المحرر موضوع: شهادة وتوضيح عن المناضل الشيوعي، والوطني العراقي، زكــي خيــري  (زيارة 575 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Babyloncz

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 41
    • مشاهدة الملف الشخصي
شهادة وتوضيح عن المناضل الشيوعي،
والوطني العراقي، زكــي خيــري
*خالد عبد الله العلي/ براغ
----------------------------------------------------------------
   تداول عدد من الاصدقاء والمتابعين، في الفترة الاخيرة، وعبر وسائل التواصل الأجتماعي، وشبكة (فيس بوك) خصوصا، موضوعا ذا صلة بالمناضل المميز، الرفيق الراحل زكي خيري، ومنها معاناته  "مثل قطع المخصصات المالية (الحزبية) عنه" و"تكاليف ايجار البيت المتواضع وثمن الغذاء والدواء والكتب وهي شحيحة جداً"  في سوريا "وكذلك في براغ" مما اضطره للهجرة إلى صقيع السويد القطبي ... ولما سأله الكاتب إبراهيم الحريري في مجلة الثقافة الجديدة عن سبب هجرته وطلبه للجوء في صقيع السويد ردّ بعبارة دامية وصاعقة (جا وين أنطي وجهي وانا بهذا العمر؟)..."  كما هناك تعليقات عديدة اخرى وردت بذات السياق. علما بأن مثل هذا الموضوع سبق وتم تداوله قبل عدة سنوات عبر وسائل التواصل الأجتماعي ايضاً . ولا بد لي، وقبل ان  استمر في تسجيل شهادتي، وتوضيحي، ان  اؤكد الموقف الذي يقول بان هذا  الموضوع أنساني وأجتماعي بامتياز، وبغض النظر عن جميع المواقف السياسية والفكرية.
    لقد مضى على وجودي في صفوف  الحزب الشيوعي العراقي أكثر من خمسين عاماً..  وكنت مثل  الالاف  من الرفيقات والرفاق ، قد كلفنا وفق الظروف الخاصة (الزمان والمكان) بمهام متعددة، وحكمتنا أنظمة داخلية (ضوابط عملنا التنظيمي) أقتضتها ظروف محددة وزمان محدد، ومهمتي هنا كشاهد ومشارك مباشر، وليس ناقلاً للحدث والموضوع،  كما  ليس لي رغبة وهدف في تبرير الأخطاء والنواقص التي حصلت في مسيرة الحزب.. وقد أتفق مع بعض وجهات النظر التي يتدولها بعض الرفاق والأصدقاء بخصوص سياسية الحزب هنا وهناك، ولكني أختلف معهم بالاليات والاوقات والمناسبة وطرق المعالجة.. كما اتساءل ، هل قيادة الحزب وجميع الرفاق أجادوا الصراع الفكري والسياسي داخل الحزب وخارجة ؟ .  وحتى يكون الجواب علميا ووقعيا ونأخذ بعين الأعتبار المكان والزمان للحدث والموضوع ، اقول في بعض الأحيان لم نحسن أدارة هذا الصراع. وهنا ينشأ  سؤال أخر، وهو ما هو السبب ؟ واغلبنا لدية تساؤلات عديدة ، خاصة في الأنعطافات الحادة التي مر ويمر بها الحزب الشيوعي العراقي. نعم لدينا تساؤلات كثيرة، ولكن لا نمتلك الجواب العلمي الواضح الذي يفتقدة أغلبنا. وعلى ما أعتقد فأن أنتماء الغالبية الى الحزب الشيوعي العراقي  لم يكن بسبب تفهمنا العميق للماركسية ، بل لأسباب أخرى من اهمها برنامجه الوطني الذي جسد لنا طموحاتنا وانتمائاتنا الطبقية والفكرية  والأمثلة الحية  التي سطرها الشيوعون والجنود المجهولون داخل الحزب. اضافة الى  معاناة شعب ووطن . واعتقد ان هذا النقص الفكري بالنظرية الماركسية قد  اربك مسيرتنا في أحيان كثيرة في صفوفنا . كما ساد  في صفوفنا بعض التدين الأعمى والأعتماد على النقل وليس العقل للحدث وتفسيرة وتحليلة . نعم نحن نحتاج بعضنا لدعم شعب منكوب ووطن منهوب هو العراق. وفي هذا الموضوع الحديث يطول وله أبواب أخرى ، وأنا لست بصحفي ولا  كاتب.
والان نعود  الى اصل الموضوع ، مبتدءا بالقول ان المعلومة أمانة وضمير في رقبة الناقل، من نقل هذه المعلومة الخاصة بالرفيق الراحل زكي خيري ومدى صحة ودقة هذه المعلومة؟.  فالمعلومات وفي أحيان كثيرة تنقل وبدون تدقيق لصحتها ويتداولها الاخرون لأسباب عديدة ويعتبرونها حقيقة مطلقة ، دون البحث والتدقيق بمدى صحة ودقة هذه المعلومات. الا تعتقدون وراء هذا النقل أسباب أخرى"  قد تكون مواقف مسبقة وشخصنة للصراع والأختلاف" وهنا يضييع الهدف من الأختلاف في الرأي كونه قانون جدلي للتطور للحزب وغيرة .
   وشهادتي هنا للتاريخ، واقول فيها ان  قيادة الحزب الشيوعي العراقي لم تقطع مخصصات المعيشة والسكن والأمور الاخرى للرفيق الراحل زكي خيري. لا في سوريا ولا في براغ ، واؤكدها هنا  ليطمئن قلبي، اذ كنت أحد المكلفين بهذه المهمة والصلة بعائلة الرفيق زكي، مع اخرين.
   .. وعن الموضوع الأخر الخاص بسفر الرفيق زكي وعائلته الى السويد، دعوني اقول نعم  أنا من قام بهذه المهمة بتكليف من قيادة الحزب، وبموافقة الرفيق زكي وعائلته حول الموضوع . وساعود لتفاصيل هذه المهمة بعد التوضيح التالي، وهو ان  قيادة الحزب كانت ترفض اللجوء السياسي أو الأنساني للرفاق ، وهو موقف من المفترض ان يكون معلوما لدى جميع المعنيين. وقد أستمر هذا الموقف لفترة طويلة. وعلى ما أتذكر فقد عدل هذا المواقف ووافقت قيادة الحزب على حالات اللجوء في عام 1985 أو نهاية عام 1984 لاسباب فرضتها الظروف الصعبة التي عانى منها عدد كبير من رفاق الحزب وبخاصة بعد احداث (بشت اشان)  المدانة، وحملات النظام الدكتاتوري ضد الشعب الكردي، واستخدام السلاح الكيمياوي التي طالت  ايضاً رفاقنا واصدقائنا هناك. وكذلك الهجرة المعاكسة من كردستان العراق الى سوريا. وفي ذلك الوقت زاد الطين بلة ما شهدته جمهورية اليمن الديمقراطية من احداث مؤسفة، وهجرة الرفيقات والرفاق والاصدقاء من عدن الى سوريا . نعم حصلت مأساة وثقل كبير لم يستطع الحزب تحملة ولا بد من وجود مخارج وعلاج وحلول لاعداد كبيرة عانت من ظروف الوقائع التي تم ذكرها . واستبق الاخرين القول انه حصلت نواقص وأخطاء في الحلول وغيرها بسبب الامكانيات  المتوفرة، كما والاجتهادات ذات الصلة، وغيرها. ولدي في هذا الموضوع تفاصيل غير قليلة وشؤون معالجة تلك الوقائع، ولكن من غير المناسب الدخول بهذه التفاصيل الغير مهمة الأن..
    وفقط من منطلق توضيح أسباب أتخاذ قيادة الحزب قرار الموافقة على اللجوء السياسي ، اسجل ملاحظة وهي أن هذا القرار شمل ايضا قسم كبير من قيادة الحزب، والجميع يعرف متى ولماذا توجه بعض الرفاق من القيادة الى للجوء في دول الرأسمال، وعلى سبيل المثال (الرفيق باقر أبراهيم وعائلته وعدد أخر من القياديين لجأوا الى السويد . كما نعرف ممن لجأ الى بريطانيا: الرفاق الراحلون عامر عبداللة، والدكتور رحيم عجينة وزوجته بشرى برتو وعبد الرزاق الصافي وثابت حبيب العاني، والرفيق عادل حبه، له العمر المديد.. كما لجأ الى المانيا الرفيق حميد مجيد وعائلته، والراحل الرفيق كاظم حبيب... وغيرهم . وبمعنى ان هذا الموضوع لم يكن محصوراً برفيق بعينه .
   لقد عدت الى براغ في الربع الأخير من نهاية عام 1989 بمهمة حزبية للعمل في لجنة تنظيمات الخارج، التي تسلم مسؤوليتها الرفيق الراحل الدكتور رحيم عجينة، وتكونت اللجنة أنذاك من الرفيقة الراحلة بشرى برتو والرفاق الراحلين عزيز سباهي وابو ناصر، ولم يبق من قوامها على قيد الحياة سواي.  لم يدم عمل هذه اللجنة طويلا  بعد سقوط النظام الاشتراكي في جمهورية تشيكوسلوفاكيا، وقد واجهتنا بعد ذلك مشكلة تمديد او الحصول على الأقامات في النظام الجديد،  أضافة الى المشاكل الحياتية الاخرى .
   في ذلك الوقت كان الرفيق زكي خيري وعائلتة يعيشون في براغ التي انتقلوا اليها من دمشق اواخر عام1987 او اوائل عام 1988 على ما اتذكر. وقد أنيطت مهمة رعاية العائلة ومتابعة متطلباتها أنذاك بالرفيقة الراحلة نضال وصفي طاهر، المسؤولة القيادية في لجنة تشيكوسلوفاكيا الحزبية ( وهي ابنة الشهيد وصفي طاهر، ابن عم الرفيق زكي خيري) . ثم تسنمت شخصيا تلك المسؤولية حين وصلت براغ، واعتبرت ذلك  مهمة حزبيةً وانسانية واجتماعية.. واسجل للتاريخ ايضا ان قيادة الحزب كانت دائما ما تؤكد على اهمية توفير كل المتطلبات- ضمن الممكن طبعا – للرفقي خيري وعائلته. 
    وهنا وبالترابط مع ما سبق، لا بد من الأشارة الى بعض من شخصية الرفيق الراحل زكي خيري،  الذي نقل البعض عن لسانه، في التعليقات على صفحات شبكة فيسبوك "أن الرفيق زكي شكا لهم من وضعة  المعيشي والاقتصادي" .  واكاد اجزم هنا الى ان من اشار لهذه المعلومة لا يعرف هذه الشخصية الشيوعية الوطنية المميزة – زكي خيري-  الذي ارتبط أسمه وصموده ومعاناته في النضال والسجون،  وهو من الطلائع التي ساهمت بتأسيس الحزب الشيوعي العراقي.  نعم الرفيق زكي لا يمكن أن يشكو من معاناة معيشية وأقتصادية. وبكل صراحة اقول ان في هذه المعلومة نوعا من الأساءة الى شخص الراحل العزيز..
   وفي عودة للمزيد من التفاصيل اشير الى ان  الصعوبات التي نشأت بعد سقوط النظام الاشتراكي في براغ شملت عددا كبيرا من الرفاق، ونتيجة ذلك بدء التفكير بايجاد حلول لهذه المشاكل، وقد رحلت نسبة كبيرة منهم الى دول اللجوء. وقد شملت هذه الحالة  عائلة الرفيق زكي. وقد  وفاتحتني زوجته الرفيقة سعاد خيري بموضوع اللجوء وطلبت مني شخصياً التحدث مع الرفيق زكي بشأن ذلك.  مع ترددي فاتحته بالامر، ولم يعقب على الموضوع، وبقى صامتاً. وبعد مرور فترة سألني عن أمكانيات وطرق اللجوء، والى أين؟ فقلت له بالحرف الواحد بعد أعطاء موافقتك سيجري اتخاذ اللازم، والبلد الذي اخبرتني به الرفيقة سعاد هو السويد.  ومن دون ان ادخل بتفاصيل هذه المهمة تم ترتيب سفرهم الى استوكهولم بالطائرة من براغ وتم ذلك بموافقة وتمويل قيادة الحزب،  وكان في اتنظارهم في أستوكهولم بعض رفاقنا المتواجدين هناك..
   نعم هذه هي حقيقة الوقائع التي جرت وخيار اللجوء الى الغرب لم يكن خياراً تطوعياً بل بسبب الوضع الصعب  الذي أجبر الكثيرين على هذا الخيار، ولم تكن هناك خيارات أخرى. واذا كانت موجودة فعلا،  فساكون ممتنا لمن يخبرني بها.  اما العبارة التي نطق بها الرفيق الراحل لمحاوره "جا وين أنطي وجهي وانا بهذا العمر؟"  تعبر عن عمق مأساة شعب ووطن ولا تدخل في الحيز الضيق بأنها خيار قيادة حزب قد اودعته في القطب الشمالي، كما ورد في احد التعليقات ..
  اخيرا لا بد من دعوة مخلصة ودون اساءة لأحد: فلنحكم الضمير قبل التقول ونقل المعلومات غير الموثقة، لكي تكون شهاداتنا للتاريخ نابعة من الضمير، ولنبتعد ما استطعنا عن الشخصنة ومحاولات التصيد، والاساءات المقصودة او غيرها، وبذلك نسهم ولو عن بعد في دعم كل المناضلين الفاعلين على ارض الوطن، وهم يواجهون العسف والظروف القاسية، ويحتاجون للدعم المعنوى على الاقل .. ودام الجميع سالمين .
---------------------------------------------------- *براغ  في 2021.12.18