المحرر موضوع: تداعيات " حزبنة " العلاقات الكردية – الكردية  (زيارة 498 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تداعيات " حزبنة " العلاقات الكردية – الكردية

صلاح بدرالدين

   مع ظهور ونمو الوعي القومي الكردي مع نهايات القرن الثامن عشر ، ومن ثم انبثاق نشاطات ثقافية ، واجتماعية ، وحركات سياسية ، وانتفاضات ، وثورات منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين ، يمكن القول أن هذه الحركة القومية الكردية بمفهومها الواسع ، قد اجتازت ثلاثة مراحل تاريخية في كفاحها من حيث المنطلقات النظرية ، والاهداف القريبة ، والبعيدة ، وبمعنى آخر من حيث الاستراتيجية ، والتكتيك ، وذلك بفعل حقائق الظروف الموضوعية ، والعوامل الجيو سياسية المحيطة الخارجة عن ارادتها ، والمتعلقة أساسا بالتقسيم المتدرج لموطن الكرد التاريخي كردستان ، من جانب الامبراطوريتين العثمانية ، والصفوية ، والقوى الاستعمارية الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الثانية .
  المرحلة الأولى – عندما كان كرد المنطقة عموما من غرب ايران ، وشمالي العراق ، وشرق تركيا ومناطق زاغروس ، وميزوبوتاميا ، وشمال شرقي سوريا الى تخوم الفرات جنوبا ، وحتى مشارف انطاكية ، والاسكندرون ، وكرد الشتات في دمشق ، ولبنان ، وفلسطين ، والأردن ، تحت ظل الإمبراطورية العثمانية المترامية الأطراف ، وفي تلك المرحلة كان التوجه العام لاية مشاعر قومية كردية ، كردستاني ، يشمل كرد المنطقة عموما من دون استثناء .
   المرحلة الثانية – وتبدأ بالنتائج المترتبة على معركة جالديران ( ١٥١٤ ) عندما اقتسمت الامبراطوريتان العثمانية السنية ، والصفوية الشيعية ، موطن الكرد ، مما أدى ذلك عمليا الى فصل كرد الجانبين ، وحركتهما القومية ، عن بعضهما البعض ، وبذلك تكون وللمرة الأولى بتاريخ الكرد ، تجزئة االعمل القومي الكردي الموحد ، والشامل ، والهادف الى الاستقلال ، الى قضيتين قوميتين منفصلتين عن بعضهما البعض رسميا ، وجغرافيا ، في مركزين مختلفين بين الامبراطوريتين .
  المرحلة الثالثة – لابد من الإشارة بان المرحلة الثانية تميزت ببقاء الأغلبية الساحقة من الكرد ، ومناطقهم ، تحت ظل النفوذ العثماني ، ونشأت حينها رابطة قومية سياسية ،وثقافية ، واجتماعية ، بين كرد بلدان ( تركيا ، والعراق ، وسوريا ) الراهنة ، مالبثت اتفاقية سايكس – بيكو ( ١٩١٦ ) بين الحلفاء ، والقيصر الروسي ، أن وضعت النهاية لذلك الرابط القومي الواسع ، مما تمخض عنها – تقسيم المقسم الكردي – ومضاعفة جزئين من كردستان التاريخية الى أربعة أجزاء ، وتحويل القضية الكردية الواحدة الى أربعة قضايا بعد ان كانت قضيتان في تركيا العثمانية ، وايران ، ودشنت المرحلة الثالثة هذه  بشأن العمل القومي الكردي معادلة واقعية جديدة تتمحور حول ثنائية القومي ، والوطني ، ومهام التوازن الدقيق بينهما .
  المرحلة الثالثة الطويلة هذه التي تمتد لنحو قرن ،. غيرت كثيرا من الموروث القومي الكردي تحت ظل مواطنه الجديدة ،  وفعلت فعلها من النواحي الدستورية ، والقانونية ، ورسخت حقائق جديدة على ارض الواقع ، من النواحي الاقتصادية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والنفسية ، والتي مازلنا نجهل حقائقها كاملة ، ويتهرب كتابنا ، ومثقفونا خاصة المغالون نظريا في الضرب على الوتر القومي العاطفي ، من الخوض في تفاصيلها ، اما عن قصور ، أو هروب من الواقع .
   وامام كل ذلك ، وبالرغم من رسم الحدود الجديدة ، وتفكيك اوصال الشعب الواحد ، والوطن الواحد ، وازدياد عوامل الافتراق القومي ، لمصلحة الانتماء الوطني ، فان الوشائج القومية بين كرد الأجزاء الأربعة راسخة ، وامكانيات العمل القومي المشترك والتنسيق ، بين القوى السياسية الكردية ،على أسس الاحترام المتبادل مازالت متوفرة ، وحتى تباين الأفكار بين التيارات السياسية يمكن معالجته عبر الحوار السلمي ، اذا صدقت النوايا .
   مخاطر " حزبنة " العلاقات الكردية – الكردية
  أحد أبرز جوانب الازمة في الحركة القومية الكردية في الحالة الراهنة ، هو السيولة في اعداد الأحزاب ، فحسب التقديرات غير الرسمية الموثقة ، هناك مايربو على خمسمائة حزب في أجزاء كردستان الأربعة ، بين كبرى ، ومتوسطة ، وصغيرة ، ماعدا آلاف الجمعيات ، والتجمعات تتبع غالبا لها ،تلك الأحزاب .
  وبغض النظر عن مدى جدية ، او نجاح ، او فشل تلك الأحزاب ، وكونها قومية متطرفة ، او معتدلة ، ديموقراطية ، او ليبرالية ، مدنية ، او عسكريتارية ، أو ميليشياوية ،  مستقلة ، او تابعة ، نظيفة ، أو فاسدة فهذا ليس بموضوعنا الرئيسي في هذه المقالة ، بل مانصبو اليه هو البحث في ظاهرة خطيرة ، تمس جوهر ، وطبيعة العلاقات القومية ، عندما تنتهج الأحزاب طريق "حزبنة " العلاقات الكردية – الكردية ، بدلا من العلاقات الأخوية ، في اطار مفهوم – الكردايتي – أي التعامل مع الفضاء القومي من منطلق مصالح الحزب فقط وهي لاتعبر عن مصالح الغالبية الشعبية أولا ، ومن مصالح الحركة الكردية الجامعة تاليا ، فالحزب ليس امرا ثابتا ، بل يأتي ويزول ، وهو. أداة وليس هدفا ،  ومهمته خدمة الشعب ، والقضية ، والشعب باق ، والقضية قائمة حسب ظروف المكان ، والزمان .
    نحن كرد سوريا ولنا تجربة طويلة في العمل الحزبي ، ثبت لدينا بما لايدع مجالا للشك على الأقل في العشر سنوات الأخيرة بعد اندلاع الثورة السورية ، ان الحزبوية الضيقة خاصة من هياكل لم تتجدد ، ولم تعقد موتمراتها ، وفقدت الشرعيتين القومية ، والوطنية ، ومجموعات حزبوية – ميليشياوية ، او عسكريتارية ، قد الحقت الضرر البالغ بقضية الشعب الكردي ، وصارت عائقا امام توحيد الحركة الكردية السورية المفككة ، والأخطر من هذا وذاك النظر الى ماحولها بعيون حزبية ، وتجيير القضيتين  القومية ، والوطنية لمصالح الحزب ، وبقائه حتى لو تم افناء الشعب ، أو هاجر قسرا بحثا عن الأمان ، ولقمة العيش .
   من تداعيات " حزبنة " العلاقات القومية داخل كل جزء ، او بين الأجزاء الأربعة المس بقوانين التطور الاجتماعي الطبيعي في المجتمعات الكردية  ، واضعاف الرابط القومي ومشاعر القربى النبيلة ، وتعميق الخلافات بين الكرد كشعب بدلا من حلها ،  واحياء الحساسيات المناطقية باتجاه المغالاة ، والتطرف ، واثارة الانتماءات الدينية ، والمذهبية ، وتعميق الولاءات ( بحسب المصالح الحزبية ) لنظام الاستبداد ، او. أنظمة مجاورة  .
  في جميع الأحوال سنظل ككرد سوريين ، غير محصنين امام المخاطر ، والظواهر الغريبة السلبية كظاهرة " الحزبنة " والتبعية ، واضاعة الوزن ، والتوازن  وغيرها ، مادامت حركتنا مفككة ، ولاسبيل امامنا سوى التكاتف ، والتكامل ، من اجل توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ، لاعادة بناء الحركة الكردية ، واستعادة شرعيتها ، وانتخاب مجالسها القيادية ، لمواجهة كل التحديات .