المحرر موضوع: حزن الغربة في المجموعة الشعرية ( لا أحد يعرف أسمي ) للشاعر خالد الحلي  (زيارة 613 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جمعه عبدالله

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 685
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حزن الغربة في المجموعة الشعرية ( لا أحد يعرف أسمي ) للشاعر خالد الحلي

يمتلك الشاعر تجربة غنية وخبرة  طويلة  في الصياغة الشعرية العميقة في الإيحاء البليغ في المعنى والمضمون .     يمتلك   اسلوبية شعرية مقتدرة في  حروفها  تثير معاني الشجن  والحزن والمعاناة في الغربة . وكذلك العسف داخل الوطن , في زعانف الاهمال والتجاهل والحرمان , اما في الوطن الغريب أو البديل فأنه رقم مجهول لا يعرفه أحداً , ولا يهتم  بأسمه أحداً . هذه المعاناة التي  يحملها المغترب حين يحط رحاله في  الوطن البديل . يكون كالأوراق  مبعثرة وتائهة في عالم المنفى . مما يخلق تجربة ذاتية  قاسية في وطن المهجر , والشاعر يتكلم عن تجربته الحياتية في وطن الكنغر ( أستراليا  )  يرتب ابجدية حروف القصائد من نبض إحساسه العميق ,  الذي يعزف على  اوتار الحزن . في قصائد  مجموعته الشعرية ( لا أحد يعرف أسمي / مترجمة من الأستاذ  المترجم رغيد النحاس . وجاءت نصوص بشكل القصائد بالعربي ومترجمة الى اللغة الانكليزية ) من خلالها يشعر القارئ باحساسها العميق التي تثير الاشجان الموجعة, لجفاف الحياة في المنفى , كما هي كانت جفافة  بقسوتها في الوطن الأم .  وأينما رحل في ارض الله الواسعة . الحزن يجري في عروقه.  ان القصائد تحمل جمالية شعرية , لكن خلفيتها  تحمل حزناً عميقاً يضرب في أعماق  وجدان الذات والعام  , ليس لأنه يقف متفرجاً من فوق التل على جفاف المعاناة , وإنما هو في صلب نيرانها في قطار العمر الذي يركض ويلهث وراء  المحطات بالسنوات العجاف القاسية , لا  ينتظر شيئاً, أو هو الانتظار اللانتظار , لم يتوقع تبزغ كوة  ضوء في عتمة الانتظار , بهذا الشكل تأتي  النصوص الشعرية  في نوتات ايقاعية في موسيقى الحزن . والشاعر برز منذ أوائل السبعينات القرن الماضي  في الشعر والصحافة . وذاق طعم الغربة من التعسف والحرمان في محطات سنوات عمره , وأصدر مجموعته الشعرية الاولى ( مدن غائمة ) عام 1988 في الرباط / المغرب . وهذه المجموعة الشعرية ( لا أحد يعرف أسمي ) اصدرها في موطنه البديل ( أستراليا ) تحتوي قصائد من عام 1988 الى عام 2018 .
                    ×× شذرات من قصائد المجموعة الشعرية :
× هذا الحزن العراقي المتوارث من جيلٍ الى جيل , ولا يستطيع أن يتركنا بحالنا , فقد أصبح  قدرنا الابدي .
لِمَ لا تتركنا ؟
أيها الحزنُ العراقي الطويلْ
أيها الحزنُ الذي يمتدُّ من جيلٍ لجيلْ
لِمَ لا تتركنا ؟
لمَ لا تتركنا ؟
× الايام والاحداث تتزاحم في ارهاقها ومتاعبها , بين كرٍ وفر , بين مدٍ وجزر , لا تحمل سوى النوائب والنحيب والاسى . في وطنٍ تسرق فيه حتى أحلام الاطفال بصمت وسكوت مريب .
خارطةُ الايامِ سنينٌ مبهمةٌ
ترهقني في كرٍ  أو فرْ
تغرق أفراحي في مدِّ أو جزرْ
أيامي تعدو ذاهلةً
قد ترتد بها الساعات  ولا ترتدّْ
قد يأتي بعد الجزر المدُّ ......
وقد يرتدُّ ..... ولا يمتدّْ
تشرب دمع لساني أيامٌ خرساءْ
وترادٌ شطآن عيوني أشرعةٌ عمياءْ
ترسو ظمأى فوق دموعٍ بلهاءْ
أحلامي شرفات مشرعةٌ
× تبقى هواجس الوطن وحنينة تورق في وجدانه في عبق الذكريات ذكريات مدينته ( بابل ) . و يتمنى ويحلم أن ياخذه برج ( ايفل ) في باريس حينما يصعد على قمته, أن يرحل به الى  الوطن, ويأخذه إلى بابل , اثوابه المتبقية تبكيه, حتى يبكي على ايامه وسنينه في وطن الحزن .
أيفل يرقي بي , وأنا اهتزُ الى الاعلى
وكنتُ الاحلى
والكلُّ هباءْ
ليتكَ كنت تقبلني ...
وأنا أهتزُ بقلبي ,
ويسافرُ بي أيفل نحو صعودٍ أجهلهُ
ليتكَ كنت تلامس شعري
وأنا أرحلُ فوق مياه السينْ"
يأخذني الحزنُ الى وطني
في بابل أثوابي تبكيني
وأنا أبكي أيامي وسنيني.
× العراق يتأرجح بين الرماد والجمر , ولا تنطفي جمرات  نيرانه , تتساقط عليه من كل جانب وصوب . لا يعرف كيف  تسلط عليه  كل ساقط وغدار , وأصبح مثل الاعمى يتوضأ بالظلام والأسرار ,  تتزاحم في  كوابيس الظلام التي تسرق الاحلام والأعوام , لذلك لابد أن نخلق أو نرسم اماكن اعذب في أزمنة الحب الارحب  , ولكن كيف ؟
بين رمادي  ورمادك  جمرٌ لا يهدأ :
جمرُ عراقٍ يتأرجح  بالنارْ
جمرٌ لا يعرف كيف تَسلطَ  فينا الساقطُ والغدارْ
جمرٌ يتوضأ بظلام أعمى يغرق في  الاسرار
والصوت يتيمْ
فلنرسم يا سيدتي أمكنةً  أعذبْ ..
فلنستنبط أزمنة أرحبْ
لكن كيفْ ؟
صامتة أنتِ , وأيدينا تورق أحلاماً
وتسابق أياماً حيرى
تتذكر أياماً أخرى
وتلكَ  الأيامْ  .....
تلك الايامُ  تموتُ  وتحيا .
× يحاول المغترب في الوطن البديل ان يكون مسالماً ,  جاء ليس كعدو  ولا مخاتلاً , وانما جاء من ضحية الزمن المقتول من الجلد الى اللحم  ,  فلا داعي للريبة والشك والظنون عن أسمه .. فلا داعي للسؤال . من أنتَ ؟ ومن أين  جئت ؟ جاء  يجرب حظه وقدره في الوطن البديل , بعدما أصبح العراقي يقفز كالكنغر امتاراً خلف امتاراً وتركض خلفه  المعاناة  والحزن .
 لا تغضبْ ... فأنا أكره أن يغضبَ مني أحدٌ
إني لستُ عدواً
وأنا لستُ مخاتلْ
أني أقفزُ  مختصراً أمتاراً
لكني لا أجري مختزلاً أعماراً .
أني الزمن المقتولُ
ولستُ الزمن القاتلْ

       جمعة عبدالله