المحرر موضوع: تعقيب على مقال المؤرخ الاستاذ ابراهيم خليل العلاف  (زيارة 1488 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نبيل دمان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 895
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
تعقيب على مقال المؤرخ الاستاذ ابراهيم خليل العلاف
نبيل يونس دمان
     بتاريخ 26- 8- 2020 نشر المؤرخ الموصلي المعروف د. ابراهيم العلاف مقالاً في العدد 7052 من جريدة الزمان العراقية، تظهر جودته من النظر الى عنوانه " مرقد النبي ناحوم في القوش التاريخية" وشدني اليه ايضاً اسلوبه البحثي الهادئ الذي أحسده ويحفزني للإقتداء به، ويربط ذلك بمصادره التي يعتمدها وكذلك تخصصه في التاريخ واهتمامه ببلدات وقرى محيط نينوى، تلك المدينة التي يرد ذكرها منذ القدم بالمدينة العظيمة في موقعها الجغرافي ومركزها الحضاري.
     يتحدث الموضوع عن النبي ناحوم ووجود قبره في بلدة القوش قبل الميلاد بسبعمائة سنة، وكلمة ناحوم تعني المعزي وقد ولد لمسبي يهودي اسمه ألقون، فترعرع وتعلم فيها وهو قريب جداً من نينوى، ولذلك فان الاشارة الى مولده في الجليل الأعلى لا تمت الى الواقع بصلة ،فالقديس الروماني ايرونيموس ربما كانت افادته مقنعة في تلك الأزمنة والتي بنيت على اساس التخمين، وبعد مرور ازمان طويلة اخرى وصولاً الى القرن 19 الميلادي عندما اكتشف الاثاري الانكليزي لايارد اثار نينوى، بل قل كنوزها المطمورة التي ابهرت البشرية، ومما قاله" بما ان نبوآته – ناحوم النبي- كتب بعد جلاء الأسباط العشرة وتدور حول نينوى فالتقليد الذي يؤشر على ان القوش الآشورية المعتبرة محل وفاة النبي ناحوم له قيمته الخاصة" (1) .
ورد في المقال معنى كلمة القوش بأنها الإله قوشي ( إيل- قشتي ܐܝܠ ܩܘܼܫܬܝ ) ومن مصادرنا في تفسير المصطلح، هو من مقطعين إيل قُشتي التي تعني إلاهي قوسي اي قوتي ( قوشتا – ܩܘܫܢܐ - بمعنى قوس ولآلة الحرب القديمة - قوس ونشاب- تسمى بالسريانية - قشتا وگيرا- ) . وفسرت ايضا على نفس الاساس بانها مدينة الإله الكبير الجبار القوي وهو الإله سين ( القمر) ، وهناك الى اليوم محلة باسمه محلة سينا ( ܣܝܢܐ) وايضا هناك مجموعة من الاراضي الزراعية في عقار البلدة بإسم " بي سينا - ܒܝ ܣܝܢܐ- " .
     في العصور الاسلامية لم تكن القوش خاملة، ففي القرن السابع الميلادي، عندما اسس الراهب هرمز القادم من بيت لاباط في بلاد فارس ديره في الجبل، ذاع صيته في عمل العجائب، سمع به حاكم الموصل عتبة بن فرقد الذي عينه الخليفة عمر بن الخطاب حاكما على الموصل عام 20 هجرية، وفي تلك الفترة مرض ابنه شيبني بشدة فجلبه الى القوش ثم الى وادي دير الربان هرمزد، في الطريق توفي وعندما وصل اليه الراهب هرمزد في وادي الدير عمل معجزة في شفائه، فشكره الحاكم وأثنى على اعجوبته. هناك قصيدة في تاريخ الاديرة الشهيرة كتبها ايشوعياب الأربيلي ورد فيها:
ان عتبة امير الموصل: شيد للربان هرمزد ديرا بقرب صومعته في الجبل وأوقف له املاكاً وأراضي واسعة لسد احتياجات الدير ( ومن هذه القصيدة نسخة خطية بمكتبة دير السيدة في القوش) (2) .
      اما آخر بناية للمزار فانها تعود الى سنة 1796 كما هو مذكور في كتاب القوش عبر التاريخ لمؤلفه المطران يوسف بابانا. وكما ذكرتَ حضرة الدكتورعن تنبؤ النبي ناحوم بسقوط نينوى وقلتَ بحق ( اودع نبوته الممتلئة سخطاً وغضباً الكتاب المقدس ( العهد القديم) . صحيح جدا ما ذكرته وقد كتب احد مؤرخي القوش وهو الشماس ابريم عمّا موضوعاً ينتقد بشدة تلك اللغة الشديدة على اهل نينوى ومما قاله " ان ناحوم نبي غاضب على اشور بدليل نبوته حيث يبدأها في الفصل الثالث منها ( ويل لمدينة الدماء الممتلئة بأسرها كذباً) " (3) .
     لا نعرف التقليد في زيارة النبي ناحوم متى ابتدأ ولكن شهدت اجيال القوش السابقة زيارات اليهود من كل انحاء العراق اليه وحتى من تركيا وبلاد فارس وكانوا في كل ربيع الذي فيه يحل موسمه يأتون زرافات ووحدانا وهم بجمالهم وحاجيات الذهب تغطي بناتهم ونسائهم وهم يلبسون ازياء كل منطقة في زيها : زي الترك، زي الفرس، زي الاكراد ، زي العرب .... الخ وباغطية الرأس المختلفة سواء الرجال او النساء، يملؤون القوش فرحاً وسروراً، بعد ادائهم طقوسهم الدينية داخل ضريح النبي، يخرجون الى وادي كهف المياه ( ﮔپّه دمايا - ܓܘܿܦܵܐ ܕܡܝܼܵܐ) القريب وهم يهتفون " بالتوراه وبالنبي، نبي ناحوم القوشي" ثم يعقدون الدبكات التي يشاركهم فيها شباب وشابات القوش فكانت اجمل ايام وتستمر لمدة اسبوع قبل ان يعودوا الى اماكن معيشتهم ، وكانت اخر الزيارات المؤلمة في عام 1950 وآخر الراحلين الى دولة اسرائيل سادن المرقد موشي وزوجته سعيدة واولاده عزرا، ناجي، ملكية، زكية، سارة. فتكفلت المكان عائلة بيت كادو الى ما قبل عشرين سنة، وبعدها توالت المسؤولية عليه خصوصاً بيت سامي جعو شاجا وابنه نصير الذي يعيش الان في البيت المقابل للمزار الذي ما انقطعت وفود الزائرين اليه من مختلف انحاء العالم.

من اليمين اسطيفو هيلو مع صديقه عزرا ابن موشي سادن المرقد - 1945
بالنسبة لمناشدتك السؤولين في دائرة الآثار والتراث الى الاهتمام بمزار النبي ناحوم واخته سارة، تلك لعمري دعوة مخلصة وامنية طال انتظارها، اود الاشارة انه في عام 2018 شرعت حكومة الاقليم بترميم المزار والمجمع الآيل للسقوط بل انهارت اجزاء منه بفعل عوامل الطبيعة، والان نحن في نهاية عام 2021 انتهى العمل بداخله واضحى تحفة يسر الناظر وينتظر الإكمال من قبيل مد الكهراء والماء اليه، وتحسين الطريق اليه، وربما اقامت صروح اخرى خدمية منها موقف السيارات على الارض بجانبه المسماة قصيلا (ܩܲܨܝܼܠܵܐ ) التي تعود ملكيتها لليهود.
 

قبر النبي ناحوم قبل الترميم وبعد الترميم
     نحن مدينون لك بكل الاحترام استاذنا الكريم الدكتور ابراهيم خليل العلاف حبك الصادق لبلدتنا القوش، وما الكلمات التي ذكرتها في وصف المدينة الا الدليل القاطع على عمق ابحارك في هذا اليم المتلاطم، حتى اصبت كبد الحقيقة التي يفتقر اليها الكثيرون. ستدرس الاجيال الناشئة موروثها الحضاري لتتباهى به امام شعوب الأرض قاطبة، عندما يستقر العراق وتسير القاطرة على السكة الصحيحة. إذا سمحت بالسؤال او التحدث قليلاً عن فترة الثلاثة اشهر التي قضيتها في القوش بين ظهراني اهلها.

انا مع المشرف على الترميم كاكا برهان- 2021
الهوامش:
(1) القوش عبر التاريخ- المطران يوسف بابانا- بغداد 1979- ص 25
(2) المصدر السابق- ص 83
(3) مجلة الثقافة– ديترويت- اذار 1989- ص 33
nabeeldamman@hotmail.com
December 24, 2021
**********
*****
**
*

غير متصل وحيد كوريال ياقو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 177
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ نبيل المحترم
تحياتي الحارة
فيما يخص احتفالات النبي ناحوم في القوش اود ان اشير الى ما ورد في كتاب " رحلة بنيامين الثاني "
             ترجمة وتحقيق الاستاذ سالم عيسى تولا وصف جميل ومفصل من مشاهدات المؤلف نفسه وهو حاخام يهودي خلال زيارته الى القوش في منتصف القرن التاسع عشر ،
نشرتها قبل ما يقارب العشر سنوات في هذا الموقع تحت عنوان ( قصص مثيرة من كتاب رحلة بنيامين الثاني – الجزء الثالث ) نقتبس منها :-     
                 
ذكرنا في الجزء الاول والثاني من هذا الموضوع بعض القصص المثيرة التي ذكرها المؤلف في رحلته التي كانت في اواسط القرن التاسع عشر الى الشرق الاوسط   وبالتحديد الاراضي المقدسة ولبنان وسوريا وتركيا ، واما في هذا الجزء فسنتناول بعض القصص المثيرة التي اشار اليها المؤلف خلال جولته في العراق ومنها :-

القوش واحتفالات معبد النبي ناحوم :-
يقول المؤلف :-
القوش بلدة يبدو عليها القدم ، فيها قبر النبي ناحوم ، اصطحبني اليها بعض اليهود من قرية ( صندور ) لأحضر الاحتفال السنوي الذي يقام حول معبد النبي ناحوم الواقع في ساحة واسعة بالقرب من الجبل داخل بناية واسعة تحتوي على غرفة واحدة فقط ، تتسع الساحة لأكثر من الف شخص ، لا وجود لليهود في هذه المدينة ، يبدو المعبد غريبا وموحشا فيه قبر النبي ناحوم محاط بسياج ومغطى بقماش نفيس خيوطه من الذهب ، فوقه قطع نقدية منثورة ذات قيم عالية تغطي القماش تقريبا ...
يأتي اليهود لزيارة هذا المعبد من الموصل واربيل وكركوك ومدن كردستان الجبلية ومن مدن بعيدة قد يستغرق الوصول اليها اسبوعا او اسبوعين ، وعلى الزوار ان يحضروا قبل الاحتفال بأسبوع او اسبوعين للتعبد قبل بدأ الاحتفال ، سكان البلدة يؤجرون غرفا او دورا للمحتفلين بهذه المناسبة وقد يستخدم اصحاب الدور مصطباتها ، ساحاتها او سطوحها ..
الزوار يجلبون معهم كتبهم المقدسة كالتوراة وغيرها ، يضعونها فوق الضريح ، ثم تدخل النساء ليبدأن القراءة وتلاوة الصلوات المختلفة بكل احترام وجدية مقرونة بالدوران سبع مرات حول القبر ، بعدها تبدأ النسوة بترتيل صلاة خاصة موجهة الى النبي ناحوم مع اناشيد الفرح من اجل النبي في العربية والكردية ، ثم يباشرون بالرقص والغناء حول الضريح برغبة عارمة وحماس شديد يستمر لمدة ساعة او اكثر ..
في المساء الاول من هذا العيد الذي يقام في الخامس من الشهر السادس يتجمع الزوار في المعبد الذي يضاء بأكثر من الف مصباح او قنديل زيتي ، ثم يدخلون غرفة المعبد حين بدأ موعد الخدمة واداء الصلوات ، واما الباقون فيستمعون بكل وقار وجدية الى جميع هذه الصلوات والابتهالات ، بعد الانتهاء من اداء هذه الصلوات يذهبون الى غرفهم لتناول اقداح القهوة طوال الليل ..
وفي الصباح تبدأ الصلوات ويحمل الرجال التوراة وكذلك يحملون البنادق والمسدسات والخناجر وكأنهم ذاهبون الى حرب حقيقية ، يسيرون بصفوف متراصة ومنتظمة وينشدون اناشيد الحرب قاصدين الجبل ليذكرهم بنزول الوصايا العشر على جبل سيناء ، ثم يرتلون صلاة خاصة لفترة ، ثم يبدأون بالنزول قبل ان يتفرقوا قسم منهم يؤدي العابا مسلية كركوب الخيل والعاب بهلوانية وغيرها كتمثيل مشاهد الحرب وكأنهم في حالة حرب حقيقية مصحوبة بالموسيقى الحماسية الحربية واغاني البطولة والشجاعة مصحوبة بأصوات العيارات النارية الخالية من الرصاص ، وتسمع صليل السيوف والخناجر وبعض المفاجأت الغريبة مع اصوات عالية ..
ان الغاية من هذه هي للتحضير حسب اعتقادهم لقدوم المسيح المنتظر ، حيث يعتقدون ان الحروب الطاحنة والمعارك الشرسة سوف تشب عند مجيء المسيح ، وعليه فأن جذوة الحماس يجب ان تستمر وهم متهيأون لقتال كل من يقف بوجههم او ضدهم عند دخول الارض الموعودة ، ثم يتخلصون من حكم الغرباء وينالون حريتهم واستقلالهم ، في هذه الثناء تأتي النساء مع الاتهن الموسيقية مشجعات الرجال بأغانهن ورقصهن كي يزيد من حماس الرجال ويزيد من اندفاعهم ملتحقات بالرجال في اداء هذه الحركات والاغاني ، وتشترك الاقوام الاخرى معهم في احتفالاتهم وافراحهم ..
وبعد مضي حوالي نصف النهار يعودون الى المعبد ويعيدون كتبهم الى اماكنها ويتجولون في المدينة ، وعند المساء تبدأ زيارة الضريح ثانية لتقديم الصلوات والابتهالات ، ومن بعدها يذهبون الى مكان مريح عند سفح الجبل لتناول الخمور والتسلية والاستماع الى الاحاديث المختلفة ، اما النساء فيرقصن على انغام الموسيقى التي هيأتها لهم ابناء البلدة ..
وفي اليوم الثاني وعند مغيب الشمس يسرعون الى المعبد لتقديم الصلوات قبل مغادرتهم القوش الى اماكن سكناهم ، يجزلون العطاء الى مرقد النبي ناحوم لصرفها على صيانته وتزيينه وخدمته ..
وبهذه المناسبة يجلب الزوار مرضاهم كي يوضعوا في حجرة النبي ناحوم ثم تقفل عليه الغرفة ليبقى وحيدا ، فأذا استطاع التغلب على الخوف والفزع الذي ينتابه وهو بمفرده في غرفة مظلمة مقفلة فأنهم يعتقدون بأن المرض قد زال عنه ، حيث التقاليد والمعتقدات تقول انه في منتصف الليل يتحرك نعش النبي ويشفي المريض ويقولون ايضا ان شبحا ينهض من التابوت يخاطب المريض ، ماذا تريد ؟ ما غايتك ؟ اذا اجاب المريض دون خوف فأنه سيشفى ، اما اذا خاف وارتجف وارتعدت فرائسه ربما يموت وينتهي ، ولا يسمح لغير المريض المبيت في هذه الحجرة , ولكني اردت المجازفة ودخلت الحجرة خلسة دون علم احد واتخذت الاحتياطات اللازمة فأخفيت نفسي تحت الستارة السميكة الفضفاضة المفروشة على القبر ، وبعد ان اسدل الليل سدوله واطفئت معظم القناديل وذهب الجميع الى اماكنهم ، خرجت من تحت الستارة وفتشت عما موجود في الغرفة ، فوجدت اوراقا مكتوب عليها سفر ناحوم ثم بدأت بقراءتها فلم اجد ما يثير الدهشة ، ثم شعرت بعدم الراحة فتركت القراءة وانتابتني الهواجس كأن صوتا يناديني وشعرت بحركة خفية داخل الغرفة ، ولكني في الحال استعدت شجاعتي وعدت الى القراءة الى ان انهيت الاوراق التي في متناول يدي وكذلك فصول من التوراة وعدت الى هدوئي واتزاني وشعرت بصداع خفيف بسبب ما تنفثه القناديل الزيتية من غازات سامة وروائح لم اتعود عليها ، وشعر ان افكاري قد تشتتت وتشابكت واني غير قادر على التركيز والانتباه وانا في الحقيقة راغب في ان ارى معجزة او شيء من هذا القبيل ولكن لم يحدث شيء يستحق الذكر ، وعند انتصاف الليل بدأت دقات قلبي تسرع وجسمي يرتجف كذلك شعرت بتعب شديد ثم غلبني النعاس ولم استيقظ اِلا في الصباح الباكر عندما فتح الباب هؤلاء الرجال المتمسكين بحرفية الدين والمغالين في التدين لأقامة صلوات الصباح ، فوجئوا جميعا عندما رأوني عند قبر النبي ، فتجمعوا حولي وسألوني يعصبية واستفزاز عن سبب وجودي في هذا المكان في مثل هذا الوقت ، ثم امطروني بالأسئلة الكثيرة والمحرجة عما رأيت وكيف قضيت الليلة وغير ذلك من الاسئلة العديدة التي لم اشأ الاجابة عنها لكي لا اغير ما في عقولهم ومعتقداتهم التي ورثوها عن ابائهم واجدادهم ..
ان هذه الحادثة انتشرت بين الناس كأنتشار النار في الهشيم وكل يصوغها بالشكل الذي يعجبه ويرتأيه مع الاضافات التي ما انزل بها الله من سلطان ، فتركتهم يقولون ما يشاؤون ..
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 118 )


غير متصل نبيل دمان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 895
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شكرا صديقي الاستاذ وحيد كوريال عن جميل اقتباسك، اليك والى المتابعين ما كتبته احتفاء بصدور الكتاب:
رحلة بنيامين الثاني
نبيل يونس دمان
nabeeldamman@hotmail.com
 رحلة بنيامين الثاني في الشرق عنوان كتاب من تأليف بنيامين اسرائيل جوزف، ترجمة وتحقيق سالم عيسى تولا، صدر في اميركا قبل عدة اسابيع، وصلتني نسخة منه هدية من المترجم، فطالعته من الغلاف الى الغلاف. يحكي الكتاب عن رحلة قام بها المؤلف الى مواطن بني جلدته اليهود في الشرق، منطلقا من ملدافيا (رومانيا) وقد شملت الرحلة بلدان نذكر منها: العراق، ايران، الهند، الصين، افغانستان، شمال افريقيا، وغيرها. يضم الكتاب 43 فصلا زاخرة بالمعلومة التاريخية وبالمغامرة وصعاب الترحال بعيدا عن الاهل والدار، مشيا او ركوبا، في البر او في البحر، في اواسط القرن الثامن عشر، اتصور من يبدأ قراءة الكتاب سوف لن يتركه رغم كثر صفحاته البالغة 435 صفحة من القطع المتوسط الا ويطالعه حتى النهاية، بمتعة نادرة كتلك التي تذوقناها نحن القراء من ادب الرحلات مثل: رحلة المنشي البغدادي، رحلة ريج الى العراق 1820، مهد البشرية - ويكرام، اعمدة الدنيا السبعة - لورانس، اليزيدية قديما وحديثا - اسماعيل بك جول، الموصل في القرن الثامن عشر- دومنيكو لانزو، مغامرات في بلاد العرب- وليم ب. سيبروك، وغيرهما.
المؤلف وان شئت عزيزي القارئ فقل المغامر الذي تعرض للموت مرارا في تنقلاته، امام تخلف بني البشر وعدوانيتهم التي لا يمكن تحديد بداياتها ولا الى اي مدى تصل تلك الهواية المقيتة او الصفة المتأصلة في حب القتل وعشق التنكيل والتلذذ بمعاناة بني البشر، لقد استرخص المؤلف بنيامين حياته وعلى خطى الرحالة الشهير بنيامين التطيلي في القرن الثاني عشر الميلادي، فركب الاهوال وشق طريقه في الجبال، وسط اخطار ماثلة امامه كل يوم، من اجل الوصول الى بني قومه ودينه وهم يعيشون في صراع مع الحياة ولمئات السنين اذا لم نقل الالاف، اما جيرانهم الاقوياء على مدار القرون فيعتبرونهم من الدرجة السفلى، لكنهم رغم ذلك شقوا طريقهم الى المعالي والنجاح في الحرف والتجارة والحسابات والصيرفة والبنوك بدرجة حازت اعجاب العالم. في كل زمان كان افراد وبدافع الدين او البحث والاطلاع يتفقدون احوالهم ويطلعون على معيشتهم وادائهم لفرائض دينهم حسب كتابهم المعروف بالتوراة. كل ما سبق التنويه به كان في حكم المنسي، ومركون في اوراق باللغة الانكليزية، هنا نهض الاستاذ سالم تولا الغني عن التعريف بنفض غبار القرون عن تلك الاوراق وليسهر طويلا ويتحمل بأناة مهمة صعبة وهي الترجمة التي تضاهي مهمة تأليف الكتاب ان لم تكن اصعب، المترجم حريص اشد الحرص على اضفاء الحقيقة على مجهوداته والتي سماها في صفحة سيرته الذاتية( الهموم الثقافية) وابعاد غيرها مهما كلف الامر، ويمتاز المحقق بالجدية، وقد منحته الحياة طول العمر في عبور الثمانين ومازال في فتوة الشباب كأنه فتى العشرين في انشطته وحسن هيئته وهندامه، كل ذلك لم يكن ممكنا من دون زوجة رائعة هي ليلى موسى شكوانا التي تقف خلفه بهدوئها وثقافتها وكذلك اولاده الاعزاء، اكتب ذلك لانني واظبت سنوات في زيارة هذه الاسرة الكريمة وفي كل مرة كانوا يغمرونني بآيات الترحاب وبالأدب والاحترام، اما وقد صدر هذا الكتاب الفخم والانيق، فقد رفع اسم هذه العائلة المثقفة المحبة للعلم والمعرفة عالياً.
في الختام ابارك واهنئ استاذي وصديقي وزميل أبي في مدرسة القوش الابتدائية في نهاية ثلاثينات القرن الماضي هذا الانجاز، وكذلك اود ان اخاطب محبي الثقافة ومتذوقي الادب والتراث والتاريخ والديموغرافيا بدعوتهم لاقتناء الكتاب، وسيقتنعون بعد الانتهاء من قراءته اي كنز اقتنوا!
 December 18, 2010

غير متصل حنا شمعون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 760
    • مشاهدة الملف الشخصي
اخي نبيل تعليق شيق هذا الذي أتيت به، واود هنا ان اذكر اني أنا ايضاً تعلمت منك كلمات جديدة وعِبر هامة مثلما انت تعلمت من المؤرخ ابراهيم خليل العلاف وحسدته على اسلوبه الهاديء.

عجيب هو امر النبؤات الواردة في العهد القديم. لكن من المعروف ان العهد القديم كُتب بعد السبيء البابلي الذي كان في القرن السادس قبل الميلاد،  اي انه كتب في القرن الخامس ق.م . على ابعد تقدير  وحينذاك كانت نينوى قد سقطت فلذا هناك إمكانية لترتيب او التلاعب بالنبؤات من الكاتب اليهودي الساخط والغاضب على مسبييه. مثل النبوة التي تنبأ بها ناحوم بن القون عن سقوط نينوى ولذا لا بأس أن تغالي النبوة في الدقة والوصف السلبي للآشوريين. لدرجة ان يحتج على ذلك الشماس الأممي الشيوعي والقومي الآشوري العظيم ابٍرم عما الألقوشي [أملي انك توافقني على وصفي هذا]. وفقاً للمنطق هنا اذكر انه حسب العهد القديم وفي سفر يونان كانت نينوى قبل عدة سنين من سبي اهل ناحوم قد تابت الى الرب (آلاها) فلما كل هذا الغضب والسخط على اهل نينوى ياترى!!! ام أن ناحوم لم يكن يعلم بقصة يونان، كي يكون العجب مني ومن كل العارفين بقصة يونان، الذي هو الآخر كان حاقداً على نينوى وأهلها.
اما النبؤات التي حصلت بعد كتابة العهد القديم فلا شك فيها ومنها نبؤات اشعيا النبي عن ميلاد المسيح وما جرى في حياته.

كذلك في رأي المتواضع ان اغلب قصص العهد القديم هي من تأثير القصص التي وردت في تاريخ بلاد النهرين، زمن السومريين والأكديين، ومنها قصة الخلق ، قصة موسى، والطوفان وغيرها كثيرة.
هذا مجرد رأيي وتحليلي وقد اكون مخطئاً او مصيباً.
مع تحياتي الأخوية، عزيزي نبيل الوردة، والى المزيد من كتاباتك المفيدة، متمنياً لحضرتكم سنة جديدة مباركة وسعيدة.
     
                        حنا شمعون / شيكاغو
 

غير متصل نبيل دمان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 895
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الصديق العزيز حنا شمعون:
قرأت ردك بإمعان، اشكرك على المشاركة ونبقى على تواصل في ميدان الكتابة علّها تسهم في تنشيط الفكر وتحديثه مع ما يفرزه الزمن، تقبل تحياتي 

غير متصل wesammomika

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1654
  • الجنس: ذكر
  • السريان الآراميون شعب وأُمة مُستقلة عن الكلدوآثور
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأستاذ نبيل دمان المحترم
تحية سريانية آرامية
 بداية ابارك لكم العام الجديد وكل عام وانتم بخير

مع احترامي لمقامك الجليل..
اعتقد أن أسلوب كتابتك عن ناحوم يشبه من يكتب إننا آشوريين وكلدان دون ذكر دليل واحد!!!؟
 
وصراحة أضحكني قولك إن ألقوش عند القديس جيروم أو إيرنيوس هي في فلسطين وليست في العراق وأن هذه الفكرة صالحة لذلك الزمان، فجيروم ناهيك عن أنه قديس مسيحي، فهو شخص عاش في فلسطين ومختص بالكتاب المقدس والتاريخ، وقريب العهد بالقديم حيث ولد سنة 347م.
 
أستاذ نبيل المحترم ..
نعم من حقك أن تقول إن فكرة ألقوش في فلسطين كانت مقبولة في عصر جيروم، ولكن بعد أن تأتي باكتشاف جديد، وموثق بالآثار والتاريخ، وذكر مؤرخ أو رحالة  زار أو تكلم عن ناحوم أنه في ألقوش، فقط، وليس كما قال العلاف أو نبيل دمان، بل عدم قلب الحقائق لأن لايارد نفسه أكَّد أن قبر ناحوم في ألقوش العراقية حديث.
 
إن قبر النبي ناحوم ليس في القوش، فهذه خرافة حديثة شانها شان الخرافات الكثيرة، وقبر ناحوم لا يحدده العلاف أو انت بل البحث التاريخي الدقيق الموثق كما ينقلها العلامة موفق نيسكو بالدليل والبرهان في كتابه (اسمهم سريان لا آشوريين ولا كلدان)، حيث يقول:
 
المطران بابانا رغم أنه يؤكد أن اسم ألقوش يعود لزمن ناحوم سنة 700 ق.م.، لكنه يحاول جاهداً دون جدوى إعطاء أهمية لألقوش العراقية التي يَعتبرها، آشورية، ويُسَمِّيها دائماً (ألقوش الآشورية)، على حساب ألقوش الفلسطينية، فيقول: ربما أن الآشوريين عند غزوهم إسرائيل سَمَّوا قرية مسقط رأس ناحوم في فلسطين، ألقوش،
 
تقول الموسوعة الكاثوليكية، 1913م، ج6 Geographical Names In Holy Scripture، الأسماء الجغرافية في الكتاب المقدس:
Elcesi, or rather Elqosh, birthplace of the prophet Nahum. Some deem it to be El-Kauze, in Nephtali, others, Qessîyeh, S.E. of Beit-Jibrîn.
ترجمتها: Elcesi أو بالأحرى ألقوش Elqosh، مسقط رأس النبي ناحوم، وبعضهم يَعدُّ ألقوش في نفتالي، وآخرين عَدُّوها منطقة، الكوشيه، قرب بيت جبرين. (وانظر دائرة المعارف الكتابية ج1 ص372).
 
يقول قاموس الكتاب المقدس: كان النبي ناحوم ألقوشياً، ويذكر التقليد أن ألقوش كانت من ضمن بلدان الجليل، ويقول تقليد آخر أنها كانت تقع جنوبي بيت جبرين في منحدرات يهوذا، أمَّا التقليد المتأخر الذي يقول إن موطن ناحوم كان في أرض آشور على مسافة سفر يومين شمالي الموصل فلا قيمة له. (ص106).
 
في كتاب التعليقات على العهد القديم 1897م: عرَّفَ جيروم ألقوش أنها قرية صغيرة في الجليل، ولا يزال موضعها لم يكتشف، ونادراً يشير إلى أنقاض وآثار قديمة، وكان ناحوم ألقوشياً من بلاد اليهود، وقام بعض الكتاب المعاصرين بنقل أهمية ألقوش (الفلسطينية) إلى قرية قرب الموصل حيث يُفضَّل هذا الموقع لأنه يعرض قبر ناحوم بالقرب من موقع الكارثة التي تنبأ عنها ناحوم، ولا يوجد أي شيء على الإطلاق يحدد قبر ناحوم في المكان المزعوم، وقدذكر الآثاري لايارد سنة 1852م، أن قبر ناحوم في ألقوش الموصل حديث يعود للقرن السادس عشر، ولا شك أن هذه الأسطورة لا تستند إلى أساس، فمكان ناحوم يقع داخل الأراضي المقدسة، لكن لا يمكن تحديده بدقة، ويمكن القول إن اسم (ألقوش Elkosh) اشتقاقه عبري. (ج5 ص513).
 

 
ويقول يوسف غنيمة: إن الرحَّالة اليهودي الربان باتاخيا زار العراق سنة 1180م، وقال إن قبر ناحوم يقع جنوب الحلة على مسافة ميل من قبر حزقيال (نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق، ص222).
 
يبدو أن المطران بابانا وخليل العلاف ونبيل دمان لا يعلمون أن هناك قرية اليوم في فلسطين اسمها، ألقوش Elkosh، موجودة على الخارطة، أعاد إعمارها اليهود بعد سنة 1948م، وتقع في المنطقة التي حددها جيروم في الجليل تبعد 48 كلم قرب مدينة كفرناحوم التي معناها "بيت ناحوم" أيضاً.
ويشكو المطران بابنا من عدم ذكر مؤرخي العرب لألقوش وناحوم كثيراً، علماً أنه هو نفسه لم يذكر شيئاً عن قبر ناحوم قبل 1796م، وللأسف في ص220، ينقل عن يوسف غنيمة أن الرحالة التطيلي ذكر أن موقع ناحوم في ألقوش، ويبدو أن المطران مغرم باسم ألقوش وآشور، فنسي هو نفسه أنه نَقلَ قول بنيامين التطيلي الصحيح في ص35، الذي لم يذكر أن ناحوم في ألقوش، فعلَّق المطران بابانا قائلاً: من الغريب أن التطيلي ذكر كنيس ناحوم في الموصل!.
 
ويقول الأب فييه الدومنيكي: إن اسم ألقوش، هو من ألقون اليهودي، ومسقط رأسه في فلسطين، ويضيف أنه شخصياً ذهب بصحبة دليل في فلسطين لمشاهدة قرية ألقوش التي اسمها (كواز)، وهناك من قال إنها Qessiyeh الواقعة جنوب جبرين، ويضيف إن التقليد يخبرنا أن القبر في ألقوش العراق ليس لناحوم، بل لأخته سارة، وهو اسم لإحدى السارات اللواتي يقترن اسمهن عادة بالقديسين لتكون القصة مُشوِّقة، والرحَّالة بنيامين التطيلي (1165-1173م) لم يذكر أنه شاهد قبراً، بل كنيساً، وليس في ألقوش، بل في الموصل (آشور المسيحية، ج2 ص410، 420-422).
 
هذا هو البحث العلمي الدقيق يا أستاذ نبيل وليس بالتمنيات.
 
>لُغَتنا السريانية الآرامية هي هويتنا القومية .
>أُعاهد شعبي بِمواصلة النضال حتى إدراج إسم السريان الآراميون في دستور العراق .
(نصف المعرفة أكثر خطورة من الجهل)
ܣܘܪܝܳܝܐ ܐܪܡܝܐ