد المجيد  بان رعيته لم يتبق منها سوى 200 عائلة بعد ان كانت تقدر بالالاف العوائل المسيحية القاطنة في العاصمة العراقية بغداد كما لفت  خلال اللقاء الى لقائه مع قداسة بابا الفاتيكان ابان زيارة الاخير لكنيسة سيدة النجاة خلال الزيارة البابوية التاريخية التي جرت ربيع العام الحالي  وفيما يلي نص اللقاء :
 
 
الزمان تحاور المونسنيور بيوس قاشا النائب الأسقفي لأبرشية بغداد للسريان الكاثوليك
 
لم يبق من رعايا كنيستي سوى 200 عائلة بسبب الهجرة والخوف من المجهول
 
أحمد عبد المجيد
 
يتأمل المونسنيور الدكتور بيوس قاشا، اوضاع رعاياه فيجتاحه الألم ويعتصر قلبه الحزن وتتسلل الى روحه عذابات الفواجع التي مرت بالعراقيين، لكن لم يكتف بلعن الظلام، بل هو يشعل شمعة، في كل مناسبة، ولعل آخر الشموع التي اوقدها عقب زيارة البابا فرنسيس الى العراق، تمثلت باعداد سفر وثائقي نادر يصل عدد صفحاته الى ألف صفحة، يستعرض وقائع الزيارة التاريخية، بكل ما حفلت به من مغزى وأمل.
 
وكان المونسنيور قاشا، الذي يروق لي ان أناديه (سيدنا)، برغم رغبته بأن اكون (أخاً) له في الانسانية، قد انجز كتاباً نادراً بعنوان (مسيرة النزوح والتجهير في يوميات مركز مار يوسف للمهجرين قسراً). وقدمه هدية لقداسة البابا، على عتبة كنيسة سيدة النجاة، حيث إلتقاه للمرة الاولى في بغداد.
 
(الزمان) غاصت في إعماق المونسـنيور  قاشا واستخرجت لآلئ رؤاه ازاء الوطن والمؤمنين، واطلقت العنان لبعض صرخاته النــــبيلة ليعرضها امام الملأ، في الحوار الآتي:
 
{ كيف تسنى لك جمع هذه المادة الغنية في كتابك عن زيارة البابا الى العراق؟
 
– عملتُ جهدي مع سكرتيرة الكنيسة بالبحث عن كل ما له علاقة بزيارة قداسة البابا فرنسيس التاريخية إلى العراق عن طريق البحث عبر المواقع الألكترونية العراقية والكوردية والعربية وحتى الأجنبية حيث قمنا بجمع جميع خطابات قداسة البابا وفعاليات الزيارة التاريخية لتكون مصدراً وثائقياً لنا خاصة ونحن في زمن نرى أكثر مما نقرأ، ونتكلم أكثر مما نفكر.
 
فزيارة قداسة البابا هذه رسالة سامية تجعل من الكتاب الوثائقي الذي قمتُ بجمعه ووضعه ليكون تاريخاً أميناً لهذا الجيل وللأجيال الصاعدة، مؤمناً أنه من الصعوبة أن يقوم بابا آخر بزيارة إلى وطني العراق الجريح، ولا يمكن للتاريخ أن يسجّل ويوثّق زيارة أخرى خاصة في زمن جائحة كورونا أن يقوم قداسة البابا وهو مليء بالشجاعة والحماس لرؤية الشعب الذي قاسى مصاعب ومتاعب داعش وكارثة كنيسة سيدة النجاة وأخرى وخاصة في هذا الزمن حيث العراق يعاني من عدم وحدة الكلمة لوطن واحد من أجل الخدمة والعطاء لبناء الوطن.
 
{ انت التقيت غبطته في بغداد.. ماالذي كان يشغله في رأيك؟
 
– نعم، التقيتُ قداسته عصر يوم الجمعة 5/3/2021 لحظة دخوله كنيسة سيدة النجاة وبالتحديد عند عتبة الكنيسة كما التقيتُه لحظة خروجه منها حيث قدمتُ له هدية تذكارية وهي عبارة عن صندوق خشبي محفور يحمل صورة قداسته وبداخل الصندوق نسخة من كتابي الموسوم “مسيرة النزوح والتهجير في يوميات مركز مار يوسف للمهجرين قسراً” وقد رويتُ له أن الكتاب وثائقي يحكي مسيرة شعب هُجّر من أرضه وخاصة من سهل نينوى وقراها، عبر شفافية المصروفات والواردات وخاصة في هذا الزمن حيث الفساد هو الغاية الأسمى للغالبية العظمى. فاندهش قداسته وصُدِمَ وهو يتأمل معاناة هذا الشعب الطيب وما قاساه من داعش ولا يزال يعاني من الظرف المؤلم حتى الساعة. وقد لاحظتُ في قسمات وجهه سكوته الهادئ على حقيقة عاناها هذا الشعب البريء الذي أوصله الآخرون إلى مسيرة مؤلمة وخاصة في زمن التهجير، وأدركتُ أنه في ذلك يريد أن يشارك المهجرين في البلد آلامهم وأحزانهم وأن يزرع فيهم الأمل والرجاء. فالدنيا ممكن بناءها ثانية فرب السماء هو مع المخلصين ومع أصحاب الحقيقة، وهذا ما أدركته حقيقة انشغاله، وهكذا كانت نظرته إلى هذه الناحية نظرة محبة للشعب واحترام لكبار الزمن.
 
{ هل عرفت لماذا زار العراق في هذا الظرف؟
 
– هذا السؤال لم يشغل بالي فقط وإنما عامة الشعب البسيط وخاصة جاءت الزيارة التاريخية هذه في زمن جائحة كورونا، زمن الوباء الذي حصد ولا زال يحصد الكثير من الأبرياء. فقداسة البابا عمل جاهداً أن يكون بيننا وقد التزم بكافة الإجراءات الوقائية من لبس الكمامة والتعقيم الدائم. وحسب ظني فإن مجيئه لزيارتنا كانت ليشاركنا ويقاسمنا آلامنا ويقاسم العالم رسالة السلام والمحبة. فقبل سنوات كان في زيارته إلى دولة الإمارات حيث تقاسم مع شيخ الأزهر الأحمد الطيب رسالة الأخوّة والسلام، واليوم أيضاً وعملاً بقول متى الرسول “أنتم كلكم أخوة” جاء أيضاً ليقاسمنا رسالة المحبة والتسامح والأخوّة في رسالة إبراهيمية واحدة. فأبونا إبراهيم حمل في نفسه رسالة السماء في إله واحد يوحّد جميع الذين يؤمنون برسالة السماء. فزيارة البابا زيارة مشاركة ورسالة وتسامح وأخوّة وسلام… ولقاؤه مع السيد السيستاني جاء جواباً لهذه الرسالة السامية. ويا ليتنا ندرك هذه الرسالة فنعمل على عيشها وكفانا كلاماً وحكايات، فالبابا قال ولا زال يقول لنا إنه أحبّ شعبنا ووطننا، فلنعمل برسائله ومواعظه وخطاباته القيّمة.
 
{ ما القاسم المشترك بين كتابك عن كنيسة سيدة النجاة وكتابك عن زيارة البابا؟
 
– كتابي عن كنيسة سيدة النجاة والذي يحمل عنوان “مريم العذراء: سيدة النجاة… سيدة الشهداء… سيدة الضحايا الأبرياء” رويتُ فيه حقيقة الدماء التي سالت، وقصة الإرهاب وما صنعه بقتل المصلّين داخل الكنيسة فكانوا ضحايا الإرهاب، وقد أهديتُ نسخة منه إلى قداسة البابا بندكتس السادس عشر خلال لقائي به في الفاتيكان بتاريخ 11/1/2012 حيث قال لي بعد أن تصفّح الكتاب “أنتَ شاهدٌ للحقيقة”.
 
أما كتابي هذا الموسوم “تاريخ وزيارة… البابا في العراق” فيروي زيارة قداسة البابا، الرجل المسالم المتواضع ذو الرداء الأبيض، الذي جاء ليشارك الشعب آلامه فيكون المخلص الأمين للوطن وللشعب.
 
فالكتابان يقولان الحقيقة في زمن قاسٍ حيث الإرهاب وتدميره لخليقة الله وصورته… فكتاب كارثة كنيسة سيدة النجاة رسالة سامية لإدراك مدى الحقد والكراهية في قلب الإنسان وجعل المسيحيين كفّاراً وهم يؤمنون بالله الواحد، وكتاب زيارة البابا رسالة سامية لإدراك ما مدى حب الإنسان للذي أُرسل من السماء ليكون علامة محبة وسلام ومسامحة وغفران… والفرق كبير بين أعمال الدنيا وأعمال السماء على هذه الأرض الفانية.
 
{ هل تعلق امالا على نتائج ما بعد زيارة غبطته؟
 
– نعم، وهذا ما يجب أن يكون. وأنا متفاءل بأن الطيبين وأصحاب الإرادة الصالحة في الوطن يعملون ويعلّقون آمالاً على زيارة قداسة البابا. فالكلام جميل ولكن الأجمل أن نحيا ما كُتب وما قيل لنا وليس فقط التباهي بجميل الجمل وصفحات الخطب التي قيلت في الاستقبال وفي التوديع وفي اللقاءات إن كانت دينية أو مدنية، والحقيقة تقال من قِبلهما وليس فقط من دنيا واحدة. فالبلد بحاجة إلى الانفتاح على الآخرين بسلاح السلام والمحبة والتسامح واحترام الآخر المختلف مهما كان دينه ولونه وعقيدته وعمله. فالحياة لا يجوز أن تكون مُلكاً لشخص واحد فقط ومن مذهب واحد أو ديانة واحدة فهناك المثل القائل “الدين لله والوطن للجميع”.
 
وهنا يسرني أن أقول أنه ليس لنا رجال دين وإنما رجال إيمان فهم يحملون الإيمان رسالةً لعيش حياتهم، أما رجال الدين ربما يكونون رجال سياسة وهذا ما نراه في هذا الزمن، والسياسة هنا في بلادنا تعادي الدين والإيمان. فزيارة قداسة البابا تعلمنا أن نكون أمناء لحمل رسالتنا الإيمانية في أن نكون رجال إيمان، ونحمل السلام والتسامح والأخوّة ولا فرق بين البشر، كما تعلّمنا أن نكون أوفياء لرسالة الخدمة، خدمة الإنسان المختلف. ولكن إذا نظرنا إلى الآخر بنظرة الكراهية والكبرياء والحسد والغيرة والأنانية فنكون قد ضيّعنا حقيقة الزيارة والدروس المستخلَصَة منها وهذا لا يجوز أبداً لأن قداسة البابا فرنسيس جاء إلينا فأحبنا وزارنا، وهل أجمل من هذه الزيارة وأكبر من هذه المحبة أن يأتي إلينا في زمن وباء كورونا… لذلك هذه دعوة لنا أن ندرك جوابنا لرسالة وزيارة قداسة البابا فرنسيس.
 
{ ما النصائح التي تقدمها لسياسيي البلاد للتخلص من هذا الاختناق؟
 
ج: صحيح أنا لستُ رجل سياسة ولا أحب أن أتدخل في السياسة، فالله أعطى نعمة للسياسيين أن يكونوا أمناء لخدمة البلد والشعب، ومنح رجال الإيمان (وكما يقول الآخرون رجال الدين) نعمة أن يكونوا أوفياء لحمل رسالة السماء إلى الشعب البسيط والذي سُلّم أمانة في أيدينا كي نقوده ليس مثل قطيع غنم مطيع – وربما هذه الطاعة تتحول إلى طاعة خنوع – وإنما جُعلنا أن نكون مع القطيع أخوة نتقاسم الحياة وأمانتها وأملاكها بكل محبة وتساوٍ مع ثبات لكل شريحة حقوقاً وواجبات.
 
في سؤالك تقصد ما وصل إليه البلد من اختناق! نعم، تلك مشكلة المشاكل فلا أقدر أن أوجّه إلا كلمة أخوّة، ورسالة البابا فرنسيس “أنتم كلكم أخوة” فبإمكاني أن أقول لإخوتي السياسيين أن ننظر سوية وبنظرة ربما مختلفة إلى الأمور ولكن دعوة لنا أن ننظر إلى مصلحة البلد ومصلحة ابن البلد بنظرة واحدة ولا غير، ونظرة احترام إلى الأوطان الأخرى التي حولنا. فلم نُخلَق لنتسلّط على الآخرين وإنما خُلقنا لنكون في خدمة مَن يحتاجنا من وطننا ومن الآخرين، فالأرض مباركة لابن الأرض، فقد قال الرب في سفر التكوين: إنها أمامك فافلحها وازرعها وعش فيها أميناً لحقيقتها، ولكن مع الأسف نصنع الأسلحة ونتهيأ للحروب ونقتل الأبرياء ونريد من الله أن يُدخلنا جنّته وسماءه. وهذه دعوة من القلب لكبار الزمن ورجال الدنيا والإيمان أن يكونوا أمناء لرب السماء وأوفياء لحقيقة الإيمان، وكفانا – إذا أمكن – من الفساد والمصلحة والكبرياء والأنانية والمال والجاه، وأقولها كلمةً كما قالها البابا فرنسيس “لتصمت الأسلحة من أجل حلول السلام”، فكلنا خدام للسلام ليس إلا!.
 
{ كم هو عدد رعايا كنيستك ؟وما الدعوة التي توجهها للذين غادروا ديارهم الى المنفى؟
 
– لقد بدأت الهجرة في العراق وبالخصوص بعد كارثة كنيسة سيدة النجاة في 31/10/2010 صحيح هذه الكارثة كانت فاجعة وفتحت باب الهروب من الوطن بسبب الخوف الذي لازمنا وخصوصاً نحن المسيحيين، وكما أذكر فإن الهجرة في رعيتي وكنيستي مار يوسف قد ابتدأت منذ النصف الثاني من زمن التسعينات، حيث كان لديّ عام 1999 بحدود (1300) عائلة كنتُ أقوم بزيارتهم وتفقدهم مرتين في السنة، واليوم لم يبقّ في الرعية أكثر من (200) عائلة فكلهم هاجروا إلى فرنسا وأمريكا وكندا وأستراليا وهولندا وألمانيا والقليل منهم غادر إلى أربيل وسكن هناك خوفاً من الآتي. وفعلاً هذا ما حصل، فكانت القاعدة ثم داعش ولا زال البلد يعاني من الانقسامات لحد الآن، وإن شاء الله ستزول كل هذه الأمور ليرجع الوطن بلداً حراً أميناً لشعبه، يقوده أناس مخلصون في الخدمة وليس في أمور أخرى.
 
فما أتمناه أن يعود البلد إلى حقيقته كبلدان العالم لنتمكن بعدها من توجيه دعوة للذين غادروه إلى المنفى أن يدركوا كم هي عظيمة محبة الأرض والوطن… فمَن لا وطن له، لا هوية له.
 
السيرة الذاتية
 
المونسنيور الدكتور بيوس خضر عزيز قاشا/ النائب الأسقفي العام لأبرشية بغداد للسريان الكاثوليك ومسؤول كنيسة مار يوسف في المنصور.
 
– من مواليد الموصل، قره قوش.
 
– خريج معهد مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان في الموصل عام 1976.
 
– حاصل على:
 
– شهادة ليسانس من كلية لاوون الحبرية للفلسفة واللاهوت في المعادي/ القاهرة عام 1979.
 
– شهادة دبلوم في اللغة الإيطالية من جامعة فلورنسا، إيطاليا عام 1996.
 
– شهادة دبلوم من معهد الآباء والطقوس في بغداد عام 2003.
 
– شهادة الماجستير بدرجة امتياز من قسم الإعلام والصحافة/ الجامعة الحرة الهولندية للعام الدراسي (2011-2012).
 
– شهادة الدكتوراه بدرجة جيد جداً من جامعة لاهاي الدولية عام 2017.
 
– عضو في:
 
– الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة/ إقليم الشرق الأوسط UCIP.
 
– نقابة الصحفيين العراقيين وحاصل على بطاقة صحافية دولية.
 
– اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين.
 
– مُنحتُ العديد من الجوائز والشهادات التقديرية والأوسمة ومن جهات رسمية مدنية ودينية، عربية وأجنبية تقديراً وعرفاناً لإبداعي الإعلامي والأدبي والثقافي المميز.
 
– رئيس تحرير مجلة الزنبقة منذ صدورها عام 1996 مع مجلة “الزنبقة الصغيرة” وهو ملحق للصغار. وبعد صدور العدد (100) توقفت المجلة عن الصدور بسبب العجز المالي الذي عانيتُه ولم يمدّ أي شخص إلينا يد العون والمساعدة لغرض ديمومتها واستمرار صدورها ولهذا توقفت هذه المجلة المسيحية الفصلية الشهيرة عن الصدور.
 
– العديد من النشاطات الكنسية المختلفة (مؤتمرات، اجتماعات، ندوات، ولجان كنسية مختلفة).
 
– إعلامي ومؤرخ وكاتب ومؤلف ومترجم ومُعِدّ للعديد من الكتب والمجلات والإصدارات والتي فاق عددها  الـــ (210).
 
– مشرف على نافذة “عائلتي رعيتي مار يوسف” ضمن متصفح اليوتيوب منذ 23/5/2020.
 
– يجيد  اللغات (العربية، السريانية، الفرنسية، الإيطالية).
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية