المحرر موضوع: الأزهر يبحث عن إثبات وجوده من خلال "وعاظ المقاهي"  (زيارة 437 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31485
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأزهر يبحث عن إثبات وجوده من خلال "وعاظ المقاهي"
تحرك فكر الأزهر في مسارات أخرى يواجه اعتراضات من قطاعات المثقفين الذين يؤمنون بأن مكان الدعوة داخل المسجد وليس وسط صخب الشارع ورواد المقاهي.
العرب

شيخ الأزهر يجاهد لتوصيل أفكاره وسط نغمات الأغاني ودخان الشيشة
القاهرة- بحثت مؤسسة الأزهر عن مساحات جديدة تمكّنها من تعزيز أدوارها المجتمعية والدينية في الشارع بعد أن أحكمت وزارة الأوقاف قبضتها بشكل كبير على المساجد واستطاعت تمرير رؤيتها بشأن طريقة وأدوات مخاطبة المصلين.

وتحرك فكر الأزهر في مسارات أخرى خارج المساجد ودفع وعاظه نحو التواجد بفاعلية في مراكز الشباب والنوادي والمقاهي وكثف قوافله الدعوية بمناطق متفرقة كنوع من إثبات الوجود المعنوي.

وطالب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية نظير عياد مناطق الوعظ بـ”ابتكار أفكار جديدة للتواصل مع الجمهور وتقديم خطاب دعوي مستنير يوضح للناس ما اختلط عليهم من مفاهيم ويفتح معهم حوارًا متبادلًا وفاعلًا”.

وما يشير إلى أن تفعيل تحرك الوعاظ يرتبط بالرد على خطوات ناجحة أقدمت عليها وزارة الأوقاف أن الأزهر أقدم على تسيير أكثر من 600 قافلة دعوية إلى المقاهي ومراكز الشباب قبل أربع سنوات ولم تحقق المرجو منها ولم يستكمل خطته التي بدأها بالأقاليم وكان من المفترض أن تصل إلى القاهرة.

◄ مساعي المؤسسات الدينية للتواصل مع المواطنين تصطدم بمعوقات عديدة تجعلها لا تحقق أهدافها، وهو ما حدث في تجربة الأزهر والأوقاف سابقا

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا لوعاظ طافوا مقاهي ومراكز شباب في مناطق متفرقة وهم يرتدون الزي الرسمي (الجلباب والعمة)، وحملت التعليقات عليها قدرا كبيرا من السخرية جراء التناقض بين هيئة الشباب والموضوعات التي يتناقشون فيها على المقاهي وبين صورة شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي يبدو أنه يجاهد لتوصيل أفكاره وسط نغمات الأغاني ودخان الشيشة.

وتلقى خطوات الأزهر معارضة من بعض علمائه الذين يرون أنه من المفترض أن يتمثل دوره الأساسي في كونه مرجعية مهمّة وهيئة تضع الخطط التي تسير عليها المؤسسات الدينية المرتبطة بالفتوى والدعوة.

وهؤلاء مقتنعون بأن تعرض عدد من الشيوخ للتنمر والانتقادات جراء وجودهم في بيئة لا تساعد على توصيل أفكارهم الدعوية يخلّف آثارا سلبية على صورة الأزهر لدى المواطنين، في حين أنه يجري دفعهم نحو التواجد بين فئات لديها أنماط تفكير تتجاوز المؤسسات الدينية الرسمية ما يضعهم في الكثير من الأحيان في موقف محرج.

وقال أحد الوعاظ الذي جاب عددا من مقاهي محافظة الإسكندرية، فضل عدم ذكر اسمه، إن “القوافل تواجه مشكلة عدم اكتراث الشباب بما نأتي من أجله، وقد تكون مباراة لكرة القدم أو الانغماس في لعبة الدومينو عاملاً مقوضًا لجذب اهتمام الكثير من الشباب الذين قد يكون ردهم على طلب التحدث إليهم بالرفض”.

وأضاف، في تصريح لـ”العرب”، “نستهدف الانخراط في تفاصيل المشكلات الحياتية للمواطنين وتقديم نصائح دينية لتسهيل مهمتهم في التعامل معها، ونشر الإسلام المعتدل الذي لا يشتمل على التطرّف والعنف، وهي قضايا عامة يهتم بها أغلب الناس، لكن في الوقت ذاته نواجه رفضا من بعض أصحاب المقاهي الذين يخشون فتاوى تحريم التدخين أو تعرضهم لمشكلات أمنية جراء مخالفتهم للإجراءات الصحية”.

وتواجه خطوات الأزهر اعتراضات من قطاعات المثقفين الذين يؤمنون بأن مكان الدعوة داخل المسجد وليس وسط صخب الشارع ورواد المقاهي، وأن شيخ الأزهر قد يقع فريسة لتكرار أساليب الدعوة التي تبنتها تيارات سلفية في ثمانينات القرن الماضي، وأن دوره يجب أن يتماشي مع طبيعته كمؤسسة لها ثقل حضاري دون الانغماس في قضايا من المفترض أن تتعامل معها منظمات المجتمع المدني.

وقال عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية عبدالغني هندي إن “تحرك الأزهر على مستوى الشارع يأتي في الوقت الذي قررت فيه وزارة الأوقاف وقف دروس الوعظ داخل المساجد، ما يشير إلى عدم وجود تنسيق بين المؤسسات الدينية المختلفة”.

عبدالغني هندي: الأزهر خسر دوره في المساجد فتحرك إلى الشارع
وقلل في تصريح لـ”العرب” من فرص نجاح الأزهر في تعزيز دوره المجتمعي من خلال “وعاظ المقاهي”، فما تحتاجه الدولة حاليا هو تدشين مشروع يضع مكونات فكرية حديثة للتعامل مع المشكلات الاجتماعية الآخذة في الانتشار، على أن تكون بلغة مختلفة عن تلك التي يستخدمها الأزهر في خطاباته الموجهة إلى الجمهور.

وذهب متابعون للتأكيد على أن مؤسسات الدولة طالبت الأزهر بزيادة أدواره الاجتماعية لسد الفراغ الذي تركه تنظيم الإخوان، غير أن تلك المطالبات شددت على أهمية أن يكون هناك محتوى متطور يواكب أفكار المواطنين.

وقد استجابت المؤسسة الدينية الأكبر في مصر لتلك المطالبات بصورة شكلية دون التفات إلى تجديد الخطاب الديني وتطوير المحتوى بما يتفق مع تغيرات المجتمع.

وتصطدم مساعي المؤسسات الدينية للتواصل مع المواطنين بمعوقات عديدة تجعلها لا تحقق أهدافها، وهو ما حدث في تجربة الأزهر والأوقاف سابقًا عبر قوافل وسائل النقل العام ومحطات مترو الأنفاق، وتبقى المشكلة كامنة في أن هذه المؤسسات لا تبني أساليب مخاطبتها للجمهور على أسس أو دراسات علمية.

وأوضح أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة طنطا أحمد سالم أن تنامي ظواهر الانتحار والعنف وتفكك المنظومة الأسرية بحاجة إلى تدخل فاعل من المؤسسات الدينية والاجتماعية التي تعوض فقدان البعد الروحي للإنسان المصري، غير أن القائمين عليها بحاجة إلى أن يكونوا بمواصفات محددة للحصول على نتيجة إيجابية بعيداً عن الجانب الديني البحت، وأن يستطيعوا إقناع فئات الشباب بما يروجون له.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “الاستمرار في خطابات الترهيب والتحريم التي اعتادت عليها المؤسسات الدينية لن يقود إلى تغير حقيقي، وأن تصدير خطابات التسامح والسلام وقبول الآخر سيكون الأكثر تقبلا من قبل جمهور المقاهي، على أن تصاحب ذلك أدوار اجتماعية لحلحلة مشكلات المواطنين في المناطق الفقيرة والتعرف على أوجاعهم، وهي الأدوار التي كانت تقوم بها التنظيمات المتطرفة لكسب تأييد البسطاء”.