المحرر موضوع: المالكي وسط الباب الشيعي الدوّار كي لا يتحوّل إلى رجل ظل  (زيارة 633 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31496
    • مشاهدة الملف الشخصي
المالكي وسط الباب الشيعي الدوّار كي لا يتحوّل إلى رجل ظل
زعيم حزب الدعوة يخشى تقديمه كبش فداء في حفلة إصلاح افتراضية
العرب

لم يتحقق إلا سحق صور الذيول
تحول منزل زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس حزب الدعوة الإسلامي نوري المالكي إلى مزار سياسي شيعي منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من أكتوبر، ليس بحصول ائتلافه على المرتبة الثالثة، بل لأنه ما زال يبعث برسائل سياسية بأنه مرشح قويّ لرئاسة الحكومة الجديدة.
تتجه الأنظار منذ أيام إلى منزل نوري المالكي في المنطقة الخضراء، الذي تحوّل إلى مزار للكتل الشيعية من أجل الاتفاق على مسميات رئيس الحكومة العراقية المقبل وعلى تعريف الكتلة الأكبر، في أولى جلسات البرلمان المؤمل انعقادها بعد المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات البرلمانية.

هناك رغبة إعلامية يروّج لها أنصار المالكي بأن الحلّ سيأتي من هذا المنزل، لا تخلو من وضع اسمه في مقدمة البورصة الشيعية لرئاسة الحكومة العراقية.

ومع أن كل الاجتماعات التي تتسرّب وتتكرّر أخبارها من منزل المالكي لم تسفر إلى حدّ الآن عن توافقات ما، فإنّ كل المؤشرات توحي بأن المالكي يشعر بأن نسبة المقاعد التي حصل عليها حزب الدعوة الإسلامي الذي يرأسه، لا تضمن مستقبله السياسي من دون أن يكون في رئاسة الحكومة.

ويعدّ نوري المالكي واحدا من أكثر سياسيي المشهد العراقي الذين يعانون من الازدراء الشعبي، بينما ينظر إليه نشطاء انتفاضة تشرين بوصفه أكبر “تفاهة سياسية” في تاريخ العراق المعاصر لا تقل عن تفاهة حسين كامل! إلا أن النتائج التي حصل عليها ائتلاف دولة القانون الذي يعني بشكل مطلق نوري المالكي نفسه “34 مقعدا”، تشير إلى أن هناك شعبية متبقية للمالكي في الأوساط العراقية، بينما فقد أقرانه الشيعة تلك الشعبية الانتخابية كما حصل لحيدر العبادي وعمار الحكيم.
            شهادات

لكن من الذين انتخبوا المالكي، يتساءل برلماني عراقي سابق؟ ويقول “انظر إلى الكهل الأمّي الذي ظهر على شاشة التلفزيون متفاخرا بانتخاب المالكي، مع أنه لا يعرف قراءة اسمه، وعندما طلب إرشاده إلى اسم المالكي في القائمة سئل لماذا المالكي، فرد الكهل الأميّ لأنه بنى شقق بسمايه!”.

لو قدر لهذا الكهل معرفة أن أكثر من 80 مليار دولار أدارتها ماكنة الفساد بإشراف المالكي نفسه، إبان دورتين في رئاسة الحكومة، هل تتسنى له مقارنة ما عبّر فيه عن سعادته بمشروع مباني منطقة بسمايه؟

يُعرّف الكاتب والباحث السياسي العراقي مسار عبدالمحسن راضي، المالكي بخيّاط إيراني، يستطيع تفصيل قِماشة واشنطن، على شكلِ بدلة مليئة بأزرار التوازنات.

ويقول راضي في تصريح لـ”العرب”، إنّ “دور الخيّاط الذي تتمنى القوى العراقية الموالية لطهران كتحالف الفتح، أن يكون المالكي قد اضطلع به، يأتي من إرث سابق له، قال عنه توبي دودج البروفيسور البريطاني في المعهد الملكي للشؤون الدولية ‘تشاتام هاوس’ ما مفاده ‘أميركا ليس لديها على الأرض سوى المالكي، وهي تتمنى أن يفعل لها ما لم تتمناه من الله'”.

ويأتي دور “ديك الفِصح” الأميركي هذا، من تاريخ تغذيته لطموحاته، في عالم جماعات الضغط الأميركية، مثل لوبي الأخوين بوديستا؛ الذي كان يعمل كواقي صدمات لصالحه. هذا الواقي الذي فَشِلَ في أن يصدَّ عنه تقريع الرئيس باراك أوباما أمام ميديا العالم سنة 2014.

ولكنّ بعض المراقبين يعتقدون أن قيمة المالكي السياسية، تأتي من دفع ثمن المكاسب لحلفائه وخصومه، دون أن يرفَّ لهُ جفن. هو يفهم أنَّ مكاسب المال والمنصب لا قيمة لها، أمام احتفاظِه بأن يكون من أهم العرّابين في العملية السياسية بعد 2003، والسبب يوضِّح نجاته من فضيحة سقوط الموصل بيد داعش، وفضيحة شركة المقاولات العسكرية “سالي بورت” التي كشفت عنها صحيفة الـ”ديلي بيست” الأميركية ودور الرشى التي دفعها المالكي.

انقضت أيام مجد المالكي
نوري المالكي ليس ساذجا لكي يأمل في أن يكون رئيسا للحكومة مرة أخرى. لقد انقضت أيامه وأحرقت هزيمة الموصل عام 2014 كل ما تبقى من أوراقه. أما الرمزية التي يتمتع بها المالكي فهي تعبير عن الخوف من انهيار التحالف الشيعي المضطرب من الداخل بسبب تعارض المصالح الاقتصادية للقوى الرئيسة فيه. كما أن التدافع في اتجاه إيران لا بد أن يخلق نوعا سيّئا من التنافس. وهو تنافس لم يعد المالكي يملك القدرة على مواجهته. لذلك فإن جلّ ما يأمله المالكي أن يبقى في الواجهة الشيعية ولا يتحوّل إلى رجل الظل المنسيّ.

نوري المالكي الذي حكم ثماني سنوات وكَمَنَ ثماني أخرى، كمنْ ينتظر ضربة جزاء سياسية تمنحه الهدف الذهبي في اللحظة الأخيرة، ويفوته هنا أن حارس المرمى لن يقبل بهزيمة العراق مرة ثالثة
نوري المالكي الذي حكم ثماني سنوات وكَمَنَ ثماني أخرى، كمنْ ينتظر ضربة جزاء سياسية تمنحه الهدف الذهبي في اللحظة الأخيرة، ويفوته هنا أن حارس المرمى لن يقبل بهزيمة العراق مرة ثالثة
أما بالنسبة للآخرين فإنهم بالرغم من حضورهم الاجتماعات في بيت المالكي ينظرون إليه باعتباره لا يزال زعيما لحزب له امتداداته داخل الدولة العراقية أو ما يُسمى بالدولة العميقة. تلك طريقة في النظر لن تعجب المالكي، غير أنه سيكون مضطرا للقبول بها مقابل ألاّ يرهبه الآخرون ولا يسعون إلى الإضرار به من خلال تقديمه كبش فداء في حفلة إصلاح افتراضية. ذلك بالضبط ما يدفعه إلى أن يسعى إلى تشكيل تحالف قوي من أجل منع مقتدى الصدر من الانفراد بالقرار السياسي. فالمالكي على يقين من أن الصدر يفكر فيه باعتباره الصيد الأغلى ثمنا. فما من إصلاح بالنسبة إلى الصدر إلا ويكون رأس المالكي هو ثمنه.

وتبدو الكتلة الصدرية هي الأقوى بعدد المقاعد وبالالتزام الأيديولوجي بزعيمها مقتدى الصدر، الذي اكتسب خبرات متراكمة عبر ثماني عشرة سنة شهد خلالها تياره هزات قوية وانشقاقات كبيرة، لكنها لم تنجح في هزّ مكانة الزعيم الشاب روحيا عند أتباعه.

وتواجه الكتلة الصدرية المتوّجة بتفوق انتخابي واضح اليوم طموحات المالكي الرجل الأمهر في إعادة ضبط المشهد السياسي العراقي، وفقا لفرضياته هو مهما تباينت المسافة بينه وبين منافسيه.

ويرى السياسي العراقي المستقل جبار المشهداني أن المالكي الذي كان مسؤولا عن الخط العسكري والأمني لحزب الدعوة لسنوات عديدة قبل أن يصبح أمينه العام، عُرف عنه خبرته ومهارته الشديدة في نسج خيوط أي “خطة” لإفشال مشاريع خصومه السياسيين وتفرده في حياكة قواعد اشتباك جديدة يحرج بها خصومه ويسحبهم إلى اللعب وفقا لقواعده هو.

وقال المشهداني في تصريح لـ”العرب”، إنّ “قانون الانتخابات يسمح للكتلة الصدرية بتشكيل الحكومة القادمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تكليفها من رئيس الجمهورية القادم والذي سيحتاج إلى تصويت 220 نائبا ليكون قادرا على ممارسة مهامه، وهنا تبدأ لعبة المالكي الذي يحاول منع الصدريين من تمرير التصويت على الرئيس والذي سيكلف بدوره لاحقا الكتلة الصدرية باعتبارها الكتلة الأكبر انتخابيا”.

واعتبر أن الموقف حرج للغاية خاصة بعد امتناع الكتلتين اللتين سترجحان كفة أحد المتنافسين المالكي – الصدر وهما “تقدم” بزعامة محمد الحلبوسي، و”الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود البارزاني، عن إعلان موقف واضح وصريح سيجعل كلّ الاحتمالات واردة.

ووصف المشهداني المالكي الذي “حكم ثماني سنوات وكمن ثماني أخرى، كمنْ ينتظر ضربة جزاء سياسية تمنحه الهدف الذهبي في اللحظة الأخيرة ويفوته هنا أن حارس المرمى لن يقبل بهزيمة العراق مرة ثالثة”.

ويقول الكاتب السياسي العراقي حميد الكفائي “في عالم السياسة كل شيء جائز، فرئيس الوزراء يتوافق عليه رؤساء الكتل الكبيرة وليس الشعب. لذلك يمكن أن يأتي نوري المالكي أو يبقى مصطفى الكاظمي، ولكن لو كان أصحاب الحلّ والعقد حكماء وينظرون إلى المستقبل فإن عليهم ألا يعودوا إلى الوراء ويأتوا بفاشلين”.

وأضاف الكفائي في تصريح لـ”العرب”، “نوري المالكي لم يحقق إنجازا، بل يمكن القول إن كل مشكلات العراق الحالية، من مجيء داعش إلى تعميق الطائفية وانتشار الفساد وتأسيس الدولة العميقة قد حصلت في عهده الذي دام ثماني سنوات، فلماذا الإتيان بشخص بهذه المواصفات؟”.

بيت شيعي غير متماسك

بعض القوى الشيعية لا زالت تنظر إلى نوري المالكي باعتباره زعيما لحزب له امتداداته داخل الدولة العراقية أو ما يُسمى بالدولة العميقة

كل المؤشرات تؤكد أن المالكي مرشح حلقته في دولة القانون فقط، وأن القوى الشيعية تدرك أنه لا يحظى بمقبولية شعبية عراقية وإقليمية.

ويطالب الكفائي بعدم “العودة إلى الوراء ونأتي بأشخاص فاشلين. ما الهدف من إجراء الانتخابات إذن إن كنا سنبقي على الحكومة الحالية أو جزء منها ونحن نعلم أنها فاشلة؟”.

غير أن عضو ائتلاف دولة القانون وائل الركابي، رجّح أن الحكومة القادمة ستكون توافقية، لافتا إلى أن هناك إرادة حقيقية لاستبدال رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان.

وأشار إلى أن “الجديد في الحكومة القادمة أنها وأطرافها سيدخلون العملية الجديدة وهم محمّلون بتجارب فشلهم وتقصيرهم وخذلانهم إلى الشارع العراقي الذي عزف عن المشاركة في الانتخابات، وهذا هو الأهم من حيث ما يمكن الاهتمام بمعالجته”.

واستبعد الركابي “تجديد الثقة للرؤساء الثلاثة لولاية ثانية، وذلك لأنهم من غير المقبول التجديد لهم، وبالتالي فإن العملية القادمة ستكون توافقية في اختيار الرئاسات الثلاث الجديدة، فمن الممكن أن يستبدل رئيس الجمهورية من الاتحاد الديمقراطي الكردستاني إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، ومن الممكن أن يستبدل رئيس الوزراء أيضا من جهة إلى أخرى”.

كل المؤشرات تؤكد أن المالكي مرشح حلقته في دولة القانون فقط، وأن القوى الشيعية تدرك أنه لا يحظى بمقبولية شعبية عراقية وإقليمية

أما الكفائي فطالب بأن تنتهج الحكومة المقبلة سياسات جديدة وتكون لها توجهات جديدة ومختلفة كليا عن السابق. حيث يجب أن تضم خبراء متمرسين وأن تطلق يدها كي تتمكن من القضاء على الفساد وجلب المجرمين والقتلة والسراق إلى العدالة وتجريد الجماعات المسلحة من سلاحها وتقدم الخارجين على القانون إلى العدالة، ويجب أن تكون قادرة على تعديل القوانين للحدّ من الفساد، وتقليص الإجراءات البيروقراطية، واستقطاب الاستثمارات الخارجية والداخلية، وإزالة الترهل من أجهزة الدولة، وإنصاف الفقراء الذين تضرروا بسبب تخفيض قيمة العملة، وتحسين خدمات الصحة والتعليم والخدمات البلدية وتقليص البطالة.

ويبدو مشهد القوى الشيعية داخل “الإطار التنسيقي” الذي ابتكر في منزل المالكي بعد هزيمة التحالفات الشيعية وفوز ائتلاف دولة القانون، شبيها بحساء غير متماسك، مثل الوجود المؤقت لحيدر العبادي وعمار الحكيم. فهو للكشف عن رصيد الودائع الإيرانية والأميركية، في بنك المالكي، وقبولهما سيُفقِدُهما القُدرة على أن يكونا من فريق الوسطاء الذي تؤمِّنُ بهِ إيران نفوذها داخل الساحة العراقية.

وعبر راضي عن اعتقاده بأن المالكي لن يستطيع أن يُغلِق جميع ثقوب الخسائر الانتخابية المفزعة لـ”الإطار التنسيقي”، كما تظن القوى الميليشياوية المهزومة والموهومة به. فقد حقق المالكي نصرا مجّانيا، من خلال هذا الإطار الهلامي، حيثُ كَشَفَ على الملأ، أنهم لا يستطيعون الحياة السياسيّة من دونه.

وأضاف “النتيجة أنَّ القوى الميليشياوية الصغيرة، ستعود بالمالكي إلى لَعِبِ دور العم الميليشياوي، وليس الحليف لها. أمّا القوى النظيرة والأكبر نسبيا؛ ستتجه إلى لُعبة تجميد أجنحتِها المُسلَّحة، والاندماج السياسي، مع الحِفاظ على الخصوصية العسكرية.. هذا سيعتمد على مقدار ما يريد السندان الإيراني تحمُّله من قوّة المطرقة الأميركية”.

تواجه الكتلة الصدرية المتوّجة بتفوق انتخابي واضح اليوم طموحات المالكي الرجل الأمهر في إعادة ضبط المشهد السياسي العراقي، وفقا لفرضياته هو مهما تباينت المسافة بينه وبين منافسيه

ويبدو المالكي الذي يرفع اليوم شعار كل شيء أو لا شيء، أضعف مما كان عليه حين انتزع حق كتلة العراقية لإياد علاوي عام 2010، حسب جبار المشهداني، فهو يواجه خصما عنيدا شابا مسلحا يمكنه الرهان على ثبات جمهوره، فيما يعيش المالكي حالة من الشك والقلق من أقرب أنصاره، لاسيما بعد أن خذلته الدائرة الأقرب إليه حزبيا وحرسها القديم عام 2014 بترشيح العبادي بديلا عنه.

وقال المشهداني “إذا حصل المالكي على دعم إيراني ومن شخص المرشد الأعلى علي خامنئي تحديدا وحصل على عدم ممانعة أميركية وفقا لصفقة تفاوض بين طهران وواشنطن -وهو احتمال ضعيف حاليا- فقد يستجيب الأكراد لضغوط الجارة الكبيرة ومعهم السنة ويتحالفون مع العجوز الماكر في إدارة اللعبة السياسية الداخلية عبر أكثر من أربعين عاما قضاها بين الحجيرة في السيدة زينب بسوريا والقصر الجمهوري في المنطقة الخضرا، بين المعارضة والحكم”.