المحرر موضوع: المسيحيون بين انياب الوحوش حلقة 25 ج 3  (زيارة 694 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وليد حنا بيداويد

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3062
    • مشاهدة الملف الشخصي
المسيحيون بين انياب الوحوش
او مجازر المسيحيين في تركيا
(جرائم دولة تركيا الاسلامية العنصرية)

الفصل الخامس والعشرون

الجزء الثالث

وليد حنا بيداويد
كوبنهاكن
                                          تهجير المسيحيين في تركيا وفي دول الجوار
                                           بطريرك الكلدان يطالب بتعويضات


في رسالة وجهها غبطة بطريرك الكلدان ماريوسف عمانوئيل الثاني توما بتاريخ 29 كانون الثاني 1920 الى الكسندر ميلارد رئيس مجلس الوزراء و وزير الخارجية الفرنس (سترد بنصها الكامل في الملحق).
يشدد بنصها على النقاط الهامة التالية:-
1/ اجلب انتباهكم الى ان ستة اساقفة وخمسين كاهنا وخمسين الف كلدو اشوري ذبحوا بيد الاتراك بموافقة المانيا مستترة ولكن اكيدة، لقد تم ذلك ليس فقط كرها بالدين المسيحي، انما ايضا لاننا اتهمنا بالانحياز الى الحلفاء.
2/ انني التمس سيادتكم ان تطالبوا اعدائنا الاتراك والالمان بتعويضات نستحقها على غرار تلك التي طالبنا بها في مؤتمر السلام بباريس، لقاء الدمار الذي سببوه لنا والاموال والممتلكات التي استولوا عليها في اربع ابرشيات هي سلامس، اورميا هذه في ايران وسعرت والجزيرة في تركيا.
وقد دمرت كليا وفي ابرشيتي دياربكر وماردين اللتين تضررتا كثيرا وطيه مرفقا تجدون سيادتكم ثلاثة قوائم معبرة عن الابرشيات التي تعرضت للذبح والخراب.
(لم يذكرهم غبطته باسماء الاساقفة والكهنة، لكننا ندرج اسماء بعظهم في هذه الملحوظة، وهم:-
1/ مار ادي شير رئيس اساقفة سعرت والذي استشهد في 17 حزيران 1915.
2/ مارفيلبوس يعقوب اوراهام متى 1848 -1915 مطران جزيرة ابن عمر استشهد في 28 اب 1915.
3/ مارتوما رشو المطران النسطوري الذي اعتنق الكثلكة وكان مقيما في قرية اتيل، على الارحج استشهد في اواخر حزيران ويذكر عنه المطران اسرائيل اودو، انه من قرية اتيل، وهي احدي قرى سعرت ابوه القس رشو في عام 19-5، انظم الى الكنيسة الكاثوليكية مع ثلاث من كهنته وهم الاباء يوسب وهاردوا واخوه اسطبانوس وقد ذبح الشيخ عبد الله المطران توما مع 180 شخصا من قرية اتيل.
4/ المطران توما اودو رئيس اساقفة اورمي استشهد مع المطران جاك اميل سوتناغ القاصد الرسولي في 31/ تموز 1918.
5/ ماراوراهام شمعنونايا رئيس اساقفة هكاري الذي توفاه الاجل بسبب الانهاك الشديد اثناء هجرة الكلدواشوريين من هكاري وقد وجدت جثته في كنيسة تدعى ديرماراوراهام في جمبا في تياري العليا وذلك في اواخر اب.
6/ اما سادس هؤلاء الاساقفة فلك نتمكن من معرفته بالضبط، فهل ياترى هو مارايشو ياب مطران دوري وبرواري؟ المعلومة الفريدة التي وجدناها عنه بعد 1915 اوردها شاتليه في ص12 يقول فيها:- ذبح في اورميا المطران ايشو اسقف برواري مع كهنته يونان و وردا وبنيامين و داويذ وبنيامين اخر، ثم الكهنة يوخنا وداويذ وتوما وزيا وكيوركيس واسطبانوس البازي وكيوركيس من كور وهرمز من تيارى والرهب مرقس لانعلم ماالذي جرى لهؤلاء الكهنة؟ فخلال الاحداث بين 1918-1919 هل تراهم ماتوا في المذابح التي راح ضحيتها الكلدواشوريين في الشمال الغربي من ايران؟ ربما(هناك قوائم طويلة عن اسماء عدد من الكهنة الذين استشهدوا في ابرشيات امد-دياربكر ودزيرة ابن عمر وماردين وسعرت، جمعها المؤلف من مذكرات المطران اسرائيل اودو والخوري نعيم والاب ريتوري وسيمون ويعود الباحث ان شاء)
على غرار بطريركهم/ يشدد الكاهنان الكلدانيان بوبس بيرو وهاويل زيا على الدور الذي لعبه الالمان، يقول الاخير" من اجل مصالحها الاقتصادية، اصبحت المانيا العسكرية شريكة لحكومة الشباب الاتراك، لم تحجم فقط عن ايقاف الجرائم ضد الانسانية
بل شجعت جزاري المسيحيين الشرقيين، بارسالها ضباطا الى مواقع المجازر(يذكر الاب ريتوري احد هؤلاء الضباط الالمان هو العقيد وولفسكيسل الذي اشرف شخصيا على قصف حي مسيحي في الرها).
تقارير المراسلين الاميركان تشهد على صدق ما ذكرنا ، تقول " ما ان شبت الحرب الجهادية التي دعا اليها الزعماء المسلمون، بتحريض من الالمان، حتى انقسم الفرس الى معسكرين، فريق المسلمين وفريق المسيحيين، الفريق الاول يناصر الالمان، لابسبب نفوذهم، اذ كانوا معدومي النفوذ في ايران، ولكن لان الفرس يسمون الالمان كرمان، مما يجعلهم يعتقدون انهم من نفس العرق واصولهم ضاربة في كرمان، اي المدينة الفارسية التي تحدروا منها كما تحدر الالمان ايضا.
فالالمان هم الان الى جانب الاتراك والمسلمين، اما المسيحيين من السريان الكلدان الاشوريين والارمن الذين هم اقل منهم عددا بكثير فهم الى جانب الحلفاء، لذا كل مسلم له جاره مسيحي فهو عدوا لدودا (اورده المؤرخ زيا).
ويتحدث باسيل نيكيتين عن الجهاد في منطقة اذربيجان الفارسية، تلك المنطقة التي اجتاحتها الجيوش العثمانية وعاث فيها الاكراد حلفاء العثمانيون فسادا، سيطروا عليها بعد ان انسحب منها الفيلق القوقازي السابع المستقل في 2 كانون الثاني 1915.
" كان الروس الكوابح التي لجمت جماح الحقد الدفين في قلوب معظم المسلمين السذج الجهلاء المعتبرين ان الروس كفرة، وحين انسحبوا حينها تيقن المسلمين من ان لن تكون لهم رجعة، فانفلت الغوغاء وانطلقوا على سجيتهم في النهب والسلب وسفك الدماء والتهجير وقتل غير المسلمين بلا هوادة حتى الاطفال الرضع واغتصاب اموال غير المسلمين، من جهة اخرى كان المسؤؤلون الفرس قد فقدوا زمام الامور اثناء وجود الروس، وبعد مغادرتهم لم يتمكنوا من السيطرة على تلك الحركة التخريبية، والذريعة الدينية كانت هي السائدة المهيمنة على الموقف لاحقا، ولما تفاجأ الجمهور بالنتائج غير المتوقعة لتلك الممارسات الهمجية، احتاروا في ايجاد سبيل للتنصل منها وسرعان ما هرع دعاة الاسلام المتعصبين الى الاتراك ليساندوهم  وفي طليعتهم مجيد السلطان الذي اخذ يدعو اللا الجهاد مع الاتراك واستعان مجيد بالاتراك لتجريد الوجهاء والاغنياء من اموالهم واكراه رجال الدين على تاييد الجهاد منتزعين تواقيعهم، وكما هو معلوم ان الشيعة الذين يشكلون غالبية الشعب الفارسي لا يشتركون في الجهاد الا بنداء من الامام الثالث عشر (سيد الساعة) الذي غاب وهو بمثابة المسيح المنتظر عند الشيعة، لم يكن هناك من موجب لمقاومة دفاعية طالما ان الروس الظلام الكفرة لم يبق لهم اثر في البلاد(نيكيتين).
في رسالة مؤرخة في 17 اكتوبر 1915 وجهها القاصد الرسولي في ايران جاك اميل سونتاغ(1869-1918) الى الرئيس العام للاباء اللعازريين، يذكر فيها حادثة غريبة نوعا ما، ولكن ذات دلالة ماساوية، لاسيما ونحن نعلم ما عاناه المسيحيون السريان الكلدو اشوريين والارمن في اذربيجان:-
في مستهل شباط 1915 قدم مسلمون موفدون من قبل شخصيات بارزة يرجونني ان اسمح بطبع نشرة الجهاد في مطابعنا، بالطبع رفضت ذلك واستدعى الناشر الى القنصلية العثمانية وطلب اليه القنصل بالذات ان يطبع هذا النداء للجهاد الديني، لكن الناشر الشاب وجد في ايمانه الشجاعة ليردد كلمة  "لا اتمكن" التي قالها زعيم الرسل بطرس لمجمع اليهود،  وحين طلب اليه القنصل تبيان اسباب رفضه للطبع ، اوضح الناشر ذلك ، ولم يعد الشاهبندر يصر في الالحاح.
في مراسلة بتاريخ 5 اب 1919 من بغداد موجهة الى امانة سر الشؤؤن الخارجية، يقول فيها الاغا بطرس ايليا (1880-1932) بانه في عام 1915 نشر كتاب باللغة التركية لغرض "تحريض مسلمي الهند وافغانستان للثورة ضد الحكومة البريطانية"  "وقد طبعت اجزاء من النداء للجهاد على ورق ملون تزخرفه نجوم واهلة".
وعن الدور الفعال الذي لعبته قوات الاحتلال العثماني يستخلص الطبيب الاميركي المبشر وليم انطوان شدا(1865-1918) من الارسالية المشيخية في اورميا قوله:-
"لايوجد طبقة في امة الاسلام الا ويقع عليها اللوم، اشتراك القرويون في عمليات النهب والسلب والاجرام، بينما كان الفرس من الطبقات العليا يتفرجون على تلك الممارسات الشريرة ويتقاسمون الغنائم، بينما الاكراد يسرحون ويمرحون على هواهم، كما ان الاتراك لم يكتفوا بالتحريض انما اشتركوا في ابشع الجرائم(....) بامكاننا التاكيد على ان معظم تلك الممارسات والانتهاكات والتخريب تنتسب الى الالمان مباشرة وان شينا لم يكن ليحصل من دون رضاهم.
غير ان هذا الامر يبقى نسبيا، لان عددا كبيرا من الضباط والدبلوماسيين الالمان اعترضوا على تلك السياسة او اطلعوا الرئاسة على الجرائم التي ترتكب يحق المسيحيين كما فعل القنصل الالماني في الموصل هولشتاين الذي حذر من وقوع الشر وكذلك ايضا الراعي البروتستنتي ليبسيوس الذي لم يفتأ يشهر بتلك الهمجية بحق المسيحيين الارمن وبقية المسيحيين، وكذلك ايضا الجنرال ليمان الذي يبدو دوره مشبوها نوعا ما، اذ كان مفروضا فيه ان يحمي المسيحيين في ازمير من التهجير، ولكنه وقع على قرار تشريدهم، ونورد هنا ما اختتم به مذكراته هو بقلمه:-
خلفت ورائي خمس سنين من النشاط العسكري في تركيا، في منصب رفيع مثقل بالمسؤؤليات، لذا  فانا اتكلم من موقع مطلع لاحكم على ما ارادوه وما حققوه.
كانت المانيا قبل الحرب قد عقدت امالا على النمو الاقتصادي في تركيا ودعمتها فعلا في بعض علاقاتها بتقديمها لها المساعدات وان كانت امالها قد تجاوزت الحدود، الا انها كانت قابلة للتحقيق وان جزئيا وما طالبت به المانيا حليفتها تركيا اثناء الحرب لم يكن مناسبا في الحقل الاقتصادي وما طالبت به المانيا تركيا في المجال العسكري كان فوق طاقتها يستحيل انجازه، لم يكن فقط من واجب تركيا الدفاع عن حقوقها وحماية حدودها الشاسعة ولكن كان عليها ايضا ان تستعيد سلطتها على مصر وتثير الشعب في ايران وتهيئ في القوقاز اسس قيام دولة مستقلة لتتمكن فيما بعد من تهديد الهند عن طريق افغانستان، من ذلك الموقع من ثمة  ان تساندهم بدور فعال في ساحات حروب اوروبية، وفيما يخص ادارة العمليات الحربية، تقع على كاهل تركيا المسؤلية الكاملة في عدم تفهما لضرورة تنسيق اهدافها مع امكانيتها الحربية، كما نؤاخذ المانيا على انها لم تدرك بوضوح وبرودة دم ما كانت ناوية ان تفعله بقواتها، يبدو ان حكايات الف ليلة وليلة او سراب الصحراء العربية قد شوش عقول مواطنيها الذين هم في العادة اكثر حكمة وبعد نظر (عن فون ساندر)

*** استنتاج الاستاذ في القانون الروسي ماندلستام:-
  (جميع محاولات الاحتجاجات على ابادة المسيحيين باءت بالفشل)
"سمحت الدبلوماسية الالمانية بمنتهى الاستخفاف الاجرامي بترحيل الارمن المشبوهين في ولائهم" والوثائق التي نشرت تبين ذلك فما كان القناصلة الالمان يكشفونه عن الوضع الحقيقي للتسويقات والتهجيرات كان يبلغ به الباب العالي، نفس البارون واغنجهايم وسفراء الالمان واخرون تتابعوا على منصبه امثال الامير فون كوهلمان وجهوا الى الباب العالي سلسلة من الاحتجاجات الشديدة اللهجة، الا ان تلك الاحتجاجات بقيت من غير مفعول كصرخة في وادي ونفخ في الرماد ربما لان الاتراك لم يقتنعوا من صدق استنكار وسخط الالمان، او ليزودوهم بالنصائح وبالاخص لقناعتهم بان الالمان لن يتعدوا حدود المجاملات والمظاهر، لذا فالقناصلة والسفراء لم يتمكنوا الحؤؤل دون وقوع المجازر ولكن مع ذلك فقد سجلوا بدقة مساؤى حلفائهم الاتراك.
طير الامير هوهنلوة في هذا السياق برقية من قنصلية حلب بتاريخ الثاني من اب 1915 فيها " جميع محاولاتنا مع الحكومة باءت بالفشل في احتجاجاتنا على ابادة المواطنين المسيحيين في المناطق الشرقية للبلاد"