المحرر موضوع: الكاردينال ساكو يحاضر عن الحضور المسيحي في العراق خلال 100 عام في الجامعة الكاثوليكية بأربيل  (زيارة 977 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ankawa admin

  • المشرف العام
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2306
    • مشاهدة الملف الشخصي

اعلام البطريركية

قدم غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو محاضرة عن الحضور المسيحي في العراق خلال  100 عام  وذلك مساء الخميس 28 تشرين الأول 2021 في قاعة الجامعة الكاثوليكية في أربيل، حضرها  السادة الأساقفة: بشار وردة منظم اللقاء، باسيليوس يلدو، روبرت جرجيس وفيلكس الشابي وعدد من الكهنة والراهبات وتلاميذ المعهد الكهنوتي وجمهور غفير.

وبعد المحاضرة طرحت عدة أسئلة حول المحور أجاب عليها غبطته بكل شفافية.

وهذه خلاصة ما عرضه البطريرك ساكو:

سوف أتكلم بصراحة  وموضوعية، ولا اتهم أحداً … لان المسوؤلية مشتركة. ما أقوله هو تحليلي الشخصي ولقد واكبت هذه الحقبات أكثر من خمسين عاما، واليوم انا مسؤول في الكنيسة  الكلدانية، و ينبغي ان تكون لي رؤية كما يلزم ان تكون لكل مسؤول كنسي.

المسيحيون العراقيون كونهم أقلية عددية عانوا الكثير. إنهم شعروا ويشعرون بالخوف والقلق حول مستقبلهم ووجودهم وتواصلهم على ارضهم، خصوصاً بعد تهجيرهم من قبل عناصر داعش ولولا استقبال إقليم كردستان لهم لكانوا هلكوا. يعانون من التهميش بسبب الطائفية والمحاصصة،  بالرغم من انهم سكان البلاد الاصليون وجزء رئيسي من حضارتها وتاريخها.

حضور المسيحيين متعلق بشكل أساسي بالبيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يعيشون فيها،  وبافتقارهم الى رؤى وفكر وبُنى وقيادة- مرجعية علمانية.  لذا انهم يتحملون قسطاً كبيراً من مسؤولية ما يعانون منه.

أسباب ضعف الحضور المسيحي يعود الى الدولة، والى المسيحيين أنفسهم، والى الكنيسة.

الدولة: عراق بلد غير منسجم، مثلث شيعي وسني وكوردي ومكونات أخرى موزعة هنا هناك.

تاريخياً، الحكومات المتعاقبة لم تفعل شيئا لخلق الانسجام بين المكونات من خلال تثقيف المواطنين وتوعيتهم، وخلق الروح الوطنية فيهم، وبناء دولة المواطنة، بل كل مشكلات العراق هي نتاج حكوماته المتعاقبة. لم تبنَ دولة  معاصرة، دولة قوية بمؤسساتها وقوانينها، بدءً من الملك فيصل وأولاده والى اليوم.  ولا تزال  العقلية البدوية (العشائرية) السائدة الى اليوم: الانتقام.. الفصل.

 بعد الملكية توالت انقلابات وحروب أقل ما يُقال عنها عبثية وقتلت المعنويات عند العراقيين.. وتركت اثارا نفسية مريرة عندهم.

سقوط النظام والفوضى والطائفية والمحاصصة … واستهداف القيم الوطنية والأخلاقية والاقتصادية والعلمية فكك البلد.. القاعدة وداعش والتدخلات الإقليمية والدولية التي لا تجلب الامن والأمان، انما الدبلوماسية الحكيمة وتبادل المصالح هي التي  تخلق التوازن.

الفساد (من لا يسرق ليس رجلاً) الوطن لا يعنيهم بقدر ما يعنيهم السلطة والمال… طبقة غير مهيئة للحكم…  همها الوحيد  التربع على الكراسي والاستحواذ على المال العام. شعب مظلوم حقيقة لذا خرج الى الشارع يريد وطنا وكرامة…

نعيش اليوم في دولة شبه دينية بسبب القوانين العتيقة المتوارثة والتي لا تتناسب مع الوضع الحالي. و الديمقراطية هي عباءة فقط.. الدستور والقوانين ترسّخ هذا الواقع والتفاوت بين المواطنين على أساس الدين والمذهب: من هنا منطق الأغلبية والأقلية البائس. وخلق عقدة سوسيولوجيا – اجتماعية (مواطن من درجة ثانية) بينما كل مواطن له الحق في المواطنة الكاملة، اي في الحقوق والواجبات.

نتيجة ذلك، هاجر المسيحيون خصوصاً النُخَب الفكرية والاقتصادية.. بسبب حرب ايران وملاحقات الجيش الشعبي والحصار وكبت الحريات وخطاب الكراهية وبالتحديد أثناء (الحملة الايمانية) التي انطلقت لكسب ود الدول المسلمة بعد الحرب مع ايران.

المسيحيون انفسهم والعراقيون عاطفيون، انفعاليون واتكاليون.. ولديهم حالة عدم الرضى. كانوا سابقاً مجرد موظفين في الدولة أو في الأحزاب القائمة: البعث، الشيوعية، والأحزاب الكردية ثم الحركة الاشورية. وبعد سقوط النظام تشكلت بعض أحزاب موالية لهذا المكون أو ذاك، من دون ان تكون لهم تنظيمات مدنية واجتماعية. المسيحيون منقسمون اكثر من أي مكون آخر والسبب هو التعصب القومي بالرغم من كل محاولات الكنيسة من اجل الوحدة..  لا  قيادة علمانية لهم  ولا رؤية وخطط مستقبلية.

ظاهرة سركيس اغاجان وطرحه لمنطقة آمنة وحكم ذاتي.. امر خيالي.. فسهل نينوى عسكريا هي منطقة حجابات، اي عسكريا منطقة ساقطة.. لأنه محيط بمكونات أخرى. ثم كان بإمكانه خلق بنى تحتية ومشاريع ومعاملات لتشغيل  سكانها لكن اعتمد على  توزيع المال هبات على رجال الكنيسة واخرين، وكذلك خلق تسمية مركبة غير منطقية يرفضها الكلدان وهم الغالبية في البلد.

شجاعة تقويم الاخطاء

من الضروري ان يعترف المسيحيون اليوم بالأخطاء ويتحملوا المسؤولية في معالجة اوضاعهم. المستقبل مشروع يُعده من يسعى اليه.. وكما يقول المثل ما تبحث عنه يبحث عنك!

 المعالجة مع الدولة: إن التعايش بين المسيحيين والمسلمين والمكونات الدينية الاخرى، يمكن ان يستمر  اذا  تغير الفكر والثقافة والتعامل بالمساواة بقيام دولة مدنية تعتمد المواطنة وليس الدين.  الدين لله والوطن للجميع… وهذا يحتاج الى جهد وعمل من قبل الجميع… ولربما نظام الفيدرالية كما جاء في الدستور الاتحادي  هو الحل.. ولو لم يكن  إقليم كردستان اقليما يتمتع بحكم ذاتي لكان مصيره مثل مصير بقية المدن العراقية!

1-   توحيد الصف وتشكيل مرجعية مسيحية من العلمانيين. مسألة بقاء المسيحيين، وارتباطهم بالارض وحضورهم في العراق والشرق هي اولا مسؤوليتهم. عندما لا نكون واثقين من أنفسنا لن نتمكن من تقديم شيء.

2-   ينبغي معرفة هذه التحديات بالتفصيل، اسبابها وكيف معالجتها.

3-   يتوجب على المسيحيين ان يتحملوا مسؤوليتهم ويخرجوا من العقلية الطائفية والمشاحنات غير المبررة، ويحتضنوا بعضهم كمكوَّن متَّحد في الخطاب والمواقف وعقد مؤتمرات وندوات وتحشيد الراي العام الداخلي والخارجي من اجل قضيتهم والتعاون مع الجميع لبناء دولة مدنية وديمقراطية ومجتمع تعددي، ويعملوا من اجل اجراء تعديلات في الدستور والقوانين وخصوصاً الاحوال الشخصية وحرية الضمير، على غرار دول المجتمع المدني في العالم المتحضر.

الكنيسة: تجد نفسها اليوم في قلب تحديات معقدة ومطالبات لا تنتهي. معظم الكنائس تجد اليوم صعوبة في إدارة علاقة جديدة كاملة مع العالم مما يمكنها أن تحمل خميرة الأمل والرجاء لمعاصريها. في اعتقادي هذا هو التحدي الذي يجب على الكنائس مواجهته. يمكن للكنيسة أن تكون أساسية كجسد حي ومكان شركة ولقاء وحوار وثقافة وبناء شبكة من الصداقات على مثال المسيح.

ما حصل لقاءات مع المرجعيات الشيعية والسنة وعلاقات مع حكومة المركز والاقليم. إقامة مشاريع حيوية للمنفعة العامة. عدة مدارس، مستشقيات في أربيل وبغداد ومركز توحد في كركوك ومركز ثلاسيما  ومستشفى كبير لمرضى الزهايمر في السليمانية ودور المسنين. واخوية المحبة…. اليوم الكنيسة الكلدانية حاضرة  بقوة في حياة المجتمع العراقي والمحافل الدولية والكنسية .. ولها مواقف وبيانات ونداءات لتعزيز مساحات مشتركة ومهمة بين المواطنين  وتفعيلها وايجاد آلية لقبول الاختلافات وللعيش المشترك المتكافئ بالحقوق والواجبات.