المحرر موضوع: تعقيدات سياسية كبيرة أمام الصدر لتشكيل حكومة  (زيارة 661 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31445
    • مشاهدة الملف الشخصي
تعقيدات سياسية كبيرة أمام الصدر لتشكيل حكومة
المشهد السياسي يعرف اصطفافا شيعيا في اتجاهين تنفرد الكتلة الصدرية بأحدهما فيما تتخندق معظم القوى الأخرى مقابلها.
MEO

الصدر يمارس ضغوطا على عدد من الكتل لكي يشكل حكومة
الصدر لن يسمح هذه المرة تحت أي ظرف كان بأن تكون الحكومة من غير كتلته
 من المرجح ان يتحالف الصدر مع كتل سنية وكردية لتشكيل الحكومة

بغداد - يرى كثير من المراقبين للمشهد السياسي في العراق ان المتغير الأهم بعد الانتخابات الأخيرة، هو إعادة صياغة خريطة القوى السياسية الفاعلة على مستوى المكونات الأساسية الثلاث، الشيعة والعرب السُنّة والأكراد
كذلك تقليص أعداد القوى والكيانات السياسية المؤثرة في رسم المشهد السياسي إلى حدودها الدنيا لأول مرة منذ عام 2003، بعد الاصطفاف الشيعي في اتجاهين تنفرد الكتلة الصدرية بأحدهما فيما تتخندق معظم القوى الأخرى مقابلها.
وأظهرت الانتخابات العراقية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقائع جديدة لمتغيرات في المشهد السياسي وطبيعة توازنات القوى السياسية التقليدية الشيعية والسُنيّة والتحالفات والاصطفافات بينها، في حين احتفظت القوى الكردية بالتوازنات القائمة منذ سنوات.
وسجلت نتائج الانتخابات تقدم الكتلة الصدرية على جميع القوائم بـ 73 مقعدا بزيادة 19 عن الدورة الانتخابية السابقة عام 2018، دون الدخول في تحالفات مع قوى وأحزاب من خارجها، وفوز ما يزيد عن 40 نائبا مستقلا معظمهم من الشباب أو من الأحزاب الناشئة والحركات التي انبثقت عن احتجاجات الأول من أكتوبر 2019.
وللتيار الصدري نفوذ في مؤسسات الدولة العراقية خلال عهدي رئيسي الوزراء السابق، عادلعبد المهدي، والحالي، مصطفى الكاظمي، أكبر بكثير من نفوذ ائتلاف دولة القانون الذي يرأسه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وقدّر تقرير حديث أصدره مركز "تشاتام هاوس" للبحوث في الشؤون الدولية (بريطاني) أن الصدريين شغلوا حوالي 200 منصبا من أكثر المناصب غير الوزارية أهمية ونفوذا في مؤسسات الدولة بعد انتخابات 2018، يديرها مسؤولون رشحهم التيار الصدري في إطار الصفقات السياسية أو المحاصصة المعمول بها في توزيع المناصب.
ويواجه التيار الصدري انتقادات واسعة على المستوى الشعبي والسياسي لسوء إدارة مؤسسات الدولة التي هي من حصته، وفشلها في تقديم الخدمات التي استدعت خروج المحتجين بمظاهرات أكتوبر 2019، والتي ركزت على قلة إمدادات الطاقة الكهربائية المسؤولة عنها وزارة الكهرباء، التي هي من حصة التيار.
كما ركزت تلك المظاهرات على المستوى المعيشي لجميع العراقيين، الذي تراجع كثيرا بعد تغيير سعر صرف العملة المحلية، بقرار من وزارة المالية، وتأييد من البنك المركزي الذي هو هيئة مستقلة من حصة التيار الصدري أيضا، وكذلك ما يتعلق بالجفاف المسؤولة عنه وزارة الموارد المالية والقطاع الصحي عموما وغيره من القطاعات.
ويحتاج العراق إلى رجل دولة قوي لمكافحة الفساد والحد من انتشار سلاح عصابات الجريمة المنظمة وسلاح العشائر وسط وجنوبي البلاد، وأيضا سلاح المجموعات المسلحة التي تعمل خارج سلطة الدولة وتنفذ سياسات الدول الراعية، مثل المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران.
وتخوض تلك المجموعات، حربا بالوكالة على الأراضي العراقية مع الولايات المتحدة وتهدد دول الجوار باتخاذ العراق منطلقا للاعتداء على مصالح واشنطن والدول الحليفة لها في المنطقة، مثل السعودية التي تعرضت لعدة هجمات بالصواريخ البالستية أو بالطائرات المسيرة انطلاقا من الأراضي العراقية.
ويرى مراقبون أن نوري المالكي، من بين قلّة من القيادات السياسية العراقية التي تمتلك صفة رجل الدولة القوي القادر على اتخاذ قرار المواجهة مع الجماعات المسلحة خارج سلطة الدولة مستذكرين قراره بمواجهة مثل هذه الجماعات في مارس/ آذار 2008، فيما يعرف باسم عملية "صولة الفرسان" التي انتهت في أبريل/ نيسان من العام ذاته، بعد تسليم جيش المهدي التابع للتيار الصدري آخر معاقل نفوذه في البصرة.
وإلى جانب نفوذ المالكي لدى قيادات المؤسستين العسكرية والأمنية التي ساهم في بنائهما بين عامي 2006 و2014 وإعادة هيكلة قياداتهما بفرض قيادات مقربة تدين بالولاء الشخصي له، فإن له نفوذا أوسع لدى قيادات الحشد الشعبي والمجموعات الشيعية المسلحة يمنحه الكثير من القدرة على كبح جماح هذه الجماعات المسلحة وعقد تفاهمات معها تفضي إلى وقف العبث بأمن واستقرار العراق والدول المجاورة.

نوري المالكي يتزعم القوى الشيعية المناهضة للتيار الصدري
ويقود المالكي حراكا سياسيا واسعا لقيادة تحالف مناهض للكتلة الصدرية لتشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا المخولة بتسمية مرشحها لرئاسة الوزراء وحرمان هذه الكتلة من تحقيق رغبتها التي أعاد الإعلان عنها رئيس التيار الصدري، مقتدى الصدر في 31 أكتوبر الماضي، بتشكيل حكومة "أغلبية وطنية" على أساس إعادة صياغة الاصطفافات داخل مجلس النواب الجديد بين الموالاة التي تمثلها حكومة الأغلبية بقيادة التيار الصدري، والمعارضة التي ستمثلها باقي القوى والأحزاب.
وخلافا للكثير من تصريحات قيادات التيار الصدري ورئيسه باللجوء إلى خيار المرشح التوافقي المستقل من خارج الكيانات السياسية، يتبنى الصدر موقفا حازما بالإصرار على أن تياره لن يسمح هذه المرة تحت أي ظرف كان بأن تكون الحكومة من غير الكتلة الصدرية.
وترى القوى السياسية في الإطار التنسيقي الشيعي الذي يضم ائتلاف دولة القانون وتحالف قوى الدولة الوطنية والعقد الوطني وتحالف الفتح أن إصرار الكتلة الصدرية على تشكيل حكومة أغلبية يُعد سعيا للسيطرة الكاملة على الحكومة الجديدة وانتهاكا صارخا للتفاهمات السياسية داخل إطار البيت الشيعي المعمول بها بعد عام 2003.
وتتجنب القوى السياسية والمسلحة الشيعية تصعيد الخلافات إلى الحد الذي يمكن أن يشعل فتيل اقتتال بين التيار الصدري من جهة، وباقي القوى من جهة ثانية، لصعوبة حسم القتال لأي منهما، بالإضافة إلى أن هذا سيؤدي إلى إضعاف الأطراف الشيعية واحتمال خسارتهم السلطة، حيث ستضغط إيران لمنع ذلك، وكذلك المرجعية الشيعية التي طالما نبهت إلى مثل هذه المخاوف عام 2019 بعد الاشتباكات التي شهدتها ساحات الاعتصام بين المحتجين الشيعة والقوات الأمنية، وسقط فيها المئات من الطرفين.
ومن المحتمل أن تكون خطابات مقتدى الصدر الأخيرة تندرج في سياق ممارسة الضغوط على الأطراف الأخرى للوصول إلى تفاهمات تفضي إلى اقتسام السلطة قبل الشروع في مفاوضات جدية لا مناص منها في مرحلة ما بعد مصادقة المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات وتحديد موعد انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد.
ولاتزال الكتلة الصدرية الممثلة بـ 73 نائبا بحاجة إلى مزيد من التحالفات مع الكتل الأخرى لتشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا، ومواجهة احتمال نجاح القوى المناهضة لها في تشكيل هذه الكتلة التي ستجمع تحالفات "ائتلاف دولة القانون"، و"الفتح"، و"قوى الدولة الوطنية"، و"العقد الوطني"، و"حركة حقوق" مع احتمالات التحاق قوى كردية ونواب مستقلون أو تحالف عزم (سُنيّ) برئاسة خميس الخنجر إلى هذا التحالف وقوى أخرى.
يأتي ذلك في حين أنه لا توجد أي فرصة مماثلة للكتلة الصدرية بعقد تحالفات مع تحالفات قريبة منها مثل "تقدم" برئاسة رئيس مجلس النواب المنحل، محمد الحلبوسي الذي يطمع لزعامة المكون السُنيّ وما يترتب على ذلك من ضعف مكانته في أوساط المجتمع السُنيّ حال قبل الدخول في تحالف يقوده مقتدى الصدر بعد تجربة دخول تحالف "عزم" في تحالف البناء بقيادة هادي العامري.
كما أن "الحزب الوطني الكردستاني" القريب من التيار الصدري لا يمكن أن يدخل في تحالف تحت مظلة الكتلة الصدرية لكن هذا الحزب أو تحالف "تقدم" يمكن لهما الاتفاق مع الكتلة النيابية الأكثر عددا إذا توصلا إلى تفاهمات تفضي إلى مقايضة منح الثقة بمكاسب سياسية لكل منهما، بصرف النظر عن هوية الكتلة أو من يقودها.