المحرر موضوع: د. عز الدين ابو التمن : في محاضرته سايكولوجية الابداع لدى الانسان العراقي : مجتمعاتنا الفاشلة ابداعيا تلجأ لاثبات الذات بطرق لا شرعية  (زيارة 427 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مركز هوزايا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 17
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مجتمعاتنا الفاشلة ابداعيا تلجأ لاثبات الذات بطرق لا شرعية
نظمت اللجنة الثقافية  في مركز يونان هوزايا للبحوث والدراسات المستقبلية محاضرة القاها الدكتور عز الدين ابو التمن بعنوان سايكولوجية الابداع لدى الانسان العراقي، وذلك  مساء يوم الاحد 7  تشرين الثاني  2021 في الساعة السابعة مساء حسب توقيت سيدني وملبورن في استراليا.
واستهل الاستاذ مدحت البازي الجلسة  مرحبا بالدكتور المحاضر وقرأ بعض من مقتطفات سيرة الدكتور الغنية الواسعة وكذلك رحب بالسادة الحضور الكرام الذين شاركوا عبر الزوم للاصغاء الى المحاضرة وثم ابداء ارائهم وتعليقاتهم وطرح تساؤلاتهم ليجيب عنها المحاضر الدكتور بموسوعية وعمق فكري.
وبدأ الدكتور عز الدين ابو التمن محاضرته  بتعريف الابداع على انه محرك لنشاط المجتمع وهو الاتيان بشئ غير مألوف.. وقال كلما يكثر الابداع كلما يتقدم المجتمع ويتطور.  واكد ان محاضرته لا تقصد المجتمع العراقي كله بل يتعلق اكثر بسكان العراق الاصليين اصحاب الحضارة من سومريين واكديين وبابليين واشوريين اصحاب الحضارة المتكاملة .. وكانت حضارة تكمل سابقتها واعطوا الانسانية ما لايتصوره عقل الانسان العادي.
وتطرق بعدها الى اختلاف مفاهيم مثل المهارة والذكاء والاجتهاد عن الابداع نفسه. مؤكدا ان الابداع لا يقتصر على العناصر المألوفة او المطروقة ويفاجأ الناس  بشئ جديد. أما المهارة فتعتمد العناصر المألوفة السابقة وتعمل على تطويرها لاعطاء أو اضفاء شيء جديد على الموجود اصلا. فكل ما حصل من تطويرات على الطائرة مثلا هو مهارات اضافية وتطوير. اما الاجتهاد الذي يعني العمل من خلال الوقت والمتابعة للوصول الى غاية ما. وهي ليست ابداعا ولا الموهبة التي هي اصلا قدرة بايولوجية يتمتع بها الانسان ولكنها لا تقترن بالابداع. واكد ان الفرق بين هذه المفاهيم هي ان الابداع يتسم بالتعميم حيث ان الانتاج الابداعي يعمم لخدمة الانسانية اي يشمل كل الانسانية. اما مفاهيم الموهبة وغيرها فتتسم باقتصارها على التسويق او تقتصر على صاحب الشأن  أو صاحب الانتاج.
وتطرق الدكتور ابو التمن الى مسألة البناء البيولوجي للابداع  حيث قال ان راس الانسان يتكون من ثلاثة فصوص  الامامي الذي ان زادت خلاياه العصبية فيجعل الانسان متفوقا في مجال الرياضيات والعلوم الصرفة. اما الخلفي فيجعل الانسان يبدع في مجالات الانسانيات والفنون . اما الفص الجانبي فانه يأخذ من الفصيا الاخريين  ويصبح الانسان مبدعا متوسطا.
وفي دراسة لجامهة شفيلد حول تساؤل تم طرحه لماذا الانسان العراق مبدع  فوجدت الدراسة ان متوسط الذكاء عند الانسان العراقي يحوي سبعة وعشرون مليون خلية عصبية فيما تكون لدى الانسان العادي اثنا عشر مليون خلية عصبية فقط. وقال ان هذا يثبت ايضا ان الجينات الابداعية متوارثة  وهذا مثبت علميا.  وعليه نجد مجتمعاتنا العربية  لا تتطور بسبب توارث الجينات.
تساءل الدكتور ابو التمن ما الذي يدمر القدرة الابداعية للانسان او المجتمعات. ذكر انه يقال هناك مؤامرة  تنشأ من الحسد أو مركب النقص تشترك فيها المجتمعات المتخلفة مع جامعات اوربية وأنا اشك في هذا. ولكن نظرية تدمير الابداع تقول يضمحل الابداع حين تضع المبدع في حالة فقر مدقع حتى الاملاق لينشغل الانسان بخبزه اليومي وغيرها. والعامل الثاني هو احاطة الانسان ببيئة خوف حد الرعب. ولكنه استدرك قائلا أن لدى العراقي لم تمت الجينات .. واورد مثالا حول المرأة في الجنوب العراقي السومرية الاصل  تنشد شعرا  أو الفلاح الجنوبي البسيط الذي يفتقر الى التعليم يقول شعرا فلسفيا عميقا.
وانتقل المحاضر عز الدين ابو اتمن الى شأن آخر في الابداع وهي علاقته بالانفعال , قال ان هناك انفعالا ايجابيا يؤدي الى العطاء  وهناك السلبي الذي هو العصبية الجنونية  والمرتبط بالتهور والحماقة. وقال ان هناك ارتباط عميق بين الانفعال الشديد والابداع  واورد امثلة مثل حب الشاعر جرير لزوجته الذي جعله يبدع في شعره وكذلك الفرزدق والمتنبي وغيرهم.
واضاف ان المجتمعات وفق تصنيف الابداع أو التدرج الدماغي  تنقسم الى التالية  علما ان المجتمعات تبدأ بمفهوم الكائن  ثم يتطور الى كائن معطاء ينتقل الى مرحلة البشر وعندما يزيد عطائه  وينتشر ينتقل الى انسان وحين يزداد ابداعه ينتقل الى الانسان المبدع ، وعندما يتطور الى عدة مجالات ابداعية  يصبح الانسان الخارق. كذلك المجتمعات تنقسم الى مجتمعات ما قبل التاريخ، ومجتمعات على حافة التاريخ واخرى في بؤرة التاريخ . ومجتمعات تجاوزت التاريخ واخيرا مجتمعات اجبرت التاريخ على الانحناء لها.
وطالما ان الانسان مرتبط بالعطاء  والعطاء مقترن بالزمن  فلا شك ان هناك مجتمعات توقف الزمن لديها  لان ليس لديها اي عطاء أو ابداع.
وهذا يخلق انسانا او مجتمعا فاشلا  ولتغطية الفشل  واللجوء الى اثبات الذات يقوم الانسان او المجتمعات باستخدام طرق لاشرعية لاثبات الذات من خلال الاقتران بمعنى أن يقرن الشخص نفسه بشخصيات مبدعة شهيرة بالحديث عن الجلوس مع مشاهير او الحديث معهم اي ما يوحي بأنه من مستواهم. أومن خلال الطريقة الثانية وهي الاختراق اي أن يقوم الفرد بقطع الحديث في مجتمع والاعتراض على حديث شخصية مهمة او مبدعة مثلا ولكن بدون تقديم البديل. أو عن طريق ثالث هو المبالغة على سبيل المثال قيام مدرس بأعطاء اسئلة صعبة للغاية لطلبته وربما هو لا يمكنه من حلها لاثبات انه فاهم اكثر من طلبته او حاكم جاء بدون شرعية  فيقوم باستخدام نشر الظلم في المجتمع ليثبت ان افهم.
وهناك طريقة رابعة  وهي الانسحاب  بمعنى قيام الفرد بالانسحاب من مجتمع علمي أو اكاديمي معين بدون ان يتكلم مما يوحي انه لا يقبل الوضع ولكن بصمت وكأنه يعلم اكثر من الاخرين.
وختم حديثه قائلا ان مجتمعاتنا الفاشلة ابداعيا تلجأ الى هذه الطرق اللاشرعية لاثبات ذاتها.       
 



د. عز الدين ابو التمن : رجل ذو بأس من مواليد 1952  حاصل على شهادة الدكتوراه في علم القياس الاجتماعي والنفسي. من جامعة وارشو عام 1985. له الكثير من المؤلفات احداها موسوعة من اربعة عشر جزءا في علم القياس  والتي ترجمت الى ست لغات. تقلد وظائف مدرس مساعد في جامعة بغداد – كلية الفنون الجميلة. ومقررا ومشرفا واستاذا  في نفس الكلية. ثم استاذا مساعدا في جامعة المستنصرية بغداد وجامعة الفاتح في ليبيا.  وتقلد منصب رئيس جامعة المثنى في العراق.  واشرف على العديد من الرسائل الجامعية .
والدكتور ابو التمن عضو هيئة المفكرين العرب . ومشرف على المجالس الادبية في بغداد.  وهو عضو المركز الثقافي الاجتماعي لجامعة بغداد. وعضو في لجنة اختبار المبدعين والمتميزين.
حاصل على كتب شكر عديدة وتكريم لتميزه في العمل.